رواية سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل 269

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

الفصل 269

تجمدت أنفاس مارينا للحظة، وكأن الكلمات التي نطق بها ذلك الشخص قد اخترقت جدار عقلها مباشرة. فهمت المعنى فورًا… وفهمت أيضًا أن الأمر أكبر بكثير مما كانت تتصور.
“ماذا… ماذا تعني بذلك؟” سألت بصوت مرتجف، محاولة التمسك بخيط منطق وسط الفوضى. “ألم تقل لي أنك تريد التعاون معي؟”

انطلقت ضحكة ساخرة، قصيرة، لكنها مشبعة بالاستهزاء:
“التعاون معك؟ أنتِ تظنين نفسكِ مؤهلة؟ شخص مثلكِ لا يستحق ثانية من وقتي.”

انكمش قلب مارينا في صدرها، وشحب وجهها حتى صار أقرب إلى لون الرماد. ارتجفت شفتاها وهي تحاول التشبث بكبريائها الذي بدأ يتهاوى:
“ألا… ألا تدركين من أنا؟ زوجي هو إيثان ميلر. إذا مسستني بسوء، لن يترككِ على قيد الحياة.”

لم يأتها الرد بالكلمات، بل بالفعل. فجأة، شعرت بضغط ساحق على جانب خصرها، كأن قطعة من الحديد صُبّت فوقها. كان ذلك قدم الشخص، يضغط بقسۏة، يزرع الألم في كل عصب من جسدها.
شهقت، تذكرت في ومضةٍ الإهانة الوحيدة التي مرت بها من قبل… يوم هاجمتها أوليفيا أمام الجميع. لكن هذه المرة كانت مختلفة؛ الألم حقيقي، الإذلال أعمق.

تجرأت على الټهديد، لكن صوتها كان أضعف مما أرادت:
“أحذرك… إذا أردت إيذائي، فكن مستعدًا للمخاطرة بحياتك…”

لم تكد تكمل الجملة حتى ازدادت الضغطة على خصرها فجأة، كأنها صڤعة صامتة تسكتها. صړخة ألم مكتومة خرجت منها بلا إرادتها.
جاء صوت الشخص باردًا، كأنه يقرأ حكمًا:
“أنتِ من يجب أن يعرف حدوده. على الأقل أوليفيا أذكى منكِ… لم تحاول استفزازي منذ البداية.”

اتسعت عينا مارينا خلف العصابة، وأدركت الحقيقة التي حاولت إنكارها: هي الآن في نفس المأزق الذي تعيشه أوليفيا.
“إذن… لم تكن أوليفيا هي الهدف وحدها؟” سألت بصوت متقطع.
“بالضبط. أنتما الاثنتان.”

كان الصوت محايدًا لدرجة أربكتها، لا يدل على جنس صاحبه، ولا على انفعاله. في رأسها، بدأت الاحتمالات تتصارع: إما أن هذا الشخص يكره أوليفيا ويكرهها معها لأنهما تقفان في طريق علاقة ما، أو أنه عدو لإيثان، يريد استخدامهما كورقتي ضغط عليه.

لكن وسط كل هذا التفكير، ظل شعور واحد يسيطر عليها… فرصتها في النجاة ضئيلة، وربما معډومة.
وبدأت جدران كبريائها تتصدع. بصوت مرتعش، قالت:
“أرجوك… أرجوك دعني أرحل. لا أريد أن أموت… لديّ طفلان، لا أستطيع أن أتركهما وحدهما.”

توقف لبرهة، لكنها لم تلبث أن أضافت ببرود مفاجئ:
“خذ أوليفيا إن أردت… اقټلها. إنها طليقة إيثان، وهي من أحبها حقًا.”

كلماتها سقطت في أذن أوليفيا كصڤعة. لم تتخيل يومًا أن تسمع اعترافًا كهذا من مارينا المتعجرفة. والآن… ها هي تعترف أمام الجميع، وبكل وضوح، أن قلب إيثان لم يكن يومًا لها.

صدر من الشخص صوت قصير يشبه التنهيدة الساخرة، وقد اختلط في نبرته الازدراء بالفضول:
“يا لها من مهزلة… امرأة على وشك الزواج من رجل تعترف أنها ليست حبه الحقيقي؟”

رفعت مارينا رأسها قليلًا رغم القيود، قالت في لهاث:
“صحيح… لا أكذب. خطبتي له مجرد واجهة، هو لا يحبني مطلقًا… لكنني لا أريد المۏت.”

“إذا كان الأمر كذلك… لماذا تقدم لخطبتك؟”
صمتت لثوانٍ، ثم نطقت بالحقيقة التي حاولت ډفنها:
“لأنني… كنت حاملاً منه بالصدفة. لم يكن لديه خيار آخر.”

بدت على ملامح الشخص لحظة من التوقف، ثم مد يده وربت على وجه مارينا، لم يكن في اللمسة أي دفء… بل كانت أشبه بملامسة صياد لفريسته قبل أن يقرر مصيرها.
“لا تقلقي، لستِ أنتِ من ستحدد مصيرك… إيثان هو من سيختار إن كنتِ ستعيشين أو تموتين.”

اتسعت عيناها بدهشة، وسألت:
“ماذا… ماذا تقصد بذلك؟”

ابتسم ابتسامة لا يمكن رؤيتها في الظلام، لكن يمكن سماعها في صوته:
“أنتِ تعرفين كم أستمتع بوضع الناس أمام خيارين مستحيلين. اليوم، سنلعب نفس اللعبة… وسنرى إن كان إيثان سيتخذ نفس القرار الذي اتخذه في الماضي.”

ارتجفت أوليفيا، وشحب وجه مارينا أكثر، كلاهما فهمتا المقصود.
رفع الشخص قدمه أخيرًا عن خصر مارينا، لكنها شعرت أن الهواء الذي عاد إلى رئتيها أثقل من قبل.

ثم جاء صوته هادئًا، متلذذًا بالسيطرة:
“لا تخافي… كل ما أريده هو أن نلعب. لعبة… حياة أو مۏت.”

جميع الفصول من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top