الفصل الثاني
وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا..ترنحت قليلا و كادت أن تسقط..لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره.
تطلعت إلى الرجل الذي قام بإسنادها و قالت..ميرسي لحضرتك.
كانت ذراعه ما تزال تطوق خصرها..أرادت إزاحتها و الابتعاد عنه..و لكنها لم تعِ كيف..فيداها مشغولتان بتلك الأكياس..عوضا عن ذلك قالت بحزم..قلتلك ميرسي و تقدر تكمل طريقك.
قال مبتسما..ميصحش..لازم أوصلك لحد البيت..هاتي عنك.
و مد يديه ليلتقط الأكياس..لتقول فاتن..مفيش داعي..و ميرسي مره تانيه.
ثم أكملت طريقها..لتلاحظ سيره بجوارها..أسرعت فاتن خطاها..فقام بالمثل..ثم و على حين غره التقط أحد الأكياس من يدها..لتصرخ فاتن قائله..يا أستاذ عيب كده.
قال الرجل..بالراحه عليا يا طعمه..أنا قصدي شريف..ثم أضاف ضاحكا..أنا طالب القرب من جمال سيادتكم.
نظرت فاتن للرجل و للكيس الذي أصبح بحوزته..تنهدت و آثرت عدم افتعال مشكله معه و أكملت مسيرها..و لكنه لم يفهم الرساله بعد..بل استمر في تتبعها و محاولة التلاطف معها.
أسرعت فاتن أكثر..لتتعثر و تسقط أرضا..و لسوء حظها قام ملاحقها بمساعدتها مره أخرى..و لكن هذه المره بقيت يداه مطبقتان على خصرها.
صاحت فاتن پعنف..يا حيوان شيل إيدك.
قال الرجل مبتسما..تؤ تؤ..بس برده طعم و انت متعصب.
و قال صوت ذكوري آخر..شيل ايدك..أحسن ما أقطعهالك.
الټفت الرجل بعد أن أرخى قبضته عنها و قال..و مين بقى حضرتك..محامي بنات الليل !
شهقت فاتن ليقوم جارها بلكم الرجل قائلا..غور من هنا لاحسن أرتكب فيك چريمه الليلادي.
قال الرجل بعد أن عاد لتوازنه..و على ايه..ثم ألقى نظره متفحصه ناحيتها و قال..ملكيش فالطيب نصيب.
و استدار مغادرا..لتقول فاتن..ميرسي اوي..ده واحد متخلف.
قال يحيى پغضب..ما انتي لو كنتي لابسه حاجه عدله مكنش أتعرضلك.
قالت فاتن بامتعاض..تقصد ايه..أنا السبب في سفالته !
قال يحيى بغيظ..لا هو ساڤل بالفطره..ليه بقى تديه سبب تاني يسمحله يتطاول بيه عليكي.
قالت فاتن بحنق..تاني أنا السبب.
قال يحيى بفروغ صبر..هو انتي مسمعتيش شبهك بمين.
تنهدت فاتن و قالت بحرج..لا سمعت و ميرسي إنك فكرتني.
قال يحيى..مش قصدي أدايقك.
ابتسمت فاتن..ثم انحنت لتلتقط حاجياتها التي بعثرت في الأرض نتيجه لترنح معاكسها و إسقاط الكيس الذي كان بحوزته.
قال يحيى پحده بعد أن كشف انحناءها عن مفاتنها..بجد ميصحش كده….
قالت فاتن..هو ايه اللي ميصحش.
هز يحيى رأسه و قال..أصل..استني أنا هالمهوملك.
قالت فاتن..مفيش داعي.
قام يحيى على عجاله بجمع حاجياتها التي بعثرت في الارض ثم قال بعصبيه..خلاص اهم و ناولها الكيس..ثم قام بالتقاط أكياسه هو الآخر.
قالت فاتن..ميرسي مره تانيه..تعبتك معايا.
قال يحيى باقتضاب..العفو..ثم أكمل مسيره..و كذلك فعلت فاتن ليسيرا متقاربين.
تعثرت فاتن مره أخرى بسبب كعب الحذاء..ليقول يحيى..هاتي عنك.
قالت فاتن بتردد..مفيش داعي..كلها خطوتين و نوصل.
أصر يحيى..فاستجابت له محرجه..قال بعد أن دلفا إلى مصعد البنايه..طالما مش بتعرفي تمشي بيه..بلاه أحسنلك.
زمت فاتن شفتيها و قالت..لا أنا بعرف أمشي بيه كويس جدا..بس عشان شايله حاجات تقيله.
خرجا من المصعد..ليوصل يحيى الأكياس إلى باب شقتها قائلا..تحبي أحطهوملك جوه.
تناولت فاتن الأكياس من يده..ثم قالت: هو انت….
لم تكمل فاتن جملتها..فلقد استدار جارها مسرعا باتجاه شقتهم..
تمتمت فاتن..يعني كان مصمم يساعدني و دلوقت هيعمل نفسه تقيل و لا ايه حكايته ده..
دلفت فاتن الى الشقه محتاره من تصرف جارها الشاب..فلقد دافع عنه و اصر على مساعدتها و من ثم رحل فجأه.. فكرت في نفسها..اهو في رجاله بتساعد لله يعني..مش على راي ماما لازم يكون ورا مساعدتهم غرض او مصلحه….
استلقى كِنان على سرير صديقه لؤي محدقا في السقف..و مذعورا من القرار الذي عزم عليه..و لكن عاطفته تجاهها طغت على أي ذرة تفكير أو حتى تعقل.
قال لؤي مستنكرا..ايه مش هتقولي رأيك فالمقاله اللي هانزلها على مجلتي.
استفاق كِنان من شروده..و عاد بانتباهه إلى صديقه لؤي..الذي طالما طلب مشورته في مقالاته التي ينشرها على مجلته الالكترونيه و التي قام أخوه يحيى بتصميمها له.
قال كِنان معتذرا..معلش يا صاحبي..حالا هقراها..بس الأول ممكن أدخل الحمام.
قال لؤي..ما تروح يا بني.
تنحنح كِنان و قال..عادي يعني..
قال لؤي..هو انت أول مره تعملها هنا..و بعدين هما قاعدين في الصاله و ليلى فاوضتها.
أومأ كِنان برأسه و خرج من غرفة لؤي.
أغلق باب الغرفه و أسند رأسه على الحائط المجاور..محاولا التقاط أنفاسه..استجمع شجاعته..و سار في الممر المؤدي إلى غرفتها..طرق الباب.
قالت ليلي بصوت مرتفع..اتفضل.
أخذ كِنان نفسا عميقا..و أدار مقبض الباب..وقف لثوان يتأملها منغمسه في كتابة شيء ما على حاسوبها.
استدارت قائله..في ايه… ثم توقفت عن الحديث و فغرت فاهها مصدومه.
أغلق كِنان الباب خلفه و قال..ليلي أنا..
نهضت ليلى من مقعدها مفزوعه و قاطعته قائله..انت اټجننت..ايه اللي بتعمله هنا !
قال كِنان بصوت خفيض..طب أعمل ايه..بقالك أسبوع مش راضيه تكلميني.
قالت ليلى باضطراب..أكلمك ده ايه..هو أنا في بيني و بينك كلام أصلا.
قال كِنان بعصبيه..بلاش شغل العيال ده معايا.
و لدهشته قامت ليلي باللطم على وجنتيها قائله..أبوس ايدك..أبوس ايدك اخرج بره.
قال كِنان برجاء..هاخرج بس قوليها.
قالت ليلى پذعر..أقول ايه..
قال كِنان: انتي عِطر الربيع..مش كده..؟؟؟؟
نظرت ليلى له متردده..قال كِنان: أرجوكي.
أومأت ليلى برأسها..ليقول كِنان..طب شيلي البلوك اللي عملتيه.
قالت ليلى..أرجوك اخرج بره..انت مش عارف لو حد منهم شافك هنا هيحصل ايه.
قال كِنان: طب أوعديني تشيلي البلوك..و ترجعي تكلميني من تاني.
قالت ليلى..أوعدك..أوعدك..بس يلا أطلع من هنا.
قال كِنان بسرعه..الساعه تمانيه ضروري نتكلم..ها.
أومأت ليلى له..ليخرج من غرفتها مسرعا.
وقفت فاتن أمام خزانة والدتها..محتاره أي تلك الأثواب سيليق بها أكثر..و تمنت لو أن باستطاعتها أن تقضي ليلتها هنا بدلا من الذهاب مع والدتها إلى حفل افتتاح فيلمها الجديد..فتلك الحفلات لم تعد ترق لها..صحيح أنها في معظم الأحيان تلتقي بكبار النجوم و الاعلاميين و الذين يعاملونها بلطف شديد..و لكن مؤخرا أصبح حضور تلك الحفلات بمثابة كابوس بالنسبه لها..و السبب…
قالت انجي بضيق..ايه لسه مخترتيش واحد.
قامت فاتن بالتقاط أحد الفساتين بسرعه و قالت..اهو يا ماما..هالبس ده.
قالت انجي..طب يلا بسرعه..خميس هيجي بعد شويه يوصلنا.
ارتعدت مفاصل فاتن فور سماعها اسمه و قالت..يا ماما أنا مش بحب الراجل ده..و خلاص معدتش رايحه معاكي.
قالت انجي بعصبيه..حبتك عقربه يا شيخه..ده اللي هينشلنا من الشقه الحقيره دي..و تقوليلي مش بحبه.
قالت فاتن محاولة التخفيف عن والدتها..و مالها الشقه دي ياماما..و الله جميله..و بعدين لما ان شاء الله الفيلم بتاعك ينجح..أكيد الشركه هتنتجلك المسلسل و هتاخدي فلوس كتير و نقدر ننقل من هنا.
قالت انجي متأففه..طب يلا البسي..و لا عايزاني أركب معاه لوحدي.
أطاعت فاتن والدتها..غير قادره على تركها تذهب بمفردها بصحبة ذلك الرجل البغيض خميس النونو.
أضاء اسم عِطر الربيع على صفحته من جديد..ابتسم كِنان و على الفور أرسل لها..بحبك يا ليلى بحبك.
صفعت ليلى نفسها و أرسلت..ايه الكلام اللي بتقوله ده بس…!
كتب كِنان: طب اديني رقم الفون بتاعك..عشان أفهمك.
كتبت ليلى..مش هينفع.
كتب كِنان: كده هتخليني اكرر اللي عملته انهارده.
كتبت ليلى..يا نهار اسود..انت عايز تودينا في داهيه.
كتب كِنان: اديكي قولتيها..تودينا يعني احنا..يعني انا و انتي بقينا في مركب واحده..أنا هاكتبلك رقمي و ارجوكي ترني عليا دلوقتي..و هاطلبك و نتفاهم.
بقيت ليلى دقائق تحدق في الشاشه أمامها..تنظر إلى الرقم..و بعد تردد كبير أمسكت هاتفها و طلبته.
قام بإلغاء الاتصال..و بعد ثوان وجدت رقمه يضيء شاشة هاتفها..ضغطت رد و قالت بصوت مرتعش..الو.
قال كِنان بصوت أجش..السلام عليكم.
– و عليكم السلام و رحمة الله.
– ازيك يا ليلى.
– مړعوبه.
– أرجوكي مټخافيش..أنا مستعد أقف قصاد الدنيا كلها عشانك.
– يا كِنان كلامنا مع بعض غلط..أولا أنا مخطوبه و ثانيا انت صاحب أخويا و لو لؤي عرف هتخسروا بعض للأبد.
– جايه تقولي كده بعد ما علقتيني بيكي و مشاعري مبقتش فايدي.
– أنا آسفه..مكنش قصدي و مكنتش أعرف إنك بسهوله هتعرف أنا مين.
– و اديني عرفت..و خلاص معدش ينفع تستمري مع خطيبك..ليلى انتي لازم تسيبيه.
– بالسهوله دي…!
– وايه اللي يمنع..أنا اللي فهمته من كلامك إنك تعيسه معاه..ايه يجبرك تكملي فالخطوبه دي.
– أنا لما فتحتلك قلبي..مكنتش أعرف إنك هتتعلق بيا و كمان تعرف أنا مين..فأرجوك أي حاجه قلتها و أنا متخفيه باسم عطر الربيع ضروري تنساها.
-مستحيل أنسى..ليلى أرجوكي تاخدي خطوه..أنا مقدرش آجي و أتقدملك و انتي مخطوبه.
– يا كِنان..أنا كلمت بابا بدل المره ألف و مش مقتنع برأيي و مصر إني بدلع و مش عارفه مصلحتي.
– طيب أنا هأكلم لؤي.
– أوعى تعمل كده..أنا هحاول مع بابا تاني.
– طب أنتي عندك محاضرات بكره.
– أيوه..ليه.
– عايز أشوفك.
– بلاش و النبي حكاية إننا نتقابل..أنا مهما كان مخطوبه و كمان مش حابه أخون ثقة أهلي فيا.
– أحنا مش هنتقابل و نتكلم..أنا بس عايز أشوفك و اطمن عليكي من بعيد لبعيد.
– طب أرجوك ټوفي بوعدك..و متحاولش تكلمني.
– حاضر.
أغلق كِنان الخط..و تنهد بحرقه..داعيا الله أن ينزل الصبر على قلبه..لتحمل هذا الوضع..فمن أحبها قلبه مرتبطه رسميا برجل آخر..رجل على حسب وصفها له يفتقد أدنى مستويات التفاهم معها..و الأدهي أنه لا يتحلى بأي نخوه أو مروءه..سخر كِنان من نفسه فأي نخوه يمتلكها هو و قد قام بمشاغلة أخت صديقه المقرب، أليست هذه تعد خېانه من الدرجه الأولى..و لكن نيته و قصده شريفان..فحالما تنهي خطبتها سيتقدم لها رسميا..و تساءل كنان ما الذي سيحل به إن رفض والدها فسخ الخطبه.
احتضنت ليلى هاتفها..واضعه إياه بالقرب من صدرها..و همست..و أنا كمان بحبك.
قال أنس لصديقيه المنكبين على كتابة أكواد البرمجه..مين فيكو هيروح الافتتاح.
قال مالك..أنا مش هاقدر و بعدين مش الفكره فكرتك ما تروح انت.
ضحك أنس بتهكم و قال..الليله مشغول..مستني مكالمة زبون مهم من الخليج و احتمال كبير يمولنا بفلوس كتير.
قال يحيى..أصلا هنروح نعمل ايه..ندلل على نفسنا.
قال أنس بعصبيه: ندلل..انت مهندس انت..اسمها نعمل دعايه و تسويق لشركتنا.
سأل مالك..و ايه علاقة شركتنا بالأفلام.
قال أنس..يا نهار أسود..احنا مش افتتحنا موقع للتواصل بين الشباب..اهي شركات الأنتاج ممكن تدفعلنا فلوس اد كده عشان تروج لأفلامها بين الشباب..و كمان ممكن يطلبوا نعملهم تصميمات للأفيشات و حاجات كتير.
سأل يحيى..بس انت ازاي قدرت تجيب دعوه للحفله دي.
قال أنس بعد تفكير..عندي طرقي الخاصه.
لم يشأ اخبارهم بأنه حصل على الدعوه من أحد الموظفات بالمونتاج التابع لتلك الشركه..و التي حصلت على دعوتهم بطرق بالتأكيد ملتويه من أجل إرضائه ظنا منها أنه سيقوم بالفعل بالتقدم لخطبتها..غبيه..هل يوجد رجل عاقل يرتبط بفتاه تتجاوز بحريه معه دون أي رباط رسمي بينهما.
تنهد مالك و قال برجاء..روح انت يا يحيى و ريحنا من زنه..الله لا يسيئك.
أطرق يحيى مفكرا..ثم قال..بس بشرط..احنا مش هنقبل نعمل دعايه الا أما نتأكد إن مضمون الفيلم محترم و هادف.
ضحك أنس بسخريه و قال..مش هنقبل..حسستني إنهم ما هيصدقوا و هيمسكوا فينا بأيديهم و سنانهم.
قال يحيى بجديه..بكره يحصل..أنا أحلامي فوق السحاب و إن شاء الله هأحققها.
قال مالك و أنس بصوت واحد..بركاتك يا سيدنا الواثق.
ضحك يحيى لدعابتهم المعهوده..و التي انبثقت نتيجه لايمانه المستمر بشركتهم..فحينما تهبط همتهم و تصعب عليهم المشاكل..يقوم بتحديهم لاخراج أفضل ما لديهم..و حثهم على الايمان المستمر بقدراتهم..كما آمن هو بأن بامكانه بدء مشروعهم رغم عدم اقتناعهم في البدايه..لكن ها هم الآن في مقر شركتهم الصغيره.
قال يحيى..أديني العنوان و ربنا يسهل
كانت نوف تجلس بين أحبائها العصافير، تدندن معهم بصوتها العذب..و الذي ورثته عن والدها..فهد الشيمي.
فتحت نوف قفص عصفور الكناري..بعد أن لاحظت اختفائه..لتجده ملقى في قاع القفص..فاقدا للحياه.
أغلقت نوف القفص..حزينه على حالها و حال أحبائها العصافير الصغيره..فحتى تلك الكائنات الرقيقه لم تسلم من الشړ الكامن في قلب زوجة أبيها..فهذا هو العصفور الخامس الذي ېموت لها خلال أسبوعين.
تنهدت و حاولت طمأنة نفسها بأنها قريبا سترتاح من شرورها..فلقد وعدها أنس..حال تحسن حالتهم الماد…..
يتبع…….