رواية أحببته رغم جنونه الفصل 27

رواية أحببته رغم جنونه

رغم وقاحته المعتادة، لم يجرؤ قصيّ على معصية والده. أغلق الهاتف بعصبية، ثم نظر إلى جنى قائلًا بتهكم:
“يا لكِ من محظوظة. ستذهبين اليوم، لكن الأمر لم ينتهِ بعد.”

أمر أحد رجاله بإبعاد جنى فورًا، ثم عاد إلى المنزل غاضبًا ومهزومًا.

أُلقيت جنى على قارعة طريقٍ مهجور، ولم تكن قد تخلّصت من الخۏف بعد. رغم نجاتها، ظلّ جسدها يرتعش من هول ما كاد أن يحدث. سارت بخطى متسارعة حتى وصلت إلى الطريق العام، ولوّحت لسيارة أجرة.

بمجرد أن جلست في المقعد الخلفي، شعرت بشيء من الراحة الجسدية، لكن عقلها ظل حبيس الړعب. كان وجهها شاحبًا، ونظراتها شاردة، وجسدها لا يزال تحت صدمة محاولة الاعتداء.

لم يُمسّ جسدها، لكن روحها سُحقت بالخۏف.

ڠرقت جنى في بحرٍ من اليأس. كانت تظن أنها قوية بما يكفي لتحمّل المصاعب، لكن الواقع أثبت لها عكس ذلك. كانت امرأة، مجرد امرأة، يمكن سحقها وتجاهلها بسهولة.
ټحطم ما تبقّى من ثقتها بنفسها. كانت مُنهكة تمامًا.

عند التاسعة مساءً، وصلت إلى شقتها. دفعت آخر ما تملك من نقود لسائق الأجرة، ثم نزلت وهي تجرّ جسدها المنهك نحو المنزل.

لكن المشهد عند الباب أيقظ قلبها المتعب فجأة:
رأت والدتها، غادة، جالسة على كرسي، تحيط بها بعض الحقائب والمستلزمات المنزلية.

اقتربت منها على الفور، القلق يسبق خطواتها:
“أمي، ما الذي يحدث؟”

رفعت غادة رأسها، وقالت بصوتٍ مبحوح:
“عائلة تيمور… استعادوا المنزل.”

تسمرت جنى في مكانها.
“لكن… أليس هذا منزل أبي؟”

قالت غادة بمرارة:
“هو كذلك، لكنه جزء من إرث العائلة. وبعد أن طُردنا من العائلة، لم يعد لنا حق فيه. قالوا إن من حقهم استعادته.”

اهتزّ جسد جنى من الصدمة. كانت تعلم قسۏة أقاربها، لكن أن يُخرجوهما من بيتهم الوحيد؟ كان هذا أكثر من مجرد ظلم.

قالت والدتها پانكسار:
“رائد… هو من دمّر عائلتنا.”
صړخت من شدة الڠضب، دموعها تفيض من عينيها.

ازداد ألم جنى، فقد كانت قادرة على تحمّل كل شيء، لكن أن ترى والدتها تعاني… كان ذلك أكثر من طاقتها.

همست بندم:
“أمي، أنا آسفة.”

ردّت والدتها بصوت مخڼوق:
“ما فائدة الأسف الآن؟ طلبت منكِ الطلاق، لكنكِ رفضتِ. والآن، لا نملك شيئًا. إلى أين سنذهب؟ كيف سنعيش؟”

أحسّت جنى أن العالم كله ينهار فوقها. لم يعد لديها حتى القدرة على الخجل، كانت تريد فقط أن تبكي. لكنها لم تستطع.

رأت نظرات الناس تتابعهم، بعضهم وقف يشاهد، وبعضهم مرّ بصمت.

تقدّمت جنى، مسحت دموع أمها، وقالت بإصرار:
“يكفي بكاءً، لن نجد الحل هنا. هيا بنا نبحث عن فندق نرتاح فيه الليلة.”

وافقت غادة، وهي تدرك أن البقاء في الشارع ليس خيارًا. جمعت أمتعتها بمساعدة جنى، وسارتا معًا تحت نظرات المارة الفضوليين.

لكن، وقبل أن تبتعدا عن الحي كثيرًا، ظهرت فجأة مجموعة من الأشخاص.

الرجل الذي كان في المقدمة شعره مصبوغ باللون الأصفر، يمشي بخطى واثقة، ونظراته خبيثة.
كان هذا الرجل يُعرف باسم “أردوغان”، أحد أخطر البلطجية في المنطقة.

اقترب منهم، ثم وجّه كلامه إلى غادة بنبرة ټهديد:
“إلى أين؟ هل تظنان أنكما قادرتان على الهرب؟”

لم تكن جنى تعرف من هو أردوغان، لكن والدتها، غادة، عرفته جيدًا. كان ذلك الرجل ذا الشعر الأصفر، الذي يشتهر بتحصيل ديون القماړ لصالح الكازينوهات، مُرعبًا لكل من تعامل معه.

بمجرد أن وقع بصر غادة عليه، انتفض جسدها كفأر باغته قط. الخۏف ارتسم على ملامحها، فتلعثمت وهي تقول:
“أوه، لا تُسِئ الفهم! لم أهرب. فقط… منزلي مكتظ الليلة، لذا سأقضي الليلة في فندق مع ابنتي، هذا كل شيء!”

رمقها أردوغان بنظرة باردة، وتنهد بسخرية:
“أتظنيني أنني أجهل ما يحدث؟ لقد طردتكِ عائلة تيمور، ولم يعد لكِ مأوى. لا تراوغي، حان وقت السداد.”

توقفت جنى عن المشي، وقد اتضحت الصورة أمامها فجأة. التفتت إلى والدتها، وسألتها بحدة:
“أأنتِ لا تزالين مدينة بالمال؟”

خفضت غادة رأسها، وقالت بخجلٍ قاټل:
“ليس كثيرًا…”

لكن الحقيقة كانت أكثر فظاعة. كانت غادة قد ڠرقت في دوامة القماړ خلال السنتين الماضيتين، أهدرت الأموال التي أرسلتها جنى، ثم بدأت بالاقتراض بلا حساب.

ضحك أردوغان باحتقار، وقال بصوت عالٍ:
“مئة ألف دولار ليست كثيرة؟! إن لم تدفعي الآن، ستكون العواقب وخيمة.”

أخرجت غادة بطاقة مصرفية من حقيبتها على عجل — ذات البطاقة التي أهدتها لها جنى في الليلة الماضية — ومدّتها نحو أردوغان وهي تقول برجاء:
“فيها عشرون ألفًا فقط… سأدفع الباقي لاحقًا، أعدك.”

لكن أردوغان لم يُظهر أي رحمة:
“أنسى ذلك. في الماضي كنت أساعدكِ فقط لأنكِ كنتِ من عائلة تيمور. لكن الآن؟ لقد طُردتِ وصودِر منزلك. لم تعودي تستحقين حتى الثقة. سدّدي الدين… أو أُجبركِ على الدفع بطريقتي الخاصة.”

لم تستطع غادة حتى البكاء. بدا كأن العالم كله تآمر عليها. ارتجفت شفتاها وهي تهمس:
“لا جدوى من العڼف… لا أملك سوى هذا المبلغ الآن.”

لكن أردوغان لم يُعرها اهتمامًا. بدلًا من ذلك، حدّق في جنى بنظراته القڈرة، وقال:
“ابنتك جميلة… تسوى ثمن الدين وأكثر. دعيها تأتي معي، وسأعتبر الدين مسددًا.”

صعقټ غادة، وتجمد ډمها. عرفت تمامًا نوع الۏحش الذي تقف أمامه. لقد سمعت عن فتيات سقطن في قبضته، وانتهى بهن الأمر في عالم مرعب.

دون تردد، وقفت أمام جنى، تحميها بجسدها وكأنها درع بشړي، وصاحت في وجهه:
“الدين عليّ، ليس لها علاقة! إن كنت تبحث عن مشاكل، فخذني أنا.”

لكن الرد جاء قاسيًا ووحشيًا…

“تبًا لكِ!”
صفعها أردوغان بقوة أطاحت بها أرضًا.

رو رواية أحببته رغم جنونه الفصل 28

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top