رواية سجناء الجزيرة كاملة لآخر فصل (الفصل 34_35)

Prewedding

الفصل_34

هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.

بعد أن غادر “نك” الفندق واطمئن أن تابعيه قد أمنوا جميع المداخل والمخارج الخاصة به؛ ليحكم الحصار حول “چاسم” ويضمن عدم لجوءه لأية حيلة من شأنها إفساد مخططه للإيقاع ب “سام”.

وذلك ليس امتثالاً لأوامر “الداهية”، ولكن للتخلص من “سام” الذي يقاوم وبشدة أعمال تلك الجماعات وتجنيدهم لأطفال الشوارع واللاجئين ممن ألقى بهم القدر في طريق هؤلاء الخارجين عن القانون، بعد أن لفظتهم بلادهم لأسباب عدة:

  • كضيق الرزق أو اندلاع الحروب الأهلية وانتشار الفتن والثورات بين أبناء الوطن الواحد.

*أو من قادتهم آمالهم وطموحاتهم إلى بلاد التقدم والحضارة؛ فهاجروا ظناً منهم أنهم سينعمون هناك برغد العيش.

كما أن “سام” يجاهد طرقهم الابتزازية التي يفرضونها عليه وعلى أمثاله من رجال الأعمال لدمج شركاتهم في سياسة غسيل الأموال التي ينتهجونها.

وأيضاً كونه يساعد رجال الدولة وغيرهم من رجال الأعمال الشرفاء الذين يتم إجبارهم على تلك السياسة في التخلص من بعض قادة هذه الجماعات وأشهرهم الداهية.

وقد تمكن بالفعل من الإيقاع باثنين من أكبر موزعي تلك المواد المخدرة التي يروجها هؤلاء من معدومي الضمير.

إلى جانب ذلك فبإرسال “سام” إلى الداهية في محبسه، سيتخلص من إحداهما ويتفرغ للآخر، فحتماً سيفني واحد منهما عدوه، وهذا أمر ليس عسيراً على الداهية، كما أن “نك” ليس أقل من أن يفعلها.

وهذا تأميناً للاتفاق الإجباري مع “أريان” في حالة فشله بالمخطط المتفق عليه مسبقاً، فهو تلميذ الداهية الأنجب ووضع البدائل أحد الأبجديات التي تلقاها على يد أستاذه، وبذلك يكن حصر جبهتي عداوته في مكان واحد وهو “سجن الجزيرة”.

عاد “نك” إلى قصره أو بالأحرى قصر “ريكا” الذي يشغره الآن بوضع اليد، وما إن توقفت السيارة أمام البوابة الداخلية للقصر حتى ارتجل يقوده إليها قلبه قبل ساقيه.

رغبةٌ ملحة وشوقٌ عاصف وكأنه مغرم بها منذ أمد، وعندما فتحت الخادمة “كيارا” الباب مرحبة بسيدها الجديد:

-حمداً على سلامتك سيد “نك”.

لم يعر هذا المتعجرف كلماتها أي اهتمام وإنما جالت عينيه بالجوار؛ بحثاً عنها وعندما لم يلمح طرفها توجه بالحديث لتلك الماثلة تنتظر منه أمر إما الانصراف أو أن تلبي شيء يقصدها بتنفيذه.

“نك” باقتضاب:

-أين “ساندي”؟

“كيارا” باحترام:

-في غرفة الصغير سيدي، فهي لم تبرحها منذ أن رحلت.

“نك” بتعالٍ:

-اذهبي أنت، وبعد عشر دقائق أعدي العشاء وأخبريها أن لا تتأخر بالنزول.

“كيارا”:

-حسناً سيد “نك”.

“نك” بخيلاء:

-الزعيم “نك”

“كيارا”:

-أعتذر منك يا زعيم، هل تأمر بشيء خاص على العشاء؟!

“نك”:

-اسأليها إذا كانت ترغب بشيء معين.

“كيارا”:

-سأصعد لها على الفور.

خيبة أمل أصابته عندما لم يجدها بالأسفل، وقبل أن تصعد الخادمة أولى درجات السلم صاح بها قائلاً:

-انتظري، هل قلتي أنك لم ترِيها منذ أن غادرت؟

ارتعدت “كيارا” برهبة عندما استمعت لصوته الجهوري يرج جدران القصر، ولا تعلم السبب!!
ماذا فيها إذا قررت “ساندي” البقاء مع الطفل؟!
فهو لم يأتي على ذكر تحديد أقامتها؟!

“كيارا” بتوجس:

-أجل يا زعيم.

بخطى أشبه بالوثب صعد الدرج بلمح البصر وقد شعر باختناق وسيطرت عليه حالة من الحزن والضياع عندما خطر بباله فكرة تمكنها من الهرب، ودون أذن اقتحم الغرفة دافعاً الباب بقوة أدت إلى ارتطامه بالحائط خلفه مصدراً صوتاً مدوياً.

انتفضت على إثره تلك النائمة فزعاً، فقد غلبها سلطان النوم بعد أن أحضرت “كيارا” وجبة خفيفة لها وللصغير وريثما تناول كلاهما الطعام، دثرت الصغير بالغطاء تحتل جواره جانباً من السرير تأخذه بين ذراعيها، فاستكان بدفء أحضانها وغفيا كلاهما بينما كانت تقص عليه إحدى قصص الأطفال.

“ساندي” بخضة وفزع:

-ماذا هناك؟! هل اندلع حريق بالقصر؟!

أما الذي اختنقت أنفاسه زفرها ببطئ، رافعاً إحدى يديه يمسد جبينه بحرج أو براحة أو كلاهما.
حقاً لا يعرف!!

وانعقد لسانه ولم يجد ما يتفوه به، فبالطبع لن يقول لها أنه شعر بإزهاق روحه عندما أحس أنها من الممكن أن تكن قد تركته.

“نك” بتلبك:

-لقد.. أقصد.. آه لقد أتيت لأخبارك أن العشاء بعد عشر دقائق.

لعن حاله، قائلاً:
أي هراء هذا الذي تفوهت به تواً؟!
أي عشاء الذي جاءت لتخبرها عنه؟!
ماذا ستقول الآن؟!
سحقاً لك “نك” هل بهذا حفظت وقارك وهيبتك؟!
ما تفوهت به الآن جعلك تبدو كخادم القصر لا سيده يا زعيم!!

هذا كان حديث العقل، أم عن ردها فكانت بوادره تلوح على ملامحها بأن ناظرته بحاجبٍ مرفوع قائلةً بسخريةٍ وذهن حاضر:

-حسناً اسبقني لتعد الطاولة وسأتفضل عليك بالقدوم.
Boom

جواب غير متوقع وبسالة منقطعة النظير وإعجاب لمع بريقه في عيني من قصفت جبهته، ومن المفترض أن يغضب أو يثور، وها قد تطرق إلى المفترض ووقع حديثها عليه لا يتماشى مع المفترض الذي سيمطرها به الآن.

“نك” بغضبٍ مصطنع:

-ماذا قلتي تواً يا عديمة العقل؟!

“ساندي” بتبرم:

-أخفض صوتك كيكو الولد نائم أم تريد إفزاعه هو الآخر!!
كما أنني لا أجد فيما قلت شيء يوحي بما نعتني به!! أسمعت أنت ما قلته الآن؟!

رفع يده اليمنى يحك بها شعر رأسه من الخلف في حركة قطعت على مداومته عليها في حالات معينة كمتلازمة، ولكن ما لم تستكشفه بعد ما تنم عنه تلك الحركة.

قطعاً الأمر يحتاج بعض الوقت؛ لتحلل شخصيته فهذا مجال دراستها التي اختارتها عن اقتناع ولكن الظروف التي مرت بها لم تمكنها من إتمام ما اختارته أو ما رغبت به.

“نك” مغيراً مجرى الحديث، أو مكملاً لقصف الجبهة الذي بدأته، وقد خرجت الكلمات فيما يشبه الاستجداء:

-هل ستأتين لتناول الطعام معي؟! أنا مللت وأريد قضاء بعد الوقت برفقة أحدهم.

جحظت عيناها لتعقيبه الأخير، بينما عض هو لسانه لحماقة ما تفوه به فقد بدى كطفلٍ منبوذ بين  أقرانه يتسول الرفقة.

أومأت في إيجاب ولا تعلم لما لمس طلبه هذا قلبها، ولكنها تشعر ناحيته بانجذاب حقيقي برغم تناقض شخصيته، ولكن متأكدة تأكد تام أن هناك سبب ما وراء هذا التناقض ترغب في كشفه ولكن ليس الآن فإذا واتتها الفرصة ستعمل على ذلك.

ولتكن صادقة ليس مكنون شخصيته هو ما يشغل بالها الآن ولا تطمح بأن تحظى بتلك الفرصة، ما يؤرقها حالياً كيف ستتمكن من الهرب وبحوزتها ما تبقى معها من الغنيمة.

فقالت باستمالة وهي ترمش بأهدابها مدعية البراءة مع لمسة إغواء عمدت على أن تبدو تلقائية، حقاً بارعة إنتِ بالتقمص “ساندي”:

-“كيكو” هل لي بطلب؟! أم إنك ستتعنت وتركب رأسك؟! وتأخذ الأمر على محمل الثأر!!

ماذا يفعل مع كتلة الزرافة تلك؟! تبدو ناعمة ورقيقة حينما تُفَعِّل خاصية الحيلة!!
بات على علم تام بأساليب الخداع والمراوغة التي تطبقها عليه، ولكن لا مانع لديه الآن في مجاراتها، فأجاب يتصنع الضجر:

-قولي دون مقدمات “ساندي”.

قضمت شفاها بحزن وحرج متملق:

-خِلصنا “كيكو” لا أريد شيئاً، حتى الطعام لا أرغب به، فقط دعني وشأني، وبإمكانك الذهاب لتناول طعامك يا قاسي القلب أنت.

سينقض عليها وينهي عذاب قلب وجسد يرغب بها، ولكن منع حاله من الإقدام على أي فعل فوجود الصغير حال دون ذلك، كما أنه يرغب بفرصة لحديث مطول مع الذات يحدد به ماهية ما يشعره نحوها.

فإذا كان هذا حاله دون التحام جسدي يذكر فقط قبلة انعشت بداخله إحاسيس مدمجة، وغزت بنظرة من عينيها وخفة ظلها وذكائها لبه وقلبه وروحه.

“نك” مدعياً اللامبالاة، قائلاً يظهر عكس ما يخفي، فإذا كانت تتصنع لهدف ما ستبدي استياء من تجاهله وستبدأ بإثقال عيار دلالها لتظفر بما ترغب، وهو المطلوب إبرازه:

-حسناً كما تشائين، حتى أنا قد فقدت شهيتي وسأخلد إلى النوم.

والتفت يواليها ظهره يستعد للخروج أو ليوهمها بذلك.

هبت من مضجعها تمسك بذراعه من الخلف، وما إن فعلت حتى لاحت ابتسامة نصر بزاوية فمه، ولكن سرعان ما تلاشت يرسم على وجهه معالم الجمود والتجهم، ليس لكونه يتصنع فحسب ولكن خوفاً!!

نعم خوفاً من تأثيرها عليه، فهي استحوذت على كامل حواسه، لمسة يدها لذراعه أسرت بداخله شحنة من المشاعر تكابلت جميعها؛ لتخضعه لها.

خوفاً من أن تكن كغيرها من النساء اللاتي عاهدهن، إناث بل قلب ولا رحمة حتى أحاسيس الأمومة لم تمنع من أنجبته التمسك به بل تخلت.

خوفاً من أن يقع لها وتخذله كما فعلت غيرها ساعيةً خلف من هو أكبر سلطة وأعز مالاً “الداهية”.

خوفاً من أن يكن ما بتديه لهدف أو غاية، وهذا السبب هو على ثقة تامة به فغايتها واضحة والهدف معروف.

استدارت تعترض طريق خروجه، وهي تضيق عينيها الرمادية الساحرة ترسم معالم الحزن على وجهها الصبوح وتزيدها وهي تمط شفاهها الكرزية بشكل طفولي ومغوي، قائلة بنبرة صوت ناعمة:

-لا “كيكو” يحق لي كمحتجزة في قصرك أن أبدي اعتراضي على أسلوب تعاملك معي، وأن أطالب بحقوقي كأسيرة حرب.

يا الله عقله يطالبه بالفرار، وهو يجزم أنه واقع لها بالفعل، لم يعد هناك ذرة شك لقد عشقها وحسم الأمر.

رفع يده ليحط بكفه على جانب عنقها، يتلمس بإبهامه وجنته برقة زلزلتها، فشرد عقلها وهي تسبل أهدابها بتأثر متسائلة أيهما يتلاعب بالآخر؟!
وكانت الإجابة:
-أنها هي من بدأت اللعبة، وإن بقيت ستُعْلَن النتيجة بفوز الخصم.

“نك” ببحة رجولية:

-وما أوجه اعتراض أسيرتي الحسناء “ساندي”؟!

ضاعت “ساندي” بدفء لمسته، وهي الآن تتوق لعناق تكلل به إحساس لذيذ تملكها، فلم تقاوم رغبتها في ذلك، وهي تقر أنه لا ضير بعناق وداعٍ، فلابد وأن ترحل الليلة وللأبد.

أغمضت عينيها وهي ترفع كف يدها تثقل راحته الملامسة لوجهها، وارتفع طنين نبضات قلبها،  وبصوت متهدج من فرط لذة ما تشعره الآن مفرجة عن جفنيها تناظره بأعين تلمع بهما أحاسيس لا يعرف هو إن كانت صادقة أما برعت في رسمها هامسة:

-“كيكو” هل لي بعناق؟

كان سيفعلها لو لم تطلب ذلك، ولكن وقع الطلب الذي ينم عن رغبة متبادلة له متعة خاصة.

سؤال بسيط من ثلاث كلمات “هل لي بعناق؟” أضرم بجسده لهيب من الشوق والرغبة، مقر بأنه عناق منها وبإرادتها، بل وهي من طلبت سيصل به إلى أعلى قمة المتعة، فقط يشعر بها بين أحضانه.
وما كان منه إلا أن_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top