رواية سجناء الجزيرة للكاتبة أسماء حميدة الفصل 16 حصري على موقع دريمسيز

Prewedding

“أريان” بإيجاز:

-ثم!!

تعلمه جيداً؛ فمنذ طفولتهما وهو الجسور ذو شخصية مناضلة، لا يحب الأشياء اليسيرة، يعشق الغموض والتحدي والمراهنات، إذا أتته مساعه على طبقٍ من ذهب ينفرها، دائب السعي، يكره الملل والرتابة، عاشقٌ لكل ما هو صعب المنال.

عندما تبتعد عنه خطوة يسير إليها أميال، مفاتيحه معها، وخيوطه بين أيديها كعرائس الماريونيت، اشتاقت للعب معه.

حسناً “ريو” ستعود لسابق عهدك، مجنونة أنا عندما أفلتك من يدي، وها قد ساق القدر كلينا؛ لنلتقيا مجدداً.

خفضت ذراعها العالق في الهواء بعد نفضته النافرة، وهي تعقد ذراعيها أمامها، تشيح بوجهها عنه، تتبع معه أسلوب لا يخيب “التقطير”، قائلة:

-أعتذر سيد “أريان”، أعني أيها العقيد “أريان”، لقد ظننت….، حسناً لا عليك حبي، أُف ها قد أخطأت مرةً أخرى، كم مرةً يجب عليَّ أن أعتذر!!

خبيثةٌ أنت وماكرة!!ولكن كل شيء مباح في الحب والحرب.

أخذت تختلس النظر إليه، فعلمت أنه لم يتغير، مازالت طباعه كما هي منذ أن فارقته، فقد لانت ملامحه، وبدأت تستقطبه على تلك الشاكلة، قائلة:

-أيها القائد “أريان”، هل يمكننا الخروج من هنا؟ فحتى لقاءك بارد جاف، ليس كما تعودت سابقاً.

Flash Back

شرد بلقاءاتهما السابقة، فعندما كان يعود من المدرسة، ويجدها أمام المنزل يركع لها على ركبة ونصف فاتح لها ذراعيه، وهي تعدو إليه ملقيةً حالها بين أحضانه.

فيتلقفها باشتياق، يهم واقف وهي بين يديه، يدور بها في سعادة، فلقد كانا حينها أطفالاً صغار، هي في الحادية عشر وهو في الثامنة عشر من عمره، والجميع يعلم أنها ربت على يداه، واعتادوا على رؤيتهما معاً، ولِمَ لا! وقد ولدت على يديه.

أحب هو تلك الصغيرة ابنة جارتهم “سيلڤا”، تلك الجارة التي كانت أمه تساندها في شهور حملها الأخيرة، عندما انتقلت للعيش مع والدتها؛ بسبب سوء معاملة زوجها لها.

فقد كان ذلك الرجل محسوب على فصيلته ذكر بالاسم فقط، ولكنه أبعد ما يكون عن الرجولة؛ لا يعرف عن صفاتها شيئاً سوى العنف.

نعم يجب أن يكون الرجل قوي شديد البأس ولكن ليس على زوجته وأهل بيته، لكن ذاك لا يتحدث من اللغات سوى لغة الحيوانات العراك.

وفي أحد الأيام كان عائد من منزل صديق له يقطن معهم في نفس المنطقة على مقربة من بنايته.

فرأى والدته تقف بشرفة جارتهم “سيلڤا”، ويبدو على وجهها التوتر، وما إن رأته حتى أشارت إليه بالاقتراب، وعندما دنى حتى أصبح أسفل البناية، أمرته باستدعاء جارتهم الطبيبة “ماتي”، وإخبارها أن هناك حالة طارئة.

لبى “أريان” على الفور، وانطلق؛ ليفعل ما أُمِر به، وقد اصطحب تلك الطبيبة، وهو يحمل عنها حقيبة أدواتها الطبية؛ نظراً لكبر سنها، وكذا توقيراً لها، فالكل بالمربع السكني الخاص بهم يحترمها ويحبها، هي حقاً سيدة حنون، لا تتوانى عن مساعدة جيرانها.

أرشدها “أريان”، مصطحباً إياها حيث الشقة الموجود بها الحالة، وقد طلبت منه والدته أن ينتظر معهم بالخارج، فقد يحتاجون شيئاً من الصيدلية التي تبعد مسافة عشر أمتار عن العمارة السكنية الموجودين بها، قد تطلبها الطبيبة وتكن خاصة بالطفل أو بتلك الولادة المتعثرة.

انتظر “أريان” بردهة الشقة، وبعد دخول الطبيبة إلى تلك الغرفة، جلس على الأريكة المقابلة لباب الغرفة، وقد انكمش على حاله، يرفع ساقيه عن الأرض، يضمهما إلى صدره.

وحالة من الرهبة تملكته بعد أن استمع إلى صرخات مَن بدخل ترتفع حتى صمت الآذان، ومن ثم على صوتٌ آخر، صوت انقشعت له تلك الحالة من الخوف التي سيطرت عليه.

صوت بكاء طفل صغير، أخذ يقترب ذاك الصوت، حتى فُتِح باب الغرفة، وخرجت والدته تحمل بين يديها لفافة صغيرة، ويبدو أن من باللفافة مصدر هذا الصوت.

انزل قدميه يحط بهما أرضاً، وهو يقترب متوجساً من والدته برأس مشرأب يحاول أن يلمح ما بيدها، فوجدها تحثه على الاقتراب أكثر، قائلة:

-اقترب “أريان”، لا تخف.

وعندما اقترب منها وجدها تضع تلك اللفافة بين يديه، أخذها بقلبٍ سعيد، ولا يعرف مصدر تلك الفرحة والنشوى التي تملكته، وقالت مستكملة:

-احمل تلك اللفافة عني بحذر؛ حتى أستطع مساعدة الطبيبة.

خفض بصره ليرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top