رواية سجناء الجزيرة كاملة وحصرية للكاتبة أسماء حميدة الفصل 36

Prewedding

تركته بقلبٍ مفتور ولا تعلم كيف ستقوى على الرحيل؟!
أو ما هو السبيل إليه؟!

توجهت “ساندي” تتبع الإشارات إلى المرحاض، وعندما رفعت يدها؛ لتدير مقبض الباب وجدت إحداهن تسبقها لتفتحه من الداخل، ويبدو إنها إحدى العاملات بالمكان وذلك يتضح من زيها الذي يشبه زي العاملين بالخارج.

“ساندي” وهي تلتفت إلى الخلف؛ لتتبين ما إذا كان قد اقتفاها إلى هنا أم لا. 
وعندما لم تجد ما ترتاب منه، وجهت الحديث لتلك العاملة قائلةً:

-استمحيكِ عذراً آنسة.

الفتاة ببشاشةٍ واحترام:

-على الرحب والسعة، كيف يمكنني المساعدة؟!

“ساندي” بحيلة ولكن يبدو عليها الارتباك:

-هل يمكنكِ أن ترشديني إلى الباب الخلفي؟

ورسمت بسمة على وجهها تتصنع الخجل، قائلة:

-أود أن أحضر هدية عيد الزواج التي أحضرتها من أجل زوجي من السيارة.

الفتاة:

-بالطبع سيدتي، ويمكنكِ أعطائي مفتاح السيارة وسأرسل من يجلبها إلى هنا.

“ساندي”:

-أشكركِ على عرض المساعدة، فقط أرشديني حيث الباب.

توجهت العاملة ناحية أحد الممرات المقابلة لباب المرحاض والأخرى تلحق بها، حتى توقفت الفتاة تشير إلى الباب الخاص بالبوابة الخلفية، ومن ثم شكرتها “ساندي” متوجهةً إلى الخارج.

بينما الجالس بالانتظار على الطاولة، أخرج حافظة نقوده التي ردتها إليه يعبث بمحتوياتها، فلفت نظره عدم وجود إحدى بطاقات الائتمان العائدة إليه.

رفع رأسه عن الحافظة شارداً لثوانٍ، ومن ثَمَّ سب تحت أنفاسه، وهو يهب واقفاً يدفع الكرسي الجالس عليه بعنف ليسقط أرضاً، راكضاً حيث الاتجاه الذي اختفت بين جنباته، طارقاً باب المرحاض النسائية بقوة.

وعندما لم يأته رداً من الداخل، زفر بغضب وأخذ يدور حول نفسه بحنقٍ وثورة متواعداً إياها بالكثير.

وبينما هو على تلك الحالة وجد إحداهن تتقدم من نهاية الممر، فاستوقفها قائلاً بتساؤل:

-عذراً، هل لمحتي فتاة شقراء ترتدي فستان رمادي هنا بالجوار؟

الفتاة:

-نعم سيدي، هل أنت زوجها؟!

أجاب بما لا يجعل مجالاً للشك:

-نعم، هل رأيتها؟

التفتت إلى حيث نهاية الممر تشير بيديها كعلامة انعطاف:

-نعم لقد خرجت تواً من هذا الاتجاه فقد أخبرتني……..

لم ينتظر لتكمل ما كانت تهم بقوله بل اندفع مهرولاً حيث أشارت يفتح الباب الذي اعترض طريق الوصف، يخرج من خلاله راكضاً نحو الطريق العام.

جال ببصره في المحيط حوله، وجدها على بعد تسير بخطوات واسعة ممسكة بطرف ثوبها حتى لا تتعرقل، ويبدو أنها فشلت في استيقاف سيارة فقررت الفرار سيراً على الأقدام أو بالأحرى ركضاً.

بسرعة البرق مضى خلفها بتعجلٍ، وبخطواتٍ متلاحقة.

وعقلٌ يلعن غباءه؛ لثقته بها وقد آمن واحدة من جنس بنات حواء، ينهر قلباً عشقها وذاب بها.

لن نبالغ إذا قولنا أننا لمحنا دمعة قهر تود الفرار من بين جفنيه ولكنه يأبى السماح لها.

صوت نشيجه تعالى، وهو يرمح خلفها وخيلات من بئر الماضي تطفو إلى سطحه؛ لتزين له أشكال ينوي معاقبتها بها على نفس المنوال الذي رسمه بعقله الباطن.

بقت خطوتان وستصبح ملك يمينه، وسيريها كيف لها أن تغدر به بعد أن وهبها قلبه لتدهسه أسفل حذاءها؟!
وعقله يتشمت فيه، قائلاً بتشفٍ:

-أرأيت “نك” ألم أحذرك منهن؟!
قابل يا زعيم لقد جعلت منك ألعوبتها؛ لتظفر بحفنة نقود وأنت كنت ستلقي بمالك بأكمله تحت قدميها!!
ملعونٌ أنت “نك”؛ لتعطي الأمان لإحداهن، لا وسارقة مثلها سرقت قلبك؛ لتحظَ بمالك مثلها كسابقتها ولكن الأخرى كانت أمكر فلم تخن من أجل حفنة نقود تلك كانت أطمح!!

انتبهت “ساندي” لوقع خطواتٍ مسرعةٍ خلفها إبان انتهاء ذلك الرصيف الذي يفضي نهايته إلى تقاطع، فالتفت وهي تضع إحدى قدميها أرضاً تنوي قطع الطريق متوجهةً إلى الجهة الأخرى.

وعندما لمحته خلفها أسرعت وهي تراقب تقدمه منها ولم تلحظ تلك السيارة القادمة من الجهة اليمنى فرأسها يقابله جهة اليسار.

ولكن الراكض خلفها تتضح له الرؤية، فأسرع يقبض على خصلات شعرها من الخلف بقلب هوى أسفل قدميه، عندما رأى السيارة على وشك دعسها، وغضب عارم من قلب آلمه عليها وعقل يحذره من الخنوع.

صرخت بفزعٍ عندما جذبها من شعرها بقوة إلى الخلف، وكذلك تعالي صوت احتكاك إطارات السيارة بالأسفلت مع ضغط السائق لفرامل السيارة.

ولم يكتفي “نك” بهذا ولكنه مع تعاقب الأحداث تعرقلت ليلتوي كاحلها وجسدها يبدأ في الارتخاء أرضاً، لكن يده التي استماتت على خصلاتها حالت دون ذلك وهو يجذبه بعنف ليسحلها على الرصيف ،ناعتاً إياها بأفظع الشتائم والألفاظ التي وردت بقاموس البشرية.

ترجل سائق السيارة؛ ليتبين ما في الأمر خاصة مع انخفاض الإضاءة بتلك المنطقة، وما إن رأى ما يفعله هذا الناقم بها، أسرع مقترباً منهما وهو يصيح به:

-ماذا تفعل يا أخرق؟! تستخدم عضلاتك لتثبت رجولتك على كائن أضعف منك يا قليل الحيلة!!

هجاءه لم يلقَ لديه أي مهادنة بل على العكس اشتعلت عينيه غضباً بشكل موحش واستحال بياضهما إلى حمرةٍ مخيفة.

وهو يمد يده إلى تلك الجعبة المعلقة بحزام خصره، يفك قيد سلاحه مصوباً إياه بوجه هذا الدخيل من وجهة نظره، تاركًا شعرها على مضض جاذباً صمام الأمان الخاص بطبنجته.

شاهراً إياها لأعلى يضغط على زر الإطلاق يفرغ طلقتين في الهواء سقط فارغهما على رأسها، وجسدها ينتفض بخوفٍ وزعر حتى كادت أن تبول بثيابها.

صرخة هلع شقت عنان السماء لفظتها حنجرتها، عندما سقط عليها شيء لم تستوعب بعد ماهيته، بينما هرول الرجل مسرعاً يبتعد عن محيط المنطقة بأكملها تاركًا سيارته مكان ما ترجل منها ببابها المفتوح.

حاولت النهوض؛ قبل أن يتمكن منها مرةً أخرى تنوي الإبتعاد مثلما فعل ذلك الهارب ولكن لم تعاونها ساقيها، وجسدها وكفيها وأماكن مختلفة بجسدها تئن بألم إثر تلك الردود والكدمات التي خَلَّفها سحله لها على أرض الرصيف الخشنة.

عندما لاحظ محاولتها للنهوض قبض مرةً أخرى على شعرها ليكمل ما فعل، فرفعت كفها تمسك بقبضته الفولاذية على خصلاتها ترجوه بقهرٍ وخوف:

-“نك” بالله “نك”، اتركني، أرجوك “نك” يكاد شعري يقتلع بيديك.

لم يجب واستمر بجذبها خلفه بوحشية، وهو يجز على أنيابه منها وبما نعته به هذا الدخيل، ولكن لا بأس سيفرغ منها ومن ثم سيرسل من يأتيه به مكبلاً، فلقد سجل بذاكرته رقم السيارة وإحضاره من العدم أيسر ما يكون.

عندما لم يعر رجاءها اهتماماً، أخذت تتوسله قائلة ببكاءٍ ينقطع له نياط القلوب:

-جسدي يؤلمني “نك” ولا أستطيع الوقوف، ارحمني حباً في الله.

توقف ولازال ممسكاً بشعرها، رافعاً رأسه لأعلى يزأر بغضبٍ يواري به استجابة قلبه لرجاءها ولكن عقله مازال متعنتاً.

خفض يده المتملكة من خصلاتها؛ ليقبض على ذراعها رافعاً جسدها عن الأرض، في ظل أنات ألمها المتعالية.

ينخفض بجذعه يحملها على كتفه ولم يعد لديها قوة لتقاوم، وقد تلاشى صوتها من شدة الصراخ وحتى وإن كان بإمكانها الصياح فلن تفعل.

توجه بخطوات تدك الأسفلت أسفل قدميه نحو السيارة وكأنه لا يحمل شيئاً؛ فقوة جسده وعضلاته البارزة تعاونه على ذلك بكل يسر.

انحنى يفتح الباب إلى جوار مقعد القيادة يدفش جسدها إلى الداخل مغلقاً الباب بحدة.

واستدار حول السيارة يفتح الباب المجاور للمقود يندس داخلها بجسد متشنج، يحكم غلق الأبواب بمفتاح التحكم عن بعد، منطلقاً بسرعة قصوى؛ لتصدر السيارة صوتاً مدوياً بالأرجاء ينم عن تهور السائق.

أسندت رأسها إلى زجاج السيارة جوارها ودموعها تجري على وجنتيها بغزارة، وصوت أنينها ونشيجها أثار حنقه، ليصرخ بها وهو يكور قبضة يده يضرب بها إطار عجلة القيادة عدة مراتٍ:

-لا أريد أن أسمع صوتكِ ولا حتى نفسٍ يصدر عنكِ أيتها العاهرة.

رفعت كف يدها تكمم فمها، تومئ برأسها عدة مرات برهبةٍ وهلع وقد انكمشت على حالها خوفاً من بطشه.

بعد عشر دقائق من القيادة بتلك السرعة الفائقة، أوقف السيارة بالداخل وهو يدعس على دواسة فراملها بقوة.

وهذا بعد أن فتح البوابة الإلكترونية للقصر ذلك القابع بغرفة الخفر الموجودة بجوار المدخل الخارجي، وهذا عندما لمح على مرمى البصر السيارة وهي تتجه نحو البوابة وبتلك السرعة التي تفصح عن الغضب العارم لقائدها وسيده في ذات الوقت.

ترجل من السيارة يفتح الباب المجاور لصاحبة الجسد المرتجف، ودون أدنى تفكير أو مقاومة من قِبَلِها رفعت ذراعيها إليه بقلة حيلة، وهو ينحني نحوها ليلتقطها بين يديه، تحيط عنقه بساعديها.

توجه حاملاً إياها نحو الباب الداخلي للقصر الذي فُتِح دون طرق أو تنبيه منه، وذلك عندما استمعت “كيارا” إلى دوي صوت الفرامل، مفسحة الطريق لهذا الحانق تتفادى غضبه الجلي ولسانه السليط، وقلبها ينفطر على تلك المحمولة بهيئتها المزرية.

وعينا تلك المسكينة تناشدها التدخل ولكن من أين لها بالقوة والمكانة لتجابه هذا الوحش الثائر؟!
فهي بالأخير خادمة لديه.

ارتقى الدرج وهي بين يديه لا قوة لها ولا حيلة، فماذا يمكنها فعله وهي بهذا الوضع؟!

تجاوز تلك الغرفة التي كانت بها مع الصغير ماراً بعدة أبواب تجاهلها جميعها، وهو يتوجه بها إلى آخر غرفة بممر الغرف ذاك يفتح بابه.
فعلمت حينها أنها هالكة لا محالة.

ولج يلقي بها بقوة على التخت الموجود بتلك الغرفة يتوجه ثانيةً نحو الباب يحكم غلق قفله بالمفتاح نازعاً إياه من فتحة الباب؛ ليضعه بجيب منطاله، عائداً نحو التخت مرةً أخرى.

وهو ينزع عنه سترته ولم ينتظر ليحل وثاق تلك الأزرار الخاصة بقميصه، وإنما جذب أحد طرفيه؛ لتتطير أزراره بتناثر في الهواء، يعتليها قابضاً على فكها بشراسة ينقض قاضماً شفتيها يغرز أسنانه بعنف متلذذاً بمذاق دمائها كاتماً صرخات ألمها بشفتيه.

ومن ثم رفع جسده عنها، نافضاً يده عن فكها بقوة أدت إلى ارتداد رأسها إلى الجهة الأخرى.

وراحتيه قبضة على مقدمة ثوبها يشقه بقسوة، وهي ترفع كفيها تواري به ما تمكنت من إخفاءه عن عينيه التي تنهش نظراتها جسدها العاري.

فبرغم ما كانت تفتعله من صور وهمية تلتقطها لزبائن الحانة الذين أجبرها “ستيڤ” على مرافقتهم، ولكن كانت تلتقطها ومَن معها غائبٌ عن الوعي.

وتحرص على عدم إظهار وجهها أو جسدها بالصور الملتقطة إلا من جزء غير مخجل ساترةً جسدها بأحد الشراشف، بينما ذلك ال “نك” يستبيح ما حرمته على غيره.

توقفت يده عن تجريدها من باقي ثيابها؛ عندما استمع إلى ما قلته، ولم يتفهم منه سوى كلمة واحدة بسبب نحيبها المرتفع، وشيء ما داخله يصدقها برغم استحالة ما ذكرته من وجهة نظره.
لكن استماتتها أثارت ريبته من إمكانية صدق ما قالت.

فتصلب جسده مبتعداً عنها يهز رأسه برفض ثم _____

ترى ماذا قالت؛ ليتوقف عن ما كان مقدماً على فعله؟ لمتابعة مواعيد نشر الرواية يرجى الانضمام إلى قناة التليجرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top