استجابة لطلب السيدة العجوز بعقد اجتماع عاجل، ترك جميع الموظفين أعمالهم وتوجهوا بسرعة إلى قاعة الاجتماعات.
لم تُفصح السيدة العجوز عن سبب الاجتماع، لكن التكهّنات كانت كثيرة. الكل علم أن الاجتماع يدور حول مصير جنى تيمور… التي كانت على وشك الطرد من الشركة.
وبعد مضي بعض الوقت، اجتمع الموظفون في غرفة الاجتماعات. كانت الأجواء مشحونة بتوقعات غير معلنة، لكنها متخفية خلف ضحكات مسترخية ونظرات مترصدة.
لم تكن السيدة العجوز قد وصلت بعد. وكان بلال وإخوته كأنهم وجدوا ضالتهم في النيل من جنى، يتبادلون السخرية بمتعة ظاهرة.
قال بلال، بصوت مرتفع متعمد:
“جنى تيمور فشلت مجددًا في الالتزام بالموعد النهائي. لم تُنجز المهمة بعد. لا مجال للرحمة، يجب طردها فورًا.”
تبعه أحدهم بلؤم:
“نذير شؤم منذ أن وطأت قدماها هذه الشركة. جلبت لنا النكسات وكأنها لعڼة. كان علينا التخلص منها منذ زمن.”
ضحك آخر قائلاً:
“تخيلوا، ذهبت اليوم إلى مجموعة فاضِل تحاول التوسل إليهم للتعاون. ياللخزي!”
كانوا يستمتعون بإذلالها، كأن معاناتها مصدر بهجتهم.
ولم يتوقفوا عن همساتهم المسمۏمة حتى دلفت السيدة العجوز إلى القاعة.
جلست على الكرسي الرئيسي، ونظرت حولها بصرامة وهدوء قاټل، ثم سألت:
“أين جنى؟ لماذا ليست هنا؟”
ابتسم بلال بمكر وأجاب:
“على ما يبدو لم تستسلم بعد. ذهبت إلى مجموعة فاضِل تطلب مساعدتهم… لكنها لم تعد حتى الآن.”
كانت السيدة العجوز مثقفة، تزن الأمور بعين خبيرة، وحين سمعت ذلك، بدت نظراتها شاحبة، وعبست بحزن:
“أقصى ما يمكن أن تفعله الآن… هو إذلالنا جميعًا.”
ثم رفعت رأسها، وقالت بنبرة رسمية:
“من هذه اللحظة، أُعلن طرد جنى تيمور من الشركة.”
وما إن أنهت جملتها حتى ضجّت القاعة بهتافٍ يشبه الاحتفال، كما لو أن إعلان الطرد كان خبراً طال انتظاره.
لكن في لحظة غير متوقعة، انفتح الباب، ودوّى صوت جنى:
“كيف تجرؤون على طردي؟”
ساد صمت ثقيل. كل الأنظار التفتت نحوها بدهشة.
نظرت إليها السيدة العجوز نظرة باردة وقالت:
“هل نسيتِ ما طلبته منكِ في صباح الأمس؟”
أجابت جنى بثقة:
“لم أنسَ. طلبتِ مني إتمام صفقة بقيمة عشرين مليون دولار.”
سألتها السيدة العجوز، وعيناها تضيقان:
“وهل نجحتِ؟”
ردت جنى بحزم، تقطع كلماتها بثبات:
“نعم. لقد فعلت.”
دوّى ضحك الساخرين في أرجاء الغرفة، وكأنها أطلقت نكتة غير موفقة.
قال بلال، وهو يصفق ساخرًا:
“جنى تيمور، هل ستخبرينا الآن أنك أبرمتِ عقدًا مع مجموعة فاضِل؟”
علق آخر باستهزاء:
“يبدو أنها ما زالت تحلم.”
لكن جنى لم ترد على أحد. تقدّمت بثبات نحو السيدة العجوز، وأخرجت عقدًا من حقيبتها، ثم وضعته أمامها وقالت بهدوء:
“هذا هو عقد الشراكة مع مجموعة فاضِل، أرجوكِ ألقي نظرة، جدتي.”
تناولت السيدة العجوز العقد، ويداها ترتجفان، وكل من في القاعة يحدّق مذهولًا.
همست السيدة العجوز، بعد أن قرأت الرقم:
“خمسون مليون دولار…”
رواية أحببته رغم جنونه الفصل الرابع عشر