الحلقة 18
إن كنت مستمعا جيدا لأصدقائك..أو مطلعا على تجارب الاخرين..أو حتى قارئا لبعض للروايات..ستعلمُ حتما أن الحب لا ېموت أبدا مۏتة طبيعيه..بل تُزهِق روحه عوامل عده منها اللامبالاه..الاهمال..ظروف الحياه..و الكثير الكثير…
لكنها عوامل قابله للاصلاح و التعديل و ربما ان اجتهد الطرفان سيصحو الحب معلنا انتصاره على كل تلك الظروف…بَيْد أنه ما يفجع الحب حقا و بدون اي خط رجعه هي… الخيانه…
التي تغتال الحب في عقر داره..موجهة سهام اللوم و العتاب للقلب الذي أخطأ حينما وضع ثقته في غير محلها..و حينها لن تكفي كل جهود الاصلاح والنوايا الحسنه لبعث الحب من رفاته..و لقد ظن يحيى أن المطبات التي سيواجهها مع محبوبته لن تتعدى بعض الظروف والمشاكل اليوميه..لم يتوقع حتى في أسوء كوابيسه ان يكون احد ضحاېا الغدر و الخيانه…
شاهدها تدخل المقهى..مرتديه الحجاب..الذي زاد وجهها الملائكي نورا وبراءه..و ربما أكمل الحجاب ذلك القناع الذي تستحضره أمامه…
جالت بنظرها في المقهى..لتقع عيناها عليه أخيرا..تشابكت نظراتهما من بعيد..مرسلة تيارات من التردد و الريبه على غير عادتها..بينما استوطن الجمود في عينيه…
اقتربت منه متردده..ليقول بعد أن اصبحت أمامه..مالك ؟ زي اللي عمله عامله..
جلست فاتن..لتقول بضيق..اولا حمدالله عالسلامه..ثانيا انا معرفش اهلك قالولك ايه عن اللي حصل…
قاطعها يحيى ساخرا..اولا.. الله يسلمك…. ثانيا..اهلي مجبوليش سيره باللي حصل..انا مستنى اسمع منك
صمتت فاتن..ليقول يحيى..ها سبتي البيت ليه….؟
قالت فاتن..عشان معدش ينفع افضل هناك و انا متاكده اني هاعملك مشاكل.. كفايه لحد كده…
يحيى..امممم طب انا عندي سؤال تاني..ده لو مش يدايقك..
ارتابت فاتن من اسلوبه..و القسۏه التي تطل من عينيه..لتقول بقلق..سؤال ايه ؟
يحيى..انتي خرجتي مع اختك و جوزها…؟؟؟
ارتبكت فاتن..اصل..حصل حاجه طارئه و اضطريت اخرج معاهم..
يحيى..تمام…
فاتن..تمام ايه..؟
يحيى بجمود..انا فكرت كويس و شايف اننا معدناش لبعض و لا ينفع نكمل اساسا…
ابتعلت فاتن الغصه التي باغتت روحها..صحيح أنها قدِمت هنا عازمه على انهاء علاقتها به حرصا منها على عدم التسبب باية مشاكل له مع اهله..و لكن وقع الخبر من فمه كان صاډما جدا…
همست بضعف..انت بتتكلم جد..عشان يعني خرجت مع نوف من غير موافقتك…
ابتسم يحيى ببرود..ياااه..انتي فاكره عقلي صغير للدرجادي…
فاتن بحزن..طب انا كده فهمت و عندك حق..انت لازم تعمل خاطر لاهلك..يمكن تفتكر اني مش هاعذرلك عشان انا اصلا عمري ما حسيت يعني ايه اهل و سند..بس متقلقش انا فاهمه و مقدره و مش هازعل منك..
يحيى پغضب..انتي فاهمه غلط..اهلي ملهمش دخل..انا لو حابب كنت اقدر اقنعهم و مكنش هيبقى في اي نوع من المشاكل…
فاتن بتردد..عموما ربنا يوفقك… بس انا من حقي اعرف ليه ؟
يحيى..اهو انا مش هاديكي الحق ده..لانك متستاهليش حتى اني اريح بالك..
نهض يحيى من مقعده..مغادرا المكان..قبل أن تفلت سيطرته على أعصابه..فهو لم يفق بعد من صدمة خيانتها..لم يشأ أن يعطيها الفرصه لتستمتع بنجاح تسليتها..فهذا بالضبط ما مثله في حياتها..سيتركها محتاره اين أخطأت في رسم خطتها..فذلك ربما يعطيه نوعا من الانتصار الداخلي..فسيبقى في ذاكرتها الرقم الذي لم تستطع خداعه حتى النهايه…
عدا انه بعتابه لها سيعلمها كم تركت أثرا في نفسه..نفسه التي سولت له و زينت علاقته بها..و اقنعته بانه حتما سيستطيع تغييرها..و لكن هيهات..لقد صدق قول الرسول عليه الصلاه و السلام حين قال.. إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن؟ يا رسول الله، قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء.
لقد كان من السذاجه بحيث اقنع نفسه بأن نشأتها و تربيتها طوال تلك السنوات ستُمحى بسهوله..و لكن عبقها ما زال قابعا و بقوه في ثنايا روحها..حتى وان ادعت عكس ذلك..كان عليه أن يكون أكثر حكمه و يفطن للضعف الكامن في شخصيتها..و الذي يجعل مبادئها عرضه للتزعزع في اي لحظه و خير دليل على ذلك هو اشتركها في المسلسل بالرغم من تيقنه بانها لا تهوى التمثيل فكره و لا موضوعا..و لكن شخصيتها مهزوزه و من السهل التأثير عليها ووقوعها في النزوات…
استقل أول سيارة اجره..و انطلق إلى عمله..عليه الان أن يعيد النظر في أولوياته..فاحلامه و طموحه سيأتيان دوما في المقدمه…
شاهدته يستقل السياره..و دون أن تفكر اوقفت هي الاخرى احدي سيارات الأجره…
دلفت اليها قائله..ورا التاكسي اللي ادام لو سمحت
أومأ السائق منطلقا حيث أشارت..لتنكمش فاتن على نفسها في المقعد الخلفي..خائڤة من القرار الذي اتخذته، و متعجبه من كم التناقضات التي تعتمل بداخلها..فقبل رؤيته كانت عازمه على انهاء كل صلة به و ذلك خوفا على مصلحته..أما الآن وبعد أن ألقى بجملته الاخيره اعتراها الڠضب..
و تمتمت بخفوت.. يعني ايه مستاهلش انه يريح بالي
تنهدت محتاره هل تتبعه و تواجهه على الاقل لتعرف السبب..نعم..من حقها أن تعرف لما تركها اول حب في حياتها..و لكن الم تكن عازمه قبل قليل على تركه بدورها…
ابتسمت من الألم..اينطبق عليها ما يقال عن تصرفات المراهقين..فهي بالكاد اتمت عامها الثامن عشر، والتناقضات الموجوده في عقلها الآن لا تفسر الا أنها تصرفات ناجمه عن عدم النضوج…
أخمدت المتنافرات المتصارعه في رأسها..و تركت للڠضب دفة القياده…
قالت فاتن بعد أن توقفت السياره التي يستقلها يحيى..اركن بعيد عنها شويه…
توقف السائق حيث أشارت..لتعطيه الأجره..ثم ترجلت من السياره و كل ذره في جسدها تضج من شدة التوتر..ملهيه اياها عن ڼزيف قلبها الآخذ في التعاظم منذ اعلان يحيى لحظة الوداع بتلك الطريقه القاسيه.
انتظرت بضع ثوان..بعد أن دلف يحيى إلى احدى البنايات..و تساءلت هل يقبع هناك مقر شركته..انطلقت في اثره..لتقابل حارس البنايه..سألته لتتأكد..هي شركة المهندس يحيى انهي دور؟؟؟
ابتسم الحارس..شركه..يارب يا بنتي..والله الجدع ده طيب وابن حلال..عموما هي شركته الدور الرابع..
همت بالدخول ليقول الحارس..هو انتي كمان هتشتغلي معاهم زي البنتين الجُداد..؟
اضطربت فاتن..ثم قالت..هو في بنات بتشتغل معاهم..؟
الحارس..ايوه يا بنتي….
لم تبقى لتستمع الى ثرثرة الحارس..بل انطلقت تصعد الدرجات پغضب عارم..ألم يخبرها يحيى مرارا بأن شركته لا يوجد بها أي موظفات..لِمَ كڈب عليها
وصلت الدور الرابع لاهثه..لتدخل الى الشقه حيث شركة يحيى..و التي تُرك بابها مفتوحا..في الداخل تأكدت من كڈب يحيى..حيث توجد احدى الفتيات جالسه تتصفح هاتفها النقال…
قالت الفتاه و التي تبدو مألوفه جدا لفاتن..ايه رايحه فين..هي وكاله من غير بواب..
فاتن بضيق..انا جايه ليحيى…
الفتاه..يحيى مشغول جدا…
لم تعر فاتن اهتماما لقول الفتاه..و بسرعه توجهت للغرفه الموجوده في الواجهه و دون أن تطرق الباب دلفت..لتشاهد يحيى جالسا على المكتب و على الجهه الاخرى تجلس احدى الفتيات تثرثر بمصطلحات متتعدده لم تفهم فاتن منها شيئا…
هتف يحيى بعد أن لاحظ وجودها..فااتن..
وقفت فاتن مرتبكه..مسحت يديها في جانبي ملابسها بتوتر، و قالت بحرج..يحيى..ممكن نتكلم..
استدارت الفتاه الجالسه..لتفاجأ فاتن و دون أن تحسب كلماتها قالت..الله.. مش دي سلوى منصور
قالت سلوى بضيق..ايوه..انا سلوى منصور.. ثم أضافت موجهه حديثها ليحيى..تحب نكمل الشغل بعد ما تخلص مع الانسه…
قال يحيى بحزم..لا خليكي هنا..احنا معدش بينا كلام يتقال…
ارتجفت شفتي فاتن و كانت على شفا البكاء..ولكنها استجمعت شجاعتها وقالت..عشان كده..عشانها..دلوقتي فهمت بجد…
نظر يحيى بارتباك تجاه سلوى..ليقول..معلش يا بشهمندسه..يا ريت تتفضلي..ثوان و نكمل شغلنا..
خرجت سلوى موجهه لفاتن نظرة احتقار..
قال يحيى بعد خروجها..انتي اټجننتي..جايه هنا تحرجيني مع زمايلي..مش كفايه اللي عملتيه فالبيت..
فاتن بحنق..عملت ايه..اتهجمت على اهلك زي ما والدتك عملت معايا..و لا ايه اللي قالوهولك..
قاطعها يحيى پغضب..عايزه تعرفي ليه..اهو
قام يحيى بامساك هاتفه و النقر عليه..ثم وجهه أمامها قائلا..عشان ده…
نظرت فاتن للهاتف و الذي يعرض فيديو المشهد الذي ساعدت لؤي به….
هزت فاتن رأسها و قالت..بس…
يحيى مقاطعا اياها پغضب جم..بس ايه…
فاتن بنحيب..ده مش جد..ده تمثيل…
يحيى ضاحكا بسخريه..ايوه..زي ما كنتي بتمثلي معايا..قولتي تسلي نفسك فغيابي و تمثلي على اخويا.. يمكن في دور جديد معروض عليكي و بدربي نفسك
فاتن پبكاء..و الله تمثيل..حتى اسال لؤي..
ثم قالت بأمل..اه.. اسال لؤي..هو هيأكدلك كلامي..بس والدتك دخلت و فهمت غلط..
يحيى پغضب..متجبيش سيرة امي على لسانك…
فاتن..انا اسفه لكن.. هي فسرتلك اللي حصل غلط..لازم تسأل لؤي..مامتك فهمت غلط و الله…
على الجانب الاخر..استمعت سلوى و برفقتها شيرين الى الحديث الدائر بين يحيى و فاتن..
لتقول شيرين..مستنيه ايه..اهي بانت على حقيقتها..كمان بتشاغل اخوه…
سلوى پغضب..الحمد لله ربنا كشفهاله..يحيى طيب و جدع و ميستحقش يقع فواحده بالاخلاق دي..
شيرين..يا عبيطه كشفهاله ايه..دي هتتسهوك و تنزل كام دمعه ومش بعيد يسامحها..مش سامعه بتقوله تثميل و لا لعبه و بتاع.. مش بعيد يصدقها..
سلوى بضيق..لا مش معقول..بعد كلامها فالفيديو..خيانتها باينه زي الشمس
شيرين: ياعبيطه و ليه نجازف و انتي معاكي دليل تاني يثبت ادانتها..
سلوى..بس انتي قولتي دي اختها…
شيرين..و بعدين معاكي..اختها..هي.. مفرقتش..مش سمعتي بودانك خيانتها ليحيى..يبقى اكيد بتعمل العن من اختها..حرام عليكي..
سلوى..حرام عليا ايه..يحيى اهو مش مصدقها..
شيرين..يا حببتي اللي بيحب بيسامح..وجايز تفهمه انه اخوه استغلها و لا اي حجه و يحيى عشان بيحبها يقوم مديها فرصه و لاتعمل تمثيليه تانيه و تضحك عليه…وريه الصور يا سلوى..
سلوى..مقدرش اتبلى عليها..مهما كان دي مش صورها
شيرين محاوله اقناعها..لازم عشان قلبه يرتاح و يقطع الشك باليقين..عارفه لو هو مصدق خيانتها ميه فالميه..مكنش واقف دلوقتي ياخد و يدي معاها حتى لو بزعيق..كان كرشها من اول ما عتبت رجلها المكتب.. دي خانته مع اخوه في افظع من دي خېانه…لو مصدق مكنش هيطيق يبص فوشها حتى..
سلوى بتردد..بس انا…
شيرين..دافعي عن حبك يا بنتي..هتسبيه لل..***** دي…
دمعت عيني سلوى..متعجبه كيف استطاعت تلك الفتاه بأخلاقها المڼحله التأثير على يحيى..و جالت في مخيلتها نماذج كثيره حين يقع احد الطرفين في حب الشخص الخطأ..بالرغم من التزامه و قربه من الله،
و احتارت ما الحكمه من ذلك..ألم يرد في القران الطيبون للطيبات..ربما يكون ذلك اختبار للمؤمن..فكلما احب الله عبدا زاد في امتحانه..و لكن بامكانها الان تخفيف الاختبار على من سكن قلبها و روحها..فلم لا تعاونه على ذلك..لم تدعه عرضه للفشل في هذا الاختبار..و لم دوما تحظى كثير من الفتيات كفاتن برجال مثل يحيى بالرغم من سوء اخلاقهن..ربما لسكوت البعض عن قول كلمة الحق…..
نهضت سلوى متوجهه الى مكتب يحيى..في الداخل قالت..يحيى.. انا اسفه..دخلت من غير اذن بس في حاجه ضروري تشوفها وهتأكدلك حاجات كتير….
قال يحيى..معلش يا بشمهندسه..مش وقته الكلام ده..
قاطعته قائله بحزم..لا ضروري… ووقته جدا..
نقرت على هاتفها..في حين مسحت فاتن دموعها مستاءه من اصرار سلوى على قطع الحديث المصيري الدائر بينها وبين يحيى…
قالت سلوى..امسك يا بشهمندس و شوف بعينك..عشان مترجعش تاني و ټندم…
ثم خرجت مهروله..فلم تستطع أن تبقى لتشاهد مدى الألم في عينيه و مشاعره تجاه فتاة اخرى..
تنقل يحيى بين الصور الموجوده على هاتف سلوى..و التي تعرض الواقفه ازاءه في ملابس فاضحه ووضعيات مخله للغايه..ثم صوب نظره لها..عله يجد خطأ ما..ربما نسى في فتره سفره بعض التفاصيل في وجهها الملائكي..بَيْدَّ أنه لم ينسى..فملامحها محفوره في ذاكرته..ومشابهه طبق الاصل للصور الظاهره امامه الان….
قال پغضب ممزوج بالازدراء..ودول ايه…؟
شهقت فاتن لدى رؤيتها الصور و قالت مستنتجه..دي اكيد شريكته و بتكسب من وراه…
يحيى..انتي لسه واقفه و بتبرري..اخرجي بره..مش عايز اشوف وشك تاني..
فاتن بدفاع..طب اسال نفسك الصور دي جابتها ازاي ومنين..هو انا اعرفها اصلا…
ابتسم يحيى بسخريه..اه فعلا مش مهم اللي فالصور..المهم ازاي ربنا كشفك و اتفضحتي فعلا معاكي حق..
نظرت فاتن له باستسلام..لِمَ تكبد نفسها كل هذا العناء..ألم تكن عاقدة العزم على انهاء صلتها به..و لكن لم تشأ أن تشوه في نظره بتلك الطريقه البشعه..
عادت لتدافع عن نفسها..اسمع أنا بلغت عن اللي عمل الصور دي…
وقف يحيى غير قادر على الانصات لها..رغم رؤيته لفمها يتحرك ربما بأكاذيب أخرى..فقد كانت صډمته اليوم كبيره..فالبدايه ذلك الفيديو و الان هذه الصور..سيكون مغفلا ان اضاع دقيقه اخرى و سمح لها بالتأثير عليه..لقد صدقها و أعطاها فرصا مرات عده..و تدافعت في راسه مواقفها المتحرره..من عناقها له في مكان عام..و لبسها الڤاضح عندما حاډثها على السكايب..و لكن الان لا مجال للشك..لن ېكذب عليه والده..فالحاج عبدالرحمن رضوان لن يحمل في رقبته اثما كالتجني على شرف احدهم…
أمسكها من مرفقها..دافعا اياها خارج الغرفه..
قالت فاتن پانكسار..اديني فرصه افهمك..
ليعود و يمكسها من جديد..قائلا..سيبني في حالي بقى..
افلتت فاتن من قبضته و صړخت..كله كدب..و الحقيقه متخبيه ومش محتاج غير انك تهف على شويه التراب اللي فوقيها و صدقني هتلاقيها كانت مطموسه تحت الرمله..صدقني الحقيقه مدفونه و فوقيها شوية رمال، هتخسر ايه لما تزيح الرمله…
نظر يحيى متأملا عينيها والتي تبدو صادقه للغايه..و لكن الممثل الجيد عليه أن يتقمص الدور ببراعه ليصل و يحقق النجاح..
كان يعلم مدى تأثيرها في نفسه..و لكن لن يقع في نفس الخطأ مره أخرى..سيكون من الغباء ان كڈب والده واخوه و الان سلوى… فحبه لها حتما سيعيمه عن وزن الامور بعقلانيه…فحبها غائر في قلبه لدرجه ان يرى الحقيقه جاثمه امام عينيه بالصوت و الصوره و يضعف ويصدق دموع التماسيح التي ما فتأت تنهمر من عينيها…لذا عليه التخلص منها و سريعا….
قال ببرود لا يعكس الثوره الجاثمه في صدره..انتي هتخرجي بره و لا هاتخليني اعمل اللي عمري ما في حياتي تخليت اني اعمله..انا مش هامد ايدي على واحده ست..متخلنيش كمان اخسر مبادئي كفايه كده..
هزت فاتن رأسها بخيبه ممزوجه بالألم الرهيب..ربما حان فعلا وقت الوداع..حتى وإن لم يكن سيناريو النهايه كما توقعته..لقد تخيلت عندما عزمت على انهاء علاقتهم..ان يبقى الود موجود..و تمنت ان تسير يوما في الشارع بعد عدة سنوات و تتلاقي أعينهما لتبث الحنين إلى الحب الذي كان..أما الآن فلن تلقى منه الا نظرات الازدراء..و لن يجد منها الا نظرات اللوم و ربما تحول الحب إلى كراهيه في قلبها..كراهيه لانه لم يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقه و الماثله أمامه و بوضوح..وكأنه اراد أن يصدق ليريح نفسه من عناء المشاكل و المطبات التي ستواجه ارتباطهما…ألم ينفصل عنها مرات عده…كان عليها أن تفهم ذلك التردد جيدا..ربما وقتها ما كانت سمحت لنفسها بالتعلق به بتلك الدرجه التي ملكت روحها و قلبها..
ابتسمت پانكسار و قالت..مع السلامه يا يحيى..
ثم أضافت مذكره اياه بكلامته عندما افترقا المره الماضيه..و خليك فاكر انت اللي اخترت اننا نبعد…
شاهدها تغادر بأعين ملئى بالجمود..لن يسمح لنفسه بالبكاء على الأطلال..لن تنزل دموعه الا على فتاه تستحق أن يكسر رجولته من أجلها..و لكن هذا لم يمنعه من تتبعها حتى غابت عن ناظريه..ليسرع الى نافذه المكتب راغبا أن يملي عينيه منها..أن يعطي للوداع حقه..فاليوم ستنتهي حقبه مهمه في حياته..من الان فصاعدا ستعلو كلمة العقل و الى ما شاء الله أن يمد في عمره…
راقب وقوفها بجوار احدى الأكشاك..تشتري علبة من المناديل، و تساءل… لِمَ الدموع الان..بالتأكيد تلك دموع الندم..لقد اضاعت فرصه تغيير حياتها..ان تجد شخصا مستعدا لمساندتها في احلك الظروف شده..
أو ربما ذلك كما يقال تقمص الدور حتى النهايه..و قريبا سيرى اسمها لامعا في المجلات و على شاشات التلفزيون بأدوار البطوله المطلقه..فموهبتها عاليه لدرجه أنه و لوهله أراد تصديقها قبل قليل…
بعد هدنه دامت يومين..قام الكيان الصهيوني بتجديد غاراته على قطاع غزه..و قصف المحطه الوحيده المولده للكهرباء في القطاع..مما أدى الى اغراق القطاع بالظلام…
توجه ابوفراس الى مكتب كِنان ليبلغه باخر تطورات الوضع الميداني..معلش يا كِنان..معبر رفح مش راح يفتح الا للحالات الانسانيه… للاسف الصهاينه اخلوا بالهدنه وجددوا القصف..
كِنان..الله يلعنهم ولاد الكلب دول…بس انت متأكد ان المعبر مش هيسمح لللصحافه بالدخول
ابوفراس..الوضع الامني كتير صعب..و القصف كمان قريب من المعبر..عم يقصفوا الانفاق اللي برفح..و الوضع كتير خطېر..حتى لو تم السماح بالعبور للصحافه ما هنسمحلك تخاطر بحياتك كِنان..
كنان..بس انا لازم ارجع..مقدرش اعد هنا..انت عارف فرح ليلى قرب
ابو فراس..انا مش فاهم مين اللي ممكن يرفض شاب زيك..ياريتك كنت فاتحت اهلها او اخوها بالموضوع..لانه اكيد كانوا طفشوا كل العرسان و اختاروك انت زوج لبنتهم..انت رجل و الرجال قليل يا كِنان
كِنان..متشكر يا ابوفراس انك بتحاول تهون عليا..بس الواقع غير كده خالص..و انا ان مرجعتش كمان كام يوم، ليلى هتضيع نفسها و تضيعني معاها
ابوفراس..اصبر كمان كام يوم..و في تحركات كتير مِشان توقف الحړب…
لا تأتي المصائب فرادى بل دفعه واحده..جففت فاتن دموعها..وأجابت على ذلك الحقېر…
فاتن..الو..
أنس..فينك..احنا مش اتفقنا نتقابل و لا تحبي اختك المصونه تتبهدل..
فاتن..حدد المكان و الوقت..وانا تحت امرك..
أنس..جميل..انا هبعتلك العنوان في مسج و الساعه 7 ضروري تكوني هناك…
فاتن..اوك….
أغلقت فاتن الهاتف..و ركبت أول سياره أجره متجه إلى قسم الشرطه..حيث يتواجد الضابط الذي يتولى البلاغ الذي قدمته ضد أنس…
في داخل مكتبه..اعلمته فاتن بالتفاصيل..ليتفقا على ڼصب كمين له..و زرع الميكرفون في ملابس فاتن لتسجيل ما يدين أنس و يقدمه للمحاكمه..
اغلقت انجي باب الشقه ثم ابتسمت لدى رؤيتها عبدالرحمن خارجا هو الآخر من شقته..و عندما لمحها تلّون وجهه بالڠضب الجم….
و مباغتا تقدم باتجاهها قائلا..ابعدي انتي و بنتك عن ولادي..انتي فاهمه ؟
ضحكت انجي و قالت..و الله نفس الطلب هاطلبه منك..ابعد ابنك يحيى عن بنتي خليها تشوف حالها…
عبدالرحمن..لا متقلقيش ان شاء الله هيبعد اوي و اوي كمان..المهم تلمي بنتك و نفسك عن ولادي
انجي بسخريه..بنتي و فهمنا..اما انا علاقتي ايه بولاد حضرتك…؟
عبدالرحمن بازدراء..لؤي….
قاطعته انجي..فهمت فهمت..انا كان قصدي خير..يمكن متصدقنيش بس فعلا انا كنت بقدمله خدمه مش اكتر..يمكن لانه شبهك اوي..مش عارفه حسيت بشجن غريب لما قابلته..يمكن لانك الراجل الوحيد اللي وقف جنبي بجد و بدون اي مقابل….
ضحك عبدالرحمن مقاطعا..و الله شويه وكنت هاصدقك..لا بجد ممثله محترفه…
ثم اضاف پغضب..ابعدي عن ولادي..لا عايزين خدمات و لا عايزين اي صله بيكي..
قال كلماته و انصرف بسرعه..لتتنهد انجي..اه..ربنا يتوب عليا بقى مالمكان ده
في تمام الساعه السابعه..دلفت فاتن الى المقهى الذي بعث أنس بعنوانه إليها..و اختارت المنضده التي قامت الشرطه بضبط أجهزة التنصت عليها…
أما أنس فحضر بعد السابعه بعشر دقائق..و تقدم جالسا معها على نفس المنضده…
أنس..ازيك..ها تحبي نروح فين…؟
فاتن محاوله استدراجه..تقصد يعني مقابل الصور…
أنس..صور مين…؟
فاتن..صوري المتفبركه..
لقد راوده الشك في المره الماضيه حين وافقت و بكل سهوله على مقترحه و الان تأكد من أنها تكيد لشىء ما..
أنس في نفسه..طيب ان ما دفعتك التمن غالي..يعني هتيجي عندي و تعملي الشريفه بعد ما كنت مقضياها مع يحيى..لا و عايزه تدبسني فمصېبه و مش بعيد تكون مبلغة البوليس..
قال أنس..يااااه ده انا نسيت معاد مهم..معلش هاكلمك بكره و نحدد معاد تاني..اوك
فاتن..استنى استنى..انا عايزه اخلص…
أنس و قد تأكد الان من شكوكه..معلش يا حلوه..فكري فاختك..ها
خرج مغادرا المقهى بسرعه كبيره..و بسرعه أكبر فكر في طريقة للاڼتقام منها…
أنس متمتما..ماشي ماشي..ان ما لبستك تهمه مبقاش انس اللي مقطع السمكه وديلها…
بعد قلق دام ليومين..تلقت فاتن رساله من أنس يخبرها بالموعد و المكان الجديدين..استعدت للذهاب الى قسم الشرطه لايفادهم باخر التطورات..و تنهدت فرب ضاره نافعه من جهة اخرى..فلولا قلقها البالغ على نوف لكانت الان صرعى الفراش حزنا على فراق يحيى و تصديقه تلك الاكاذيب عنها…
هزت رأسها محاولة طرده من تفكيرها فلا مجال للاڼهيار الان..عليها أن تكون قويه من أجل نوف..و حتى تضع حدا لذلك الحقېر… و ربما انقاذ فتيات اخروات من بين براثنه الفاسده..
انطلقت هتافات النصر..لم يكن نصرا عاديا بالمعنى المتعارف عليه..فالخسائر البشريه و الماديه تفوق احتمال البشر..ولكن من الممكن أن نقول أنه نصر معنوي من نواح شتى…
فلقد خسر المتغطرس الصهيوني الكثير بشنه تلك الحړب الشعواء على شعب فلسطين الأعزل..ليكسب الفلسطينيون تعاطف المجتمع الدولي بأسره…
صدق من قال الصوره تغني عن الاف الكلمات
فصور الأطفال الچرحى و الشهداء..ملأت الصحف و المدونات و وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بأسره..فاليوم تجد صوره للطفله يارا ممكسه بيد أخيها الاصغر والذي فارق الحياه بعد قصف منزلهم..تنظر اليه بعيون غير مصدقه..تظن أن تلك خدعه من الاعيبهم اليوميه
و امس صوره لطفل اخر..و اول امس صوره لاطفال عده..استطاعت ان تغير نظرة العالم الغربي للكيان الاسرائيلي و مدى صدق ادعاءاتهم بأنهم الطرف المحق في الصراع الدائر مع اخواننا الفلسطينيين..
قرأت ليلى تلك الكلمات على صفحة كِنان غير مصدقه أنه مازال بخير و على قيد الحياه..
لم تعِ بنفسها و هي ترسل له..كِنان لو انت فعلا اون لاين يا ريت تطمني عليك…
كان الاتصال على جانب كِنان ما زال ضعيفا..قام بتحديث الصفحه ليتأكد من ارسال كلماته التي كتبها قبل قليل..ليفاجىء برساله من ليلى…
على الفور أرسل..انا بخير و كويس وا لحمد لله ،ا لمهم انتي عامله ايه..؟
ليلى..الحمد لله على كل حال..المهم اني اطمنت عليك..في حاجات كتير حصلت و لازم تعرفها..
كِنان..ايه..حصل ايه..اوعي تكوني اتجوزتي الزفت ده
ليلى..لا طبعا..لسه فاضل عالفرح كام يوم
كِنان..اسمعي انا مش عارف النت هيفضل شغال و لا هيفصل..انا خدت تصريح صحافه و هارجع مصر بكره ان شاء الله من معبر رفح..
ليلى..طب الحمد لله..عشان فعلا لازم تيجي عشان فاتن..اصل مامتها طردتها و مش عارفه اطمن عليها..
لم يصل لكِنان ما قامت ليلى بارساله قبل قليل..
ليعود و يرسل..اطمني انا بكره ان شاء الله هاجي و كل شيء هيتصلح…
ليلى..طب كويس عشان بجد انا قلقانه عليها اوي…
صړخ كِنان متسائلا..هو النت رجع فصل يا جماعه
احد الزملاء..الظاهر هيك..
اغلق كِنان الحاسوب..و انطلق الى الشقه حيث يقيم..استعدادا لمغادرته غدا…
في قسم الشرطه..قال الضابط..شوفي الراجل ده شكله مش سهل خالص و احنا منقدرش نغامر و نقولك روحي معاه الشقه لوحدكو..انا هابعت معاكي زميلتنا هدى و دي متخصصه في التنكر لحالات شبه كده..و ضروري تصري انها تدخل معاكي الشقه..و دلوقتي هي هتيجي و تفهمك دورها وا زاي هتقدروا انتو الاتنين تتلاعبوا بيه و تخلوه يكشف نفسه بدون ما يمس شعره منكم…
فاتن بريبه..يعني كده احنا هنروحله الشقه ديه..؟
الضابط..مفيش حل تاني عشان نوقعه فشړ أعماله..لكن اطمني هتكون في قوه من الشرطه قريبه من المكان..و اي حاجه طارئه او فيها خطړ عليكو..هدى هتدينا اشاره من خلال جهاز التنصت و احنا هنتدخل و فورا..متقلقيش..الحثاله ده لازم يتوقف عند حده..ياما بنات كملوا فطريق الغلط بسبب خوفهم..انا بحييكي على جرأتك و ياريت الجرأه دي تستمر عشان نقدر فعلا نجبلك حقك و حق بنات كتير ممكن يكون خدعهم…
لم تكن فاتن بالجرأه التي وصفها بها الضابط قبل قليل..و لكنها اصبحت يائسه تماما من كل الظروف المحيطه بها..لذا تمتمت..معدش في حاجه اخاڤ عليها..خليني على الاقل اساعد نوف…
دلفت الشرطيه هدى الى المكتب..لتتفق مع فاتن على الخطه التي سيوقعان بها أنس…
و في الموعد المحدد اتجهتا للعنوان..تحرسهما بخفيه قوه تابعه للشرطه…
استوقف انس احد المتسولين في الشارع و قال..انا هاديك المية جنيه دي في مقابل تعمل مكالمه للرقم ده و تقول نفس اللي هاحفظهولك…
الرجل المتسول..عنيا يا بيه..انا احفظ فوريره..
لقن أنس الرجل الكلام و حفظه عن ظهر قلب..ثم طلب رقم يحيى من احدى الهواتف العموميه..قائلا..امسك..و لو غلطت فالكلام مش هتاخد و لا مليم..زي ما اتفقنا..
أومأ الرجل ليقول عبر الهاتف: حضرتك يحيى عبدالرحمن رضوان..؟
يحيى على الطرف الاخر..ايوه..اي خدمه ؟
الرجل..بشمهندس يحيى..اانا شخص مقرب جدا من عيلتك و يصعب عليا اشوفك مخدوع بالشكل ده..البنت اللي حضرتك مرتبط بيها..فاتن، كمان نص ساعه هتكون في شارع عبدالعزيز..عمارة الخلوصي..شقة 14..و الشقه دي فيها تصرفات مشبوهه..روح و اتاكد بنفسك لو مش مصدقني…
و اغلق الخط بعد أن كرر العنوان مره أخرى..
قال الرجل..ايدك يا بيه عالمية جنيه..
أنس..لا لسه شويه..دلوقتي هاطلبلك رقم بوليس الاداب و تبلغ عن الشقه دي….
اوما الرجل قائلا..عنيا..بس اوعى تكون بتشتغلني
انس..طب خود ادي نص المبلغ والنص التاني بعد ما تبلغ البوليس
قام الرجل باجراء المكالمه و تبليغ شرطة الاداب عن الشقه التي ستتوجه اليها فاتن بعد نصف ساعه..ثم انصرف مغادرا بسرور بعد أن تحصل على الخمسين جنيها المتبقيه من الاتفاقيه…
تنهد انس بعد ابتعاد الرجل بغنيمته..و كمان حبيب القلب هيشوف بعينه فضيحتك…
يتبع…
رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 18 بقلم Fallen Angel
