الفصل السادس و العشرون:
استيقظت نهله فى السابعه كعادتها و لكن الجديد النور الذى يملأ وجهها و الابتسامه التى لا تفارقه فسعادة قلبها انعكست على وجهها. جهزت نفسها سريعا و نزلت إلى الحديقه لتلتقى بحازم الذى كان فى انتظارها و ما ان رأها حتى جرى اليها و ضمها إلى صدره.
حازم: صباح الخير يا قمرى.
نهله: صباح النور.
كانت تخفى وجهها فى صدره و لا تنظر له من خجلها فحتى الان لم تعتد على هذا الاستقبال.
اخذها من يدها و ذهبا ليجلسا متقابلين على ترابيزه طلب من الخدم اعدادها بالحديقه ليتناولا عليها الفطور.
حازم: وحشتينى اوى.
نهله: و انت كمان.
حازم ( مبتسما ): أد أيه؟
نهله: اوى.
حازم: نمتى على طول امبارح؟
نهله: اه قعدت مع بيتسى شويه صغيرين اوى و بعدين نمت.
حازم: انا بقى سهرت كتير.
نهله: ليه كدا؟ انت بتصحى بدرى و لازم ترتاح.
حازم: انتى السبب.
نهله: أنا؟
حازم: اها.. كنت بفكر فيكى و مش مصدق ان ربنا رزقنى بزوجه و حبيبه زيك بجمالك و ذكائك و طيبتك و كان نفسى اجى اوضتك و اخطفك.
نهله: هههههههههه طيب و تخطفنى ليه ما انا اصلا معاك.
حازم: لا مش كفايه تبقى معايا فى نفس البيت, عاوزك تبقى معايا على طول و تبقى جنبى حتى و انا نايم. عاوز اخر حاجه اشوفها قبل ما انام تبقى وشك و يبقى هو اول حاجه افتح عينيا عليها.
نهله: احنا هنرجع تانى للموضوع دا؟
حازم: لا يا حبيبتى انا مش بضغط عليكى بحاجه انا بس بفهمك حاسس بأيه لكن انا عند وعدى ليكى.
ابتسمت له نهله و شرعا فى تناول الفطور, كانا يحاولان اطعام بعضهما البعض بالتناوب و احيانا كانا يفشلان لدرجة انهما اسقطا بعد الطعام على ملابسيهما و اخذا يضحكان.
تركا الترابيزه و ذهبا ليتجولا فى الحديقه متشابكى الايدي.
نهله: يعنى عاجبك منظرنا كدا؟
حازم: ماله منظرنا.
نهله: هدومنا واقع عليها اكل زى الاطفال عاوزهم يقولوا علينا هبل.
حازم: هههههههههههه مين يعنى اللى هيقول اكيد فارس و هو اصلا مفيش اهبل منه.
نهله: ههههههههههههه عندك حق.
وقف حازم و ادارها اليه ليصبحا متواجهين واضعا كلتا يديه على ذراعيها برقه.
نهله: ايه وقفت فجأه كدا ليه؟
حازم: عاوز اشوف عيونك.
انزلت عيونها للأرض بخجل.
حازم: ارفعى عينيكى متتخيليش برتاح اد ايه لما ببص فيهم. من اول ما شوفتك و عينيكى بتحسسنى براحه رهيبه, فيهم دفى و حنان و شجن مشوفتهمش قبل كدا, و دلوقتى كمان بشوف فيهم حب.
نهله ( مبتسمه ): الحب فيهم من بدرى بس انت اللى خدت بالك منه متأخر.
حازم ( مبتسم ): معلش غبى.. مكنتش مصدق ان ممكن تكونى انتى كمان حاسه بنفس اللى انا حاسس بيه, و كنت خايف لو حسستك بحبى دا يضايقك و يخليكى ترجعى فى كلامك و تسيبينا و ترجعى المنصوره.
نهله: انا ما صدقت لقيتكم و عمرى ما هسيبكم, انا كنت فعلا مستغربه الوضع فى الاول بس بعد كدا اتعودت عليكم و مقدرش ابعد عنكم.
حازم: هتتكلمى بصيغة الجمع كتير.
نهله ( مبتسمه بتفهم ): انت اللى اتكلمت بالجمع الاول فرديت عليك.
حازم: يعنى انا زيى زيهم؟
نهله: انت مفيش حد زيك.
نظر لها بحب و ضمها له بقوه بعد ما قالته.
حازم: ربنا يخليكى ليا يا روح قلبى.
نهله: و يخليك ليا يا حبيبى.
حازم: احلى كلمه سمعتها فى حياتى.
نهله: ايه هى؟
حازم: حبيبى.
ابتسمت له برقه و قبلته من خده برقه. استغرب تصرفها و فرح كثيرا و ضمها اكثر له.
حازم ( بفرحه ): دا ايه التطور دا كله؟
خبأت رأسها فى صدره لتدارى خجلها قائلة: خلاص بقى متكسفنيش.
ضحك حازم بقوه لتصرفها و اخذ يربت على رأسها و يلعب بخصلات شعرها.
فى هذه اللحظه سمعوا صوت صفير, كان صوت فارس.
فارس: ايه الجو الجامد دا؟
شعرت نهله بخجل شديد و بعدت بسرعه عن حضن حازم و وقفت بعيدة عنه و وجهها محمر بشده.
حازم ( بغيظ ) : تصدق انك معندكش ريحة الدم.
فارس: و انا اقول الساعه بقت 9 و نهله سايبانى و مصحتنيش لحد دلوقتى ليه لتكون تعبانه, طلعت فعلا تعبانه ههههههههههههه.
ازداد احمرار وجه نهله, فزادت عصبية حازم من اخيه.
حازم: انت هتستمر فى استظرافك و خفة دمك دول كتير.
فارس: يا عم بالراحه عليا انا بس كنت بتطمن على نهوله مش بنت عمى برضه.. ايه مش هنشتغل فى الجنينه النهارده و لا ايه؟
حازم: دا انت سخيف سخافه يا واد انت.
نهله ( بخجل ): هنشتغل اهه, انت جاهز.
فارس ( متعمدا اغاظة اخيه ): جدا.
نهله: طيب يالا.
حازم ( مبتسما لنهله ): انا فى المكتب لما تخلصى تعاليلى.
نهله: اوكى.
فارس: هههههههههه من عيونى هجيبهالك بنفسى.
حازم ( هامسا لأخيه ): حسابك معايا بعدين.
استيقظت ندى على صوت هاتفها المحمول يعلن عن وصول رساله, نظرت لتجد الرساله من ادهم الذى سافر المنصوره ليوصل أمه و خالته و لا تعلم ما اذا كان سيعود اليوم ام الغد فالعمل سيبدأ بعد غد, فتحت الرساله بلهفه لترى ماذا كتب لها لتجد كلمات رقيقه بأسلوبه الشعرى الذى تعشقه:
صباح الحب يا ملاكى
كم اتمنى الان ان اراكى
افتقد عيونك التى اعشقها
افتقد ابتسامتك الخجوله
التى تخطف قلبى و عقلى
اتمنى ان المس يديكى
و لو فى سلام رقيق
يجعل قلبى يرتجف
رغبة فى ضمك اليه
اعد الدقائق و الثوانى حتى اراكى
انتظرينى فقريبا ستتلاقى القلوب
و العيون و الابتسامات و اللمسات الرقيقه
ربما لم استطع ان القى على اذنيكي تحية الصباح
و لكن انتظريني فسألقى عليكي اليوم تحية المساء
سألقيها على اذنيك و عينيك
بكلماتى و همساتى و دقات قلبى
و لنكتفى الان بتحية حب
صباحك صباح ملائكى مثل قلبك الطاهر الرقيق.
شعرت بسعاده كبيره تغمر قلبها لكلماته الجميله المليئة بالمشاعر و لما فهمته من كلامه انه سيعود اليوم مساءا و لن يبقى الليله فى المنصوره. ضمت هاتفها بقوه الى قلبها ثم قبلته بسعاده.
قررت ان تقضى اليوم فى العنايه ببشرتها و شعرها و ان تذهب للكوافير, لذلك كلمت الكوافير و اخذت موعد و غادرت فراشها و استعدت لتذهب مباشرة بعد تناول الفطور.
انهت نهله عملها فى الحديقه و كالعاده صور فارس كل لحظه.
فارس: نهله احنا بقالنا كتير مرحناش عشان الرسم و التصوير و انا لاقيت مكان جديد كنا عاوزين نروحه.
نهله: طيب ليه مقولتليش من بدرى عشان اتفق مع حازم بدل ما يزعل؟
فارس: مجاش فى بالى لأنى متعود بقولك و بنروح على طول و مكنش فى العقد دى خالص.
نهله: ايوا بس انت عارف اخوك, و بعدين لازم هيسألنى هتروحوا تعملوا ايه و هتروحوا فين.
فارس: فهميه انك بترسمى و انا بصور بس متحكيلوش اى حاجه عن موضوع المعرض اللى ناويين نعمله دلوقتى عشان نعملهلم مفاجأة.
نهله: طيب اخليه ييجى معانا يغير جو بدل ما بيفضل قاعد يشتغل حتى فى الاجازه.
فارس: ايوا يا قطه عشان تقعدولى تحبولى فى بعض زى الكناريا و متخلصيش الرسمه فى سنتك, دا انتى من غير حاجه بتطلعى عينى على ما تخلصى رسمه واحده.
نهله: قطه و سنتك؟ بجد حازم عنده حق.
فارس: ايوا هتبيعينى عشان حازم بيه, طبعا مين لقى احبابه نسى اصحابه.
نهله: ههههههههه لا طبعا استحاله انساك دا انت اخويا اللى واقف جنبى من ساعة ما جيت هنا, بس برضو حزوم هو اللى فى الحته الشمال.
فارس: ههههههههههه انا مبسوط اوى علشان اول مره اشوفه فرحان كدا و بيتصرف على طبيعته.
نهله: طيب طالما كدا بتغلس عليه ليه؟
فارس: ههههههههه لا دى حاجه تانيه, اصل غلاستى على حازم دى ليها طعم تانى خالص تختلف عن اى حاجه.
نهله: هههههههههههه طيب يالا ندخل عشان الحق اخد شاور و انزل اقعد معاه و احاول اقنعه اننا نخرج النهارده.
فارس: اوكى.
نزلت نهله بعد ان اخذت حماما و بدلت ملابسها إلى غرفة المكتب فوجدت حازم فى انتظارها.
حازم: تعالى يا حبيبى.
دخلت نهله لتجلس بجواره على الكنبه الموجوده فى المكتب. كانت تجلس بعيدة عنه فأقترب منها و وضع يده حول كتفها و مسك بيده الاخرى يدها و اخذ يداعب اصابعها برقة, و ضعت رأسها على كتفه.
حازم: تعبتى من الشغل فى الجنينه؟
نهله: شويه.
حازم: طيب ارتاحى يا حبيبتى.
نهله: انت كنت قاعد بتشتغل؟
حازم: اه اشتغلت شويه و بعد كدا قعدت اقرأ شويه.
نهله: كنت بتقرأ ايه؟
حازم: شعر.
نهله: انا بحب الشعر.
حازم: طيب استنى هقرالك قصيده لمحمود درويش بحبها اوى.
احضر الكتاب الذى كان يقرأ منه و عاد ليضمها بأحدى يديه و يمسك الكتاب باليد الأخرى ليقرأ لها.
بدأ حازم يقرأ بصوت هادئ و رومانسى و يده تتحرك برقه على كتفها و ذراعها:
عسل شفاهك ، واليدان
كأسا خمور ..
للآخرين ..
***
الدوح مروحة و حرش السنديان
مشط صغير
للآخرين ..
و حرير صدرك و الندى و الأقحوان
فرش وثير
للآخرين
***
و أنا على أسوارك السوداء ساهد
عطش الرمال أنا .. وأعصاب المواقد !
من يوصد الأبواب دوني ؟
أي طاغية و مارد !!
سأحب شهدك
رغم أن الشهد يسكب في كؤوس الآخرين
يا نحلة
ما قبلت إلا شفاه الياسمين !
نظرت له بحب و عاطفة كبيرتين, فقرب وجهها إليه و قبلها بخفه و رقة قبلة خفيفة جعلتها تخجل لدرجة كبيرة فلم تتوقع منه ذلك التصرف, و كعادتها عندما تخجل انزلت عيونها للأسفل و خبأت رأسها بصدره, ظلت على هذا الوضع لدقائق حتى شعر انها هادئة تماما فى حضنه و انفاسها منتظمه فنظر إليها ليجدها نائمة فى حضنه كطفلة صغيره. ضمها بيده الاخرى و اخذ يداعب خصلات شعرها برقه. ظلا هكذا لنصف ساعة تقريبا حتى فتحت نهله عيونها لتجده يبتسم لها, شعرت بخجل كبير لإستسلامها للنوم هكذا.
نهله: انا اسفه.
حازم: بتتأسفى ليه يا روحى؟
نهله: لأنى رحت فى النوم غصب عنى و ذنبتك جنبى.
حازم: بالعكس انا مبسوط اوى انك نايمه فى حضنى كدا.
نهله ( مبتسمه ): حازم عاوزه اطلب منك طلب.
حازم: أؤمرى يا قلب حازم.
نهله: كنت عاوزه اخرج شويه مع فارس.
حازم: هتروحوا فين؟
نهله: فارس بيختار مكان يكون حلو هو بيصور و انا برسم.
حازم: انتى بتعرفى ترسمى؟
نهله: اها.
حازم: اول مره تقوليلى الموضوع دا.
نهله ( بدلع ) : انت مسألتنيش.
حازم: طيب و انا هعرف منين انك بترسمى؟
نهله: لو كنت بتتكلم معايا كنت هتعرف.
حازم: يعنى انتى كنتى بتدينى فرصه؟
لم ترد عليه و اكتفت بأن إبتسمت و قربت يده منها و قبلتها بحب.
حازم: يا قلبى انتى.
و ضمها اليه بقوه و قبل جبينها.
نهله: موافق؟
حازم: اه يا نصابه.. كل دا عشان اوافق و انا اللى قولت حنت عليا خلاص.
نهله: ههههههههههه لا و الله, متظلمنيش.
حازم: ههههههههه ماشى يا روحى اخرجوا بس لما ترجعى هتفرجينى رسوماتك.
نهله: اوكى. انا هقوم عشان الحق فارس.
حازم: اوكى يا حبيبتى.
تركته و خرجت لتجد ندى و نغم تستعدان للخروج.
نهله: ايه دا انتوا خارجين؟
نغم: اه ندى رايحه للكوافير و انا شبطت فيها.
نهله: انا كمان خارجه انا و فارس شويه.
ندى: طيب يا حبيبتى نتقابل بليل.