رواية خان غانم الفصل الثامن بقلم سوما العربي

روايةخان غانم

تلعثم في الرد ، وضع يداه في خصره ثم رفع رأسه لأعلى يحاول الوصول للحظة هدوء و تركيز .

لتهاجمه ذكرى الليلة الماضية و هو يقبل كتفها و هي ممدة أمامه بجلبابها الناعم  ببشرتها الغضة الطريه  ..

فتح عيناه و عاود النظر لها و هو يستعد للتحدث أليها بحلم : طيب يا حلا ، ممكن تهدي و تفهميني مالك ؟

هزت رأسها بنفاذ صبر و قالت: أنا مش عايزه أفهمك و لا تفهمني ، أنا عايزة أمشي.

تنهد ثم تحدث بصوت متعب و هو يمد كفه على وجنتها يملس عليها بجنان شديد : ما قولت لك مش عايزك تمشي ، عايزك جنبي.

أقترب منها بهدوء شديد و بدأ يميل إليها شيئاً فشيئاً حتى بات قريب جداً منها ، لم يستطع تمالك نفسه كثيراً ، أطبق بذراعيه عليها بين أضلعه يحتضنها له و هو مغمض العينين ، حتى أنها شعرت بتشنج عضلاته على جسدها ، تسمع صوته يردد : عايزك جنبي دايماً ، أفهمي بقا .

أتسعت عيناها و هي تدرك ما يحصل ، و المغزى من حديثه ، كذلك إحتضانه منها و قربه الدائم و الغير مفسر و هو رجل متزوج و هي خادمة لديه .

زادت عصبيتها ، و كأن الكهرباء قد أنفصلت عن عقلها ، نفضته عنها پعنف و ڠضب و بدأت تتحدث بغل : إيه إلي أنت بتعمله ده ، أنت فاكرني إيه ، رخيصه ماليش قيمة ، أوعى تفكر تقرب مني تاني ، أنت سامع و لا لأ ، و لا أنا أصلا مش هفضل عندك هنا اكتر من كده ،عايزة امشي ، هو مش بالعافية على فكره… مش عايزة أفضل عندك ، أفهم بقا .

كان يتسمع لها و قد تفاجئ برد فعلها ، و لم يستطع التحمل ، هاجت أعصابه و هدر پعنف : اييييه ، هتحايل عليكي ، هشتحتك ، ما عنك ما فضلتي ، أنا إلي مش عايزك في بيتي ثانية واحدة زيادة ، أمشي من هنا مش عايز ألمح خيالك حتى ، أنتي سامعة و لا لأ… يالاااااا .

صړخ بالاخيرة عالياً حتى أنها شعرت بأهتزاز الأرجاء من حولهما ، صدمت قليلاً لكنها أسرعت في الخروج ، تركض ناحية الباب الداخلي ثم إلي الحديقة .

أرتمى على الكرسي من خلفه و هو يلهث من شدة الڠضب ، صدره يعلو و يهبط پجنون يراقبها عبر باب مكتبه المفتوح و هي تهرول ناحية الخارج كأنها تنتهز الفرصة ، و كأنها كانت بسجن و ستتحرر منه .

رفع سماعة تليفونه يهاتف أحدهم فأتاه الرد على الفور ليقول بصوت لاهث متعب: أيوه يا عزام، حلا رايحة ناحية البوابة عايزة تخرج ، أمنعها حتى لو قالت لك إني سمحت لها .

اغلق الهاتف و عاد رأسه للخلف ، لا يفهم بل يصعب عليه التوصل لمعنى واضح عن ما يحدث معه.

و لا لما يفعل كل هذا ، لما لا يستطيع تركها و شأنها و لما لا يستطع الإقتراب أكثر طالما أنه يريد ذلك.

ليأتيه الرد على هيئة صوت … صوت سلوى التى دلفت لعنده مندفعه مبهورة تردد : غانم غانم … ألحقني يا غانم .

وقف مبهوت ، خائڤ على طفله و سأل : في إيه ؟ إيه إلي رجعك بدري ، الحمل حصل له حاجة ؟

هزت رأسها پجنون و هي تضع يدها على معدتها التي بدأت تنتفخ قليلاً و قالت: أنا مش مصدقه نفسي.. مش عارفه أصدق .. إحساس جنان.

هز كتفيه بجهل و قال: في ايه يا سلوى قولي بسرعه بالله عليكي أنا مش ناقص.

اقترب منه سريعاً و خطفت يده تضعها على معدتها لتتسع عيناه و يقشعر جسده و هو يشعر بتحرك شئ ما تحت يده حركة خفيفة.

أبتلع رمقه بصعوبة و سأل: ده… ده إيه ده ؟

قالت سلوى و هي حرفياً على شفى خطوة واحدة من الجنون: البيبي بدأ يتحرك يا غانم ، أنت متخيل .. يااااه .. أنا أول مره أحس الإحساس ده ، ده طلع إحساس جنان … كل مره ماكنش الحمل بيعدي الشهر التالت حتى فمكنتش بحس بكده ، دي أول مره.

وقف مبهوت ، لأول مرة يشعر بهكذا إحساس و سلوى كذلك التي قالت : أنا كنت برا و أول ما حسيت بكده سبت كرم يكمل و جيت على هنا بسرعة ، كرم بيقول أن ده من الحلويات إلي أكلتها ،و كل ما باكل حلويات كل ما بتزيد حركة البيبي كده… أنا هطلع اوضتي بسرعه عشان أرتاح و أنام على ضهري.. الحمل ده لازم يكمل.

غانم : طيب أهدي براحة بس.. إن شاء الله هيكمل ، أطلعي إرتاحي.

سلوى : أيوه أن شاء الله هيكمل، لازم و إلا هيجرى لي حاجه ، أنا ممكن أتجنن فيها بجد ، تعالى معايا لاوضتي يالا نيمني .

لم يفكر لثواني ، ذهب معها ، و هو يعلم أن حلا تمنع الآن من الخروج و ستعود لغرفتها غاضبه تود حرقه ، سيتركها قليلاً لتهدأ و هو كذلك.

فليهتم حالياً بطفله القادم و ينتظر حتى تهدأ تلك الطفلة التي تقطن غرفتها بالأسفل .

مرت عدة أيام لم تكن كفيلة أبداً بأن تهدئ حلا ، بل كانت عصبيتها تزيد يوم عن يوم رغم سماح غانم لها و أخيراً باستخدام هاتفها المحمول فبعد فترة من المنع أقتربت من الشهر تعطف و تكرم عليها و سمح لها بإستخدامه فقط لتطمئن أمها عليها يومياً.

جلست على الكرسي في المطبخ ، لا تهتم بالسماع إلى ما يحكيه كرم ، تراه كثير الكلام كالسيدات بالضبط .

ليتفاجئ كل منها بغانم يقف على باب المطبخ يقول بعناد طفل أرعن : عايز قهوة 

لم تنظر له رغم أنها تشعر بأنظاره مسلطه عليها ، يقصدها بحديثه رغم تعميمه الكلام أثناء الطلب .

فزاد غضبه و قال من جديد : بقول عايز قهوة .

فقال كرم : حاضر يا باشا .

غانم : مش الهانم طلبت منك بسبوسه ، خلصها لها بسرعة عشان نفسها فيها .

كل هذا و هي تنظر أرضاً ببرود قاټل .. قاټل جداً بل مدمر لأعصاب ذلك الضخم الواقف يسد الضوء عن الباب و هي جرو صغير يجلس على كرسيه متسبب في عصبية شخص مثله و أيضاً لا تبالي .

فقال كرم : هعملك القهوة و أكمل .

غانم : و ليه هو مافيش غيرك هنا ، حلا تعمل القهوة.

و أخيراً نطق أسمها بلسانه بعد خصام أيام ، رغم أنه ينطقه كل يوم و ليله في سره … حلا.. كم يعشق هذا الإسم بحروفه الثلاث .

ليأتيه الرد البارد من صوت بارد ردد : مابتعرفش .

زادت وتيرة أنفاسه قليلاً ، و أخيراً تحدثت إليه و أستمع لصوتها ، لكنها كلمة قصيرة ، و هو يرغب في إطالة الحديث فسأل: ما بتعرفش إيه ؟

حلا بنفس البرود : مابتعرفش تعمل قهوة .

غانم : بجد أمال بتعرفي تعملي إيه ؟

حلا : ما بعرفش أعمل أي حاجة ، أنا بقول توفر عليك فلوس مرتبي و تمشيني .

كانت مستفزة بجدارة، مستفزه لأقصى حد ، أراد إستفزازها كما تفعل معه و قال : إلي مش بيعرف يتعلم ، أهو تتعلمي لك حاجه تنفعك و تشتغلي بيها ، هتمشي من هنا يعني تقعدي في البيت من غير شغل ؟

تنهدت ببرود و قالت : أنا مش بتاعت شغل ، أنا هتجوز و أقعد في البيت .

تخطت كل الحدود و هي لا تعلم او تقصد ، فكرة أنها ستتزوج بآخر ألهبت الڠضب في قلبه و صدره و دلف للمطبخ بخطى غاضبه يقول: تتحوزي إزاي يعني ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top