أحببته رغم جنونه

رواية أحببته رغم جنونه

على مدار ثلاث سنوات، فعل الكثير من الأمور الغبية منذ أن أصبح صهرًا لعائلة تيمور. أصبح أحمقًا معروفًا في المدينة، محطّ سخرية الجيران.

وبسببه، أصبحت جنى أضحوكة المدينة.

وفهم رائد ذلك… وشعر بالذنب.

لم يكن مستغربًا أنها تُكنّ له الكراهية.

“أرجوك، لا تتحدث مهما حصل. لا تحرجني.” قالت جنى فجأة، ببرود.

أجابها رائد بنبرة هادئة:
“حسنًا.”

عند الساعة السادسة مساءً، وصلا إلى فيلا عائلة تيمور.

بمجرد أن توقفت السيارة، خرجت غادة الزهراء،والدة جنى، وقالت بانزعاج:
“جنى، لماذا تأخرتِ؟ المأدبة بدأت منذ وقت!”

نزلت جنى من السيارة وقالت بهدوء:
“أحضرت رائد معي.”

ثم خرج رائد من السيارة.

وما إن رأته غادة حتى اڼفجرت:
“لماذا جئتِ بهذا الأحمق؟ هل تريدين قتلي؟!”

كانت غادة أكثر من كره رائد. فمنذ دخوله حياتهم، عانت منه يومًا بعد يوم، وكأنها شاخت عشر سنوات في ثلاث.

طوال السنوات الثلاث الماضية، لم تكفّ غادة عن إرسال رائد إلى مستشفى الأمراض العقلية، بحجة العلاج أو لأسباب أخرى.

لكن جنى، في كل مرة، كانت تُعيده إلى المنزل بعد وقت قصير.

أما هذه المرة، فقد وصل الأمر برائد إلى أن ضړب رأسه بالحائط، وكاد أن يُحطّمه. ظنّت غادة أن رائد لن يغادر المستشفى مجددًا، لكنه صُدم حين رأى جنى تعيده مجددًا! فاشټعل ڠضبها.

قالت جنى بصرامة:
“هو زوجي في النهاية، ومن حقه حضور وليمة عائلة تيمور.”

ثم أمسكت برائد وأدخلته إلى الفيلا.

كانت عائلة تيمور ثاني أكبر عائلة في المدينة، وتُعدّ الولائم العائلية مناسبات رسمية يجتمع فيها جميع أفراد العائلة.

بمجرد دخول رائد وجنى، تعالت الأصوات:

“انظروا! صهر عائلة تيمور الأحمق وصل!”

وسرعان ما امتلأت القاعة بالضحكات الساخرة.

“رائد، سمعت أنك داومت على جمع القمامة من الشوارع، صحيح؟”

“لا، لا، الأسوأ أنه كان يغسل وجهه بمياه المجاري!”

“لقد رأيته مرةً يمسك بعظمة مع كلب، كأنهما يتشاركان الغداء!”

“سمعت هذه المرة أنه ضړب الحائط برأسه! من يدري ما الذي سيفعله في المرة القادمة؟”

كانت كلماتهم تتدفق بلا توقف، كأنهم يتلذذون بإهانته.
جنى، رغم اعتيادها على هذه السخرية، شعرت في تلك اللحظة أن الأرض تضيق بها. لم تستطع التحمّل. كانت نظراتهم كالسكاكين، والزوج الذي لطالما احتقره الجميع… يجرّها إلى القاع كل مرة.

خفضت رأسها، ومشت بسرعة نحو الطاولة، وكأنها تهرب.

رائد نظر إليها، ثم سار خلفها.

لكن فجأة، وقف في وجهه بلال، ابن عم جنى، وقال لها باستهزاء:
“هذا الأحمق لا يحق له الجلوس على الطاولة!”

كان بلال شابًا مميزًا، ويحظى بمكانة خاصة عند السيدة العجوز في العائلة. وبسبب ذلك، اعتاد على التنمّر على رائد واحتقاره، وكأنه ليس بشريًا، بل مجرد شيء مزعج في حياته.

شحب وجه جنى من كلامه، وقالت پغضب:
“إنه زوجي! كيف لا يكون له مكان على الطاولة؟”

ضحك بلال ساخرًا:
“الأحمق الذي يأكل مع الكلاب لا يستحق أن يأكل معنا!”

وفورًا، أومأ بقية الحاضرين موافقين. أصوات الرفض تناثرت من كل جهة، وأجمعوا على منعه من الجلوس.

رغم أنها لم تكن تحب رائد، إلا أن جنى لم تستطع تحمّل هذا المشهد. لم تتحمّل أن يُسحق أحد أمامها بهذا الشكل. رفعت صوتها بإصرار:
“جدي هو من وافق على زواجنا! رائد صهر رسمي لعائلة تيمور، وله الحق أن يحضر الوليمة!”

قهقه بلال بازدراء، ثم أشار بإصبعه نحو زاوية القاعة:
“حسنًا، دعيه يأكل هناك!”

في الزاوية، كان هناك كلب يتناول طعامه من وعاء.

أشار بلال بوقاحة:
“طعام الكلاب هناك لائق بهذا الصهر. وقد يكون ألذ من المجاري التي غسل بها وجهه!”

احمرّت عينا جنى وهي تصرخ:
“بلال! لا تُبالغ!”

ضحك بلال وقال بلا مبالاة:
“ما المشكلة؟ زوجك الأحمق سبق أن أكل طعام الكلاب. دعْهُ يتذوّق من طبق الكلب اللذيذ!”

ثم صړخ في وجه رائد:

“هيا! تحرّك قبل أن يأكله الكلب!”

في السابق، كان رائد ېخاف من بلال، وكان يذعن له فورًا.
لكن هذه المرة… لم يتحرك. لم يردّ. وكأن الصوت لا يعنيه إطلاقًا.

بدأ الڠضب يتصاعد في وجه بلال، ورفع يده ملوّحًا بالضړب:
“أطلب منك أن تأكل الآن! ألا تسمع؟”

وفجأة، انطلق صوت رائد… هادئ، لكنه مليء بالقوة والڠضب:

“اصمت!”

كلمتان فقط… لكنهما كانتا قاسيتين، حازمتين، تقطعان الهواء كالسيف.

رواية أحببته رغم جنونه الفصل 2

رواية أحببته رغم جنونه الفصل 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top