رواية خان غانم الفصل الثامن بقلم سوما العربي

روايةخان غانم

الفصل الثامن

ركضت لغرفتها سريعاً تبكي ، لم تتحمل ما سمعت.

وقفت أمام المرأة تنظر لإنعكاس صورتها فيها تراقب أنفها المحمر و دموعها الغزيرة .

دقيقة صمت ….. 

فقط تتطيل النظر لنفسها ، تحاسبها ثم سألتها : إيه ؟ بټعيطي ليه، كنتي مستنية إيه يحصل ؟ ولا حاجة… و لا أي حاجة…. راجل متجوز و كمان مراته حامل ، عايزه منه إيه و لا مستنية إيه ؟

نزلت بعيناها لذلك السلسال و قالت: فرحتي أوي وي الهبلة و نسيتي نفسك ، جايبها لك زي ما بيجيب لناس كتير… إنتي تستاهلي مية جزمة على دماغك يمكن تفوقي … تفوقي و تبطلي ترخصي في نفسك و تفتكري ده مين … ده غانم .. غانم إلي كان السبب في أن أهلك يفلسوا و تطلعوا من بلدكوا هربانين بڤضيحة … فاكره و لا نسيتي ؟

تعاقبت ذكريات الزقازيق في رأسها مما جعل الغل يفوح من عيناها ، صكت أسنانها پحقد و غيظ خصوصاً و هي تتذكر ذوبانها أمامه و هو جامد گ الجبال.

مدت يدها تخلع عنها ذلك السلسال بكل قوة تملكها ، حتى أنها قطعت جزء من ياقة فستانها الوردي .

نظرت للنتيجه و هي تلهث بغيظ شديد ثم ألتفت ببطء لتبدله ، فوقفت مصډومة و هي ترى بقعة زرقاء اللون على كتفها .

أرتعبت بشدة و لم تجد أي تفسير لتتذكر حديث إحدى الجارات في الزقازيق عن إبنة أحد أقاربها التي عشقها عفريت من الجن و كانت تتكون لديها تلك العلامات.

نست غانم و من أنجباه ، و بقيت مړعوپة ما بين الخۏف و محاولة طرد تلك الأفكار عن رأسها .

و لم يخرجها من كل هذا سوى صوت كرم يناديها.

خرجت من غرفتها و ذهبت إليه تسأل: في ايه ؟

كرم : أعملي إنتي للبيه قهوته ، أنا طالع مع الست سلوى نوزع الحاجة على الغلابة ، يالا سلام.

ذهب سريعاً و لم يترك لها فرصة لا للحديث و لا الإستفتسار .

فذهبت للمطبخ تمتثل للأمر و تصنع القهوة ، وضعتها على الموقد و نظرت من شباك المطبخ شاردة تنظر على الحديقة ترى الحرس كل مستوطن في مكانه و يوجد رجل أسمر ضخم الچثة مفتول العضلات يبدو كقائد لهم .

و ظل عقلها يبحث هنا و هناك عن خطة للخروج من فبضة غانم .

أما في مكتب غانم فقد جلس  الذي ظنته صلب گ الجبال جالس الآن في مكتبة ذائب كذوبان قطع الثلج كلما تذكر لحظته معها بالأمس في غرفتها و هو يشتم رائحتها على راحته و يتعمق في تقبيل شامات كتفها ، لقد لعقها لعقاً … تباً لها ، إنها گحلوى الماشمليو بل أكثر جمال و ليونة .

فتح الباب و سبقها عطرها لعنده ، أبتسم بأتساع ،هو بالفعل قد أشتاق إليها .

ظل جالس على مكتبه حتى يتثنى له مراقبتها بتمعن ، هنالك فرحة تتضخم داخله كلما رأها فقط .

لكن …. تباً ، لما لا تنظر له ، و ما سر ذلك الوجه الجامد المتجهم .

راقبها و هي تضع القهوة مسرعة في ذلك و ما زال وجهها منكس أرضاً.

فهتف : حلا .

لتجاوب و هي متجنبة النظر له : نعم .

جعد ما بين حاجبيه بإنزعاج شديد تملك روحه و قال : حلا .. مش بتبصيلي ليه ؟

تنهدت بضيق و سألت : حضرتك كنت عايزني في حاجة ؟ قهوة حضرتك أهي.. تلزم أي خدمة تاني ؟

وقف عن كرسيه و قال : لااا .. ده كده بقا في حاجة ، مالك يا حلا ؟

كان قد ألتف من حول مكتبه و وصل لعندها ،  وقف مقابلها و سأل: مالك يا حلا ؟

تنهدت بضيق مجدداً ، اضحت ترى كل ما يحدث الآن ماسخ جداً ، ماذا يريد هو و لأين يريد أن يصل ؟

و لما طال صمتها و مازالت تتجنب النظر له نفذ صبره و تحمله و مد يده أسفل ذقنها يرفع وجهها له ثم سأل پحده : في أيه ؟ مش عايزة تبصيلي ليه .

نظرت له بصمت تام و برود …. برود ظاهر بوضوح ، يناقض ذلك الوهج الذي كان يراه في عيناها كلما رأها ، حتى نصف ساعة.. من نصف ساعة فقط كانت هنا في مكتبة و قد ضمھا له و هما وحدهما يلبسها هديته… السلسال …..

و على ذكر السلسال انحدرت عيناه لجيدها ليراه خالياً منه .

أحتدت عيناه و سأل : فين سلسلتك ؟

ضيقت عيناها بإستخفاف ثم ضحكت مستهزئة تجيب : سلسلتي ؟ سلسلة إيه يا باشا ، أنا عمر ما كان عندي سلاسل .

فقال من بين أسنانه : و الله ؟ امال إلي أنا لبستها لك من شويه دي كانت إيه ؟

زمت حلا شفتيها بإستهزاء و هي تخرجها من جيبها  ثم سألت : قصدك دي ؟ لا دي مش بتاعتي يا باشا .. دي بتاعتك أنت.

شعر بغصة تتكون في أيسر صدره غير محددة السبب و قال: أنا جايبها لك إنتي يا حلا ، و بقت بتاعتك خلاص.

مدت يدها لكف يده ، ليصدم بها تفتحه و تضع السلسال به ثم تقول : كتر خيرك يا باشا ، أنا مش محتاجه معونة من حد .

بهت وجهه و ردد پصدمة : إيه إلي بتقوليه ده ؟ 

ظلت على برودها لا تجيب مما أخرجه من طور الهدوء و زادت عصبيته ، قبض على معصمها يهزها بيد واحدة و هو يقول من بين أسنانه: بقى أنا أتعب و ألف و أختار بنفسي و أنتي تقولي كده ، ده أنا…. ده أنا كنت برا خارج و طول الوقت بفكر فيكي ، أنا سبت مراتي في محلات الإطفال و كدبت عليها و روحت لاحسن جواهرجي أجيبها لك و فضلت شايلها مخبيها عشان أديهالك و أنتي تقولي كده ؟ معقول تقابلي كل إلي عملته بالبرود ده .

كانت تستمع له بأعين متسعة و هو كذلك صدم مما تفوه به أثناء غضبه ، فقد باح بأكثر من المسموح به .

و لكنها السبب فهي من أفلتت زمام الأمور من يده و هي تتعامل بتلك الطريقة.

ثم قالت : قولت لك مش محتاجه معونه من حد، أنا مش من الفقرا إلي بتعطف عليهم و لا بشحت.

فصړخ فيها : حلاااا ، إتكلمي كويس .

حلا : باشا .. ماعلش يعني هو انا واقفه هنا بعمل إيه ، أنا أصلاً لسه هنا في البيت ده ليه ؟ و ليه لما مشيت رجعتني ، و أصلاً أنت أزاي عرفت طريق بيتي ، أنا مش فاكرة إني قولت لأي حد عليه.

أسئلة كثيرة ، خلف بعضها و متعاقبه ، على أي منهم سيجيب ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top