رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 12بقلم Fallen Angel

رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي

الحلقة 12
لا تعني الشجاعه انعدام الخۏف..بل هي مُحصلته..فهناك رجلان..رجل ېخاف ليصبح جبانا..أما الآخر يتحدى خوفه ليبحث عن شجاعته الكامنه بالفطره في قلبه..و كِنان لم و لن يكون جبانا متخاذلا عن تحمل مسئولية ما اقترفت يداه…

قال هامسا لليلى..متخفيش..أنا هقوله اني دخلت هنا ڠصب عنك و مش هايعرف حاجه من اللي بينا..صحيح هأخسره للابد بس المهم انتي يا ليلى…

قاطعته ليلي واضعه اصبعها على فمها في اشاره منها لاسكاته..و همست..انا هاحلها..بس انت اقف بين التسريحه و الدولاب هناك..و متتحركش الا اما اقولك..اوك

أومأ كِنان..و سار حيث أشارت..

اتجهت ليلى إلى الباب..و قالت من خلفه..احم..معلش يا لؤي جيت فوقت مش كول..عايز ايه…؟

قال لؤي..اللاب بتاعي هنج..ممكن اخد اللاب بتاعك عشان كِنان كان هيوريني شوية حاجات جديده قبل ما يمشي..

صاحت ليلي..اوك..ثوان بس…

أحضرت اللاب مسرعه..و ناولته لأخيها بعد أن فتحت الباب نصف فتحه..و قالت..sorry..

ابتسم لؤي..اه فاهم فاهم بتعملي شغل بنات..عروسه بقى و بتاع…

ضحكت ليلي بزيف قائله..طب يلا منعطلكش..خود سكه..

لؤي..الله يسهلو…

أغلقت ليلى الباب بعد مغادرة لؤي..ثم اتجهت حيث كِنان..و قالت..يلا بقى اهو راح اوضته..بسرعه اخرج احسن حد يشوفك..

اومأ كِنان..ثم قال..اوعي تنسي..خليكي فاكره كلامي..ها يا ليلي..انا وعدتك و هاوفي بوعدي..

قالت ليلي..طيب طيب..بس يلا بسرعه اخرج..زمان ديما خلصت المسلسل..

خرج كِنان بعد أن أمنّت ليلى له الطريق و دلف إلى غرفة لؤي..ليكملا ما بدآه قبل قليل..

سأل كِنان دون مقدمات..تفتكر ايه هو اكتر نوع بيوجع من الخيانه..؟

نظر لؤي له باستغراب قائلا..ايه لزمته السؤال ده..

قال كِنان..ابدا فكره جت فبالي..

أجاب لؤي..لما تحس انك متقرطس جامد..و من أقرب الناس ليك.

قام كِنان بتغيير الموضوع فور سماعه إجابة لؤي..ففكرة اللجوء إليه الآن ستكون مضارها أكثر من منافعها

أمضى لؤي الدقائق الماضيه مترددا..يحرك قدمه تاره إلى اليمين و تارة إلى اليسار..محتارا كيف الطريق إلى مراضاتها..صوب نظره ناحية شاشة التلفاز التي أعلنت عن الفاصل الدعائي..استغل الفرصه و تقدم مصدرا صوتا بسيطا..استدارت على اثره ديما و التي كانت غارقه قبل دقائق في متابعة أحد المسلسلات التركيه..

ألقت عليه نظره لامباليه..ثم عادت بتركيزها إلى شاشة التلفاز…

تحرك ليجلس على الكنبه المجاوره لخاصتها..و تنحنح قائلا..انتي عارفه انا رايح فين دلوقت؟

رفعت ديما كتفيها و قالت ببرود..مطرح ما تروح.. انا مالي..

قال لؤي مازحا..خلاص مبقتش فارق معاكي..نسيتي العصير و السندويتشات اللي بينا

عضت ديما على شفتها السفلى..ثم قالت بغيظ..على فكره انا مش همي على بطني زي ما انت فاكر..و كنت بس بجاملك لما تعزم عليا ناكل او نشرب حاجه مكنتش حابه اكسفك بس الظاهر انك بتفهم غلط..

ادرك لؤي بأن مزاحه أزعجها بشكل ما ليقول..ايه ده..انا بهزر مالك خدتي كلامي جد..

تابع لؤي..بصي انا مش بعرف اعتذر و مبحبش اعتذر..بس بجد انا غلطت جامد فحقك و يا ستي انا اهو جاي اقولك اسف بس انتي بردو قولتي كلمه دايقتني جدا..و انا مسامحك عشان موقف الجدعنه اللي عملتيه ادام ماما..و كمان عرفت انها حاولت تقررك بس انتي فضلتي على كلمتك..فكمان لازم اشكرك و جامد جدا

صمت ثم أضاف..ايه مش عايزه تعرفي هاشكرك ازاي…؟

قالت ديما باحباط..عارفه ومش عايزه شكرا

لؤي: عارفه ايه..قاطعته ديما..هتقولي هاعزمك عالغدا و لا نروح ماك و لا حاجه فيها اكل..عارفه..

ابتسم لؤي..لا يا طفسه… انا عازمك على مكان عمرك ما حلمتي تروحيه و لا تقابلي الناس اللي فيه

ديما بسخريه..ايه هتاخدني السيرك مثلا

قال لؤي بعصبيه..الحق عليا اللي جاي و عاملك خاطر..

ارتبكت ديما و التي لا تقوى على خصامه..و قالت مستدركه..ايه بهزر معاك..قولي هتاخدني فين ؟

ابتسم لؤي و تبدل مزاجه قائلا..هاخدك معايا التصوير

ابتسمت ديما و قالت بحماسه..تصوير ايه..هو احنا هنتصور مع بعض ؟

نفى لؤي و قال..لا..اسمعي انا هاقولك حاجه محدش فالبيت ده يعرفها..بس الاول توعديني..

ديما بلفهه..اوعدك بايه..؟

لؤي..انك مش هتجيبي سيره لحد و لا حتى ليلي..فاهماني..لو الخبر وصل لبابا هتحصلي مشاكل ياما..و شوفي بقى انا بثق فيكي اد ايه..هتكوني اد الثقه دي و لا هتطلعي عيله..؟

قالت ديما بجديه..طبعا اوعدك مجبش سيره لحد و هاكون اد الثقه..بس قولي ايه السر

لؤي..انا اتعرض عليا دور في مسلسل و عملت الاختبار و المخرج قرر يديني دور صغير..و كمان ساعه هاروح الاستديو و ابدا التصوير و هاخدك معايا كمان… ايه رايك بقى ؟

هتفت ديما غير مصدقه..يعني هتبقى نجم كبير و مشهور كمان..انا كنت عارفه و متأكده انك موهوب و اهو دي بداية الطريق..

قال لؤي مقاطعا حماستها..وطي صوتك..حد ياخد باله..و يلا بقى غيري هدومي و استعدي عشان تتعرفي على زملائي كبار النجوم

قفزت ديما من مقعدها..و همست..حالا يا نجم السنوات الجايه..

ابتسم لؤي مزهوا باطرائها الصادق و ايمانها بموهبته و بشخصه..عكس باقي افراد أسرته..

مرت الأيام و تلتها الأسابيع… بحُلوها و مرها… و ما ظنته نوف علقما في السابق انْبَلج عنه طعمٌ مُسْتَطاب..و العكس صحيح..فلقد آمنت قبل فتره ليست بالوجيزه بأن أنس سيكون ذاك الفارس المغوار الذي سيأتي على الحصان الأبيض و ينتشلها من كآبة حياتها الرتيبه و تنغيصات زوجة أبيها…

و لكن حين دقت ساعة الحسم..حين أخبرته بتقدم تركي لخطبتها بل و ترجته بأن يحضر لطلب يدها..أو أضعف الايمان فليهاتف والدها و يخبره برغبته في الارتباط بها..قابلها ببرود كبير..و حملها المسئوليه كاملة إن وافقت على الاقتران بتركي تحت ضغوط والدها..تركها تعافر وحيده..محاولة اقناع والدها بالتريث و إعطائها فرصه التعرف على تركي..و لكن مع ضغوط زوجة أبيها للتخلص منها..صار من المستحيل عليها المماطله و اضطرت إلى الاقتران بتركي..و حينها قررت أن تقطع كل طرق التواصل بينها و بين أنس..فلم تعد ترد على مكالمته أو رسائله حرصا منها على اسم الرجل الذي ستقترن به قريبا أمام الله و الناس…

فرقع تركي بأنامله في وجه نوف قائلا..وين سرحتي..الله يخليك ركزي معي شوي..

ابتسمت نوف باضطراب و قالت..اسفه..شنو كنت تقول تركي…؟

رفع تركي حاجبيه و قال..كنت اسألك وين تحبي نقضي شهر العسل..انا كان نفسي ازور تركيا مره ثانيه..لانها بلد حلوه وايد و كمان الناس عاداتهم و تقاليدهم فيها من العرب وايد..و ما فيها مناظر استغفر الله زي باقي دول اوروبا..انا ما اريد شي يجرح مشاعرك و حيائك..

شعرت نوف بغصه في حلقها..نتيجه لثقة تركي بها و إيمانه بأنها مازالت فتاه بريئه لم تكشف جسدها بشكل رخيص أمام رجل آخر..

همست نوف محرجه..مصر..

سأل تركي..شنو ؟

فركت نوف يديها محرجه ثم قالت..انا ودي اقضي شهر العسل بمصر اذا ما كان عندك مانع…

سأل تركي باستغراب..ليش مصر بالذات..ممكن نزورها بأي وقت..أنا عامل ميزانيه كبيره لشهر العسل و بكيفك تختاري اي دوله و ما يهمك التكاليف..

كرمه لامس قلبها..لذا أرادت الافصاح عن ما ينغصها حقا منذ فتره طويله..قالت بعد تنهيده طويله..الاول في اشياء كثير ودي خبرك عنها..

أومأ تركي مشجعا..لتبوح نوف بما يختلج في صدرها..انت تعرف مين هي والدتي..؟

قاطعها تركي..ايي اعرف انها الممثله المصريه انجي الشريف..و اعرف انها تركتك لابوك و من انتي بيبي فاللفه و ما عادت سألت فيج و لا عن اخبارك… بس انا مستغربك يعني هالحين ودك نقضي شهر العسل بمصر لاجل تشوفينها…

هزت نوف رأسها نافيه..لا مو لاجل اني شوفها..انا من زمان ما عندي اي اخبار شخصيه عنها..بس من فتره يمكن ثلاث سنين..نزلت مصر..و انت عارف والدي يحتك بالفنانين المصاروه كتير..و كنا بحفله و كانت فيها انجي الشريف ما ريد قول امي لانها اصلا ما معترفه بوجودي و لا تبغى تتحمل مسئوليتي تريد بس تعيش للنجوميه و المعجبين..المهم كانت موجوده و معها بنوته اصغر مني..اتعرفت عليها و اكتشفت انها بنت انجي يعني اختي الغير شقيقه..و من خلال كلام نص ساعه حبيتها وايد..و اخذنا ارقام بعض و صرنا نتواصل دايما..بس من زمان و انا نفسي انزل مصر وازورها..نفسي اخدها بحضني..نفسي اشوفها تركي..تعرف انا كل ما اتحدث وياها احس بشجن غريب احس اني عوضت فقدان امي و هي عايشه… فاهمني تركي…

ابتسم تركي و قال..و انا الحين ودي اتعرف على اختك..مو معقول اتزوجك و انا ما اعرف باقي افراد العيله الكريمه..

تنهدت نوف بارتياح..و خطړ لها أن تخبره بأن لها أخ آخر من والدتها و الذي عرفت عنه من خلال حديثها مع فاتن..ولكن حسب اخر معلوماتها فكِنان لا يعلم بوجودها هو الآخر..و عندما اقترحت فاتن أن تخبره..رفضت نوف لأنها أحست بأن علاقة فاتن بأخيهن ليست على ما يرام و لم ترد أن تسبب لها المزيد من الحرج..

أضاف تركي مخرجا نوف من تلك الأفكار..خلاص رح ننزل مصر بشهر العسل و كلمي أختك و خليها تنبسط هي كمان..و راح ناخذها ويانا و نلف مصر حته حته..المهم تكون نوفتي مبسوطه…

ابتسمت نوف شاكرة تركي..الله يخليلي اياك..انا ما عارفه شلون بدي اشكرك…

قال تركي مداعبا..هالحين و بعد ما كتبنا الكتاب اعرف طريقه او ثنتين تقدري تشكريني فيهم

اضطربت نوف..و لم تدرِ لم ظهرت لها صورة أنس الآن..تُرى هل لدى تركي طلبات كأنس..؟

ضحك تركي عندما رأى امتقاع وجهها و قال..انا امزح وياك..بس شكل مخك وداك لتفكير شيطاني

، انا مستحيل ارغمك على شي انتي مش مرتاحه اله..صحيح احنا زوجين قدام ربنا بس بعد فيه عادات و تقاليد..و انا مجبور احترم بيت الراجل اللي استأمني على بنته…

كلماته جعلتها تشعر بۏجع كبير..و في نفس الوقت ازداد اعجابها به..بل ربما بدا في التسلسل إلى جدران قلبها رويدا رويدا..فالان و عند مقارنته بأنس تضعف كفة الأخير بشكل يثير الاستغراب في نفسها كثيرا..و يجعلها تتساءل ما الذي أعجبها فيه أصلا..ما الذي حركها لتطيعه و تقترف المعاصي باسم حبه و حب ارضائه..فالرجل الحقيقي عندما يحب يتصرف بمسئوليه كما يفعل تركي الآن..

ابتسمت نوف أخيرا ابتسامه تصل إلى قلبها و عينيها..ربما فشلت في اختيار من دق له قلبها و لكن من حسن حظها أن لديها أبا لم يخطىء في اختيار من يكون زوجا لكريمته…

خمس و ثلاثون يوما و اثني عشر ساعه و ربما بضع دقائق زائده في مخيلته و تنقص في الواقع…منذ أن وقعت عليها عيناه..و على النقيض مما توقع..لم يرها في تلك المده بل لم يلمح لها أثرا لدرجة ان ظن بأنها قد رحلت مع والدتها عن حيهم..و لكن ها هي الآن تقف كما اعتادها على قارعة الطريق تنتظر ربما مواصلة إلى غايتها..تُرى هل ستذهب لجامعتها أم إلى تصوير ذلك المسلسل البغيض الذي كان السبب في فراقه عنها..بالتأكيد إلى المسلسل..فالوقت متأخر بالنسبه للذهاب إلى الجامعه فالساعه الآن تجاوزت العاشرة بنصف ساعه…و حسب معلوماته فمواعيدها كانت ابكر بكثير….

سار يستحث خطواته ليقف بجوارها..و كأن هناك قوه مغناطيسيه تجذبه إليها..أراد أن يختبر سطوة عقله..ذلك الذي نهره مرارا و تكرارا عن التفكير فيها..و ساعده على ذلك اختفاءها الغير متوقع من أمام ناظريه..

بعد دقيقه من وصوله إلى جوارها..أحس بقشعريره اجتاحت جسدها منبأة إياها بوجوده..لتستدير برأسها ناظرة إليه بوجه مُتْرَع بالألم..غضنت حاجبيها ثم عادت و أدارت رأسها في اتجاه الحافلات القادمه…

همس بصوت خفيض..فاتن…

لتتنهد محركه رأسها باشارة النفي..لتقول له دون أن تبنس ببنت شفه..اصمت.. دعني وشأني…

عاد ليقول بنبره معانده..فاتن…

لتُعيد حركتها مره أخرى..صاړخة دون أن تَنُضّ بالكلمات..اصمت… لأجلِ اللهِ…اصمت…

ركل يحيى الأرض بقدمه..و قال بصوت مملوء بالغيظ الغير مبرر منها..فاتن ارجوكي بلاش تتبعي اسلوب التجاهل..احنا مش عيال عشان نتعامل مع بعض بالشكل ده ومهما كان اللي حصل بينا لازم يفضل الاحترام موجود لاننا فالاول و الاخر جيران و هنشوف بعض كتير سواء عجبنا الوضع او لا..

ابتلعت فاتن ريقها..و استجمعت شجاعتها..ثم صوبت نحوه نظره تحد و قالت..افندم..يا حضرة الجار…

فرك يحيى عنقه..قائلا ببلاهه..ازيك..بقالي كتير مش بشوفك يعني…

صمت ثم تابع..ممكن تطمنيني عليكي…؟

تأملته فاتن بعيون خاويه..لا تريد تصديق تصرفه اللامبالي تجاهها..بكل بساطه يعود ليسأل عن حالها..بكل بساطه يقف بجوارها طالبا بل آمرا أن تعامله بصوره طبيعيه..أن تتناسى كيف فطر قلبها..اهذا هو اتكيت الحب في القرن الحادي و العشرين..يعطيك سويعات من السعاده ثم يأتي ضباب التعقيدات يتبعه الانفصال..ليتحتم علينا في النهايه التحضر و التصرف و كأن شيئا لم يكن…

ابتسمت فاتن بسخريه و أجابت..كويسه..انا كويسه..تقدر تطمن و تحط فبطنك بطيخه فول اوبشن..

أشاح بوجهه عنها قائلا..طب الحمد لله…

توقفت إحدي الحافلات..لتسرع فاتن بالصعود و ركوبها..لم يدرِ لمَ تبعها مسرعا..فالحافله لن توصله إلى غايته..و لكنه تيقن الآن بأن وجهتها ليست بالجامعه..

و كما عهدها جلست بجوار النافذه..عاد و تبعها ليجلس كعادته هو الآخر بجوارها..

ألقت عليه نظره مضطربه ثم سألت..بس ده مش طريقك..يعني…؟

ابتسم يحيى..هو انتي تعرفي طريقي ازاي…؟

أجابت فاتن..مش هتروح شغل الحكومه بردو ؟

يحيى..لا ما خلاص سبته من فتره..

قال ذلك لتعود ذاكرته و تستحضر مواجهته مع أبيه و اخباره بعزمه على الاستقاله..مما كدر والده بصوره كبيره و لكن أمل يحيى مع الوقت أن يستوعب والده دوافعه..ربما مع الوقت..و لكن الآن عليه أن يعود للحاضر و إلى تلك الجالسه بجواره و التي تبعها دون أن يدرِ ما الهدف الذي سيحققه من وراء فعلته…

نأى المنطق و التفكير جانبا و سأل..و انتي رايحه فين..المسلسل

نقرت على أنفها بسبابتها و أجابت باقتضاب..المسلسل خلص..

ليسأل يحيى غير قادر على السيطره على سخريته..و ما فيش مسلسل جديد و لا فيلم…؟

مسحت بيدها على ساقها و قالت بجمود..لا.. مفيش..

هم بسؤال اخر..عندما استوقفته قائله..لو سمحت.. انا مش مرتاحه..و بعدين انا مفهمش فالاسلوب ده..

سأل يحيى مستفسرا..اسلوب ايه..مش فاهمك ؟

أجابته بصدق..يعني نعمل ان احنا عادي و كده..زي ما بيقولوا نتعامل بتحضر و كلام البطيخ ده…

ضحك يحيى و سأل..هي ايه حكاية البطيخ معاكي انهادره…؟

رمقته بنظرة جانبيه و قالت بحسره..اهو اللي جه فبالي…

تنهد يحيى محاولا السيطره على مشاعره التي و بدون أن يقصد تسببت في ايذائها..ألم يكفِ قيامه بانهاء علاقتهما حتى بعد أن توسلته للبقاء..ماذا يريد الآن..العوده مستحيله..فالفروقات بينهما كبيره و قاتله..لن يستطيع التنازل عن مبادئه لاجل ارضائها..و التجربه أوضحت له بأن من السهل التأثير و التلاعب بمبادئها..فلقد أعلمته في البدايه لرفضها التمثيل و بُغضها طريقة والدتها..و لكن الواقع شيء آخر..فما زرعته والدتها أقوى بكثير من أي رفض بداخلها على ما يبدو…

توقف الباص لتصعد إليه مجموعة جديده من الركاب..و بعد ثوان..نادت إحداهن باسمها..فاتن..

تململت فاتن بجواره..ثم أدارت رأسها و قامت بالتلويح بيدها للمناديه..سما تعالي حجزتلك جنبي..

ثم وجههت حديثها ليحيى قائله..معلش حضرتك لازم تقوم لان ده مكان صاحبتي..و وعدتها اني احجزلها جنبي..sorry…

نهض يحيى من مقعده..و استدار ليهتف غير مصدق..سما..مش معقول..

ضحكت سما و قالت..يحيى، الله ايه الصدفه دي، ياااااه عاش من شافك..

ضحك يحيى بدوره و قال..مش دي الصدفه..الصدفه انك انتي و فاتن كمان صحاب..

ابتسمت سما بدهشه و سألت..الله انتو تعرفوا بعض

قالت فاتن بعجاله..اه احنا جيران.. و انتو؟

يحيى..زمايل فالكليه

أومأت سما مؤكده كلامه ثم قالت..بما ان طلع زيتنا فدقيقنا كده..ايه رأيك يا يحيى تيجي و تحضر الندوه معانا..

سأل يحيى باستغراب..ندوه ايه ؟

قالت سما باستنكار..ندوة الشباب النااااااااااااجح..فاكرها..الندوه اللي كنت من مؤسيسنها

توقف الباص لتقول سما..وصلنا يا فتون..يلا بينا و انا هاعرفك بالشله كلها..

ابتلعت فاتن ريقها اثر نظرات يحيى المصوبه بضيق نحوها..ترجلت الفتاتان من الباص و تبعهما يحيى الذي سأل قائلا..من امتى و انتو بتحضروا الندوه سوا…

التفتت سما قائله..دي اول مره..شوف يا سيدي القصه كبيره اوووووووووووي..تعال ادخل معانا و انا هاحكيهالك من طأطأ لسلامو عليكو

قالت فاتن بانزعاج..ده يحيى اكيد عنده شغل..بلاش نعطله..يلا..

قاطعها يحيى..لا ازاي..انا هاجي و احضر و اسمع الحكايه كلها..

ثم نظر بعتاب تجاه فاتن و أضاف..كلها

تمنت فاتن أن تهبط مركبة فضائيه لټخطفها و تريحها من هذا الاحراج..لقد أعجبت جدا بفكرة الندوه منذ ان عرفها بها يحيى..و لم تدر لم وجدت نفسها تبحث عن صفحتهم على الفيس و شيئا ادى الى الاخر..لتتفق اخيرا مع سما على الحضور و الالقاء..خاصه مع شعورها بالوحده الشديده أثناء سفرها لشرم الشيخ حيث تطلب المسلسل تصوير بعض المشاهد هناك..مما جعلها تشعر بالتعاسه و فقدان الرفقه الحقيقه او بالأحرى افتقاد يحيى بدرجه كبيره..ربما أرادت في ذلك الوقت أن تحس بوجوده بقربها عن طريق متابعة شباب الندوه..و لكن ماذا سيظن يحيى بها الآن..هل سيفهم أنها ما زالت معلقه به و ما حضورها هنا الا بكاء على أطلاله..شعرت بالحماقه الشديده و النقمه على ثرثرة سما..لو أن لسانها توقف قليلا قبل اخباره عن ذهابهن إلى الندوه..اه..تمنت فعلا أن تحضر تلك المركبه الفضائيه و الان..

بعد دقائق اتخذ ثلاثتهم مقاعد في الصفوف الأماميه من القاعه..لتقول سما..شوف يا سيدي..انا اتعرفت على فاتن من خلال صفحة الجروب..لقيتها على طول اون لاين و بتعمل لايكات وكومنتات و معجبه جدا بالفكره..فبعتلها اد عندي و اتعرفنا على بعض و بقالنا مده عايزين نيجي و نحضر سوا بس كنا مشغولين الفتره اللي فاتت..لغاية ما ربك عدلها و ادينا اتلاقينا.. ادي يا سيدي الحكايه…

ابتدأ المنظمون للحفله باعتلاء المسرح..و قدم المعد مقدمه عن الجروب و نشاطاتها..

لتهمس سما الجالسه على يمين يحيى..على فكره..اوعي تمشي بدري..انا وفاتن اتفقنا هنطلع نلقى انهارده و محتاجين ناس تشجعنا..حتى لو قولنا كلام اهطل و ده اللي هنقوله..بس برده ميمنعمش لازم تصقف جامد و ترفع روحنا المعنويه..

ابتسم يحيى بفتور من تلك الجالسه على بعد مقعد منه و قال..اكيد..متقلقيش اجمد تشجيع لكو انتو الاتنين

شكرته سما و أدارت وجهها لتتابع المُلقى التالي..و بعد انتهائه..نهضت من مقعدها قائله..انا هاروح اخد دور..تحبي تيجي معايا يا فاتن…

قالت فاتن على الفور..لا لا روحي انتي..انا هاتفرج انهارده..مره جايه بقى..

ضحكت سما قائله بمرح..اه يا جبانه..بس ملحوقه المره الجايه قعدالك لغاية اما تقومي و تبوحي بمكنوناتك يا جبااااااااااانه..

ابتسمت فاتن و تصلبت في مكانها اثر تحديق يحيى المستمر باتجاهها..لينهض و يحتل مقعد سما الملاصق لمقعدها.. قال بعد برهه..انتي ليه غيرتي رأيك..لو وجودي دايقك..انا هامشي..

أخفت فاتن وجهها بباطن كفيها و قالت بصوت محشرج..ارجوك.. قلتلك انا مش بعرف اتعامل عادي كده..يا ريت تسبني فحالي بقى..

شعر يحيى بالاستفزاز الشديد..صحيح أنه هو من قام بإنهاء علاقتهما و لكن ذلك لا يعطيها الحق في تقمص شخصية المكلومه المغلوبة على أمرها..خاصه و ان سبب الانفصال كان لاصرارها على اكمال المسلسل..و ليس لسبب آخر من جهته..

قال يحيى ببرود..دور الضحيه اللي انتي ماخده مش لايق عليكي ابدا..متنسيش اصرارك على تكملة المسلسل كان السبب الوحيد اللي خلانا نسيب بعض مش حاجه تانيه..فياريت بلاش تأوفري كده…

نهضت فاتن من مقعدها..غير قادره على تحمل المزيد من تُرهاته الغاضبة..ركضت في اتجاه حمام السيدات لتتمكن من حفظ ماء وجهها و السيطره على دموعها التي أبت الا ان تُعلن حضورها..

حاولت السيطره على أعصابها و لكن دون جدوى..شعرت بالحنق الشديد..لقد حضرت هنا من أجل أن تنفث عن مكنونات صدرها و تنتهي من داءِ يحيى..مسحت دموعها و عزمت على فعل ذلك بالتحديد..لن تسمح له بأن يسبب لها مزيدا من الألم..ستُخرج ما بصدرها و تنفيه من قلبها و إلى الأبد…

فوجىء يحيى بجلوس احدهم بجواره قائلا..ازيك يا صاحبي ؟

تطلع يحيى اليه ثم قال..انس..انت لسه بتحضر هنا بردو؟

انس بابتسامه..اعمل ايه الشله بتوع زمان اصروا نتقابل هنا

ثم سأل..بس هو انت لسه على علاقه بالبنت دي ؟

يحيى بضيق..لو سمحت…

قاطعه انس..انا قصدي مصلحتك..انت ناسي مين امها وفي حاجات كتير متعرفهاش عنها

يحيى بتصميم..ارجوك..انا مبحبش اتكلم فالموضوع ده..اوك

أنس..انا قصدي مصلحتك…

تنهد أنس..فصديقه على ما يبدو يكن مشاعر قويه لتلك الفتاه..و تمتم..كان قصدي اخدمه..هيدبس مع واحده امها تيت و اختها تيت و كل العيله زباله..هتبقى هي ايه خضره الشريفه مثلا….

قال أنس..طب عن اذنك انا كنت ماشي بس لما شفتك قلت اسلم الاول..انت مش جاي الشركه ؟

يحيى..لا..بس هتأخر شويه

أومأ أنس مغادرا…

فوجىء يحيى بصعود فاتن على منصة المسرح..و بعد أن قدمت الجنيه الخاص بالالقاء..تقدمت متردده من الميكرفون..لتنظر أسفل قدميها..ثم و كأنها وجدت شجاعتها..رفعت رأسها و حيت الحضور..السلام عليكم

صمتت..ليشعر يحيى بتأنيب الضمير..لتعود مقتربه من المايك قائله..دي اول مره القي هنا..فبعتذر منكم لو كلامي هيكون ملخبط او مش مفهموم..بجد المسرح له رهبه كبيره..

صفق الحضور تشجيعا لها..لتبدأ فاتن..بسم الله الرحمن الرحيم

تابعت..كان نفسي

كان نفسي يفهم

كان نفسي يفهم اني مش على طول هابقى ابيض و اسود

مش على طول هاكون واضحه و تصرفاتي مفهومه

كان نفسي يفهم اني ساعات كتير هاكون رمادي

ايوه رمادي

لاني لسه مش عارفه نفسي

و انا صغيره كان سهل اني اميز بين الصح و الغلط

بين الۏجع و الفرحه

بين الابيض و الاسود

لان حياتي كانت سهله مفيهاش تعقيد

فيها ابيض و اسود

فيها شرير و طيب

يا احبك يا اكرهك

بس دلوقت مبقتش قادره افرق الابيض من الاسود

الصح من الغلط

احب مين و اكره مين

كان نفسي يفهم اني لسه محتاجه افهم

افهم من تاني

افهم من تاني الصح من الغلط

الابيض من الاسود

احب مين و مكرهش مين

ايوه مش هكره

حتى لو الحد ده اذاني

اكيد مش قاصد

لان مفيش حد ابيض على طول و لا اسود على طول

لازم يجي وقت و يبقى رمادي

زي ما جيه وقت وكنت رمادي

كان نفسي يفهم اني مش على طول هاكون ابيض واسود

كان نفسي يفهم

كان نفسي يفهمني و انا رمادي

لانه لو مفهمش الرمادي عمره ما يستحق يفهمني و انا ابيض و اسود

أنهت فاتن القائها..متشكره اوي لحسن اصغاؤكم

و هرولت مغادرة المسرح بسرعه كبيره..تتبعت عينا يحيى خطواتها..و حين اقترابها من بوابة القاعه..هب واقفا و اسرع الخطوات للحاق بها…

و إلى المخرج سبقها..و حين اقتربت وقف حائلا بينها و بين الباب..ليقول..فاتن..ارجوكي تسمعيني..

رفعت معصميها بحركه استسلام ثم أخفضتهما قائله..ارجوك انا سمعت كفايه..سبني فحالي بقى..

ابتعد يحيى عن الباب مفسحا لها المجال للخروج..ثم تبعها قائلا..انا اسف..مكنتش فاهم..كنت خاېف..خاېف من حاجات كتير..عشان كده كان اسهل حاجه اني ابعد..ياريت تديني فرصه تاني عشان افهمك..

توقفت فاتن عن السير..و نظرت له بتحد قائله..تفهمني ايه..انك معندكش اي استعداد انك تسمعني..مكلفتش خاطرك تعرف ليه انا اصلا وافقت اكمل فالمسلسل..طبعا لا..انا مش مهم..المهم اللي انت شايفه صح لازم يمشي بدون اي نقاش..و انا خلاص اكتفيت من الاسلوب ده فشكرا مش عايزه افهم حاجه تاني..

نفث يحيى بضيق و قال..حقك عليا..انا غلطت..بس كنتي متوقعه مني ايه..جايه تقوليلي راجل غريب حضنك متوقعه ايه..ازغرت..عارفه الراجل اللي يقبل كده على مراته بيقولوا عنه ايه ؟

صوبت له نظره توحي بعدم معرفتها..ليقول..ډيوث..اسمه ډيوث اللي مش بيغير على اهل بيته ،و انا متربتش على كده..بس برده انا كان لازم اسمعك و افهم انتي ليه وافقتي و بعدين اقرر اكمل او لا..بس دلوقتي فهمتك يا فاتن..فهمت و مستعد اكمل و عارف انه هيكون صعب بس بالتفاهم نقدر نوصل للحياه اللي بنتمناها..واوعدك هحاول دايما افهمك و انتي رمادي..

رفعت فاتن كتفيها بيأس وقالت..اسكت..من فضلك.. اسكت… كفايه..

يحيى محاولا التخفيف من حده الموقف..هافهمك فكل حالاتك ابيض و اسود و رمادي و بمبي و كل الالوان يا فاتن..اوعدك….

فاتن بحسره..قولتلك اسكت من فضلك…

يحيى بنبره تصميم..لا مش هاسكت يا فاتن..و اوعدك…

قاطعته فاتن ببرود..خلاص معدش ينفع..انا فرحي كمان اسبوعين

نهض أنس من على حاسوبه و الڠضب يتملكه من تلك الثريه المدلله..هل تظن أنها و بكل بساطه ستُخرجه من حياتها دون أن تدفع الثمن..قال محدثا نفسه..ماشي يا حلوه..هاديكي فرصه..بس ساعة الجد قربت..

لاحظ قنوط شيرين التي تجلس بالغرفه المجاوره لمكتبه..كانت تنظر بجفاء تجاه مالك و سلوى اللذان على ما يبدو منخرطان في حديث جاد في الغالب حول أحد أكواد البرمجه…

دلف إلى مكتب مالك..و قال محييا..صباحو يا جماعه

رد الجميع التحيه..ليعود مالك و سلوى لنقاشهما الجاد..

قالت شيرين..هو يحيى مش جاي انهارده..؟

أجاب انس..هو قال هيتأخر شويه..زمانه على وصول..

تمتمت شيرين..يارب يجي بسرعه بقى..

ابتسم أنس و جذب كرسيا..ليجلس بجوارها..ثم قال..ايه..مالك..عصافير الكناريا مزعلينك فحاجه..

زمت شيرين شفتيها ثم سألت..ايه الكلام ده..عيب عليك..سلوى ملهاش فالسكه دي..

ضحك أنس و قال..بس مالك له..و شكله مستوي عالاخر..شوفي بيبصلها ازاي..

تأففت شيرين و قالت بعصبيه..انت عايز ايه دلوقت…؟

رفع أنس كتفيه بلا مبالاه و أجاب وقد عنت له فكره مربحه..عايز اخدم و الله

سألت شيرين باستغراب..تخدم ازاي يعني

أنس..يعني اوفق راسين فالحلال..بصي انا عارف ان سلوى معجبه بيحيى..و مالك معجب بسلوى..و انتي معجبه بمالك..يعني كلوو كلوو حب من طرف واحد..يبقى احنا نعمل ايه نشيل ده من ده يقوم ده يزبط مع ده و انتي تزبطي مع حبيب القلب و الحكايه تبقى فله..

عبست شيرين قائله..ايه الهباب اللي بتقوله ده..

أنس ببرود..الحقيقه..بصي نصيحه مني ليكي..متبقيش مثاليه زياده عن اللزوم و الحاجه اللي نفسك فيها حاولي توصليلها و مش مهم الطريقه المهم انك توصلي و تحققي هدفك و ده شعاري فالحياه على فكره..

فكري فكلامي كويس..و انا فالخدمه و كله بتمنه يا حلوه..

تركها ټصارع أفكارها..حسنا لقد القى الطعم بامكانه الان الجلوس وا لانتظار..فتلك الفتيات كسلوى و شيرين و خاصته نوف..ينعمن بثراء فاحش دون أي وجه حق..لم لا يلاعبهن كالعرائس و يكسب بعض المال..فهو بحاجه إلى كل قرش لينتشل نفسه من ذلك الحي الشعبي الحقېر الذي يقطنه..و في نفس الوقت أفكاره تلك لن تضر يحيى و لا مالك..هم فقط موهومون بالحب الاول..و سيكونون أفضل حالا عندما يتركون الحكم لعقلهم في اختيار شريكة الحياه..فيحيى سيكون أفضل حالا إن ارتبط بفتاه كسلوى..و مالك لن يضيره كثيرا ارتباطه بفتاه مثل شيرين فهي ايضا لا تقل مالا و لا نسبا عن رفيقتها سلوى و الأهم أنها تحبه على النقيض من الأخيرة..اذن الكل رابح..

يتبع…

كاملة من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top