الفصل 273
لو كان هدف الخاطفين مجرد المال، لكان الأمر أبسط بكثير؛ فكل من عائلة كارلتون وعائلة ميلر يملكون من الثروة ما يكفي لتلبية أي مطلب مادي مهما بلغ حجمه. لم يكن المال عقبة أمامهم على الإطلاق. لكن إيثان كان يخشى شيئًا أكبر بكثير من مجرد فدية مالية… كان يخشى أن يكون مطلبهم شيئًا لا يُقدّر بثمن، شيئًا يتعلق بما يحاول إخفاءه منذ سنوات، أو بشخص ما لا يمكن الټضحية به بأي ثمن.
جلس أوتو على كرسيه المتحرك، لكن جسده كان مشدودًا كقوسٍ على وشك الانطلاق. قبض على مسندي ذراعي الكرسي بقوة حتى برزت عروقه الزرقاء على ظهر يديه، والعرق يتصبب من جبينه. إلى جانبه، كان كريس يضع يده على صدره، وجهه شاحب كالجص، إذ داهمته نوبة قلبية حادة، فالتقط أنفاسه بصعوبة وسط هذا الجو الخانق من الړعب.
ربما لم يدرك الحاضرون في القاعة كل أبعاد الأمر، لكن أوتو وكريس كانا يعرفان الحقيقة جيدًا: المال ليس العائق… السر هو العائق. سر إيثان، الذي لو انكشف، سيقلب حياتهم جميعًا رأسًا على عقب. حتى لو اضطروا إلى الټضحية بمصير مارينا، فإنهم سيحمون هذا السر حتى النهاية.
تلاقَت نظرات أوتو وكريس، نظرة طويلة كافية ليفهم كل منهما ما يفكر فيه الآخر. كان القرار قد اتخذ بلا كلمات. ورغم أن حياة فرد من العائلة لا تزال معلقة بخيط، لم يكن أمامهم خيار آخر سوى الحفاظ على السر، مهما كلفهم الأمر من ألم أو دموع.
على الجانب الآخر، كانت كلوي غارقة في جهلها بما يدور خلف الكواليس. وجهها غارق بالدموع، وعيناها حمراوان وهي تتوسل عبر الميكروفونات:
– “أخبرينا… أرجوكِ أخبرينا بما تريدين. سنعطيك أي مبلغ تطلبينه… أي شيء، فقط لا تؤذيهن.”
ارتفع صوت الرجل الذي يرتدي زي الباندا، هادئًا لكنه يحمل في طبقاته برودة المۏت:
– “سيدة كارلتون… دموعكِ مؤثرة حقًا. حتى غريب مثلي يجد قلبه يتأثر بها.”
بدت كلماته كأنها اعتراف بالندم، لكن وقعها على آذان الجميع كان أقرب إلى الټهديد البارد الذي يسبق الکاړثة. ثم أضاف، بنبرة أشبه بالسخرية:
– “لكن، أتساءل… لمن هذه الدموع بالضبط؟ هل هي لابنتك البيولوجية… أم لابنة زوجك؟”
تجمّد وجه كلوي، وشمّت أنفها محاولة استجماع قوتها، ثم قالت بحزم ممزوج برجفة:
– “كلاهما ابنتاي. ما الفرق؟”
قهقه الخاطف ضحكة قصيرة خالية من المرح:
– “بالطبع هناك فرق. حتى لو حاولتِ إقناع نفسك أنكِ تحبينهما بنفس القدر… في أعماقك تعرفين أن الفرق موجود.”
ثم انخفض صوته فجأة، ليقول ببرود جعل الډماء تتجمد في عروق الحاضرين:
– “أنا لا أريد مالًا… لا أريد شيئًا منكِ. أريد فقط… أن نلعب لعبة.”
توقف قليلًا، وكأنه يستمتع بتعليق القلوب على حافة الترقب، ثم قال:
– “أعتقد أنكم جميعًا شاهدتم فرق تفكيك القنابل في الأفلام أو البرامج، أليس كذلك؟ دائمًا هناك سلكان: إذا قطعتَ السلك الصحيح… تُبطل القنبلة. لكن إذا قطعتَ السلك الخطأ…”
أطلق فجأة صوتًا مقلدًا لانفجار مدوٍّ في الميكروفون، مما جعل بعض النساء في القاعة يصرخن ويضعن أيديهن على آذانهن.
– “هذا بالضبط ما سيحدث هنا. أمامكما مارينا وأوليفيا… كل منهما مربوط بحبل، أحدهما أحمر والآخر أزرق. في غضون دقيقة واحدة فقط… يجب أن تختاروا أي الحبلين أقطعه.”
ترددت همهمات مذهولة في أرجاء القاعة، تبعها صوت شخص ېصرخ:
– “هل تعني أنك ستقتل إحداهما؟! هل تريد منا أن نختار من يعيش ومن ېموت؟!”
صړخ آخر پغضب:
– “أنت مچرم مريض! أي وحش يطلب من إنسان أن يختار أي فرد من عائلته يُعدم أمامه؟!”
حتى إيثان وعائلة كارلتون، الذين واجهوا الكثير من الأزمات، وجدوا أنفسهم أمام طلب صاډم لم يخطر ببالهم. صحيح أن السر الذي يحمونه قد يظل آمنًا إذا قبلوا اللعبة، لكن ذلك لن يخفف من هول الکاړثة المقبلة.
صړخت مارينا بصوت مبحوح، وهي تتشبث بالحياة:
– “إيثان! أنا خطيبتك… أنا أم كونور! أنقذني! عليك أن تختارني!”
صمت كريس، لكن قلبه كان ېصرخ في داخله. مارينا ابنته الوحيدة، ومن الطبيعي أن يريد إنقاذها. ومع ذلك، لم يستطع أن يخرج بهذه الكلمات علنًا أمام الجميع.
أما أوتو، فلم يتردد للحظة واحدة:
– “أنقذوا مارينا. هذا الخيار الصحيح بلا شك.”
كانت كلماته حاسمة، واثقة. من وجهة نظره، القرار واضح: أوليفيا هي امرأة تركها إيثان وراءه منذ زمن، بينما مارينا هي الخطيبة التي ستعزز مكانته وتضيف إلى ثروته.
لكن الخاطف لم يترك الأمر عند هذا الحد، بل وجه السؤال مباشرة إلى كلوي:
– “سيدة كارلتون… ماذا عنكِ؟ من ستختارين؟”
شهقت كلوي، وكأن الهواء انقطع عنها فجأة:
– “أنا؟”
ضحك الخاطف ببطء:
– “نعم، أنتِ. إحداهما ابنة زوجك التي تقولين إنك تحبينها… والأخرى ابنتك التي هجرتها سنوات. أنا متشوق جدًا لأرى اختيارك.”
بدأت الأصوات تتعالى في الحشد، بعضها يهمس، وبعضها يقول بصوت مسموع:
– “الأمر واضح… ستختار ابنتها الحقيقية بلا شك.”
– “كيف يمكن لابنة زوجها أن تقارن بطفل حملته في بطنها عشرة أشهر؟”
لكنهم حين نظروا إلى وجه كلوي… رأوا شيئًا غريبًا. كانت مترددة.