رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 225 الى الفصل 226

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

الفصل 225

“هذا صحيح. بل وأكثر من ذلك، لقد حذّرنا من الاقتراب من شيهانة، وهدد بمهاجمتنا بنفسه إن تجرأنا على إيذائها.” قالت لمياء متعمدًا إثارة غضب تالين، ثم أضاف بنبرة ساخرة: “حتى السيدة شهيب وعدت، أنه إذا نجحت شيهانة في تنفيذ المشروع، فإنها ستبارك زواجهما مجددًا.”

هذه المرة، لم تستطع تالين أن ترد، فقد تلقت الصدمة كصفعة أخرستها تمامًا.

اجتاحها خوف عارم، كأن زمهريرًا اجتاح جسدها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها. تجمدت حواسها، ولم تعد تسمع ما تقوله لمياء، وكأن كل الأصوات انطفأت فجأة.

حدّقت في الفراغ بعينين مذعورتين، ثم، دون سابق إنذار، قذفت هاتفها المحمول بكل قوتها نحو الحائط، ليتحطم إلى أشلاء.

انفجرت في نوبة هستيرية، وبدأت تمزق كل ما تقع عليه عيناها في الغرفة، تصرخ بلا توقف كأنها فقدت عقلها.

“ما الذي يحدث؟!” اندفع والد ووالدة تالين إلى غرفتها بعد أن دوّى صراخها في أنحاء المنزل. شهقا في ذهول حين رأيا الفوضى التي عمّت غرفة تالين.

“تالين، عزيزتي، هل أنت بخير؟” سألتها أمها بقلق، تتأمل وجه ابنتها المشتعل بالاضطراب وكأنها لم تعد تعرفها.

كان شعر تالين مبعثرًا، ووجهها شاحبًا يشوبه الغضب والذهول. بدت كأنها ناجية خرجت تواً من إعصار مدمّر.

“شيهانة…” لفظت الاسم كأنها تلفظه لعنًا. كانت عيناها تشعّان حقدًا محضًا، وقالت من بين أسنانها: “سأقتلك! أقسم أنني سأقتلك!”

في تلك اللحظة، عطست شيهانة فجأة.

دخل تميم إلى الغرفة حاملاً كوبًا من الحليب الساخن، وسألها بقلق: “أختي، هل أصبتِ بالزكام؟”

ردّت شيهانة وهي تمسح أنفها: “لا، لا شيء. فقط إحساس غريب في أنفي. لماذا أنت مستيقظ؟ ألم يكن من المفترض أن تكون نائمًا؟”

ابتسم تميم بخفة: “وأنتِ، يا من بيتها من زجاج، لمَ ترمين الحجارة؟ عليكِ أن تنامي أنتِ أيضًا. لقد وضعت الحليب هنا. هيا، ألن تكملي هذا غدًا؟”

“لم يتبقّ الكثير. سأُنهيه سريعًا.” أخذت رشفة من الحليب، وشعرت بحرارته الدافئة تذيب التوتر في جسدها. “عد إلى فراشك، أنا بخير.”

تردد تميم قليلًا، ثم قال فجأة: “أختي، أريد مرافقتك إلى المختبر.”

رفعت رأسها في حيرة. “لكن لماذا؟”

أجاب بجدية لافتة: “لأكون عونًا لكِ، في حال حاول أحدهم التنمّر عليك. وجودي قد يُحدث فرقًا.”

ابتسمت بخفة وقالت: “أتظن أنهم يستطيعون إزعاجي؟”

“أعرف قوتكِ، لكن الحذر واجب. هناك من سيسعى لإفساد خططكِ، وأشعر بأنهم لن يتوانوا عن تدبير شيء خبيث.”

أومأت شيهانة ببطء. “معك حق. لا شك أنهم سيتحرّكون ضدي.”

“هل كنتِ تتوقعين ذلك؟ هل لديك فكرة عما يخططون له؟” سأل تميم بانبهار، فلطالما اعتبر أخته أذكى من قابل في حياته.

هزّت رأسها بأسف: “لا أعلم التفاصيل، لكنني واثقة من أنهم لن يسمحوا لي بالنجاح بسهولة.”

“وهنا يأتي دوري لحمايتك.”

لم ترفض عرضه، بل قالت: “لا تستعجل. لن أعود إلى المختبر قريبًا. علينا أن نتركهم يظنون أنهم كسبوا المعركة… مؤقتًا.”

“ومتى ستعودين؟”

“حين تكون كل الأوراق بيدي.”

قال تميم بعزم: “تذكري أن تأخذيني معك!”

ابتسمت بخفة مستسلمة: “حسنًا. سأفعل. الآن، إلى الفراش.”

خرج تميم من الغرفة مبتسمًا، بعدما حصل على وعدها. ومع ذلك، تركت كلماته أثرًا عميقًا في ذهنها، حتى إنها لم تستطع العودة إلى تركيزها المعتاد.

ماذا قد تفعل لمياء لإيقافي؟ فكرت شيهانة في قلق.

وفي اليوم التالي، التزمت بما قالته، ولم تذهب إلى المختبر.

شعرت لمياء بارتياح لحظي، إذ كانت تتوقع ظهور شيهانة فجأة.

لكنها، بحكم معرفتها بخصمتها، لم تطمئن تمامًا. كانت تدرك أن شيهانة لن تتخلى عن حلمها، وستعود، عاجلاً أم آجلاً، بقوة أكبر.

لذلك، وجب عليها أن تسبقها، وتنجح قبل أن تنال شيهانة فرصتها. السباق بينهما لم ينتهِ بعد، بل بدأ لتوّه.

الفصل 226

لقد وجدت لمياء أخيرًا الشخص المثالي لتنفيذ خططها.

لهذا السبب تعمدت الاتصال على تالين مساء الأمس؛ كانت تنوي ضرب شيهانة من خلال تالين.

ارتسمت ابتسامة فخر على شفتيها وهي تتأمل براعة خطتها.

شيهانة… قد تكونين موهوبة إلى حد لا يُضاهى، لكن ما قيمة الموهبة حين تواجه الموت؟ الموت قادم إليكِ، قريبًا جدًا.

كانت عبقرية خطتها تكمن في أنها لن تتورط بشكل مباشر. لم يكن أحد، سوى لمياء، يعرف أن وراء مظهر تالين الطفولي والهادئ، شخصية انتقامية مضطربة.

تالين، التي اعتادت أن تحصل على كل ما ترغب به منذ نعومة أظافرها، كانت تتحول إلى وحش إذا وُضع أحد في طريقها. تهاجم بعنف، بجنون.

اكتشفت لمياء هذا الوجه المظلم منذ سنوات، وما زالت القشعريرة تسرح في جسدها كلما تذكرت تلك الليلة.

في تلك الأيام كنّ جميعًا فتيات مراهقات. وكانت أحد الزميلات في الصف كانت تُظهر اهتمامًا خاص بمراد، وكان لعائلتها صلات وثيقة بعائلة “شهيب”، مما سمح لها بالاقتراب منه بسهولة. تالين لم يرق لها هذا.

اقتربت منها، تظاهرت بالصداقة، حتى نالت ثقتها.

وخلال رحلة تخييم مدرسية، أظهرت تالين حقيقتها.

لو لم تستيقظ لمياء تلك الليلة لاستخدام المرحاض، لما أدركت إلى أي حدّ يمكن أن تصل تالين في شرّها. رأتها تتسلل إلى خيمة الضحية، تحمل قفصًا صغيرًا يحتوي على أفعى سامة. بدقّة شيطانية، أطلقتها تالين في داخل الخيمة.

لم يوقظ المخيم إلا صراخ الفتاة المدوّي وهي تتلوى من الألم. وحتى اليوم، ما زالت صرخاتها تتردد في أذني لمياء.

حين خرج الجميع مذعورين، عادت تالين إلى فراشها بهدوء، وابتسامة رضا باردة ترتسم على وجهها.

في تلك اللحظة، قررت لمياء ألا تنافس تالين أبدًا، لا على مراد ولا على أي شيء آخر. حياة يتيمة مثلها لا يمكن أن تُقارن بحياة فتاة قادرة على القتل دون أن يطرف لها جفن.

ماتت الفتاة في تلك الليلة، بعيدًا عن المدينة. لم تُفتح قضية، وتالين عاشت حياتها كأن شيئًا لم يحدث.

مرت سنوات، ولمياء ظلت تُراقب تالين عن قرب. الفتاة ذكية، لكنها سطحية، يمكن توجيهها بسهولة. لهذا حافظت لمياء على صداقتها معها؛ ليس بدافع الحب، بل بدافع التحكم.

والآن، وجدت الفرصة المثالية.

بضع كلمات محسوبة، استفزازات في الوقت المناسب، كافية لإطلاق العنان للشيطان القابع داخل تالين، وجعلها تنقضّ على شيهانة.

الغريب أن شيهانة سهّلت عليها المهمة دون أن تدري؛ لأن تالين لم ترغب بشيء في حياتها أكثر من مراد. مجرد تذكير بسيط بخطيئة شيهانة “في سرقة الرجل الذي تحبه” سيكون كافيًا لتفجير غضبها.

ومن يدري؟ ربما الشيطان الداخلي في تالين نما في الظلام طوال تلك السنوات.

ابتسمت لمياء وهي تتخيل النهاية… نهاية شيهانة ستكون أبشع بكثير مما لاقته فتاة المخيم.

في البداية، لم تكن تنوي الحكم على شيهانة بالموت. لكن هناك شيء واحد في شيهانة لم تستطع لمياء احتماله: تلك الموهبة الفطرية التي تفوق الجميع.

ولهذا… يجب أن تموت.

فقط بموتك، يا شيهانة، سأحصل على كل ما أستحقه.

ما لم تدركه لمياء، أن عقلها بدأ يتماهى مع عقل تالين. بدأت تُبرر القتل كوسيلة لـ”إزالة العقبات”. ماذا لو كان الموت هو الطريق الأقصر نحو ما تستحقه؟

الابتسامة الباردة التي ارتسمت على شفتيها وهي تستدير للمغادرة… كانت نسخة طبق الأصل لتلك الابتسامة التي رأتها منذ سنوات، على وجه تالين.

جميع الفصول من هنا

رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 227 الى الفصل 228

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top