رواية سجناء الجزيرة للكاتبة أسماء حميدة كاملة وحصرية حتى الفصل الأخير حصري على موقع دريمسيز (الفصل 14

Prewedding

تلك أول مرة لا يتذمر فيها “چاسم” عند جمعها مع أحد سواه في جملةٍ واحدة، بل وعلى عكس التوقعات أمن على دعائها بقلبٍ خاشع.

فسألته بتوجسٍ؛ خوفاً من إثارة غيرته كالمعتاد:

-“چاسم” هل لي أن أحدث “سام” قبل أن تغادر؟!

أجابها بتلبكٍ:

-“سام” نعم، أعني لا، فلقد غادرت تواً بعد أن أوصلته هو وأبي إلى رفيقٍ له يسكن في ضواحي المدينة أسفل جبلٍ، لديه أحفاد من عمر “سام”؛ لذلك فرح الصغير كثيراً ولبى دعوة جده على الفور، كما رأيت أنها فرصة له؛ ليمرح قليلاً مع أطفال في مثل سنه، وكما تعلمين شبكة الاتصالات في مثل تلك الأماكن تكن رديئة، ولكن لا بأس فأبي سيعتني به جيداً.

“چيسيكا”:

-حسناً حبيبي كما ترى، فقط لا تتأخر.

“چاسم” وقد أتته مكالمة على الانتظار، فأسرع ينهي مكالمته معها؛ حتى يجب على من بالطرف الآخر:

-حسناً حبيبتي، لن أتأخر، فقط اكملي نومك حتى أعود، سلام مؤقت.

ما إن أغلقت الخط حتى ضغط على زر استقبال مكالمة الانتظار، قائلاً:

-أنا بالمكان الذي دعوتني إليه، أين أنت؟

الطرف الآخر:

-اصعد التلة وستجدني بانتظارك.

بخطى واسعة أخذ يصعد تلك الربوة، فوجد أحدهم يواليه ظهره، يستند بأحد كفيه إلى ذلك السياج الحديد المنصوب أعلى القمة المستوية لتلك التلة، وبيده الأخرى يمسك شيئاً ما على ما يبدو هاتفاً، وإلى جواره أرضاً توجد حقيبة جلدية سوداء متوسطة الحجم.

حتماً هو الشخص المقصود، ولكن زيادة في الحرص، اتصل على الرقم الذي أغلق معه منذ قليل، فاستمع إلى صوت رنين هاتف مصدره ذلك الشخص، الذي استدار بكامل جسده؛ ليقابله نازعاً عنه تلك النظارة الشمسية التي تحجب نصف وجهه.

بالطبع تعرف “چاسم” على هوية ذلك الشخص، إنه “نك” الذراع الأيمن ل”ريكا بان”، الذي كان “سام” صديقه السبب الرئيسي في إرساله إلى السجن.

إذاً فهو محق بشأن تنبؤاته عن سبب ما حدث لابنه، ولكن ما الذي يريده منه “نك”؟!

اقترب “نك” بعد أن التقط تلك الحقيبة عن الأرض، يتوجه نحوه، قائلاً:

-أظن لا حاجة لنا للتعارف؛ فأنت تعرفني جيداً كما أعرفك، أما عن سبب استدعائي لك، واستضافتي لابنك.

مد يده إليه بتلك الحقيبة، مستكملاً:

-كل ما هو مطلوب منك أن تدس تلك الحقيبة في إحدى الحاويات التي ستستلمها شركتكم غداً من الجمارك.

وأخرج ورقةً مطوية من جيب سترته قائلاً:

-مع توقيع صديقك على تلك الورقة، وهنا ستنتهي مهمتك، والباقي عائد لنا، الشحنة ستُسلم غداً الساعة التاسعة صباحاً، في التاسعة والنصف ستجد ابنك في نفس المكان هنا.

“چاسم” وهو ينظر إلى الحقيبة بريبة، متسائلاً:

-ماذا يوجد بداخل تلك الحقيبة؟! وما تلك الورقة؟! وما الذي يجعلك تتحدث بكل تلك الثقة، وكأنك متأكد من موافقتي!! ماذا لو أخبرت “سام” بالأمر.

دون حديث أسقط “نك” تلك الحقيبة من قبضته، لتستقر أمام قدميِّ الآخر، وأخذ يعبث بشاشة هاتفه، ومن ثم ناوله إياه، قائلاً:

-انظر وأنت تعرف من أين لي بتلك الثقة!!

التقط “چاسم” الهاتف بريبة، فبالطبع سيجد به شيئاً ما يرجح كفة الطالب، الراجحة بالفعل.

جحظت عينيه عندما رأى “چيسيكا” تقف خلف زجاج شرفة منزلهما، تمسك بيدها الكوب الذي أهداها إياه منقوش عليه أول حرف من اسميهما، ترتشف قهوتها الصباحية بتمهلٍ، وهي تتأمل السماء والمارة من خلف باب النافذة.

“نك”:

-يمكنك تفعيل خاصية “Zoom”، وأخبرني ماذا ترى أعلى سطح منزل جاركما “هنري”!!

بأنامل تيبست زعراً، أخذ ينقر على تلك البناية المقابلة لهما، فتراء له ذلك الواقف أعلى سطح البناية يحمل بندقية قنص، أشعة الليزر خاصتها مصوبة باتجاه منزلهما.

فعاد ينقر بأصابعه على جسد معشوقته، وجد بقعة حمراء مصدرها تلك الأشعة مصوبة ما بين حاجبيها تستهدف جبهتها.

رفع بصره عن الهاتف، يناظره برجاء، لم يرمش له عين الآخر، ولم يهتز لنظرته تلك شعرة ببدنه.

“نك” بنبرة هازئة:

-ماذا بك؟! لِمَ لمْ أعد أرى بعينيك نظرة التحدي التي كنت أراها منذ قليل؟! أم إنك عَدِلت عن فكرة إبلاغ “سام”؟!
حسناً خذ وقتك، الحقيبة معك والورقة أيضاً، بالطبع لن أحتاج أن أذكرك أن التأخير ليس في صالح ثلاثتكم، ليس عدلاً أن يضيع ثلاثة في مقابل فرد واحد، كما أنك لا تحتاج إلى أن أنبهك أنه لا مجال للعب معي، آخر مهلة لك حتى غداً قبل موعد استلام الشحنة، بعدها لا تقل أنني لم أحظرك.

رمى الكرة بملعبه، والتقط الهاتف من يديه مغادراً، والآخر متجمداً بمكانه، لا يعرف ما يجب عليه فعله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top