رواية سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل 301

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

الفصل 301

تجمدت ابتسامة إيفرلي في اللحظة التي ذُكر فيها اسم أوليفيا، وكأن قلبها انقبض فجأة. جلس إيثان أمامها بعينين ثابتتين لا تحملان أي تردد، وقال بنبرة ساخرة تحمل شيئًا من الاستفزاز:
“خيالكِ واسع يا سيدة باركر… لماذا لا تُجرّبين أن تصبحي كاتبة سيناريو؟ أعتقد أنك ستبدعين.”

لم يُمهلها فرصة للرد، بل تابع وهو يراقبها بدقة:
“سمعتُ أنكِ تناولتِ طبقين من اللازانيا وبيتزا كاملة على العشاء ليلة أمس.”

رفعت حاجبيها بدهشة وحاولت التماسك، ثم قالت باستخفاف:
“وهل يُعاب عليّ أن أتناول وليمة صغيرة لأحصل على طاقتي للعمل الإضافي؟ أليس هذا طبيعيًا؟”

ابتسم ببرود وقال:
“قبل هذا، كنتِ تعيشين مثل ظل بلا حياة، بالكاد تُنهين نصف وجباتك. والآن تغيّرت عاداتك فجأة. أوه… سمعتُ أيضًا أنكِ اشتريتِ فستانًا جديدًا بالأمس.”

انزعجت إيفرلي وأرادت الإنكار، لكن نظراته الداكنة كانت تنفذ إليها كالأشعة، تكشف خباياها وتفضح أسرارها.

اقترب صوته أكثر، هذه المرة جادًا وحاسمًا:
“أخبريني، أين قابلتِ ليف؟”

ارتجفت. لم يكن سؤاله مجرد اختبار، بل بدا وكأنه يقين يعرف إجابته مسبقًا.

صفعت الطاولة ونهضت غاضبة:
“هل جننت؟! هل تراقب حتى ما أتناوله كل يوم؟! ماذا بعد؟ هل ستلاحظ موعد دورتي الشهرية أيضًا؟!”

لكن إيثان لم ينفعل، بل نظر إليها بجدية وقال بصوت متألم:
“إيفرلي… أنتِ تعرفين ما مررتُ به مع ليف. لم يكن اختفاؤها برغبتي، ولم أتمنَّ يومًا أن يحدث ذلك.”

تنهد فجأة، فشعرت بالارتباك. هل هذا الرجل العنيد تنهد حقًا؟! فكرت بدهشة.

أكمل بصوت مبحوح:
“لقد بحثتُ عنها طوال الأيام الماضية. رجاءً… إذا كان لديكِ أي معلومة، أي خيط مهما كان صغيرًا، أخبريني.”

تسمرت إيفرلي مكانها. الرجل المتغطرس الذي لم تعرفه إلا صارمًا ومتعجرفًا بدا أمامها وكأنه يتوسل. لو لم أرَ بعيني، لظننت أن الخنازير بدأت تطير.

قال بجدية أكبر:
“حتى بعد انفصالي عنها… مشاعري لم تتغير. ما زلت أحبها، وما زلت أريد حمايتها. هناك من يلاحقها، وهي في خطر إذا بقيت وحيدة.”

ترددت إيفرلي قبل أن تهمس:
“هل تقصد من اختطفها؟”

أومأ بصرامة:
“نعم. إنها منظمة دولية خطيرة… لا يرفّ لهم جفن أمام القتل. إذا وقعت ليف بين أيديهم… فلن يكون مصيرها جيّدًا.”

ساد صمت ثقيل، ثم قالت إيفرلي بتردد:
“لم أقابلها وجهًا لوجه… لكنني أعلم أنها جاءت لرؤيتي.”

تجهم إيثان وسأل:
“وكيف يمكنكِ التأكد من ذلك دون أن تلتقيا شخصيًا؟”

فتحت حقيبتها وأخرجت ورقة مجعدة، وضعتها أمامه قائلة:
“أراهن أنك تعرف من كتب هذا.”

قرأ إيثان الكلمات المكتوبة بخط أنثوي رقيق:
“اعتني بنفسك.”

اهتزت يداه وهو يقرأ، وشعر بوخز حاد في صدره. لم يخطئ في التعرف على هذا الخط… لقد كان خط أوليفيا.

رفع عينيه نحو إيفرلي وقال بصرامة:
“إذا عادت إليكِ مرة أخرى… أول ما عليكِ فعله هو الاتصال بي فورًا.”

ترك بطاقة عمله على الطاولة وغادر دون أن ينتظر ردها.

في الخارج

خرج إيثان من المطعم بخطوات مثقلة، وعيناه معلقتان بالسماء الرمادية الكئيبة. لم تكن مدينة ألدنفين كبيرة ولا صغيرة، لكنها بدت له كمتاهة بلا نهاية. كل طريق، كل زقاق، كل وجه يمر به لم يقرّبه من المرأة التي ظل يبحث عنها طوال هذه السنوات.

اقترب منه كيلفن بخطوات مترددة وهمس:
“سيد ميلر… ما خطتنا التالية؟”

رد إيثان بصرامة:
“إلى المستشفى.”

فـ”جيف” قد اختفى، ولم يبقَ من عائلة أوليفيا في المدينة سوى كلوي. لكن الأخبار التي انتشرت مؤخرًا عن مرضها المميت جعلته يدرك أن الوقت ينفد. كان متأكدًا أن أوليفيا، مهما فكرت بالرحيل، لن تترك كلوي من دون أن تمد لها يد المساعدة.

في داخله، كانت النار تشتعل: قلق وحنين، غضب وأمل متناقضان يتصارعان في قلبه. صورها ما زالت حية أمام عينيه؛ ابتسامتها، نظراتها، وحتى ضحكتها التي يفتقدها أكثر من أي شيء.

حين مد يده لفتح باب الغرفة، تجمد فجأة. فقد سمع صوت كلوي المرتعش. التفت إليها بحدة:
“سيدة باركر… ماذا قلتِ للتو؟”

كانت الدموع تغمر عينيها، ويداها ترتجفان وهي ترفع أمامه ساعة صغيرة على شكل دبدوب. احتضنتها وكأنها أغلى ما تملك، ثم همست

جميع الفصول من هنا

رواية سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل 302

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top