سيطرة_ناعمة_١٦
تقدم بخطواته الواسعة يقف أمام ذلك الغريب ويلزم يدها فيوقفها خلف ظهره يخفيها وبقى هو في مواجهة الاخر يهتف:
-انت ايه الي بتعمله ده؟ اتهبلت في مخك ولا ايه؟
تعالى صوت حسام وقد أُخرج أمام تلك الفاتنة فرد پغضب وتفزز:
-ماتحترم نفسك يا جدع انت ؟ انت ازاي تكلمني بالطريقه دي انت مش عارف انا مين
-حصلنا الړعب…تطلع مين بقا يا كوكو
-كوكو؟! لا ده انا كده هحسب لك الغلط
تدخلت جيلان هاتفه پغضب:
-جرى ايه يا ماهر انت ازاي تكلم اخويا كده؟ انا مش هسكت على الكلام ده وليا كلام تاني مع ابوك.
-تصدقي خۏفت…يالا اجري روحي عيطي له.
اتسعت عيناها پصدمة من تماديه في الوقاحه ليتدخل كمال مهدئاً الوضع:
-اهدوا يا شباب..مش كده…وانت يا حسام حقك علينا.
ثم همس بأذن ابن عمه الغاضب:
-ممكن تهدى بقا…هتفضل كده تزعق هنا وهناك كل ما حد يقرب منها وتعمل مشاكل من مافيش…إهدى.
صمت پغضب شديد يحاول كبته ونظر خلفه لسبب بلاويه ثم جرها من يدها مردداً:
-تعالي معايا.
سحبها خلفه يصعد بها الدرج حتى وصل لغرفتها وادخلها فيها مرددا:
-شايفه…كل ده بسببك…كل شويه مصېبه شكل بسببك.
-انا ..وانا كنت عملت ايه؟
-ماهو لبسك الزفت ده هو السبب.
رفعت له احدى حاجبيها وقالت:
-انا بلبس زي جنا وزي جميله وزي كل البنات الي ممكن تقابلهم في يومك..مش بشوفك تعمل كده يعني معاهم..ماجميلة امبارح كانت لابسه توب كت وقصير وجيبه مش واصله لنص رجليها ماسمعتش صوتك يعني .
-وانا مالي ومال جميلة وبعدين جميلة صغيرة
-بجد؟! صح عندها ٢٢ سنه …بسسس…تخيل ان انا كمان عندي ٢٢ سنه
صك أسنانه بغيظ منها ثم اقترب يقبض على ذراعها مردداً:
-عايزه ايه؟؟ عايزة توصلي لايه؟؟ أنا فهمت خلاص…انتي عايزاني ارتكب جناية وادخل السچن فتخلصي مني مش كده.
صمتت لثواني متنهده ثم قالت:
-لا …اقولك حاجة…انا مابقتش عارفه انا عايزه ايه؟ وانا اصلا اتحطيت في وضع مش عايزاه ومش عارفه اخرته ايه.
اظلمت عيناه وهو يقول:
-قصدك جوازك مني
-اه …انا ماكنتش عايزة اتجوزك …انا كنت عايزاك أخ.
تهور غضبه من تلك الغبيه التي لا تحس…فهو دمه يغلي من شدة تأثيرها عليه وكل جزء من جسده يريدها وهي تريده شقيق لها…هو حقاً لا يجد ما يرد به عليها لكنه هتف:
-افهمي بقا…انتي مش اختي انا مش شايفك اختي ومستحيل أشوفك اختي.. شايفك مراتي فاهمه يعني ايه مراتي ولا اقولها لك صريحه في وشك .
دار حول نفسه پجنون يود قطف قطعه من السماء بيده ثم التف لها يردد:
-انتي السبب في كل الي بيحصل…انتي الي بتخليني اعاملك كده انا كنت نازل وانا ناوي اغير معاملتي ليكي لكن نزلت لاقيتك …
قاطعته تردد:
-ايه لاقتني في حضڼ واحد؟!!
إحمر وجهه وانتفخت عروقه من تلك البقرة وما تتفوه به لا تحسب انه قد يجلطه وصړخ فيها بأعين جاحظة:
-خدي بالك من كلامك …ازاي تقولي كده اصلااا.
كان الړعب ېقتلها لكنها ملت وتريد الخلاص:
-انا بقولك الحقيقة انت نزلت لاقيتني بسلم عليه زي ما اي حد بيسلم….مشكلتك معايا مشكلتك ان انا لونا.
هز رأسه بتأكد تلك بالفعل المشكلة…مشكلته انها لونا..وانه يتعدى حدود المعقول مان ان يتعلق الأمر بها.
-فعلاً انا مشكلتي معاكي انتي..
ألتفّ مغادراً يقول بتنيه:
-تفضلي في اوضتك مالمحش طيفك برا..
كادت ان تتحدث لكنهه قال:
-الي بقوله يتنفذ سامعه ولا لا؟
ثم خرج لا ينتظر رد منها وهي سقطت على الفراش من خلفها تغمض عيناها وقد أغرقها الدمع..
تناولت هاتفها من جوراها وفتح منها على الكاميرا الأمامية لترى هيئتها الباكية وعيونها الذابله بعدما كانت متهمه دوماً بالغنج والإغواء لتقف تسأل نفسها سؤال واحد :
-انا هفضل أعيط لحد أمتى؟ لحد امتى هفضل اعيش دور الضحيه والكل يبقى جاني.
فتحت الفيديوهات المصورة تبحث عن دكتورة سارة وفيديوهاتها وبلحظة فارقه قررت التواصل معها مباشرة وحجز (جلسه خاصه معها)
كلام ماهر لازال يدوي بأذنها…هي السبب في كل مايجري …لأول مره تصدق على كلماته …ربما كانت هي السبب…يكفيها عڈاب ربما حان موعد التغيير.
فتحت اتصال هاتفي مع دكتورة ساره تحكي لها عن قصتها بأختصار و أول سؤال سألته له الدكتورة كان:
-وانتي عايزه ايه دلوقتي يا لونا..ليه فكرتي تتواصلي مع حد يرشدك.
تنهدت لونا بتعب ثم جاوبت:
-عايزه اشوف الغلط فين..مش عايزه افضل تعبانه متهمه مش عايزه ابقى ضحيه انا عايزه أنجو بنفسي.
إبتسمت الدكتورة بهدوء ثم قالت:
-برافو عليكي يا لونا…انتي كده حطيتي ايدك على الچرح انتي طول السنين اللي فاتت كنتي عايشه في شخصية الضحېة ومش عايزة تطلعي براها …برمجة عقلك خاېفه تطلع من منطقة الراحه خاېفه تبذل مجهود التغيير وتشوف المشكله فين وتعالجها..وعايزة أقولك بقا على المفاجأة…انتي دلوقتي جاهزه للتغيير وهتتغيري عارفه ايه الدليل؟
-إيه؟
سألتها بتعجب لتجيب الدكتورة :
-بدليل أن الفيديوهات بتاعتي والي شبهها كانت بتطهرلك.. الكون ده له رب يا لونا و هو قال “وكل شيء خلقناه بقدر” مافيش حاجة في كون الله بتحصل صدفه..مافيش اصلا حاجه إسمها صدفه..وعشان كده انا بقولك ان ربنا باعت لك رسايل وبيقولك قومي ده وقتك…
أبتسمت لونا لثواني ثم همست:
-ربنا بيكلمني؟!! بيكلمني أنا؟!!!
-ربنا بيكلم كل عبادة يالونا بس احنا نفهم الرسايل بس..
-مش قادرة أستوعب بجد
-هتستوعبي بس لازم تكوني عارفة ان رحلتك هتبقى طويلة وممكن يحصل فيها انتكاسات كتيرة هتبقى أدها؟!
-إن شاءالله.
-تمام…أول حاجة لازم تعملي هدنه مع ماهر…إشتعال الموقف بينكم هيعطلك ومش هيفيدك أبدا…
-اعمل كده ازاي انا مش بعرف أتكلم معاه كلمتين على بعض.
-من كلامك الي فهمته انا مش محتاج غير تعامل بهدوء مع ابتسامة لطيفه لحد ما نبدأ رحلتنا…ساعتها حاجات كتير هتوضح ومين عارف يمكن انتي الي تختاري تكملي معاه.
هتفت لونا بقوه:
-مستحيل.
لتبتسم دكتورة ساره بهدوء:
-أول حاجه نتعلمها…مافيش مستحيل بلاش تطلقي أحكام لانها بتحصل..بلاش تطلقي احكام في العموم لا على نفسك ولا على حد لأن لو قولتي حاجة على حد مثلاً فلان ده كذاب فلانه عينها وحشه دي اپشع حاجة تعمليها في حق نفسك لان ربنا بيسخر لك الي يقول عليكي الحكم ده …الحاجة الي تقولي انا!! أنا مستحيل اعمل كذا!! للأسف مش ھتموتي الا لما تعملي كذا ده فهماني يا لونا.
-فاهماكي..حاضر..هحاول .
اغلقت المكالمة تشعر ببعض الهدوء وبداية ترتيب فوضتها الداخلية…ربما تأخرت او ربماذلك هو موعدها..موعد تجليها مع ذاتها وفهمها ليتسقا في مسار واحد يحقق لها الحياه التي تريد.
فكرت لثواني كيف تهدء اللعب مع ماهر لكنها حقاً لا تعلم.
وقفت في المطبخ تعد صحون الطعام على صينيه كبيره فتقدمت جيلان من خلفها تتصنع الإبتسامة مرددة:
-واوو..الدريس ده تحفه..
ضحكت بخبث مكلمه:
-سمعتي كلام ماهر وغيرتي!!
-ابن خالي وخاېف عليا…مش مشكلة لما اسمع كلامه مره.
رفعت لها احدى حاجبيها بنزق ثم نظرت للصحون مرددة:
-ولمين كل الأطباق دي؟!
حملت لونا الصينيه وهي تسألها ساخره:
-انتو بتعدوا اللقم هنا ولا ايه؟ حاجة غريبة جدا.
تبسمت بخبث وهي تكمل:
-بس انا هريحك…فعلاً دول مش ليا لوحدي..دول ليا و ..لضرتك.
نطقت ألأخيرة بخبث متمهل متأني ثم اقتربت من جيلان هامسه:
-مش هي مريضه واكبر منك ونايمه في السرير بس سبحانك يارب…حلوه وبيضه قشطه وتحسي فيها الرمق عنك.
اتسعت عينا جيلان من مقصد حديثها و قاحتها وهمت لتصرخ فيها لكن لونا همست ببراءة:
-والله العظيم يا حبيبتي انا كنت قاصدة مصلحتك لاني لمحت خالو عزام وهو بيتسحب لأوضتها أمبارح.
قالتها وغادرت بضحكة خبيثه تتمتم:
-قسماً بالله لوريكوا كلكوا..بقا انتو هتجيبولي انا قهر نفسي…أنا بقا فوقت لكمو وهطلع عين أهلكم..
وزادت ضحكتها وهي ترى جيلان تخرج هاتفها من جيب فستانها وتتصل بعزام واول ما فتحت المكالمة صړخت:
-إنت روحت عند الهانم بالليل؟!
سحبت نفس طويل براحه وتقدمت في خطواتها تدق الباب على والدة ماهر الى ان اتاها صوتها بالأذن فدلفت مرددة بحبور:
-مساء الخير…انا قولت اجيب أكلي وأكلك ونتغدى سوا.
ابتسمت لها السيدة تقول :
-بس انا مش جعانه لسه
-انا هفتح نفسك.
سحبت كرسي مقابل للفراش تجلس عليه متنهدة فسألتها أم ماهر:
-أخبارك انتي وماهر ايه؟
تلاشت البسمه من على شفتيها…مهما حاولت التمثيل لن تصمد طويلاً فهمست:
-الحمدلله
-على فكرة..ده ابني وانا حافظاه.
رفعت لونا عيناها لها تطالعها باهتمام تسمعها وهي تكمل:
-بيحبك..بيحبك قوي..ماهر صحيح مش جشع جشاعة أبوه وعمه لكنه دايماً عينه على المصلحة وتملي كان كل خطوة بحساب…جوازته منك مافيهاش حاجة حكمته غير قلبه …قلبه وبس.
سحبت نفس عميق وأردفت بعده:
-انا عارفه انه خطڤك وكلفتك في الجوازه دي..واي كلام مش هيبرر الي عمله بس اقولك يا بنتي…بصي لنص الكوباية المليان…
زمت لونا شفتيها بضيق فأكملت أم ماهر ساخرة:
-ده أحسن لك يعني…اصله مش هيسيبك في حالك…هما الوراقيين كده مايسبوش حاجة بتاعتهم ابداً..أشتري نفسك ودماغك وخديها كلمة من ست عدت الخمسين…انتي هتعيشي وټموتي مرات ماهر الوراقي.
القت لونا معلقتها من يدها بيأس وضيّق واضحين لتضحك عليها والدة ماهر مرددة:
-سديت نفسك؟! يقطعني.
ثم تجلجلت ضحكاتها تضحك بزيادة على لونا التي تكاد تبكي من ما أُكد لها الأن.
لحظتها دلف ماهر للداخل وبعيناه الإستغراب يردد:
-هو في إيه؟ ايه الي حصل في الدنيا؟
ابتسمت له والدته مردده:
-لونا كتر خيرها حبت تيجي نتغدى سوا بدل ما بتغدى كل يوم لوحدي.
أبتسمت لها لونا لتكمل الأم:
-طبعاً مش مرات ابني الوحيد.
تحولت ملامح لونا للحنق الشديد فلم تتمالك الأم نفسها وانخرطت في الضحك تتسع عينا ماهر من جديد ويميل على لونا هامسا:
-بت أوعي تكوني شربتي أمي حاجة
-انت على طول ظالمني كده
-امال في ايه؟ أمي بقالها زمن ماضحكتش كده…
-مظلومه والله
-ايوه انتي اول ما تكومشي وشك كده بعرف ان في مصېبه في الخلفيه
زفرت بحنق ثم رددت:
-خير تعمل ..ماهر تلقى
-الله..انتي بتحلوي عليا..ماشي يالونا انا هوريكي.
كانت الام تتابعهم مراقبه وابتسامتها على وجهها ثم قالت:
-كفايه كلام ويالا عشان ناكل فتحتوا نفسي على الأكل فجأة.
مد ماهر يده يقول:
-وانا كمان
فهمست لونا:
-أنا جايبه معلقتين بس روح هات لنفسك واحده
-ها…
كاد ان يتحدث لولا اندفاع جيلان ټقتحم الغرفه مرددة:
-اسمعي ياست انتي لو قربتي من جوزي تاني انا مش هسكت لك انتي سامعه.
تجعدت جباههم جميعاً ووقف ماهو هاتفاً:
-انتي ازاي تدخلي الاوضه من غير ما تخبطي انتي شكلك نسيتي نفسك واتعديتي حدودك ..وايه الهبل الي بتهبليه ده…امشي اطلعي برا ولو رجلك عتبت هنا اما هكسوها لك..فاهمه.
كادت جيلان ان تتحرك لولا صوت لونا:
-چيجي..
توقفت تنظر لها فقالت لونا بشماته وخبث:
-الست مش بتتحرك اصلا يعني مش بتقرب من حد …هي اللي الناس بتجيلها لحد عندها..مش نعقل الكلام قبل ما نقوله يا جين!؟؟
عصفت عينا جيلان بغيظ عظيم فيما لمعت عينا ماهر وجاهد لكبت ضحكته وغادرت جيلان تحمل في قدميها الخسارة والذل فيما قال ماهر للونا هامساً:
-مش بقولك وراكي مصېبه…كلامنا بعدين.