رواية سجناء الجزيرة للأسطورة أسماء حميدة الفصل 12 حصري على موقع دريمسيز

Prewedding

هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.

عندما يجتمع الحقد والهوس مع الإنتهازية والوصولية مغلفين برداء المال والسلطة، فبهذا قد اكتمل أضلاع مثلث الشر.

وعلى من تطوله إيدي الثلاثة مجتمعين، إما الفرار ناجياً بحياته، أو أن يكن متجبراً ليواجه قوى الشر المتحالفة.

بعد لقاء “نيكولاس” رجل الأعمال ذاك الانتهازي، مع قرينه “ويلسون” هذا العالم المهووس، واتفق الاثنين على تلك الشراكة المدنسة بدم الأبرياء، وقد أعطى “نيكولاس” مبلغاً لا بأس به ل”ويلسون” كعربون شراكة.

عمد الثاني على الفور بنفس اليوم على إعادة بناء معمله المنكوب، وتجهيزه على أعلى مستوى؛ استعداداً للعمل على ذلك الفيروس لحين توفير “نيكولاس” حقل تجارب، يتمكن فيه “ويلسون” من اختبار ما صنعت يده.

ولكن تلك المرة لن يكن المساهم في التجربة حيوان مثل كلبه “روجر” بل سيكون المساهم أو مجموعة المساهمين بشر من بني جنسه غير عابئ بخطورة النتائج.

يجلس “نيكولاس” على مائدة الطعام، ويشاركه أفراد أسرته، زوجته”سيلا”، وابنته الصغرى “ريتا” التي تبلغ من العمر ٢٠ عاماً، وتدرس في الجامعة بعامها الأخير في مجال الهندسة الوراثية، وهي تختلف كلياً عن أبيها فقد ورثت الطيبة والقلب الذهبي من والدتها.

ويجالسه أيضاً على نفس الطاولة ذاك النموذج المصغر لأبيه، ابنه البكري “شيراك” والذي يعمل معه في مجال تجارة الأدوية والمستحضرات الطبية، ويبلغ من العمر ٢٨ عاماً.

ولسوء الحظ قد ورث هذا الشاب من أبيه جميع خصاله الدنيئة، فلا يهمه في حياته سوى جمع الأموال، وتنمية تلك الثروة، وهو على علم تام بجميع أعمال أبيه المشبوهة.

وكذلك مصدر ثروته، بل ويؤيده فيما فعل وفيما قد يفعل تجاه تلك الأزمة المالية التي يمرون بها، والناجمة عن خسارتهم الفادحة نتيجة المضاربات في البورصة.

“شيراك” بعدما لاحظ شرود أبيه:

-ما بك أبي؟! ألم تخبرني أنك توصلت إلى حل مرضي بشأن شراكتك مع صديقك هذا؟!

“نيكولاس”:

-نعم بني، ولكنه اشترط وجود مساهمين؛ ليختبر ذلك الڤيروس ونتائجه عليهم وكذلك فاعلية اللقاح.

“شيراك”:

-ما المشكلة إذا؟! سنعثر على أحد يكن بحاجة إلى المال، ويالا كثرة المحتاجين.

“نيكولاس” وهو يلوك ما بفمه من دون شهية، وقد تنبهت “ريتا” لحديثهما معاً، فسألت مستفسرة:

-عن أي ڤيروس تتحدثون؟!

“شيراك”، وهو يتحدث عن الأمر ببساطة، لا كونهما مقبلان على كارثة حتمية:

-بعد تلك الأزمة التي تعرضت لها شركاتنا؛ لجأ أبي لعقد شراكة مع أحدهم، على أن يقوم ذلك الشريك بافتعال مرض ما، شيء يشبه نزلات البرد، ويقوم بتصنيع الدواء المضاد لهذا المرض على أن تحتكر شركاتنا هذا النوع من الدواء؛ حتى يزداد الطلب على منتجاتنا، ونتمكن من تعويض خسارتنا.

“ريتا” وقد جذبها حديثهما، في حين تجلس زوجة “نيكولاس” بهدوء تام، تستمع ولكن لا تفهم عما يحدث شيئاً، فهي لا تفقه عما يدور بعالمهم المشبوه هذا أي شيء.

“ريتا”:

-عن أي نزلة برد تتحدث؟! هل نزلات البرد تحتاج إلى احتكار أدويتها؟! كل شركات الأدوية المحلية والعالمية تنتج الملايين من علاجات الأنفلونزا بجميع مسمياتها حتى الأنواع المستحدثة، كإنفلونزا الطيور التي تفشت في دول العالم الثالث.

“نيكولاس” متجاهلاً حديث ابنته، فالوقت يمر وكل تأخير سيقربه من الإفلاس والسجن، ومصيبته أبعد ما يكون عن أخذه الحيطة والحذر في الحديث عن تلك الشراكة الموبوءة أمام ابنته.

“نيكولاس”:

-المشكلة أن إجراءات البحث عن مساهم وإمكانية قبوله أو رفضه، ومدى فاعلية النتائج من عدمها، كل ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً، ونحن بأمَس الحاجة لكل دقيقة تمر، ويجب تفادي المجاهرة بالأمر، لابد وأن تتم الأمور بسرية تامة.

“ريتا” باستنتاج:

-أبي أنت تعني أنه قد يكن هناك خطورة على ذاك المساهم؟!

“نيكولاس” بانتباه وتضليل:

-بالطبع لا، أنا أعني أنه يتوجب علينا الحظر والتكتم ضماناً لنجاح تلك الفكرة، أي خطورة ستقع على مصاب بنزلة برد؟! حتى وإن كانت أعراضها أشد وطئاً؟!

أومأت “ريتا” على غير اقتناع، وأضافت:

-أبي أنا أثق بك، وأثق أنك قادر على أن تتخطى بنا تلك الأزمة، ولكن حباً بالله أبي، لا تورط حالك بمشاكل إضافية.

“نيكولاس” بمراوغة:

-لا تكبري الأمور وتعطيها أكثر من حجمها “ريتا”، لا تشغلي بالك أنتِ، ودعكي من مشاكل العمل، فقط انتبهي لدراستك، وكل شيء سيكون على ما يرام.

بينما التمعت أعين “شيراك” بحماس، وهو يقول:

-لقد وجدتها أبي، كيف تاهت عن بالنا تلك الفكرة.

“نيكولاس” بعدما لاحظ انتباه “ريتا” لمجرى الحديث مرةً أخرى، فقام بدفش قدم ابنه من أسفل الطاولة، قائلاً:

-أغلقنا الحديث بشأن العمل، الآن وقت الطعام، دعنا نستمتع بوجبتنا “شيراك”.

ساد الصمت لحين انتهى الجميع من تناول طعامهم، ومن ثم نفض “نيكولاس” يديه، موجهاً حديثه لزوجته:

-“سيلا” دعيهم يحضرون لنا القهوة بغرفة المكتب.

ثم وجه حديثه ل”شيراك”:

-غسل يديك، ووافيني إلى المكتب، فهناك أمور تخص بعض الشركات التي نتعامل معها، يجب مناقشتها.

أجابت “سيلا”:

-حسناً، سأجعل الخادمة تجلبها لكما في غرفة المكتب.

بداخل غرفة المكتب يجلس الذئب مترئساً المقعد الأساسي، ويجلس أمامه خليفته.

مد “نيكولاس” يده إلى علبة السيجار الكوبي، يفك لفافة إحداها، وبيده الأخرى تلك المقصلة، حيث قام بنزع كعب السيجار الذي بيده، داساً إياه بفمه، يشعله بتلك القداحة الذهبية المرفقة بعلبة السيجار المطلية بماء الذهب التي تتناسب مع التصميم الأنيق لمكتبه.

“نيكولاس”:

-يجب علينا الحرص في حديثنا تلك الفترة؛ حتى نتفادى الوقوع في الأخطاء وإثارة الشكوك، “ريتا” مازالت صغيرة وقد يزلف لسانها أمام أي من أصدقائها، وقد يوقعنا ذلك في مشكلة نحن في غنى عنها.

“شيراك”:

-معك حق، دعنا من هذا الآن، اسمع أبي تلك الفكرة، ولكن أولاً عدني أنك ستشتري لي ذلك اليخت الذي عرضه للبيع “ستيورد” والد ذلك البغيض “ريمون”.

هز “نيكولاس” رأسه قانطاً من جشع ابنه، وعدم إحساسه بما هم مقدمون عليه إذا لم تحدث تلك المعجزة، متناسياً المثل المضروب في أمثالهما “ابن الإوز عوام”.

فإذا كان ابنه جشعاً غير مبالي بفواجع الآخرين، فقد تشرب ذلك منه، ولكنه قال بإذعان:

-هات ما لديك “شيراك”، وبعدها أنا من سيقرر إذا كانت أفكار تستحق أم لا.

“شيراك”، وقد اشتعلت حماسته، وهو يمسك بإحدى التحف الخزفية يحركها من موضعها، ويثبتها أمامه على المكتب، وهو يبادر عرض فكرته، قائلاً:

-لنعتبر هذا صديقك العالِم الذي حدثتني عنه والذي يمثل العقل المدبر.

ثم قام بتحريك قطعة أخرى من تلك التحف وقام بوضعها على مقربة من الأخرى، مشيراً إليها، قائلاٌ:

-وتلك أنت، وأنت هنا مِثالاً للثروة.

ثم التقط قطعة ثالثة يضعها قبالتهم، بحيث تشكل الثلاث قطع رؤوس مثلث، وهو يضيف قائلاً:

-ولتكتمل رؤوس مثلث القوة هذا لابد له من شخص يمثل النفوذ، فإذا اجتمع العقل مع المال ودعمتهم السلطة، فبذلك شكلنا تحالفاً يمكنه خرق كل المألوف، وما من أحد يمكنه مجابهته، كما أن ذا النفوذ هذا سيحمي مخططكم، وخاصة إذا كان بحاجة للمال، أي بحاجة إليك سيد “نيكولاس”.

تعالى صوت التصفيق من القابع خلف المكتب، ودخان ذلك السيجار يخرج من أنفه، كتنين ينفث ناراً حارقة، ومن ثم التقط السيجار من فمه يسنده إلى تلك المنفضة الكريستالية الموضوعة إلى جانبه على سطح المكتب، قائلاً بتعقيب:

-وبما أنك صاحب الفكرة، ومن خلال السرد المتقن هذا، فحتماً لديك مقترح عن الرأس الثالث الذي سيحكم غلق تلك المنظومة.

“شيراك” بابتسامة خبيثة:

-في طلبي يكمن الحل.

زوى “نيكولاس” ما بين حاجبيه بتفكير، قائلاً وهو يميل بجسده إلى الأمام مرتكزاً بساعديه إلى سطح المكتب، يعقد أصابع كفيه، يطرق إبهاميهما معاً:

-أتقصد؟!

“شيراك” وهو يومأ برأسه بإيجاب قائلاً:

-أجل “ستيورد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top