رواية أحببته رغم جنونه الفصل التاسع عشر

رواية أحببته رغم جنونه

ضحك البعض، ساخرين من جديته. بالنسبة لهم، مروان هو الفنان، ورائد ليس سوى مهرج.

حتى جاد ضحك ساخرًا: “كنت أظنك غريبًا، لكنك تخطيت الغرابة إلى الجنون!”

لم يهتم رائد لسخريتهم، لكن جنى لم تستطع الاحتمال. كان وجهها يشتعل خجلاً وغضبًا. توجهت إليه وصاحت:
“هل كان سيؤذيك الصمت؟ لماذا تحرجني دائمًا؟ ما الذي فعلته لك في حياتي لتنتقم مني هكذا؟”

انهارت جنى أمام الجميع، وقد اجتاحتها مشاعر الحسد والإحباط، خصوصًا وهي ترى زَهْرَة تتألق إلى جانب جاد، بينما هي محاصرة برجل لا يفهم اللحظة ولا التوقيت.

حاول رائد تبرير نفسه: “أنا فقط أردت…”

لكنها قاطعته بحدة: “اصمت!”

لم يكن الوضع أفضل مع الباقين، فبدأوا يسخرون منه بدورهم.

بلال قال باستهزاء: “أرجوك، ارسم لي واحدة من تحفك عندما تُفرغ!”

وقالت فرح بسخرية مريرة: “أنا أيضًا! أحب أعمال مروان جدًا!”

جين، التي لم تتكلم حتى اللحظة، أضافت ببرود: “ألم تقل إنك لا تجيد الكتابة؟ كيف ترسم إذًا؟”

أما زَهْرَة، فقد اكتفت بالتأفف: “كفى! الحديث عنه يفسد المزاج!”

كانت فرحة زَهْرَة باللوحة لا توصف، وكانت تنوي التباهي بها، لكن تدخل رائد أفسد لحظتها. شعرت بالامتعاض.

لكن جاد، بابتسامة هادئة، قال: “لا تغضبي، عزيزتي. أخبريني بما تريدينه وسأحضره لك.”

رغم بساطة كلماته، بدت لزَهْرَة وكأنها أغلى من كل الهدايا.

قالت له بهدوء: “شكرًا لك، يا عزيزي.”

كان مشهدًا رومانسيًا، أثار غيرة الحاضرين.

أما الحفل، فقد تحوّل إلى مسرح نجومية لزَهْرَة وجاد، بينما جنى كانت في الحضيض. وبلال كان يستمتع بهذا التباين، يتملّق جاد، ويسخر من رائد بلا رحمة.

حين انتهى الحفل، نادى جاد على النادل: “الفاتورة، من فضلك.”

قال النادل بابتسامة: “ستون ألف، يا سيدي.”

شحب وجه جنى عند سماع الرقم، لكن جاد مرّر بطاقته بهدوء. كانت بطاقة مميزة، لا يُمنح مثلها إلا للأثرياء المميزين.

أوقفته زَهْرَة بلطف: “الحفل عائلي، ونحن نتقاسم الفاتورة. عليك فقط عشر ألاف.”

جاد: “لا بأس، أنا من اختار المكان.”

زَهْرَة، بابتسامة دبلوماسية: “قاعدة العائلة، والجميع قادر على الدفع.”

فهم جاد الرسالة، ودفع المبلغ دون اعتراض.

ثم جاء دور سامر، فدفع هو الآخر بسخاء، تلاه بلال، ثم…

جنى.

منذ أن سمعت الرقم، شعرت بأنها سُحقت. لم تكن تملك سوى عشرة آلاف، وكانت مديونة، مثقلة بالمسؤوليات.

قالت بصوت خافت: “نسيتُ بطاقتي.”

ردّت النادلة: “نقبل الدفع الإلكتروني أيضاً.”

كانت على وشك الانهيار.

عندها، خرج صوت رائد من الزاوية بهدوء:
“دعيني أنا أدفع.”

بقلم سلمى

رواية أحبتته رغم جنونه الفصل العشرون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top