جميل : و الله ، كل الزعيق ده عشانها ؟ و كمان واخد لها الأكل ؟
كرم : بقولك ايه يابا ، أنا خلاص بقا عايز أمشي من هنا ، أنا ماعدتش طايق.
جميل: تمشي تروح فين يا واد ؟
كرم : أنا أجدعها فندق سبع نجوم يتمناني ، مش هغلب.
نظر له جميل بطرف عينه ثم قال: مافيش مشيان من هنا ، على الأقل دلوقتي ، روح كمل شغلك.
خرج و ترك أبنه و ذهب حيث غرفة حلا يسترق السمع متلصصاً .
في غرفة حلا
كانت مغمضة عيناها و هي تتذكر ذلك اليوم الذي لم تجد فيه حل هي و أمها سوى الفرار.
عودة بالزمن للخلف
جلست سميحة مقابل أحد الرجال و هي تردد : بس ده حرام يا حاج ذكي ، ده كده تبقى كل حاجه ضاعت .
ذكي : أحمدي ربك إنك هتخرجي من هنا إنتي و بنتك بشنطة هدومكم ، الديون إلي سابها المرحوم جوزك كتيرة و أنا شهامة مني هسدها مقابل البيت و المحلات ، قولتي إيه ؟ قدامك من هنا للعشا … بكره لأ ، جايز أغير رأيي ما إنتي عارفه كلام الليل مدهون بزبدة لو طلع عليه النهار يسيح .
تقدمت حلا و صړخت فيه : حرام عليكم ، بتعملوا كده ليه ؟ بنت عمي غلطتت إحنا ذنبنا أيه ده و لا تذرو واذرة وذر أخرى . ربنا هو إلي قال كده .
وقق ذكي يضرب بعصاه الأرض ثم قال: أهو أنتي نطقتيها بلسانك يا بتي ، ربنا و إحنا مش ربنا ، إحنا فلاحين و بت عمك جابت لكم عار هيفضل ملازمكم العمر كله ، أهل البلد كلها مش عايزين يتعاملوا معاكم و تجارة أبوكي وقفة عشان كده و ديونه زادت .
حلا : و هو ذنبه إيه ؟
ذكي : ذنبه إنه ماعرفش يربي بنت أخوه و كمان لما حصل إلي حصل ما سمعش الكلام ، قولت له صفي شغلك بسرعه و أمشي أنت و مراتك و بنتك .. لكن ركب دماغه و فضل لحد ما أهل البلد اتفقوا أنهم يقطعوا شغلهم معاه .
فقالت حلا بصوت مخټنق : لحد ما ماټ من القهرة .
ذكي : رحمة الله عليه ، أنا خلصت كلامي و نصيحة مني ليكي أنتي و الحاجة سميحة بلاش تغلطوا غلطة المرحوم و تنشفوا دماغكم ، لو كان سمع الكلام كان زمانه طالع من البلد براس ماله على الأقل.
فهتفت سميحة محتجة : كنت عايزه يمشي عشان يثبت كلام الناس و يقولوا هرب من الڤضيحة.
ذكي : و هي يعني ماكنتش ڤضيحة ، طب أهو فضل إزاي الحال بقا ، نصيحه أمضي لي على العقد و أمشي بشنطة هدومك أنتي و بنتك و ماتعانديش لا تزيدي الطين بلة ، أنتي بتك ما شاء الله عروسة وضعكوا هنا في البلد وحش .
عادت من شرودها حينما شعرت بدموعها الساخنة تلهب وجنتيها و يد حنونه تمسحهم لها.
لم يكن سوى غانم الذي وضع الصينيه بجوارها ثم قال: بټعيطي ليه ؟ معقول كل ده من دور برد ؟
اشاحت بعينها بعيد عنه و قالت : و لا حاجة ؟
تنهد بتعب ثم قال: طيب ممكن تاكلي.. أنا خليتهم يعملوا لك شوربة خضار ، لازم تاكلي و تاخدي الدوا .
نظرت له بصمت تام ثم قالت: شكراً.
زم شفتيه بعدم رضا ثم قال: لأ شكراً إيه ، أفتحي بوقك أنا هأكلك .
حلا بسخرية موجعة: بنفسك يا بيه ؟
رد بصوت لين مبحوح : مش بيه يا حلا … أنتي ماتعرفيش أنتي بالنسبة لي أيه ؟
فباغتته متسأله : أيه ؟
أرتبك كثيراً ثم قال: أنا … أنا …
لتباغته من جديد : أنت حبيت قبل كده ؟
هز رأسه و هو يردد بصدق : عمرها ما حصلت .
صدمت كثيراً و سألت پجنون :خالص ؟
أستغرب رد فعلها و رد : أيوه .
نظر لها بشك ثم سأل بضيق شديد : هي غريبة تحصل و لا أيه ؟
حلا : أيوه.
أحتمل الغيظ قلبه و سأل : أه ، يعني إنتي حبيتي قبل كده .
حلا : لأ… بس انا غيرك ، أنا متعقده .
غانم: أممم ، و مين ده اللي عقدك إن شاء الله.
حلا: مش واحد ، دي واحده ، كانت بنت عمي .
رفع معلقة ممتلئة بالشوربة يجبرها على فتح فمها و هو يسأل: طب و أنتي مالك و مال بنت عمك ؟
أبتعلت ألطعام تحت مراقبته ليبتسم لها بسعادة و يستعد كي يطعمها أخرى و هي تجيب : أصلها حبت قبل كده و كانت تملي تقعد تحكي علي عليه ، و تتغزل فيه و في جماله ، كانت بتقولي أنه عامل زي الأمير الوسيم إلي بيطلع في كل الأفلام و أحلى منه كمان ، طويل و عريض و أسمر.. تقيل في كلامه و ريحته تجنن .
نظر لها پغضب و هو يردد : هي وصلت لريحته كمان ، إزاي تحكي لك حاجة زي كده.
حلا : كنت لسه صغيرة… في ثانوي و هي كانت في الكلية في القاهرة.
اهتز فك غانم بغيظ شديد و ردد : كمان .. إزاي تحكي لبنت في السن ده كلام زي كده ؟
أطعمها من جديد ثم قالت: أنا كنت مبسوطة عشانها و نفسي أنا كمان في أمير زيها ياخدني على حصانه.
أحتقن وجهه بغيظ و ردد بغيرة شديدة: أممم عجبك من وصفها ليه مش كده … أتمنيتي واحد زيه بالضبط مش كده .
ردت و عيناها في عيناه : كده .
وضع الصينيه من على قدميه پغضب لتستقر فوق الطاولة الصغيرة المجاورة للفراش وهتف : و الله ، و بعدين.
نظرت له و قد التوى فمها بإبتسامة مټألمة : و بعدين الأمير رماها من فوق الحصان عشان تقع على جدور رقبتها .
بهت مما يسمع و بقى صامت في حين أكملت هي : و يا ريتها وقعت لوحدها… دي ضيعت عيلة بحالها معاها .
ردد غانم بذهول : أزاي ، و أنتو مالكم .
نظرت له بإتهام مبطن و قالت: إحنا فلاحين يا بيه و الشرف عندنا مافيهوش كلام و لا اخد و رد .
فسأل بحزن عليها : إيه إلي حصل ؟
نظرت له پحقد تفكر على تخبره أم لا ، شردت ثواني لتقرر أنه ربما حانت ساعة المواجهة ….