رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 266

زوجة الرئيس المنبوذة

الفصل 266

استغرق الأمر من شيهانة ليلة واحدة فقط للإطاحة بعائلة “تشيم” بأكملها.

دهاءها، تخطيطها المحكم، وتنفيذها الجريء أذهل مراد بحق.

ومع ذلك، لم يخفِ قلقه، فالمهمة برمتها كانت تنطوي على مخاطرة هائلة، لولا أنه تبعها في اللحظة المناسبة، لكانت تعرّضت لأذى جسدي بالغ.

“سأتولى الأمر سريعًا. لا تقلقي… لن يخرجوا من هذا دون حساب،” قال مراد بصوت تغلغل فيه القلق، ثم تابع: “والآن، أرجوكِ… عودي معي إلى المستشفى. جسدك بحاجة ماسّة للراحة.”

رمقته شيهانة بنظرة طويلة، وبعد لحظات من التردد الصامت، أومأت برأسها.

“حسنًا.”

حاولت الوقوف، لكن قدميها خانتاها، وكأن كل طاقتها استُنزفت، فجأةً وجدت نفسها تسقط مباشرة في أحضان مراد.

صُدمت شيهانة من الموقف، وبدأت بالمقاومة، لكن بعد لحظة، شعرت بصلابة ذراعيه تحاصرها كشبكة أمان، فقررت الاستسلام. لم تكن معركة تستحق خوضها.

لاحظ مراد توقفها عن النضال، فظهر على وجهه ارتياح خفي.

وبينما كان مراد يحملها خارج بوابة عائلة تشيم، ابتسم ابتسامة مشرقة وقال مازحًا:

“عندما تتحسنين، علينا إعادة جدولة غدائنا العائلي، أليس كذلك؟”

تذكّرت شيهانة أنها كانت أصلًا متوجهة لتناول الغداء مع مراد ولين… قبل أن يتم خطڤها.

سألت شيهانة بقلق خاڤت:

“كم يعرف لين؟ لا أريده أن يقلق عليّ.”

أجاب مراد مطمئنًا:

“لم أخبره سوى أنك بخير وسليمة.”

تنهدت شيهانة براحة: “جيد.”

ثم أضافت فجأةً:

“فلنتناول الغداء بعد بضعة أيام.”

حدّق فيها مراد طويلًا، وابتسم ابتسامة دافئة:

“طلبكِ أوامر.”

تجاهلته شيهانة، لكن داخلها كانت تتمنى أن تتعافى بسرعة، فهي لا تنوي تفويت ذلك اللقاء.

خطتها الأصلية كانت أن تغادر البلاد مع لين بعد غد، لكن إصابتها أجبرتها على تأجيل كل شيء.

كانت تأمل أن الوقت ما زال في صفّها…

لكن فجأة، شعرت بوخز صداع حاد، وكأن رصاصة اخترقت جبهتها.

ازداد خفقان قلبها بشكل مفاجئ، وأصبح تنفسها متقطعًا.

أمسكت بقميص مراد من الأمام لا إراديًا، وكانت على وشك أن تنطق بشيء حين غمرها السواد فجأة.

“شيهانة!” كان صوت مراد آخر ما سمعته، وهو ېصرخ باسمها پجنون.

مرت فترة لا تدري كم استغرقت، قبل أن تستعيد وعيها أخيرًا.

حتى قبل أن تفتح عينيها، استنشقت رائحة المطهرات المميزة. كانت تعلم أنها داخل مستشفى.

فتحت عينيها ببطء، وصادفتها الصورة الباهتة لسقف أبيض بارد.

كانت وحدها في الغرفة.

حاولت النهوض، لكن جسدها بدا خاليًا من القوة. وكأن كل شيء ذاب منها، حتى عظامها.

وفجأة، فُتح باب الغرفة.

دخلت ممرضة بابتسامة مندهشة:

“أوه! لقد استيقظتِ! كنا قلقين عليكِ بشدة. لقد غبتِ طويلًا.”

وقبل أن تتمكن شيهانة من الرد، تابعت الممرضة بسرعة:

“سأُبلغ عائلتك فورًا!” ثم غادرت الغرفة مسرعة.

شعرت شيهانة بالإحباط. كان من الواضح أن الجميع علما بما حدث لها.

كيف ستواجههم الآن؟

وفوق كل ذلك، استنتجت من كلام الممرضة أنها كانت فاقدة للوعي لفترة ليست قصيرة.

لابد أن الورم قد تطوّر… النهاية أصبحت أقرب مما كانت تظن.

تذكرت شيهانة ذلك الحلم الذي رأته منذ فترة — لم تكن تتوقع أن يتحقق بهذه السرعة.

لين… ما زال في البلاد. لم يتغير مصيره.

على الأقل، اهتمت بتالين… ولن تُسبب تلك المرأة أي أذى لطفلها.

فُتح الباب بهدوء، ودخل مراد بخطوات ثابتة، لكنه كان يحمل من التعب ما يُثقل الهواء من حوله.

اقترب منها حتى جلس إلى جوارها، وأمسك يدها دون أن يستأذن.

لم تتراجع، لكنها لم تنظر إليه أيضًا.

قال بصوت خاڤت، ممتلئ بالعِتاب:

“لماذا أخفيتِ عني؟ لمَ تحملتِ كل هذا وحدك؟”

أجابته شيهانة بثبات، وصوت خالٍ من الارتعاش:

“لأنه لم يكن هناك مستقبل لنا، مراد.

كنت أعلم أنني سأموت.

وكل ما رغبت به هو أن أحصل على حضانة لين…

أن أُربّيه بيدي، أن أُعلّمه كيف يكون رجلًا، كيف يحمي نفسه حين لا أكون بجواره.”

وأكملت بنبرة ثابته لا تخلو من المرارة:

“لم أكن أحتاج إلى شفقة أو حب في آخر الطريق،

كنت أحتاج إلى وقت…

لكن حتى الوقت خذلني.”

ظل مراد صامتًا للحظة، ثم ابتسم ابتسامة هادئة، كأنّه يحمل مفاجأة لا تُقاس بثمن.

ضمّ يدها بكلتا يديه، وقال بصوت عميق:

“لكنك لن ټموتي يا شيهانة…

ولا هناك ورم داخلك.

أحضرت طبيبًا من الخارج، نادرًا في مجاله، متخصصًا في حالتك…

أجرى لكِ العملية… ونجحت.”

حدّقت به لثوانٍ، عيناها تضيقان بدهشة لم تُصدّق بعد:

“ماذا؟ هذا… مستحيل.”

أومأ برأسه بثقة، وصوته مفعم باليقين:

“لا شيء مستحيل، شيهانة. لقد تم استئصال الورم بالكامل.

وما كنتِ فيه لم يكن إلا غيبوبة بعد الجراحة…

لكنك بخير الآن. أنتِ شُفيتِ، شيهانة.”

بقيت تنظر إليه في صمت، دون أن تهتز ملامحها،

لكن بداخلها، شيء ما قد انكسر… ليس ضعفًا، بل جدارًا سميكًا من الخۏف كانت تبنيه منذ شهور.

قال أخيرًا، ونبرته أكثر دفئًا:

“حان وقت الحياة، شيهانة…

لا لأجل لين فقط… بل لأجلكِ أنتِ أيضًا.”

مرّت الشهور كأنها نسمة دافئة بعد عاصفة طويلة.

شيهانة استعادت حياتها شيئًا فشيئًا… شُفي الجسد، وهدأت الروح، وبدأت تفتح النوافذ التي أغلقتها يومًا خوفًا من الفقد.

أما مراد… فلم يترك لها مجالًا للنسيان.

كان بجانبها في كل خطوة.

كظلّها، أو ربما أكثر التصاقًا.

قالت له ذات مرة، وهي تحاول أن تُبعده من طريقها:

“ألم تملّ من الدوران حولي؟”

فأجابها مبتسمًا:

“أنا لا أدور حولكِ… أنا مركزكِ.”

كان يزعجها أحيانًا بلطافته الزائدة، وبنظراته التي تلاحقها أينما ذهبت.

لكنها رغم ذلك، لم تُبعده.

ورغم صلابتها الظاهرة، كانت هناك ابتسامة صغيرة تنبت كلما ذكر اسمه أمامها.

وفي أحد المساءات الهادئة، نظر إليها وقال دون مقدمات:

“تزوجيني، هذه المرة بلا هروب… ولا شروط.”

رفعت حاجبيها، وأجابته بنفس النبرة الثقيلة التي تعودها منها:

“وما أدراك أنني سأوافق؟”

لكنه ابتسم، كما يفعل دائمًا حين يكشف ما تخفيه:

“لأنكِ لم تقولي لا.”

كانت القاعة مضيئة بكل الألوان، لكنّ نور شيهانة كان وحده كافيًا ليملأ المكان.

ارتدت فستانًا أبيض بسيطًا، أنيقًا مثلها، لا تزيّنه سوى نظرتها الواثقة.

لين وقف بينهما، ممسكًا بيدها اليمنى وبيد مراد اليسرى، كأنّه يجمع الحكاية من طرفيها.

عمّها وقف على مقربة، عينيه لا تخفيان الفخر، وتميم – الذي ظل بجانبها في أصعب الأوقات – ابتسم لها شاهر وهو يصفق بين الحضور.

ولم تغب عائلة شهيب عن الحدث، فقد جاءت بكامل أفرادها تشهد عقد القِران، وكأن حضورهم كان إتمامًا للفرح واعترافًا بانتصار شيهانة.

لم يكن في عيني مراد سوى شيهانة.

وحين نظر إليها بعد توقيعه، قال هامسًا:

“الآن فقط… أصبحتُ أتنفّس.”

أما هي، فنظرت إليه بثبات، وابتسمت… تلك الابتسامة النادرة التي لا تمنحها لأحد بسهولة، ثم تمتمت قائلة:

“لقد شقيت كثيرًا حتى وصلت إلى هذه اللحظة، مراد… أهنئك على صبرك.”

ضحك بهدوء، واقترب منها أكثر، وهمس بجبهته تلامس جبهتها:

“ولو عاد بي الزمن، لشقيتُ الطريق ذاته من جديد… لأجلك.”

ثم ارتفعت الموسيقى، وتعالت الزغاريد، وأُسدل الستار على نهاية لا تشبه النهايات…بل بداية لحياةٍ اختارتها شيهانة أخيرًا، بعد أن حاربت كثيرا وقررت أن تمنح قلبها السلام.

تمت

جميع الفصول من هنا

شيهانة فعلًا مش زي أي بطلة تقليدية نعرفها في الروايات. مش ض.حية، ومش مستنية فارس يجي ينقذها. بالعكس، هي اللي بتخطط، بترد وبتاخد حقها بإيدها. قوية، عقلها حاضر، وقلبها ما بيرحمش اللي أذ.ا.ها.

الجميل في شخصيتها إن قوتها مش جاية من الق.سوة بس، لكن من وعيها بنفسها، من إيمانها إنها تستحق الأفضل. دي رسالة لأي أنثى إنك مش محتاجة تكوني ضعيفة عشان تُحبي أو تُقبلي.
شيهانة بتقول لنا إن المرأة لما توقف على رجليها وتعرف قيمتها، مفيش قوة في الدنيا تقدر تكسرها.

وعلشان كده… شيهانة مش مجرد بطلة رواية. لأ، هي رمز. رمز لكل واحدة اتظل.مت أو اتخا.نت أو اتسلب منها حقها. رمز بيقول مهما حصل… تقدري ترجعي أقوى، وتاخدي كل اللي اتسلب منك، وبكرامة كمان.

ترجمة سلمى محمد

1 فكرة عن “رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 266”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top