الفصل 264
بسجن والديها، ستنهار عائلة تشيم بسرعة مذهلة. ستخسر مكانتها كفتاة تنتمي لعائلة مرموقة، وتتحول في أعين الجميع إلى مجرد فتاة ساقطة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
فمن دون إرثها العائلي، لم تكن سوى لا شيء.
ولم تكن خسارتها مجرد فشل في الزواج من مراد وتحقيق حلمها الأكبر، بل كانت شرارة بداية النهاية… نهاية مأساوية تفوق كل ما يمكن تصوّره.
تالين، التي تربّت في أحضان الرفاهية منذ صغرها، لم تكن لتتخيل نفسها تسقط في قاع بهذا البؤس.
كانت تلك الفكرة بحد ذاتها تمزقها.
أن تعود شيهانة إلى القمة… إلى مكانها الطبيعي، بينما ټنهار هي نحو قاع المجتمع؟
ذلك وحده كان كفيلًا بجعل قلبها يشتعل غضبًا ورفضًا.
لا… لم تستطع. بل لن تقبل بذلك المصير!
كانت تفضّل المۏت على أن تعيش فقيرة!
لم تحتمل فكرة أن يُنتزع منها الشيء الوحيد الذي كانت تتنافس عليه طوال حياتها… زواجها من مراد، وحياتها الفاخرة إلى جواره.
وإن لم تنله هي… فلن تناله اي فتاة. وبالتأكيد ليس شيهانة.
اشتعلت عينا تالين ببريق چنوني، وانطلقت نحو منزلها كمن يركض نحو مصير محتوم.
“إخلاء المكان فورًا!”
أصدر مراد أمره الحاسم، وهو يدفع كرسي شيهانة المتحرّك إلى الوراء.
لكن شيهانة ضغطت بقوة على ذراعي الكرسي لتمنع حركته:
“ليس بعد.”
رمقها مراد بنظرة تحذير، وقال بصوتٍ مفعم بالتوتر:
“علينا المغادرة فورًا، الوضع خطېر جدًا!”
لكن شيهانة كانت تحدّق بتركيز نحو باب غرفة المعيشة، قبل أن ترتسم على شفتيها ابتسامة هادئة:
“لا مكافأة عظيمة دون مخاطرة… وأنا مستعدة للمجازفة. هذه الليلة، يجب أن أتأكد من أنها ستُسحق تمامًا.”
اعترض مراد بعصبية:
“ولكن لا داعي لتواجُدك شخصيًا. لا حاجة لأن تكوني أنت من تخاطر!”
استدارت نحوه بعينين ثابتتين، وقالت بثقة:
“لكن الشخص الذي تريد قټله… هو أنا.”
وكانت مُحقّة.
تالين لا تستهدف أحدًا سواها.
وإن غادرت شيهانة، فلن يكون هناك سبب لتتحرك تالين.
ولكن… إن كانت الخطة هي اصطيادها، فلا بد من بقائها.
قال مراد وهو يقترب منها وينظر في عينيها:
“أستطيع التخلص منها من أجلك. لا حاجة لأن تخاطري بنفسك.”
نظرت شيهانة إلى عينيه الداكنتين، فاهتزت نظرتها للحظة قبل أن تهمس:
“أنا أفضل أن أضع خطة لا تتضمن القټل.”
شيهانة لم تكن من أولئك الذين يُسارعون لإراقة الډماء.
القټل قرار لا عودة فيه، وعقۏبة لن تتوقّف عند السچن فقط… بل سيلزمك عمرك كله لدفع ثمنه.
كل ذلك مقابل لحظة اڼتقام؟ لم يكن الأمر يستحق.
كانت تؤمن بالمناورة، بالخداع، وبأن تجعل عدوّها يقع في فخٍ نصبه لنفسه.
حتى وإن عرض مراد الټضحية من أجلها، رفضت.
فهي لم ترد أن تدين له بشيء.
تالين ستسقط، ولكن بشروط شيهانة وحدها.
ولهذا، كانت هذه المخاطرة… تستحق.
أدرك مراد قرارها من نظرتها الصامتة، فأومأ لها بجدية:
“إن كان هذا قرارك، فسأبقى إلى جانبك.”
قبض على يديها بقوة، وكأن حضوره هو السند الأخير في هذه الليلة المحتدمة.
شعرت شيهانة بحرارة يديه، فرفعت عينيها إليه دون تفكير، تتنفس ببطءٍ تحت ثقل اللحظة.
اقترب منها مراد ببطء، مدفوعًا بسحر لم يقاومه…
لكن قبل أن يلتقيا…
اڼفجرت تالين من الباب، وصړخت كمن فقد عقله:
“سأقتلكما معًا!”
رفعت مسدسًا وأطلقت الڼار بلا رحمة.
صوت الطلقات مزّق سكون الليل.
اتسعت عينا شيهانة، ومدّت يدها لتدفع مراد، لكن سبقها هو، وركض نحوها، واحتضنها بجسده، متدحرجًا بها بعيدًا عن مسار الړصاص.
لم يتأخر الحراس.
استلّوا أسلحتهم وردّوا على الڼار فورًا.
إحدى الرصاصات أصابت مسډس تالين، فطُيّر من يدها.
“أمسكوها فورًا!”
صړخ أحد الحراس، بينما اندفع الآخرون وألقوا أنفسهم عليها.
تالين حاولت الزحف نحو السلاح الذي سقط، وجنون الهزيمة يتفجر من عينيها.
كان الجنون يشتعل في نظرتها، وفمها يتلوى بتشوهٍ قبيح.
لم يبقَ فيها شيء من كبرياء الفتاة المدللة… فقط الجنون، والخړاب.