رواية سجناء الجزيرة للكاتبة أسماء حميدة الفصل الأول حصري على موقع دريمسيز

Prewedding

حتى أثناء عقده للجلسات الإتفاقية أو المكالمات الهاتفية بينه وبين مورديه وموزعيه، يكن الحديث بينهم بألغازٍ ومصطلحاتٍ متفق عليها مسبقاً؛ تحسباً لقيام أحد بتسجيل تلك المحادثات.

كما أنه يمتلك أحدث أجهزة التشويش الصوتي، وأجهزة التتبع والمراقبة عن بعد؛ لتأمين محيطه هو ورجاله أثناء تلك التعاقدات، مستحقًا وبجدارة لقب “الداهية” .

فحرصه على تأمين رجاله الأوفياء لا يقل أهمية عن سلامته هو شخصياً، وحتى إن وقع أحدهم يسعى جاهدًا لتخليصه، كما أنه يَعُول كل من هم مسئولون من هذا الشخص حتى يرده إلى فاقديه سالماً، ولو اضطر إلى تهريبه.

مما جعل تابعيه يتفانون في خدمته وتأمينه بكل عزمٍ وإخلاص، باذلون أنفسهم في تنفيذ أوامره حتى وإن قادتهم تلك الأوامر إلى الموت المؤكد والهلاك الحتمي، فماذا بها وهم يُودِعُون عائلاتهم وأحبائهم أمانة في عنق زعيمهم؟!
وهم على أتم الثقة بأنهم لن يُضاموا في كنف حاميهم.

وبلغ تبجحه منتهاه حينما قام أحد أكبر كوادر المباحث الدولية “ديفيد إبرام” بمحاولةٍ؛ لإيقاعه، ممنياً نفسه بنجاح يكن له السبق فيه، بأن يتصدر اسمه العناوين الأخبارية بكل الوسائل الترويجية الإعلامية، في كونه ألقى القبض على “الزعيم الداهية ريكا بان” وتفوق على من سعى قبله في ذلك.

ولكن كلها كانت أضغاث أحلام، وَأَدَها “ريكا” في مهدها بثغرةٍ قانونية بمحضر الضبط، وما إن تم إطلاق صراحه الشَّرْطي على ذمة التحقيق بأول جلسة مُنعَقِدة في تلك القضية التي حضرها لفيفٌ من أشهر المحامين الموكلين بالدفاع عن” الزعيم ريكا” أمام هيئة المحلفين، منهم الحاضر بأجرٍ، ومنهم المتطوع؛ رغبةً في الظهور بالكادِر في تلك القضية التي كانت محور حديث الإعلام، وسُلِّطت عليها الأضواء، فحدثٍ كهذا لن يشهدهوا العالم كل يوم.

وبعد إخلاء سبيل “الداهية” دون ضمانٍ، شرع في تحرير دعوى قضائية ضد “ديفيد إبرام”، مطالباً بتعويضٍ ماديٍّ كبير نظير التشهير به من قِبَل “ديفيد”، بل ورفع دعوى ضد المباحث الدولية مطالباً بإيقاف “ديفيد” عن العمل وعزله من منصبه، ومحاكمته بتهمة عدم أهليته للمنصب الموكل إليه وأنه غير كفءٍ له؛ لإلقاءه التهم الباطلة دون سندٍ قانوني.

وتم ما سعى “ريكا” إليه جاعلاً من “ديفيد” عبرة لمن سولت له شياطينه أن يُجابِه أسطورة المافيا “ريكا بان”.

إلا أن أحد رجال الأعمال الشرفاء رفض تلك السيطرة، وأبى الخضوع، فكل تهديدات” ريكا” له لم تجدي نفعاً، ولم يهتز لها شعرةٌ ببدنه.

هو رجل الأعمال الشاب “أسامة زايد يعقوب” المعروف ب”سام زد چاكوب” مصري أمريكي الجنسية بالغ من العمر 32 عاماً، ويملك مجموعة من الشركات الكبرى حول العالم، فهو ابن الملياردير “زايد يعقوب”.

وعندما علم “ديفيد” برغبة “ريكا” التحالف مع “سام”، أو بالأحرى إجباره على هذا التحالف، قرر الإنتقام بمعاونة” سام”، فأثمرت جهوده تلك المرة، وتمكنا من إيقاع “الداهية”.

“ديفيد” بذكائه وحقده وعزمه متعلماً من أخطائه السابقة.
و”سام” بقوته الجسدية التي تعادل قوة “ريكا” بل قد يفوقه قوةً وعناداً، بنزاهته وإرادته  في دحر شناعة وتفحش هؤلاء من سماهم بائعي السموم وتُجَّار الموت الذين كان أحد ضحاياهم أخيه الأصغر “إسلام”، فقد خطفه الموت جراء جرعة زائدة، لافظاً أنفاسه الأخيرة بين أحضان “سام” على أحد أسرة المشفى الذي نقله إليه على وجه السرعة، ولم يستطع فعل شيئاً لإنقاذه، فكانت إرادة الله أسبق وأرحم.

عودة إلى داخل عنبر “ريكا”، فبعد خروج الحارس، قام “ريكا” بركل الكرسي بقدمه في تسديدةٍ ولا أروع إن قام بها أحد مهامجي فريق  كرة القدم لخرقت تلك القذيفة شباك المرمى، يحرز بها هدفاً يتفنن المعلقون على المباراة في تحليله، ويُدَرَّس من قبل أمهر المدربين، فمن شدة الركلة تهشم الكرسي، وتناثرت أجزاءه مصدراً صوتاً مدوياً كصوت إطلاق قذيفة هوند تردد صداها بأرجاء العنبر والعنابر المجاورة.

وهو يجوب أنحاء العنبر بجسدٍ ثائرٍ ذهاباً وإياباً، كليثٍ هاجمته الضباع، فبرغم ثأره الذي أخذه رجاله من “ديفيد” في حادث اغتيالٍ دَبَّروه بأمر منه، وصلهم عن طريق ذاك الحارس، إلا إنهم فشلوا في مخططهم ضد “سام” عدة مرات .

فلم يجد بداً من إخماد تلك البراكين الثائرة من جهة “سام” سوى حيلة ترسله إلى هنا، وهناك مَن بالخارج قد تشرب من طباعه وأجاد التخطيط متمرِّساً على يد “الداهية”، وهو صديقه وذراعه الأيمن “نك”، والمقصود إيصال الرسالة الثانية له عن طريق الحارس.

قائلاً بنبرة تخللها حقد وغل محتقن:
-ارقد في الجحيم “ديفيد”، فقد حان وقت” سام” لأمنحه تأشيرة ذهابٍ بلا عودة، تباً لكما أيها الوغدين.

أما بالخارج وبالأحرى في غرفة التحكم التي يوجد بها جهاز الإرسال عن بعد، يقف الحارس شارداً يفرك جبهته بتفكير، يزفر أنفاساً حانقة بسبب توبيخ قائده له، بعد أن توسله الحارس كي يسمح له بإرسال إشارة للطرف الآخر الموكل باستقبال البث الموجه من سجن الجزيرة متعللًا بضرورة إرسال صديقاً له؛ ليطمئنه على زوجته التي حان موعد وضعها لأول طفل لهما، وهو بعيداً عنها.

تاركاً إياها خلفه وحيدةً بسبب ظروف عمله هنا، ولا يوجد من تلجأ إليه سوى جارة لهما كبيرة بالسن بلغ بها الهِرَم مبلغه، وقد نهشه القلق عليها، وتلك كانت الحجة التي على إثْرِها سمح له القائد بتلك الإشارة.

ونظراً إلى أن الغرفة أيضاً مراقبة، فيجب ترتيب مايقول وفقاً لشفرة يتمكن من تفسيرها ذلك التابع أيضاً ل”ريكا” حتى يتوافق قوله مع حجته، فلا يشك الموجودين بالغرفة أو المراقبين لها بأمره، فيُوقِع حاله بمشكلةٍ كبرى قد تتسبب بدخوله هو الآخر حجز إنفرادي، لحين ترحيله للمحاكمة بتهمة الخيانة والتواطئ مع أحد السجناء.

الحارس بعد استجماع ما سيقول ،إلتقط بوق البث يعبث بأزرار الجهاز إلى أن التقط الإشارة مستمعاً إلى صوت الآخر الذي وصله في البداية متقطعًا حتى اتضح الصوت، قائلاً:
هل تسمعني؟

فأجاب الآخر:
-نعم أسمعك بوضوح،إبدأ الإشارة.

فأجاب الحارس بعد أن صرح باسمه ورتبته ورقمه الكودي:
-أريد أن أرسل رسالة لأعز أصدقائي “نك”؛ ليطمئنني على زوجتي، فبسبب إنشغالي هنا عنها بت أفكر لو استطعت إحضار من كان السبب في نقلي إلى هنا؛ ليرَ ما أعانيه لن أتونى عن ذلك، فقد أصبح هذا هاجسي الأكبر الذي أتمنى تحقيقه بشدة.

إبتسم التابع على الطرف الآخر بخبث، وقد وصله ما يرنو إليه الحارس ويريد إيصاله “لنك”، قائلاً:
-لقد التقط الإشارة يا صاح، وسأعمل على إيصالها ل”نك” على وجه السرعة، اطمئن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top