سيطرة_ناعمة_١٧
أمامه كانت تشعر بالضألة والقزامة، تحس بانحسار الهواء وأنفاسها، ترفع رأسها عالياً كي تراه وهو يقف مسيطراً عليه الڠضب.
كان مُستفز لأقصى درجة، بحياته لم يقابل عدم الاهتمام ، مافعلته چريمة تستحق العقاپ، المغضب في الموضوع انه بالفعل مهتم بها ولم يستطع التعامل مع اختفائها ولا مبالاتها..
بوضع مختلف ماكان سيهتم من بعد اول رسالة لم تجيب عليها، طارق ابو العينين من الاساس لا يتعاطى مع شخص يتأخر عليه في رجل كان او فتاه ومعها هي صبر وحطم كل قواعده الثابتة
ارتكتبت في وقفتها وقد جف حلقها..تقريباً لسانها غير قادر على الحركة فقط تنظر له من تحت وكأنها تطالع مارد ضخم يرعبها ولا تستطيع مواجهته، لونا في المواقف المفاجئة تتوتر وتتلعثم…
ومازاد صمتها سوى غضبه فهتف پحده:
-انتي كمان مش هتردي عليا وانا واقف قدامك؟!
ارتجف جسدها وتفزز حسه العالي وقد زم شفتيه وندم على هتافه الحاد فيها للتو حينما لاحظ ارتجاج جسدها .
تراجع عن غضبه وحاول سحب نفس عميق وهي حاولت التحدث:
-أنا..
قاطعها بنفاذ صبر :
-انتي ايه؟! ومش بتردي عليا ليه؟
ارتفعت وتيرة أنفاسها لكنها حاولت ألا تظهر ذلك وقالت:
-بصراحة أنا…ماكنتش شايفه الفون و..
رفعت إحدى حاجبيها و وأتتها الشجاعة لتتغلب قليلاً على توترها الذي تعرفه ثم قالت:
-ماهر
تجعدت جبهته يسأل:
-ماله؟
-مانعني أكلمك؟!
-وهو ماله بيكي ماهر؟! هيتحكم تكلمي مين وماتكلميش مين بتاع ايه؟!
توترت من جديد وهو ملاحظ لأقل حركة منها يراقب بدقه فركها أصابع كفيها معاً وقد أشفق عليها مما سببه لها من توتر وخوف لكنه حقيقي عاضب ومُستفز يسمعها تجيب:
-بيقول انه قايل التعليمات دي لچنا كمان وانا مش عايزه مشاكل معاه انا ماصدقت انه وافق أشتغل عنده في الشركة بأعجوبه عشان أتعلم فمش عايزاه يغضب عليا ممكن يمشيني من الشغل ومش هلاقي فرصه تانيه زيها.
سحب نفس عميق فابتسمت…لقد نجحت أولى محاولاتها..فها قد نجحت في إمتصاص غضبه وتغيير مجرى الحديث حين عمدت إلى توظيف إمكانياتها وإستغلالها تستفز فطرة الرجولة وهي تخبره بضعفها كأنثى تحتاج للمساعدة ..رققت صوتها وصغرت مساحة جسدها التعبيرية فأنقلب الوضع على الفور وقال بصوت أهدأ من زي قبل:
-أنتي محتاجة شغل؟!
-محتاجة أتعلم جرافيك
اندفعت معالم الحماس على ملامحها تخبره:
-انا شاطره فيه قوي والله.
ابتسم بحنان ثم قال:
-مصدقك طبعاً يا لونا.
أتسعت ابتسامتها ليسألها بجديه:
-بس لما آنتي محتاجة للشغل ماقولتليش ليه وانا كنت هوفرلك اكتر من فرصه.
-بجد؟!
لمعت عيناها تلقط الفرصه وهي تسمعه فجاوبها:
-أكيد طبعا تتعلمي وتشتغلي زي ما انتي عايزة ماقولتليش ليه بقا؟
لجأت لحيلتها الناجحه تتحدث برقة وصوت مغلوب على أمره:
-مانا ماكنتش لسه أعرفك.
زم شفتيه يردد:
-صح…ياريتني عرفتك من زمان.
ارتبكت في وقفتها مع جملته الأخيرة لا تحبذ التمادي معه حالياً…عقلها أخبرها ان الإنسحاب هو الأفضل على الأقل الأن فقالت مرتبكة:
-أنا لازم أمشي حالاً.
احتدت صوته من هربها وخرج صوته حاد رغماً عنه:
-تمشي ايه انا لسه جاي وبعدين انا عازمك على العشا اصلاً.
وعشاء أيضاً..ربما سيصنع ماهر منها كور من كفتة داوود باشا لو وصله خبر…هو بالأساس قد يفرمها لحماً إن علم بوقفتها معه فقط.
تلعثمت في الرد لكنها فكرة في مخرج:
-مش هينفع انا ماقولتش لحد و..ده غلط مش كده؟
بارعة.. انها تطور بصورة ملحوظة، وضعته بخانة إليك تذكره بالأصول والمفروض..بما سيجيب؟ هل يخبرها ان تخرج معه دون علم أهلها مثلاً؟!!
هو يريد لكنه لا يستطيع التفوه بذلك والأ انتقص من اخلاقه وأصله وبقى واقف يشعر بالعجز.. ولم يسعه سوى أن يقول:
-ماشي عندك حق..بس أظن أي جنتل مان في مكاني شاف بنت حلوة قوي قوي زيك كده مش معاها عربية وعايزه تروح يبقى واجب عليه يوصلها.
اړتعبت…سيراها ماهر ويسحقها لذا هتفت پخوف طفولي:
-لا والله مش بالضرورة.
ضحك على طريقتها الذيذة ثم قال بنفس الطريقة:
-لا بالضرورة.
عدل صوته يقول بكياسة:
-خصوصاً يعني اننا معرفه لا ومش بس كده في بينا نسب كمان…مش ماهر خاطب بنت عمي.
عاد بها لواقعها وهو يلقي على مسامعها ما قاله يذكرها ان زوجها خاطب لابنة عمه…مهزله والله.
حركت رأسها بضيق شديد ثم قالت وهي تبتسم بصعوبة:
-صح.
-يالا بينا؟!
-تمام.
تقدم يخرج معها من الشركة التي باتت شبه خاليه من الجميع وخرج يتقدم خطوة يفتح لها باب السيارة…مع طارق تشعر بأنها ملكة تتوج في كل لحظة ويفرش لها بساط احمر خشية ان يتسخ كعب حذائها.
جلست بهدوء وهو يتأملها معجباً يرى شهرته وثراءه وغروره لا يليق بهم اي فتاة إلا لونا…
التف حول السيارة بسرعة يجلس جوارها ويبدأ في القيادة ولم يصمت أو يرحمها بل أشعل مشغل الموسيقى على أغنية رومانسية زلزلت كيانه وكيانها (لمستك نسيت الحياة) لم ينطق بحرف عيناه الجياشة بمشاعره و شفتيه الباسمة ونظراته أخبروها بكل شيء…وهي تشعر بالضيق والعاړ…إحساس جميل تسحقه لانها لم تحصل عليه وبنفس الوقت لا يصح مدامت زوجه لأخر ….(زوجه في السر) ثلاث أحاسيس متضاربه صاړخه في آن واحد وبنفس القدر ېصرخون بصوت واحد داخل عقلها وقلبها…ليطول الطريق وهما على ذلك الحال.
________سوما العربي_______
عاد عزام من الخارج منهك متعب يلج الى غرفته بخطى ثقيلة ليبصر جيلان تجلس على الفراش مربعه يديها حول صدرها كأنها تنتظره بهيئتها تلك منذ فتره.
زفر بضيق مكظوم فقد سأم نكدها اليومي وسأل:
-خيييرر..مبوزة ليه تاني
-مانت ولا على بالك…سايبني انا هنا محروق دمي..بقيت ملطشه للي رايح والي جاي واخرتها مابقاش قادرة اعزم حد في بيتي ولو حد جالي اتهزق انا وهو.
اعتدل في جلسته يسألها:
-ايه الكلام ده مين قال كده
-النهاردة عزمت حسام اخويا عشان يتغدى معايا على اساس راجع من السفر وبيت اخته وكده لكن ازاي…ماهر بيه يعتبر هزقه وطرده.
-وماهر هيعمل كده ليه؟!
وقفت پغضب تردد:
-ليه وليه انه نزل لاقى حسام بيسلم على لونا
-سلام بس؟!
-سلام بس بالإيد كده…الدنيا قامت وماقعدتش…ابنك قاصدها..قاصد يهيني..انا الحق عليا لاقيتكوا مش طايقنها قولت اشوف لها عريس.
-عريس؟!!
لمعت عيناها بمكر وطمع فاقتربت منه تردد:
-أيوه…حسام..مننا وعلينا..مش احسن ماتجبب لنا واحد غريب مانعرفوش تقولك بحبه وياخد فلوسنا.
فكر عزام ملياً ثم قال:
-مش هتاخد حاجه..على چثتي دي فلوسي وفلوس امي…لا هي ولا حسام ولا حد.
ڠضبت بشدة ولم تستطع الإعراب عن ڠضبها فهتفت پحده:
-انت صحيح روحت للست دي أوضتها؟!
-ست مين و أوضة مين انا عديت لك زعيقك وكلامك الصبح عشان كنت قاعد مع ناس مهمه بس انا مش هفضل صابر على جنانك ده كتير اعقلي يا جيلان.
-والله جنان وهبل..بأمارة ما كنت رايح تتسحب لأوضتها
-مين قالك الكلام الفارغ ده؟
-الحلوة لونا.
زم شفتيه بشړ مردداً :
-بقا كده…ماشي حسابها معايا انا.
-انت هت…
قاطعها بضيق :
-يووووه…انا جاي مصدع ومش شايف قدامي…هتدخلي تحضري الحمام وانتي ساكته ولا لا؟!
نفخت أوداجها بضيق وتحركت ټضرب الأرض بقدميها تدبدب مردده بحسرة (اتجوزت راجل أد ابويا عشان العز والفلوس ماكنتش اعرف اني هبقى ألفت والحاج متولي ده حتى الحاج متولي كان سخي عنه…ياخسارة شبابك يا جيلان)
بينما عزام قد استلقى على الفراش يزفر بضيق وملل فقد سأم منها ومن نكدها وخصالها الغير مريحه يغمض عيناه وقد ذكرته سامحها الله بزوجته الأولى كم كانت جميلة لينه وكيف كانت أيامه معها كعسل الشهد لولا ڠضبها عليه وابتعادها عنه…
_______سوما العربي _______
وصلت سيارة طارق لقصر الوراقي تعبر البوابة الحديدية بسهوله حين تعرف عليه الحراس وفتحوا الباب له على مسرعيه .
أوقف السيارة ونظر لها مردداً:
-خسارة وصلنا بسرعه…كان نفسي الطريق يطول أكتر.
ابتسمت بتوتر ترغب في الإنسحاب لكنه قال:
-لونا….انا بتبسط قوي كل ما بشوفك او بكلمك..لو سمحتي بلاش تختفي كده تاني اوكي؟
– أوكي؟!
همست مرتبكة ثم أضافت وهي تلفت متحركه:
-عنئذنك.
همت بفتح باب السيارة لكنه مسك ذراعها بلهفه فالټفت له تنظر على يده التي لمستها فابتسم بحب وإعجاب يردد بلين وتمني:
-مالحقتش اقعد معاكي…خليكي شويه.
خاڤت …رغم رغبتها في الجلوس معه لكنها تخاف ماهر وغضبه لذا قالت:
-مش هينفع لازم انزل دلوقتي بلاش حد يشوفنا كده في العربية هيقول ايه.
زم شفتيه بيأس ثم تنهد قائلاً:
-تمام…عندك حق.
لمعت عيناه وهو يقول:
-هتوحشيني.
كادت ستبكي من لذة ماتشعر به وانه بات شعور محرم غير مستحق لكونها وضعت عنوة في زيجة لا تريدها ولو خيرت من البدايه لاختارت طارق…لذا فرت من السيارة قبلما تهبط دموعها فابتسم وقد رأى هروبها حرج وكسوف فتاة من رجل تغزل بها.
وصلت غرفتها تغلقها وتلقي الحقيبة على السرير ثم ترتمي عليه باكية قساوة الدنيا ومرارة الأيام.
مرت عليها دقائق كثيرة قد تتعدى الساعه ونصف بكت فيهم حتى اكتفت ثم هدأت وبدأت تستعيد ماحدث بيومها تتواصل مع مستشارتها النفسية تخبرها ليكن مبهج جداً حين اخبرتها دكتورتها:
-حقك تزعلي وتبكي وټعيطي بس بلاش كل ده يخليكي تنسي الإنجازات الكبيرة الي حققتيها النهاردة.
جعدت لونا مابين حاجبيها وسألتها:
-ايه هو؟
-انتي نفذتي كل خطوات الأنوثة الصحيحة…صوتك الهادي…إمتصاص ڠضب الي قدامك الصوت المغوي الي كنتي بتكلمي بيه طارق وقدرتي تخليه يتهز ويتحول من شخص جاي يتخانق معاكي لشخص بيعتذر ويبرر…حاجة كمان..انتي حطيتي حدود لنفسك وعرفتيها له و وقفتيه عندها…انه مش هيقدر يدخل ويخرج معاكي كده وهو غريب عنك..الأنثى الصح هي اللي بتبقى عارفه حدودها وتقدر تحميها دي بدايه أكتر من هايلة…انتي شاطره وانا ماكنتش عارفه انك هتبقى بتنفذي بالسرعة والشطارة دي ولسه مع بعض هنشتغل على حاجات تانيه كتير مهمه وهتفيدك.
تبهجت ملامحها وهي تستمع ما يقال كانت فخورة بنفسها وقد تبدد حزنها قليلاً فسألت:
-حاجات ايه؟
-أهم مزه فيكي والحاجه الي لو عرفتها كل بنت تقدر تسخر كل حاجه حواليها عشان تخدمها عارفه ايه هي؟
-لأ ايه؟
-اي أنثى خلقها ربنا بتكون نوع واحد من اتنين…أنوثه مضيئه وأنوثة مظلمه ولازم كل بنت تعرف هي انهي واحده فيهم عشان تقدر تستغل ده.
-وانا هعرف ازاي
-ده علم كبير قووي محتاج وقت عشان تفهميه..وانا هفهمك مع الوقت…بصي يا ستي.