الفصل 287
لم تتوقع مقدمة الرعاية أن تلتقي إيثان في مثل هذه الظروف المشحونة بالډماء والخۏف. لم يكن في مخيلتها أن رجلًا بمكانته سيقف أمام سريرها وهي في هذه الحالة، تتألم من إصابة في قدمها.
شعرت بارتباك، أما هو فقد بدا متفاجئًا للحظة، لكنه لم ينكر هويته. رفع رأسه بثبات وقال بهدوء لا يخلو من الحذر:
– “نعم… أنا هو.”
ارتسمت على وجهها علامات التفكير السريع، وكأنها تقيس أثر كلماتها التالية. لم ترغب في قول ما قد يجر المتاعب على أوليفيا، لكنها أيضًا لم تستطع التراجع بعدما انزلقت الكلمات من فمها:
– “لم تخبرني السيدة فوردهام… لقد خمنت فقط.”
خفضت صوتها وكأنها تشارك سرًا خطيرًا:
– “انتشرت صور خطوبتك على الإنترنت. ورغم أن السيدة فوردهام كانت معصوبة العينين في إحدى الصور، إلا أنني عرفتها فورًا… لا يمكن أن تخطئ عيني ملامحها.”
ثم اقتربت قليلًا، بعينين تحملان القلق الحقيقي:
– “هل وجدتها بعد؟”
لكن إيثان شد ملامحه وأجاب ببرود متحفظ، قاطعًا الطريق على أي نقاش في هذا الموضوع:
– “لن يحدث لها شيء.”
ابتسمت ابتسامة صغيرة حزينة، وكأنها تتشبث بهذا الأمل:
– “هذا صحيح… السيدة فوردهام إنسانة رائعة، ستتجاوز كل هذا.”
مسحت دموعها سريعًا، ثم قالت بجدية:
– “سيد ميلر، اسأل ما تشاء… سأخبرك بكل ما أعرفه عنها.”
نظر إليها إيثان طويلًا، وكان في داخله الكثير مما يريد قوله، لكن الحروف بقيت عالقة في حلقه، وكأن صوته قد جُمد. لم ينبس سوى بسؤال واحد كان يعني له أكثر من أي شيء آخر:
– “هل… تحدثت عني من قبل؟”
هزت مقدمة الرعاية رأسها على الفور:
– “أبدًا… إنها عنيدة، صلبة أكثر مما تظن. تعرفت عليها أول مرة حين كان السيد فوردهام في حاډث خطېر… كانت وقتها حاملاً، ورغم ذلك تولت كل شيء وحدها. رأيت الخاتم في إصبعها، وقلت لها: لِمَ لا تطلبين من زوجك الحضور لمساعدتك؟”
ابتسمت بسخرية حزينة وهي تستعيد الموقف:
– “كل مرة كنت أذكر الأمر، كانت تهز رأسها وتقول: أنتِ مشغولة. منذ البداية، مهما اشتدت حياتها قسۏة، لم تشتكِ لأحد… لم تبح بحزنها أو ضعفها.”
توقفت لحظة، ثم نظرت إليه نظرة حادة حملت مزيجًا من الڠضب والحكم القاطع:
– “والآن عرفت للتو أنك زوجها… وهذا يجعلني أتساءل: لم تمنحها وقتًا أو سعادة… فماذا عن المال؟ أليس هذا أقل ما يمكن أن تقدمه لها؟ إن لم تستطع أن تمنحها أي شيء، فما فائدة الزواج إذن؟”
شعر إيثان پصدمة حقيقية، فهذه الكلمات اخترقت كبرياءه كطعڼة مفاجئة. لطالما اعتبر نفسه كريمًا، لكنه أدرك الآن أن الكرم ليس فقط في الإنفاق، بل في الحضور، في الدعم، في المشاركة.
– “ربما لم يقل لك أحد هذا من قبل، سيد ميلر… لكنك كنت السبب في ضياعها.”
ازدادت نبرة الڠضب في صوتها وهي تتابع:
– “عامان من الأكاذيب والتبريرات… أي رجل لا يستحق امرأة مثلها. في بلدان كثيرة، الرجال أكثر من النساء، ومع ذلك… لو تزوجت رجلاً عاديًا، لما كانت حياتها بهذا الچحيم.”
ارتجفت أنفاسها وهي تكمل، وعيناها دامعتان:
– “هل تعلم كم عانت؟ بالطبع لا… كنت مشغولًا مع زوجتك الجديدة بينما هي تتألم بصمت.”
بدأت تذكره بمواقف محددة، كأنها تحاكمه:
– “أين كنت حين كان والدك في غرفة العمليات؟ أو حين كانت السيدة فوردهام تنتظر خارج غرفة العمليات وهي تحمل طفلك؟”
رفعت صوتها أكثر:
– “ولماذا ظهرت الآن فقط؟ بعد أن اعتقلوا السيد فوردهام ورحلت السيدة فوردهام؟”
كان الجو في الغرفة مشحونًا حتى أن برنت، الذي كان واقفًا في الخلف، اضطر للتدخل قائلاً بنبرة تهدئة:
– “سيدتي، من فضلك… اهدئي.”
لكنها التفتت إليه بعينين مشتعلتين:
– “اهدأ؟! كيف أهدأ؟! ربما لست من عائلتها، لكنني شاهدت بعيني كل ما مرت به في هاتين السنتين… وها هي حياتها تنتهي هكذا!”
ارتعش صوتها وهي تقول:
– “الرجل الذي لم تسمح لأحد أن يتحدث عنه بسوء… هو نفسه الذي تسبب في مۏتها المبكر. اللعڼة عليك وعلى أموالك! كان يجب أن ټموت أنت بدلًا منها… أيها الحقېر عديم القلب.”
تجمد الجو في الغرفة، حتى أن صوت أنفاس إيثان بات مسموعًا بوضوح. لم يكن هناك رد يمكن أن يغيّر ما قيل… فقد كان كل حرف منها سكينًا جديدًا في صدره.