رواية أحببته رغم جنونه الفصل السادس عشر

رواية أحببته رغم جنونه

الفصل 16 

رغم أن صوته لم يكن مرتفعًا، إلا أن نبرته القاسية اخترقت صمت القاعة كالسكين، ووصلت بوضوح إلى كل الأذان المتوجسة.

للحظة، تجمد الزمن.
عمّت الدهشة وجوه الحاضرين، واتسعت عيونهم وهم يرمقون رائد بدهشة واستنكار.

كانوا يظنون أن الكارثة قد انتهت أخيرًا، وأن التهديد الذي يمثله كنان سينسحب بسلام… ولكن في اللحظة الحاسمة، جاء رائد، وكأنه أحمق لا يدرك العواقب، ليصب الزيت على النار!

تبادلت أفراد عائلة تيمور النظرات بينهم، وقد امتزج الغضب باليأس، وكأنهم جميعًا تمنوا لو استطاعوا رمي رائد خارج القاعة بأيديهم الآن.

كانت جنى تقف مذهولة.
لم تتوقع أن يتحرك رائد في هذا التوقيت، وأن ينطق بكلمات قد تثير وحشاً غاضباً مثل كنان.

دون أن تفكر، هرعت إلى أمام رائد، وقفت كجدار أمامه، تصرخ بعصبية:
“اصمت! من سمح لك بالكلام؟!”

كانت جنى تعرف جيدًا أن رائد كان يحاول حمايتها، لكنها أيضاً كانت تعرف أن ما فعله هو بمثابة دفع نمر هائج إلى الجنون، مما قد يجلب عليهم كارثة لا نهاية لها!

في لحظة خاطفة، استدارت جنى وتقدمت نحو كنان بخطوات سريعة.
تحدثت بصوت مكسور ومرعوب:
“آسفة يا سيد كنان… زوجي يعاني من بعض المشكلات… أرجوك، لا تأخذ كلماته على محمل الجد.”

كان قلبها يرتجف خوفًا. كانت تخشى أن تكون كلمات رائد قد أضرمت النار في قلب كنان القاسي.

ولكن…
ما حدث كان مفاجأة للجميع.

فبدلاً من أن يغضب كنان، انحنى قليلاً باحترام وقال بتواضع نادر:
“ما قاله زوجك صحيح. نحن من يجب أن يعتذر لكِ على إزعاجك أثناء عشاءك.”

ثم استدار فجأة إلى ليان، وجهه مظلم كالعاصفة، وصاح بأمر قاطع:
“اعتذري الآن للسيدة جنى!”

عم الصمت.
انتقلت الدهشة من فرد إلى آخر، حتى بدا أن القاعة بأكملها قد أصيبت بالشلل!

حتى ليان نفسها بدت وكأنها تلقت لكمة في صدرها.
حدقت بزوجها غير مصدقة، وصرخت في هستيريا:
“هل جننتَ؟ إنه مجرد أحمق! لماذا تصدقه؟!”

لكن ما حدث بعدها كان أشد وقعًا.

صفعة قوية سقطت على وجه ليان، حتى كادت تقع أرضًا من شدة الضربة!

صاح كنان بغضب هادر:
“قلت لكِ… اعتذري للسيدة جنى فورًا! لا مجال للنقاش!”

اهتز جسد ليان من شدة صراخه.
حدقت به بذهول… لم تصدق أن الرجل الذي طالما كان سندها، قد صفعها الآن أمام الجميع!
لم يسبق لكنان، ذلك الرجل المخضرم في عالم العصابات، أن مد يده عليها من قبل. لكنها الليلة، تلقت أول صفعة مهينة في حياتها.

كان وجه ليان مشوهًا بالصدمة والرعب، ولم تدرِ ما تفعل.
تراجعت خطواتها بخنوع، وانحنت قليلاً وهي تتمتم بصوت مرتجف بالكاد يُسمع:
“آسفة…”

حتى تلك الكلمة البسيطة خرجت منها وكأنها تسحب معها آخر ذرة كرامة تملكها.

وقفت جنى مذهولة، لا تصدق عينيها!
هل هذه حقًا ليان المتغطرسة، المنفوخة بالغرور، تركع الآن وتعتذر لها؟
كيف تحوّلت الأمور بهذا الشكل الخيالي؟

أفراد عائلة تيمور أيضًا كانوا يحدقون في المشهد وكأنهم يعيشون حلماً.

وفجأة، جاء صوت بارد من خلفهم…
إنه رائد مجددًا!
قال بثباتٍ وجمود:
“اركعي للاعتذار.”

كلمات قليلة… لكنها سقطت كالصاعقة في القاعة!

اشتعل الغضب بين أفراد عائلة تيمور، وكادوا أن ينفجروا:

“يا لك من أحمق!”
“لقد اعتذرت بالفعل! لماذا تزيد الطين بلّة؟!”
“إذا أردت أن تموت، لا تسحبنا معك!”

كلهم تبرؤوا من رائد، خائفين من أن يجلب عليهم كارثة جديدة!

لكن ما لم يعرفه أحد… هو ما كان يدور في قلب كنان.

بالنسبة له، كان رائد شخصًا لا يمكن المساس به.
رائد ليس مجرد “صهر عادي”… بل كان يحمل خلفه قوة ونفوذًا يجعلان الجميع، بمن فيهم كنان نفسه، يرتجفون من اسمه!

فحين أمر رائد، لم يكن أمام كنان سوى السمع والطاعة.

استدار كنان نحو ليان وصاح بصوت كالرعد:
“اركعي واعتذري الآن!”

حدقت ليان بصدمة، عيناها مليئتان بالدموع:
“ماذا؟ تطلب مني أن أركع؟!”

في داخلها، كانت تغلي قهرًا.
كانت قد وصلت إلى حدودها القصوى فقط عندما طلبوا منها الاعتذار، والآن يريدون إذلالها بالركوع؟

صرخت ليان بيأسٍ:
“أنا الضحية! لقد ضُربت أمام الجميع! كيف تطلب مني أن أركع لهؤلاء؟!”

لكن كلماتها لم تجد لها صدىً.

كاد كنان أن ينفجر من الغضب، صرخ بصوتٍ مرعب:
“اركعي! لا تتحديني!”

ارتعدت أوصال ليان.
عرفت أنه عندما يغضب بهذا الشكل… فإن العواقب تكون كارثية.

مضطرة، ومكسورة، ووسط أنظار الجميع، ركعت ليان أخيرًا أمام جنى.

همست ليان، بصوت مخنوق من شدة الانكسار:
“آسفة… لقد كنت مخطئة…”

1 فكرة عن “رواية أحببته رغم جنونه الفصل السادس عشر”

  1. Pingback: رواية أحببته رغم جنونه الفصل الخامس عشر – dreamses

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top