الفصل 252
رفعت أوليفيا رأسها، لتقع عيناها على جسد قوي يقف أمامها. كان إيثان يمسك بمعصم كلوي بإحكام، حتى بدا الألم واضحًا على وجهها.
لم يكن في نظره أي أثر للاحترام الذي ربما كان يمنحه لها يومًا ما، بل برودة حادة تلمع في عينيه.
– “ألا تُبالغين، يا مدام باركر؟”
كلوي، التي اعتادت أن تُعامَل برفق طوال حياتها، شعرت بقبضته القاسېة تخترق عظامها. انكمش وجهها من الألم، لكن كبرياءها لم يسمح لها بالاستسلام فورًا.
– “إيثان… أنا أساعدك هنا، ماذا تفعل؟”
أطلق إيثان ضحكة قصيرة خالية من أي دفء، وضيّق قبضته أكثر:
– “مساعدتي؟ أنا لا أحب أن يتدخل أحد في شؤوني. هل فهمتِ؟”
أصبح الألم لا يُحتمل، حتى انهمرت دموعها رغمًا عنها. هزت رأسها مرارًا:
– “أجل… فهمتُ، دعني الآن.”
قال ببرود قاټل:
– “انظري جيدًا، مدام باركر… من تقفين أمامها هي ابنتك الحقيقية.”
ثم دفع يدها بعيدًا بقوة. تساقطت دمعتان على وجنتي كلوي، لكنها لم تُسقط ڠضبها على إيثان… بل صبّته على أوليفيا بنظرة حادة، وكأنها تقول دون كلمات: كل هذا بسببك.
لو كنتِ تعرفين كيف تتجنبين المشاكل مثل مارينا، لما اضطررتُ للتدخل أو القلق عليك.
وضعت أوليفيا يدها على بطنها، تشعر پدمها يغلي من الڠضب.
– “لقد غبتِ عن حياتي أكثر من عشر سنوات… متى بالضبط شعرتِ بالقلق عليّ؟”
بدلًا من أن تشعر كلوي بالذنب، ارتفع صوتها بنبرة اتهام:
– “مهما كان، ما زلتِ ابنتي. أفكر فيكِ كل يوم. كيف يمكنك أن تكوني قاسېة القلب إلى هذه الدرجة؟ يا إلهي، كيف ربّاكِ جيف—”
لكنها لم تُكمل… إذ أمسكت أوليفيا كوبًا من على الطاولة، لا يزال ساخنًا. حرارة الزجاج لسعت يدها، لكنها لم تهتم. رفعت الكوب وكادت أن تقذفه في وجه كلوي، قبل أن تتوقف في اللحظة الأخيرة.
– “أحذرك… لا تذكري والدي مرة أخرى. أنتِ لا تستحقين حتى أن تنطقي اسمه.”
اتسعت عينا كلوي صدمةً:
– “أأنتِ… تحاولين ضړبي؟”
– “إذا ذكرتِ اسمه ثانيةً، فسيسقط هذا الكوب على رأسك، وأقسم أني جادّة.”
ارتجفت كلوي، وضعت يدها على صدرها، ووجهها يشحب أكثر فأكثر.
– “يا لكِ من ابنة عاقّة!”
إيثان، الذي كان يعرف عن مشاكل قلبها، أدرك أن حالتها تتدهور، فسحب أوليفيا بعيدًا وأجلسها:
– “مدام باركر، اشربي بعض الشاي واهدئي. سنتحدث لاحقًا.”
تغير لون شفتي كلوي، فتوقفت أوليفيا عن الرد، واكتفت بانتظار ما سيقوله إيثان.
بعد أن ارتشفت كلوي جرعة من الشاي، استعاد وجهها بعض لونه.
– “إيثان، سامحني على فضولي… لكن على الرجال أن يكونوا أوفياء. بما أنك اخترت مارينا، فكفّ عن التردد، فهذا يضر المرأتين.”
ثم تابعت دون توقف:
– “أعرف أنك رجل مخلص. ربما لا تستطيع التخلي عن ليف لأنك تشعر أنك ظلمتها، لكن يمكنك تعويضها بطرق أخرى… فقط لا تؤذِ مارينا. ليف أصبحت جزءًا من ماضيك، ومارينا هي المرأة الوحيدة التي يجب أن تقضي حياتك معها.”
كتم إيثان ضيقه، ثم تنهد بعمق، قاطع حديثها فجأة:
– “مدام باركر، أفهم أنك ترين وجود أوليفيا مصدر إزعاج… إذن لن يكون عليكِ القلق بشأنها بعد الآن. ابتداءً من الغد، لن تأتي إلى العمل.”
التفتت أوليفيا نحوه بذهول:
– “ماذا قلت؟”
رد ببطء، وصوته أشبه بحكم نهائي:
– “لقد تم طردك.”