الفصل الثامن و العشرون:
استيقظت نهله متأخرة قليلا فلم يكن لديها ما تفعله اليوم بالحديقه كما انها سهرت قليلا تتذكر يومها مع حازم و كل كلامه لها. ارتدت فستان جميل و بسيط و وضعت ميك اب خفيف مناسبا للصباح, و نزلت لتقضى الصباح مع حبيبها سعيدة بأنها متفرغة طوال اليوم لتقضيه معه.
لم تجد حازم فى الحديقه فأخذت تبحث عنه بكل مكان فى الفيلا فلم تجده, حاولت الاتصال به على هاتفه فوجدته مغلقا, شعرت بقلق كبير عليه و ظلت تنتظره بالحديقه فمر الوقت ولم يأت حتى استيقظ الجميع.
جلست معهم تتناول الفطور فلم ترد ان يشعر احد بشئ. اثناء ذلك وصل حازم و رمى السلام بشكل مقتضب و سريع على الجميع ثم دخل إلى مكتبه.
زاد قلقها فذهبت إلى المكتب لتعرف اين كان منذ الصباح الباكر. طرقت الباب و دخلت لتجده واضعا رأسه على المكتب و لم يرفعها.
نهله: حازم.
رفع رأسه و نظر لها.
نهله: انت كنت فين قلقتنى عليك؟
حازم: كنت بتمشى شويه.
نهله: فى حاجه مضايقاك؟
حازم: انا عاوز اقعد لوحدى.
شعرت بصدمه من طريقة رده فلم تعتد منه هذا الاسلوب, تركت المكتب و صعدت إلى غرفتها. كانت تشعر بحزن شديد فقررت ان ترقد فى السرير فى صمت حتى تهدأ اعصابها. حزنها و الهدوء جعلاها تنام دون ان تشعر.
استيقظت بعد قليل على لمسات حانيه لشعرها و قبلة على رقبتها. كان حازم يجلس إلى جوارها على السرير. لفت وجهها إلى الطرف الاخر.
حازم: انا اسف يا حبيبتى, عارف انى كنت بايخ اوى معاكى.
لم ترد عليه.
حازم: مش ناويه تسامحينى يعنى؟
نهله: انت مش قولت عاوز تقعد لوحدك, ايه اللى جابك هنا و قافل باب الاوضه ليه؟
حازم: نهله متخليش قلبك جامد عليا بقى. انا كنت متضايق اوى و مش قادر اقول اى حاجه, و لما حسيت انى ضايقتك طلعت على طول عشان اصالحك.. خلاص يا حبيبتى بقى.
نهله: افهم كان فى ايه الاول, و قوم افتح الباب.
حازم: حاضر هقولك بس مش هينفع افتح الباب.
نهله: ليه؟
حازم: عشان مش عايز حد يسمع كلامنا و لا يدخل علينا و احنا بنتكلم.
نهله: طيب اتفضل فهمنى فى ايه؟
حازم: مش هعرف اتكلم و انتى زعلانه كدا.
و اخذ يدها بين يديه و قبلها بحب.
حازم: خلاص يا حبيبى بقى حقك عليا.
نهله: بس اوعدنى متقلقنيش عليك كدا تانى, و لو خرجت و انا معرفش تفتح الموبايل على الاقل.
حازم: حاضر يا عمرى انتى.
جلست على السرير مقابلة له لتستطيع رؤية وجهه و ابتسمت له.
نهله: خلاص حصل خير بس فهمنى بقى فى ايه.
تنهد حازم بحزن قائلا: ماما كلمتنى النهارده الصبح.
نهله: طيب و ايه المشكله؟
حازم: اتطلقت.
نهله: و انت زعلان عشانها؟
حازم: لا.
نهله: طيب فى ايه يا حازم هو انا هتحايل عليك عشان تتكلم ما تفهمنى يا حبيبى فى ايه
حازم: بعد ما اتطلقت عاوزه ترجع مصر و تعيش هنا معانا بتقول ان مبقاش معاها فلوس و ان جوزها كان مديون و لما اتطلقت مبقاش معاها حاجه. عاوزانى ابعتلها تذكرة السفر و تيجى تقعد هنا.
نهله: طيب ما هو طبيعى انك تساعدها هى مامتك.
حازم: بس هى عايزه تيجى تقعد معانا هنا فى الفيلا و دى كارثه.
نهله: ليه؟
حازم ( بعد تنهيده قويه ): انتى مش عارفه حاجه.
نهله: طيب فهمنى.
حازم: ابسط حاجه انها انسانه صعبه و مش مريحه و محدش هيرتاح فى وجودها منكم خالص, حتى انا نفسى مش متعود عليها.
نهله: مش مشكله هنحاول نتأقلم معاها.
حازم: معتقدش اننا هنقدر و الكارثه اللى بجد فارس.
نهله: ماله فارس؟
حازم: لما ماما سابتنا كان فارس صغير اوى زى ما حكيتلك قبل كدا, قعدت فتره طويله مبتسألش عننا خالص. مبدأتش تسأل غير من سنتين لما جوزها ابتدى يتداين و تبقى محتاجه فلوس. فارس مقبلش انه يتعامل معاها و مكلمهاش و لا مره و لا قبل يرد عليها, و سيرتها بس بتدمره, مضمنش لو قولتله انها عاوزه تيجى هنا يعمل ايه. دا ممكن يسيب البيت خالص.
نهله: لا ان شاء الله متوصلش للدرجه دى.
حازم: انتى مش عارفه الموضوع ازاى صعب بالنسبه لفارس, انا هتجنن مش عارف اعمل ايه ***** بين انها امى و حتى لو مكنتش ام بالنسبه لنا لكن لازم اقف جنبها عشان ارضى ربنا و بين ان فارس مش هيقبل بدا و هيعتبر انى اخترتها بداله. نهله انتى مش عارفه فارس بالنسبه لى ايه. فارس ابنى و انا مقدرش اتخيل انه يزعل منى و يبعد عنى. انا مستعد اخسر الدنيا كلها و مخسروش.
و ظهرت دموع فى عينه حاول ان يداريها و لكنها لم تخفى عن نهله. اقتربت منه و ضمت رأسه إلى صدرها.
نهله: يا روحى متخافش ان شاء الله كل حاجه تتحل و فارس اكيد هيفهم و مش هيبعد عنك هو كمان روحه فيك انت مش عارف هو بيتكلم عنك ازاى.. و حتى لو اتضايق و اتنرفز كلنا جنبه.
حازم: يا رب الموضوع يعدى على خير.
نهله: هى المفروض تيجى امتى؟
حازم: لو حجزتلها النهارده ممكن تيجى على الثلاثاء مثلا.
نهله: خلاص يا حبيبى يبقى لازم تبتدى تكلم فارس النهارده.
حازم: ما هو دا اللى تاعبنى.
نهله: متقلقش يا روحى كل حاجه هتبقى تمام انت بتحاول ترضى ربنا و ربنا اكيد هيقف معاك.
حازم: يا رب.
ضمته اكثر اليها و اخذت تعبث بخصلات شعره كطفل صغير احب طريقتها معه و تدليلها له لتزيل عنه حزنه و نظر لها و ابتسم.
نهله: عندك استعداد تخسر الدنيا كلها الا فارس, مش كدا؟
حازم: يا هبله انتى مش اى حد, انتى حته منى و مش مقصوده خالص, انتى و فارس روحى و مقدرش استغنى عن حد فيكم, و اللى يفكر يضايق حد فيكم اموته.
نهله: طيب و لو احنا الاتنين ضايقنا بعض.
حازم: هههههههه لا مش هيحصل.
نهله: طيب و واثق اوى كدا ليه؟
حازم: لانكم انتوا الاتنين اصحاب و زى الاخوات و انا واثق ان انتوا الاتنين بتحبونى و استحاله تحطونى فى الموقف دا.. تعالى فى حضنى يا هبله.
و ضمها اليه بقوه.
حازم: بموت فيكى يا مجنونه.
رفعت رأسها إليه و ابتسمت قائلة: و انا روحى فيك.
فأنقض على شفتيها بقوه و شغف يفرغ كل ما به من هموم, استجابت لقبلاته بحب و عشق, ثم نظر لها بحب و رغبه مما جعلها تشعر بالقلق من خطوته التاليه فقفزت من السرير و اتجهت إلى الباب و فتحته.
صدم من قفزتها المفاجأه ثم أدرك ماذا تفعل فانخرط فى الضحك بصوت عال.
حازم: هههههههههههههه انتى خوفتى؟
نهله: ما انت بصراحه يتقلق منك.
حازم: انتى السبب.
نهله: انا؟
حازم: اه حضنك ليا و كلامك و دلعك.
سكتت نهله و نظرت له بخجل.
نهله: طيب لو سمحت يالا اخرج قبل ما حد يشوفك قاعد على سريرى كدا و يفهم حاجه غلط.
حازم: يادى يفهموا حاجه غلط دى.
نهله: عشان خاطرى يا حازم.
حازم: حاضر بس انتى مش هتنزلى معايا.
نهله: 5 دقايق و هحصلك.
حازم: طيب يا عمرى.
قبلها من خدها و تركها و نزل.
مر ادهم على ندى فى الميعاد المحدد بينهما ليأخذها لتناول الغداء ثم الذهاب لدار النشر. كانت ندى فى انتظاره و ما ان رن لها على هاتفها حتى خرجت له.
استقبلها ادهم بإبتسامه واسعه.
ادهم: اهلا اهلا بالبنات الحلوين اللى مجننينا و تقلانين علينا.
ندى: انا تقلانه عليك و مجنناك.
ادهم: اوى.
ابتسمت له و توجها إلى سيارته الذى خصصتها له الشركه, فككبير مهندسين لابد ان توفر له الشركه وسيلة انتقال مناسبه. اتجها إلى مطعم جميل و هادئ و طلبا الغداء و جلسا يتناولاه و يتحدثا سويا.
ندى: دار النشر اللى هنروحها دى صاحبها يعرفنا من زمان و حابب يقدملنا اى خدمه ببس طبعا لازم يقتنع بكتاباتك الاول. هو هياخد منك روايه واحده هيعرضها على نقاد و ناس بيثق فيهم و لو اشادوا بيها هينشرهالك و لو فى اى ملاحظات هيقولك عليها.
ادهم: يا رب ان شاء الله, بس ممكن دلوقتى ننسى الموضوع دا و نركز فينا احنا, انا ما صدقت نقعد مع بعض لوحدنا.
ندى ( مبتسمه ): نركز.
مسك يدها و لثمها بخفه, شعرت ندى بالخجل من تصرفه.
ندى ( بعتاب ): احنا قولنا ايه.
ادهم: اسف مش هتتكرر.
ابتسمت له.
ادهم: بحبك اوى و نفسى بقى كل حاجه تتحسن بسرعه و اجى اخطبك على طول.
ندى: ان شاء الله.
ادهم: ان شاء الله يا حبيبتى.
نزلت نهله من غرفتها لتسمع صوت فارس عال جدا لم تفسر كلامه و لكنها رأته يخرج غاضبا من مكتب حازم و يسير بعصبيه إلى الحديقه و تلحق به نغم. دخلت لحازم فوجدته يجلس حزينا.
حازم: مش قولتلك الموقف صعب.
نهله: قالك ايه؟
حازم: قالى لو دخلت البيت دا مش هقعد فيه ثانيه واحده, قالى انى اختار و انا حر.. يا رب انا ذنبى ايه اتحط فى الموقف دا.
نهله ( و هى تربت على كتفه ): معلش اصبر هو دلوقتى متنرفز, يمكن لما يهدى رد فعله يبقى غير كدا.
حازم: معتقدش.
نهله: قول يا رب.
حازم: يا رب.
جلس فارس فى الحديقه و جلست نغم إلى جواره صامته. و بعد فتره بدأت تحدثه.
نغم: انا اول مره اشوفك متنرفز كدا. فى ايه؟
فارس: اقولك ايه بس.. فى انها بتاعت مصلحتها و بتستغل طيبة حازم؟
نغم: مين دى؟
فارس: مدام ثريا.
نغم: مامتك؟
فارس: مش امى.
نغم: خلاص اهدى.. طيب هى ايه اللى فكرها بيكم؟
فارس: اديكى قولتيها ايه اللى فكرها بينا, ما هى طول العمر نسيانا بتفتكرنا ليه دلوقتى.
نغم: انا مش فاهمه حاجه.
حكى لها كل القصه كما اخبره بها حازم.
نغم: طيب هدى اعصابك انا حاسه بيك.
فارس: متقوليش حاسه بيا, مفيش حد هيحس بيا.. انتى عمرك ما بعدتى عن مامتك الا لما جيتى هنا لكن قبل كدا كنتى على طول فى حضنها و متخلتش عنك.
نغم: و مين بقى اللى قالك كدا.. مش لازم الام تتخلى عن ولادها بإنها تروح بلد تانيه.. ممكن تبقى معاهم و ميحسوش بوجودها و ميحسوش بحبها ليهم.. انا تقريبا كنت عايشه لوحدى.. كنت بشوف الدادا بتاعتى اكتر ما بشوف ماما و بابا.. مكنوش يعرفوا عنى اى حاجه و حتى لما كنت بحتاج اكلمهم فى حاجه او اخد رأيهم فى حاجه مكنش بيبقى عندهم وقت ليا.. اصعب حاجه انك تبقى بالاسم عايش وسط اهلك لكن انت غريب عنهم و حاسس انهم مش بيحبوك و لا بيهتموا بيك و مش من حقك حتى تشتكى.
و بدأت تبكى بصمت و لكنه نظر اليها فلمح دموعها.
اقترب منها و امسك بيدها و اخذ يربت عليها.
فارس: خلاص انا اسف متعيطيش.. انا بس متنرفز شويه.
لم ترد عليه.
فارس ( محاولا اضحاكها ): حتى البرنسيس طلعت عندها مشاكل.. دا احنا شكلنا عيله منحوسه فعلا.
ابتسمت له نغم قائله: كل واحد فى قلبه كتير بس محدش يعرف عنه حاجه.
فارس: طيب اهدى و متفكريش فى حاجه تضايقك.
نغم: متديهاش فرصه تضايقك و تفرقك عن اخوك, انت عارف حازم بيحبك ازاى.
فارس: عارف بس انا مش عاوزها تستغل طيبته.
نغم: حازم ذكى و اكيد عارف هو بيعمل ايه.
فارس: انا مش هقدر اقعد معاها فى مكان واحد و اشوفها كل يوم.
نغم: يعنى هتسيبلها بيتك و حياتك و تبعد, هتسيبها تنتصر عليك.
فارس: عاوزانى اعمل ايه يعنى؟
نغم: تقعد و توريها اد ايه انت قوى و ان بعدها عنكم مكسركوش بالعكس قواكم و قربكم من بعض.
فارس ( مبتسما ): يعنى انتى رأيك كدا يا برنسيس؟
نغم ( مبتسمه ): اكيد و انا هبقى جنبك.
فارس: ماشى يا ستى همشى ورا كلامك و اما اشوف اخرتها.
ابتسمت له برضا.