رواية عطر سارة الحلقة السادسة
بقسم الشرطة..
دلف محمود ليجد علي يجلس بغرفة الضابط صامت والدماء منتشرة بالمكان، اقترب من صديقه بلهفة قائلا :
_ إيه اللي حصل والدم ده بتاع مين إنت كويس؟!..
أومأ إليه علي ثم قال بشرود :
_ ده دم الظابط البنت عملت فيه كدة..
_ بنت مين؟!..
_ أروى..
جذب محمود خصلاته بغيظ مردفا :
_ ما تقول القصة كلها هتفضل تنقط كدة كتير..
ماذا يقول وهو إلى الآن لم يستوعب ما فعلته تلك المجنونة، زفر بضيق وقص كل شيء حتى وصلوهم للقسم فقال محمود بغضب :
_ إنت سامع نفسك بتقول إيه، عايز ست متجوزة ودفعت لجوزها، مستوعب الوساخة اللي طلعت من بوقك والا دي تهيؤات..
رد الآخر بهدوء :
_لما تشوفها هتعرف إني عندي حق وبعدين جوزها راضي وكنت فاكر إنها كمان راضية بس بتتقل، المصيبة مش هنا إنت متعرفش هي عملت إيه لما جينا هنا..
سأله محمود ساخرا :
_هو في أسوأ من كلامك ده قولي خليني أفكر إزاي أعيد تربيتك إنت كمان..
فلاش باااك..
وقفت بحالة من الذهول، تحولت من صاحبة حق لأخرى يجب عليها الإعتذار من علي الحسيني، جلس بالمقعد المقابل للضابط وظلت هي واقفة أمامهم، ألقى عليها نظرة غاضبة قبل أن يقول :
_ جوزها على وصول وهيقول حصل إيه بنفسه..
أومأ إليه الضابط بإبتسامة واسعة مردفا :
_ من غير ما حد ييجي يا باشا أنا عارف إنك مستحيل تكذب، أتفضل إنت وهي هتمشي لما ييجي حد يستلمها..
ما هذا بحق الجحيم ما هذا؟!.. دلف الي قلبها شعور باليتم قهرها لم تجد بحياتها شخص واحد بداخله ولو قليل من الضمير، نظرت لضحكته المنتصرة ولم تتحمل أكثر بكل الأحوال هي الخاسرة فتأخذ حقها أولا، تحدثت بقوة :
_ هو ايه أصله ده، بتكذبوا الكذبة وتصدقوها انتوا الاتنين، الراجل ده أتهجم عليا في بيتي وحاول يعتدي عليا ده غير جاري الغلبان اللي مرمي في المستشفى بعد ما أستقوى عليه وضربه، يبقى يمشي إزاي يا باشا..
ضرب الضابط على سطح مكتبه بقوة قائلا بغضب :
_ هما مين دول اللي كدابين يا بت ما تفوقي، بقى عايزة تقولي إن علي باشا الحسيني عايز يقرب منك أنتِ..
_دي الحقيقة هكدب ليه؟!..
أجابها بسخرية :
_ يمكن عايزة قرشين ما أمثالك رخيصة..
تحولت معالم وجه علي مع سماع حديث الضابط لها، حدق به بغضب لا يعلم لما شعر به وقبل أن يفتح فمه بحرف كانت أتت هي بحقها، أخذت طفاية السجاير من فوق الطاوله المقابلة لعلي وبكل قوتها ضربت الضابط بها بمنتصف رأس، رفعت رأسها بكبرياء قائلة وهي ترى الدماء تسيل منه :
_ كدة بقى أنا أخدت حقي ولما تحبسني هيبقى على حاجة أنا عملتها يا باشا..
انتهي الفلاش باااك..
_ الظابط راح المستشفى وهي دخلت الحجز..
أتسعت عينا محمود من كم المصائب التي فعلها صديقه، حرك رأسه مردفا :
_ البنت دي بنت راجل وطلعت أرجل منك ومن الظابط ومن الكلب اللي هي متجوزاه، خليك جنبها هنا يا علي ووصي الكل عليها لحد ما أروح المستشفى أشوف الظابط وأوصل لفين، مش هسيبها تبات هنا كفاية عليها اللي شافته النهاردة وحقيقة جوزها..
خرج من غرفة المكتب وترك علي بمحله، يسأل نفسه سؤال واحد يتركها وشأنها أم يقترب أكثر خصوصاً بعد شجاعتها تلك وبعد تفكير عميق قال :
_ بصراحة أنا عيل زبالة وهستغل الموقف لصالحي، مش هسيبها هي خلاص بقت بتاعتي، هتخرجي من هنا على قصر الحسيني يا أروى..
_____ شيما سعيد _____
بمنزل علام..
بداخل مرحاض غرفة سارة، أغلقت الماء ورفعت وجهها للمرايا، حدقت بانعكاس صورتها بإرهاق جسدي ونفسي، بدأت عينيها تسير على ملامحها الجميلة بحسرة، رأت بحياتها الكثير والكثير وإلى الآن تدفع ثمن زواج أبيها من والدتها، عادت ذكريات ليلتها مع محمود تطاردها، ليتها أغلقت عينيها ورفضت أمره برؤية كل ما حدث..
طبول تضرب رأسها بقوة، صرخات كثيرة تسمعها بقوة تذكرها بكل لحظة مرت عليها بحياتها، سقطت دموعها ومازالت تحدق بنفسها قائلة :
_ يا خسارتك يا سارة حلوة، حلوة أوي بس الدنيا أخدت منك كل حاجة وسابتلك شوية الحلاوة بس، الله يرحمك يا ماما كنتي دايما تقوليلي بلاش تفرحي بشكلك كدة الجمال ميسواش حاجة في سوق الحظ..
أبعدت وجهها عن المرايا، يكفي ما وصل إليها من مشاعر مؤلمة إلى الآن، فتحت الماء ووضعت رأسها تحتها لعلها تغسل روحها المتألمة من الأوجاع، أخرجها رنين هاتفها من حالتها لتخرج من المرحاض والماء تتساقط على وجهها، رفعت الهاتف لتجد إسم مريم ابتسمت بسخرية وردت عليها :
_ خير لسة فاكرة إن ليكي حد تتصلي بيه..
وصل إليها صريخ الأخرى الحاد لتجلس على فراشها وتأخذ تنهيدة عميقة ثم قالت :
_ اتكلمي بصوت واطي عشان أفهم أنتِ عايزة تقولي إيه يا مريم أو أقفلي لأني مش ناقصة صداع..
_ أختك اللي ربتك وفتحت بيتها ليكي بقت صداع دلوقتي يا ست سارة، عاملة نفسك هانم وخليتي البيه يطرد علاء من الشغل وكل ده ليه عشان شافك وهو بيبوس فيكي، صحيح رخيصة..
أتت لها بوقتها الصحيح، كانت تنتظر أحد يفتحها حتى تنفجر بوجهه :
_ لو كنت رخيصة كنت خليت الكلب بتاعك يقرب مني، الرخيصة فعلاً اللي تعرف إن جوزها بيقرب من أختها وتكذب أختها وتصدق جوزها، فاكرة لما ترني تقولي الكلمتين دول هعيط وأقولك حقك عليا كتر خيرك، لا يا حلوة أنا كبرت وفهمت الليلة ماشية إزاي، سنين وأنا بصرف عليكي إنتِ وجوزك مستحملة أعيش في بيت أقل من أوضة الكلاب في قصر أهلي عشان بس أفضل جنب أختي حبيبتي أصلي لو روحت لأهلي الخير اللي بييجي لأختي الغلبانة هيروح، العبيطة بتاعت زمان ماتت خدي جوزك وارجعي البلد خليه ينزل الغيط بدل مهو عاطل كدة والأحسن تبعدوا عني لأني من هنا ورايح لا عندي حاجة أخاف عليها ولا حاجة أخسرها وهاخد حقي من الكل..
أغلقت الهاتف بلا كلمة إضافية، لن تعود لبرائتها القديمةوحتى لو تمنت فالأمر خرج من بين يديها وأنتهى، لو لديها حق ببطن الحوت ستأخذه فهي الآن معها “محمود علام “..
زفرت بضيق عندما دق باب الغرفة ثم قالت :
_ أدخل..
دلفت الخادمة الخاصة بعايدة قائلة :
_ مدام عايدة طلبت تشوفك..
عايدة!!! تريد رؤيتها؟!.. لماذا؟!.. طلب منها عقلها رفض تلك المقابلة، لن تستطيع تحمل ضغط فوق ضغطها، حركت رأسها بقلة حيلة ثم أشارت للخادمة قائلة :
_ طيب عشر دقايق هسرح شعري وأروح لها..
بعد ربع ساعة..
خطت بساقيها أول خطوة لغرفة محمود مع عايدة، صدمت من المنظر أمامها، أمرأة يبدو أنها كانت جميلة لكن كان للمرض رأي آخر فأخذ منها ما أخذ، جهاز أكسجين معلق بجوارها و بجواره محلول يصل إلى كفها، الغرفة كانت عبارة عن مشفى صغيرة..
ابتلعت ريقها ببعض التوتر قائلة :
_ أنا سارة..
كانت الأخرى مغلقة العينين تائهة بدنيا غير الدنيا، مع صوت سارة الناعم فتحت عينيها، رأتها ويا ليتها لم ترها، جميلة جداً وجذابة جداً جداً، فتاة خلقت بقدر عالي من الفتنة، أخذت نفسها بتعب ثم قالت :
_ طلعتي حلوة أوي يا سارة..
ابتسمت إليها مردفة :
_ شكراً كلك ذوق، حبيت كتير أشوفك بس قالوا إنك بتحبي تبقى بعيد عن الكل، رأيك إيه ننزل نقعد تحت سوا..
رفضت عايدة بحركة سريعة من رأسها مردفة :
_ بحب أفضل في أوضة نومي مع محمود عشان لما أموت أموت فيها وآخر حاجة أشوفه هو والأوضة اللي عشت معاه فيها، وفيها كل ذكرياتي..
أشفقت سارة على حالها، فجلست على الفراش بجوارها ووضعت قبلة حنونة على رأس عايدة قائلة :
_متقوليش كدة ربنا يشفيكي وتفضلي مع جوزك وإبنك..
ابتسمت إليها عايدة بتعب ثم قالت :
_ مهو بقى جوزك أنتِ كمان..
صدمتها الجملة، انتفض جسدها على إثرها، نظرت لعايدة لتراها تبتسم كما هي، حاولت الحديث والإنكار لتكمل عايدة حديثها بهدوء :
_ شميت ريحة حريمي على بدلة جوزي أكتر من مرة، عشان كدة طلبت أشوفك، ريحتك نفس الريحة اللي على الهدوم، محمود مش بيعمل حاجة حرام..
قامت من مكانها يجب عليها الفرار الآن، لا لا قولي أي شيء يثبت عكس حديثها قبل الفرار، ضحكت ضحكة متوترة وقالت بنبرة حاولت أن تبقى قوية :
_ ابية محمود ده أخويا الكبير مفيش أي حاجة من الكلام ده، لو حاسة إن وجودي هنا هيشكك في جوزك أنا همشي..
_ يا ريت مشيك من هنا هيحل المشكلة، انزلي أنا محتاجة أرتاح شوية..
_____ شيما سعيد ______
بعد ساعة بقسم الشرطة..
عاد محمود ودلف للمكتب الموجود به علي،، وجده نائما على الأريكة بكل هدوء، جز محمود على أسنانه بغيظ من الآخر، اقترب منه وضرب على ساقه بقدمه قائلا :
_ اصحى يا بغل بدل ما أطلع بروحك في ايدي..
فتح علي عينيه بضجر وبعض الألم من شدة الضربة، نظر لمحمود بطرف عينه ثم مرر يديه على عينيه ليفيق مردفا :
_ في إيه هو في حد يصحي حد كدة يا جدع إنت..
أزاحه ليجلس بجواره مردفا :
_ في دي عندك حق اللي زيك لازم يصحى بالجزمة..
علي :
_ تشكر يا ابن الأصول، قولي عملت إيه؟!..
سند ظهره على المقعد ليأخذ بعض الراحة ثم قال :
_ اتنازل عن المحضر بعد ما أخد 100 ألف جنيه، البنت الغلبانة هتطلع دلوقتي هاخدها لحد بيتها يا علي وإياك تقرب منها..
قطع حديثه نغمة هاتفه، فتح الخط سريعاً مع رؤيته لاسمها مزين للشاشة مصاحب بأحد صورها، قبل أن ينطق بحرف سمع صوتها المرتجف :
_ محمود تعالى في الشقة بتاعتنا دلوقتي حالا..
أغلق الخط وقام سريعاً فسأله علي بقلق :
_ ايه اللي غيرك كدة في إيه؟!..
_ مفيش حاجة بس أنا لازم أمشي دلوقتي، علي خلي البنت تروح بيتها وخليك بعيد عنها..
ذهب بخطوات سريعة فتح باب المكتب ورحل، بنفس اللحظة رأت أروى طيفه أمامها، توقفت محلها قائلة بخوف :
_ محمود وهو ده محمود بجد والا أنا بتخيل؟!..
_ يلا يا بت امشي خلي أم اليوم ده يخلص بقى..
فاقت على صوت العسكري لتمشي معه بصمت للمكتب، أول شيء وقعت عيناها عليه إبتسامة الآخر السعيدة، اقتربت منه بقوة وحاولت رفع يدها عليه قائلة :
_ مشفتش في حياتي واحد واطي زيك..
وضع ساقا على الآخر ثم أشار إليها بهدوء مردفا :
_ تعالي ارتاحي أكيد اتعلم عليكي جوا أصلي بصراحة كنت موصي عليكي جامد..
كتمت غيظها من نبرته المستفزة ثم جلست على المقعد المقابل إليه واضعة ساقا على الآخر بنفس طريقته، قبل أن تأخذ راحتها بإسناد ظهرها قائلة ببرود :
_ اه تقصد جوز البقر اللي حاولوا يمدوا ايدهم عليا جوا؟!.. عموما هما دلوقتي في الأوضة اللي جنب الظابط لو حابب تلقي نظرة عليهم..
أتسعت عيناه بعدم تصديق مردفا :
_ إنتِ ضربتي دول إزاي؟!..
_ زي الناس ما أنا ست قادرة ومفترية وأيدي ولساني أطول من بعض، حاول تقرب مني وإنت تجرب..
ضحك ضحكة مستمتعة بالحديث معها رغم كل ما قالته، حك ذقنه وعينيه تتجول على جسدها أسفل العباية مردفا :
_ تستحقي أخوض عشانك التجربة، هديكي فوق اللي أخده جوزك ونتفاهم بالود..
رأت بعينه الإصرار عليها، زوجها اللعين أدخلها بمعركة كبيرة تركها تواجه بمفردها، يبدو أن الفرار الآن أصبح مستحيلا ولابد من الدخول بالمعركة وتقبل الفوز والخسارة، تحركت بالمقعد لتقترب منه وجذبته من مقدمة ملابسه لينزل لمستوى طولها هامسة :
_ عايزني جامد إنت يا باشا مش كدة؟!..
أومأ إليها مثل المسحور من تأثير قربه منها لتكمل هي بعدها عادت الي محلها بعيداً عنه :
_ يبقى تنفذ شروطي وتأخدني بالرضا..
شروط!!.. من تلك التي تجرأت ووضعت شروط لعلي الحسيني؟!.. فاق من حلاوة اللحظة وعاد إلى جبروته مردفا :
_ لسة متخلقش اللي يحط ليا شروط، فوقي بدل ما أرجعك التخشيبة تاني..
أطلقت ضحكة رنانة قبل أن تقول :
_ لأ اتخلق وقاعد قدامك كمان تحب تسمع والا نمشيها بالبقاء للأقوى؟!..
_ رغم إني الأقوى بس هسمعك..
_ سيد تاخد منه الفلوس اللي دفعتها وتطرده من الشركة وتخلي أي شركة تانية ترفض تشغله، عايزة صاحب الشقة اللي كنت ساكنة معاه فيها يطرده، من الآخر ينام في الشارع ويأكل اللقمة من الزبالة..
_ اممم وبعدين؟!…
_ خلينا ماشيين خطوة خطوة، نفذ ده الأول وبعدين نشوف بعدين..
______ شيما سعيد ______
بمنزل محمود وسارة..
دلف لغرفة نومه صافعا الباب خلفه بقلق، رآها تجلس بالشرفة المطلة على الحديقة الصغيرة، مظهرها بمفرده لا يبشر بالخير، جسدها يرتجف، تفرك كفيها ببعض بقوة غريبة، اقترب منها بلهفة قائلا :
_ سارة في إيه ومالك مش على بعضك ليه؟!..
رفعت رأسها إليه ثم قالت بنبرة صوت متوترة مصحوبة بالكثير والكثير من الندم :
_ مراتك عرفت إننا متجوزين..
جملة صغيرة هزت كيانه، يستحيل أن يستوعب عقله تلك الحقيقة، عايدة كيف علمت بزواجه من سارة وكيف هي حالتها الآن؟!.. تغيرت معالم وجهه لتفوح منه النيران ثم سألها بنبرة صوت مريبة :
_ مين اللي عرفها إننا متجوزين؟!..
أنكمشت حول نفسها بخوف، شعرت ببوادر الخطر تدلف إلى أعماقها ليرتجف قلبها رعبا ولا تعلم لما، همست بتقطع تتمنى أن يأخذها بين أحضانه الآن ويجعلها تشعر ولو بقليل من الأمان :
_ الصبح كنت قاعدة في أوضتي والخادمة بتاعتها جات وطلبت مني أروح لها، روحت لها واتكلمت معاها عادي فقالت فجأة إني مراتك قولتها إيه الكلام ده قالتلي إنها شمت على هدومك ريحة معينة وطلبت تشوفني عشان تتأكد وتأكدت فعلاً لما شمت ريحتي، طردتني برة الأوضة بتاعتها قبل ما أقول أي حاجة..
تركها تتحدث مثلما تريد، أومأ إليها وعلى تعبيرات وجهه غضب أعمى، جذبها من فوق المقعد لتقف أمامه، نظر إليها نظرة كانت كفيلة تجعلها تفقد الوعي ثم قال من بين أسنانه :
_ اممم، بقى هي دي لعبتك، تعرفي عايدة وتحطيني قدام الأمر الواقع، طيب كنتي استني شوية على الأقل أتعلق بيكي وأبقى باقي عليكي، كنتي اعملي حاجة واحدة تخليني أقف قصاد مراتي عشانك..
حركت رأسها بنفي وقالت :
_ إنت بتقول إيه؟! أنا مستحيل أعمل حاجة زي دي، هقول لست مريضة جوزك اتجوز عليكي؟!..أنا مش زبالة للدرجة دي..
عض على شفتيه وأخرج هاتفه مردفا وهو يقوم بالاتصال على الخادمة :
_ هنشوف دلوقتي البنت طلبت إنك تروحي لعايدة والا لا، لأني قولتلها ممنوع دخولك لعايدة حتى لو عايدة طلبت ده..
فتحت الخادمة الخط وقالت ببكاء :
_ عايدة هانم تعبانة جداً يا محمود بيه، آنسة سارة دخلت لها غصب عني وقالت لها إن حضرتك متجوزها عليها..
كانت بحالة من الذهول وهي تسمع تلك الكلمات، للمرة المليون تتعرض للظلم، حركت رأسها عدة مرات برفض قائلة :
_ والله العظيم ده كذب صدقني أنا..
قطع حديثها قائلا بنبرة محتقرة :
_ إنتِ طالق…
رواية عطر سارة الحلقة السابعة
جملة مكونة من كلمتين قدرت على تحطيم كبريائها، قالها بكل بساطة وبلا لحظة تفكير واحدة، يبدو ان محمود علام كان ينتظر تلك اللحظة حتى يتخلص منها، صدمتها كانت كبيرة، شعرت بشي يسقط من صدرها تعلم ما هو قلبها سقط مع كبريائها، حدقت به لتجده ينظر بعيدا، وضعت كفها فوق كفه مردفة بنبرة تائهة :
_ ازاي كدة، معقولة صدقت إني أقول لست مريضة خبر زي ده وأنا عارفة صحتها مش هتتحمل، ازاي بالبساطة دي رميت عليا اليمين هو للدرجة دي أنا رخيصة عندك؟!..
حديثها غير مرتب بالمرة، لا تشعر بما تقوله ولا حتى كيف تقوله، كل ما كانت تشعر به فقط تخلي الجميع عنها، فكرة انها دائماً أنها لو وضعت باختيار مع أي شخص يستحيل تكون الفائزة، صدمت أكثر من إجابته الهادئة وكأن الأمر لا يستحق منه حتى القليل من الحزن :
_ عارف إنك مقولتيش بس عايدة عرفت ودي حاجة مكنتش في اتفاقنا، عرفت منين أو ازاي مش مهم لكن المهم مشاعرها هي..
مشاعرها هي؟!.. عادها عقلها مئة مرة وكأنه يزيد من جلدها، تركت يده وأبتعد عنه خطوة للخلف ثم أشارت على نفسها مردفة :
_ ومشاعري أنا بالنسبة لك إيه؟!..
نظر إليها بتعجب مردفا :
_ مشاعر ايه اللي بنا يا سارة؟!.. أنا بالنسبة لك بنك فلوس تطمني لما يدفع أكتر وأنتِ عارفة أنتِ ايه بالنسبة ليا كويس بلاش ندخل المشاعر بنا لأنها مالهاش مكان، أنا مراتي عندي أهم من لعب العيال ده وانتِ معاكي البيت وهحط مبلغ كويس بإسمك في البنك اصرفي براحتك، اظن دول كتير أوي على الكام يوم اللي كنا فيهم سوا..
لم تسمع منه أكثر يكفي ما سمعته الي الآن، اعتادت على الإهانة ولكن تلك المرة كانت قاسية قاسية جدا وفوق قدرة قلبها الصغير على التحمل، حملت حقيبتها ورحلت بخطوات مهزومة تجر خلفها خيبة أملها للمرة المليون..
فاق من شروده باللحظات الماضية، مر على هذا اللقاء يومين، يومين وهو مازال يجلس ببيته معها داخل غرفة النوم، قامت عايدة بالاتصال عليه أكثر من مرة وهو لا يرد ربما يرفض الحديث معها وربما لا يجد ما يقوله..
دق هاتفه فزفز بضجر ورفعه أمام عينيه ليري من المتصل، وجدها والدته، حرك رأسه مردفا :
_ ازاي نسيت اطمنها عليا؟!..
فتح الخط ليسمع صوتها الذي يدل عن مدى قلقها :
_ أنت فين بقى لك يومين يا محمود، قلقتني عليك يا حبيبي..
أخذ نفس عميق ثم قال بتعب :
_ معلش يا أمي اضطريت أسافر في شغل مهم هرجع النهاردة بإذن الله..
_ ماشي يا حبيبي بس تعالي بسرعة يا محمود سارة عايزة تمشي من هنا وجدتك صحتها مش هتتحمل كدة أنت عارف انها اتعلقت بيها جدا الفترة اللي فاتت دي..
لماذا انتفض قلبه هكذا مع خبر رحيلها؟!.. لماذا شعر بانسحاب جزء من أعماق قلبه لا يعلم ما هو؟!. هب من فوق الفراش مردفا بهمجية :
_ إيه العبط ده يعني إيه تمشي هي كانت وكالة من غير بواب، اهدي يا أمي وطمني جدتي ساعتين وهكون عندكم والامن مش هيخرجها من الباب..
نظرت حنان لسارة التي كانت تحمل حقيبتها فأقتربت منها مردفة بعتاب :
_ كدة برضو يا سارة عايزة تسيبي البيت بعد ما اتعودنا عليكي، أنتِ مش عارفة مكانتك في قلبي وقلب تيتا دلوقتي..
إجابتها بتعب ظاهر على صوتها :
_ معلش يا طنط كدة أفضل أنا مش عارفة اتأقلم هنا هرجع بيتي أحسن..
قبل أن تتحدث حنان اتي إليها صوت محمود الغاضب عبر الهاتف :
_ أديها الموبايل يا أمي..
وضعت حنان الهاتف على اذنها مردفة :
_ خدي كلمي محمود يمكن تغيري رأيك..
حركت رأسها برفض وقبل أن تلقى الهاتف بعيداً عنها صرخ بها مردفا :
_ إياكي ترمي الموبايل من ايدك، زي الشاطرة كدة تاخدي شنطتك وترجعي أوضتك لحد ما أجيلك، وخدي بالك مفيش حد من الأمن هيخرجك..
_ أنا…
_ قولت ولا كلمة على أوضتك لحد ما أرجع، يلاااااا..
عضت على شفتيها بقهر من سيطرته عليها، سقطت دمعة حزينة من عينيها ثم أعطت الهاتف لحنان وذهبت لغرفتها كما أمرها، حدقت حنان في أثرها بتعجب ونظرت للهاتف وجدت محمود أغلق الخط فقالت :
_ هو في ايه بالظبط؟!..
____ شيما سعيد ____
بعد مرور ساعتين وعدة دقائق فتح محمود باب قصر علام، وجد جدته تجلس على مقعدها وبجوارها والدته تحاول التخفيف عنها، زفر بضيق قبل أن يمسح على خصلاته مقتربا منهما مردفا بنبرة حنونة :
_ ألفت هانم بتعيط ليه؟!.. إزاي تنزل دمعة من عينك وأنا عايش يا جدتي..
نظرت إليه بعتاب لم يفهمه ثم قالت :
_ سارة عايزة تمشي يا محمود دي الحاجة الوحيدة اللي بشم فيها ريحة أحمد إبني مش هقدر اسيبها تمشى بعد ما اتعودت على وجودها معايا في نفس المكان، قولها أي حاجة تخليها تقعد إن حاسة انك قريب منها وهي بتسمع كلامك..
أوما إليها بشرود، يبدو أن الجميع يلاحظ قربه منها الا هو، وضع قبلة حانة على جبين ألفت مردفا بابتسامة :
_ ماشي يا ستي اطمني هي مش هتمشي، المهم دلوقتي تأكلي وتأخدي علاجك ده لو مش عايزة نزعل من بعض..
حركت رأسها عدة مرات بقبول أي شيء طالما ستظل سارة معها، أشار الي والدته لتذهب خلفه بعيداً عن ألفت قليلاً فقالت بقلق :
_ عايز تقول ايه بعيد عن جدتك..
رفع عينيه حتى يرى باب غرفتها المغلق ثم قال :
_ خدي جدتي واطلعي الجنينة يا أمي لو انقلبت الدنيا جوا مش عايزها تحس بحاجة..
_ يعني إيه الكلام ده يا محمود..
قرص وجهها مردفا بابتسامة :
_ نفذي اللي بقولك عليه يا حنان وبعدين هنقعد سوا وأقولك كل حاجة..
فتحت فمها بتعجب لكنه سبقها وذهب بخطوات سريعة، وقف على باب غرفتها ولأول مرة يشعر بتوتر، لا يعلم كيف سيقف أمامها أو ماذا سيقول، تعجب من حاله منذ متى وهو يفكر هكذا منذ متى وهو يشعر بسيطرة أحد عليه؟!..
وضع يده على مقبض الباب ليسمع صوت خادمة زوجته تقول :
_ محمود بيه..
_ خير؟!..
_ مدام عايدة عرفت ان حضرتك موجود وطلبت تشوفك..
تنهد بضيق عايدة ستنهار بين يديه الآن هذا ما كان ينقصه، تحرك بخطوات ثابته حتى وصل لجناحه فتح الباب ليراها تجلس جلستها العادية، ابتسمت إليه بإشتياق مردفة :
_ هونت عليك يعدي يومين كاملين من غير ما أشوفك يا محمود..
جلس أمامها على الفراش ورفع كفه ليمسح به على خصلاتها مردفا :
_ حقك عليا بس كنت مشغول جامد اليومين دول، قوليلي بقى عيونك الحلوين دول لونهم أحمر ليه؟!..
أبتلعت ريقها بتوتر، يود فتح الموضوع معها وهي يستحيل أن تسمح بذلك، رسمت على معالم وجهها الحزن مردفة :
_ مفيش يا حبيبي أنت عارف إن من أول ما تعبت وأنا بعيدة عن الكل ورافضة اي حد يدخل يشوقني غيرك، لما بعدت عني اليومين دول حسيت إني ماليش حد وزعلت على نفسي اوي، طول الوقت كنت بقولك أتجوز وعيش حياتك مش هتفضل الباقي من عمرك من غير ست، بس لما بعدت عني أكتشفت إني مقدرش أعيش من غيرك، أنا أيامي في الدنيا مش كتير زي ما استنيت 15 سنة اللي فاتوا استنى شوية كمان ولما أموت أعمل اللي أنت عايزه..
حديثها مبطن، جذبها ليضمها إليه، قدرت بكلمات بسيطة بث الذنب بداخله، أغلقت يديها حول ظهره بقوة رغم تعبها مردفة :
_ طول عمري أنانية في حبك ودلوقتي بقولك إني وصلت لمرحلة التملك خليك جانبي على طول أنا أستحق إن تعيش على ذكرى السنتين اللي كنت فيهم مرات الباقي من عمرك صح؟!..
_ صح..
_ أنا جعانة أوي يا محمود..
_ حالا هيكون عندك الأكل وهأكلك بأيدي كمان وهو أنا عندي كام عايدة..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علي الحسيني..
أمر الخادمة بطلبها ونصف ساعة من الانتظار أتت سيدة الحسن والجمال، دلفت إليه بطلة تخطف الأنفاس، يبدو أنها جميلة جداً وبأي شيء، حبست أنفاسه بعبائتها السمراء وها هي الآن تعيدها للمرة الثانية بفستان چينز خامق بحجاب أبيض أعطى لوجهها جاذبية اذبته، سحر بعقله يتخيلها بأوضاع يتمنى أن يراها بها ويعيشها معها، ضربت على المكتب بقوة مردفة من بين أسنانها :
_ بيقولوا إن حضرتك عايزني ناوي بقى تحلى عني وتخليني أروح والا هنفضل نفرهد في بعض كتير؟!..
أجابها بإبتسامة واسعة زادت من جرعة الاستفزاز بداخلها :
_ وده كلام هنفرهد بعض طبعا وأنا أموت في الفرهدة..
ألقت عليه نظرة لو كانت تقتل لكان انتهى بنفس اللحظة، وتحركت من مكانها توقفت بضيق مع وضع يده على الباب يمنعها تخطو خطوة إضافية، شعرت بانفاسه على رقبتها لتبتعد سريعاً حتى التصق جسدها بالباب همس بنبرة رجولية دافية :
_ يومين معايا تحت سقف واحد ومش عارف أشوف عيونك الحلوين بذمتك كدة ينفع؟!..
دارت بوجهها إليه ودفعت بقوة ليبتعد عنها، تصنع الألم مردفا :
_ يا بت خفي أيدك شوية أنا مش قدك أنتِ شكل صحتك جامدة..
بسخرية قالت :
_ شكلك بتحب قلة القيمة وبصراحة أنا من ساعة ما شوفتك وليا مزاج أقل منك..
تحولت نظراته بلحظة، للأمانة دلف القليل من الخوف بداخلها تحول برعب مع جذبه إليها من فكها، نظرت عينه كانت ملتهبة جعلتها تغلق عينيها هروبا منها فقال :
_ عجبتني في الأول لكن شوفت في عينك نظرة وقت ما سيد قدمك ليا بتقول إن شرسة، وعجبتني أكتر ما لفتي من أيدي وكمان حطيتي شروطك، لكن تفكري تطلعي ضوافرك أقطع لك أيدك مش بس أقص ضوافرك، فاهمة..
كلمته الأخيرة كانت بنبرة حادة جعلتها تخضع إليها مع شعورها بأنها ليس بمركز قوة، أومات له عدة مرات ومازالت تغلق عينيها ليقول بأمر :
_ أفتحي عينك وردي عليا وأنتِ باصة جوا عيني..
نفذت أمره ونظرت داخل عينه، نظرة جامدة منها قابلتها هي بأخرى بها بريق من التحدي حتى لو قل من رجفتها بين يديه ثم قالت :
_ مفهوم، ممكن أخرج بقي مش معقول تكون منادي عليا عشان تسمعني الكلمتين دول..
عاد ليجلس على مقعده ثم أشار إليها بالجلوس، بداخلها جزء كبير يطلب منها ضربه بالمقعد الذي أشار إليها بالجلوس عليه أو على الأقل صفعه عدة صفعات لعلها ترتاح ولو لقليل، ضرب على المكتب مردفا :
_ مش قولت أقعدي تبقى تترزعي..
_ الله ما طولك يا روح..
همست بتلك الجملة من بين أسنانها قبل أن تجلس مثلما قال مرغمة، رسمت على وجهها إبتسامة باردة مردفة :
_ خير حضرتك عايز ايه يا علي بيه؟!…
أخرج ثلاث ورقات من درج مكتبه واعطاها إليها بقوة قائلا :
_ خدي دي قسيمة طلاقك، والتانية جواب رفده من الشغل، أما التالتة بقى عدة الشقة اللي كنتوا عايشين فيها بالايجار هي حالياً باسمك وهو انطرد منها من بالليل، لسة عندك طلبات…
أخذت منه الأوراق وحدقت بهم بنظرة نصر، رغم كل ما فعلته حتى تبقى مع سيد الا إنها الآن يتغلغل بداخلها مشاعر عودة الحق، قدرت أخيراً على أخذ جزء ولو بسيط من حقها عنده، توقفت عينيها أمام قسيمة الطلاق وتذكرت جملة محمود الأخيرة قبل أن تترك منزله وتذهب مع الآخر :
_ الواد ده بيضحك عليكي عايز فلوسك مش أكتر يا غبية لو يلزمك تنسى خالص إن بنت علام..
سقطت دموعها وارتفعت شهقاتها وهي تتذكر ردها عليه :
_ وأنا من أمتي كنت بنت علام، بالعكس أنا طول عمري منبوذة أبويا رافض يشوقني وأنت يا دوب بتيجي هنا كل شهر ترمي ليا قرشين كأني شحاتة مش أختك، سيد بس اللي حبني وحسسني اني بني ادمة..
اااه والف آه حتى سيد كان مجرد خدعة كبيرة أسقطت نفسها بداخلها لتشعر ولو بقليل من الحب، انتفض جسدها على أثر صوت علي الغاضب :
_ أنتِ بتعيطي على إيه أنتِ لسة عايزة كلب زي ده باعك بالرخيص..
رفعت عينيها الغارقة بالدموع وقالت :
_ بعيط على نفسي، وبعدين إيه الفرق بينك وبينه واحد باع مراته وانت يا دوب اشتريت، حطيت عينك على حاجة أنت عارف كويس انها مش بتاعك، يمكن هو اتربي في بيئة خلته يجري ورا الفلوس ساعات الفقر بيعمل أسوأ من كدة لكن أنت يا باشا عزرك إيه، معاك كل حاجة تقدر تقولي بصيت على الحاجة الوحيدة اللي معاه ليه.
قامت من محلها بجسد يعلن بكل صراحة انه فقد قدرته على التحكم وسيسقط بين لحظة والثانية، تحملت على نفسها مقررة الفرار تركته يصارع أفكاره وذهبت هي لسجنها لتصرخ بداخله دون أن يسمعها أحد..
أغلقت باب الغرفة عليها والقت بجسدها على الأرض صارخة :
_ يا رب أرحمني يا رب مش قادرة أكمل والله العظيم ما انا قادرة أكمل، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا سيد ربنا يكسر قلبك زي ما كسرت كل حاجة فيا..
____ شيما سعيد _____
أطمئن انها نامت بعمق وراحة فأخذ نفس عميق وخرج من الغرفة، فتح باب الغرفة سارة بلهفة لا يعلم لما ولكنه يود رؤيتها، وها هو يقف أمام فراشها، تابعها بصمت وهي تحدق بهاتفها بتركيز شديد، مرت دقيقة كاملة عليه وهو فقط يتأملها، صغيرة نعم خبيثة ولكنها صغيرة، تحدث بهدوء :
_ مش ناوية ترفعي عينك وتبصي لي؟!..
ظلت على وضعها اجابته بهدوء :
_ مش عايزة أشوف في عينك حضرتك شايفني ازاي يا أبية..
أقتربت منها بخطوة سريعة وجذب الهاتف من بين يديها ثم ألقى به على الفراش وجعلها تقف أمامه، مردفا بجدية :
_ ارفعي عينك يا سارة..
حركت رأسها برفض شديد ليرفع وجهها إليه بأحد أصابعه قائلا :
_ لو بتعرفي تقري العيون كويس بصي لي وقوليلي شايفك ازاي..
تائهة، هي بالفعل تائهة وهو بارع ذو خبرة عالية تجعلته يقدر على اللعبة بها جيدا، تنهدت بتعب ثم قالت :
_ مش هيفرق في حاجة يا أبية كتر خيرك أنت ادتني قمتي كويس يا ريت بس تكمل جميلك معايا وتشوف ليا شغل في اي مكان بس مش عند حضرتك..
يبدو أن الصغيرة تريد التحرر والهروب بشكل كامل، مسح على وجهها بثبات حاول الحفاظ عليه ثم قال بنبرة لا تقبل النقاش :
_ مفيش كلام من ده، أنتِ هتفضلي هنا في البيت ده مع جدتك تكملي دراستك وكل طلباتك عندي..
رفعت رأسها بكبرياء مكسور تجبر عينيها على الصمود لعل دموعها تظل مكانها لو سقطت أمامه ستنتهي، كتمت أنفاسها عدة لحظات ثم قالت :
_ أنت اتجوزتني عشان حاجة في دماغك وأخدها وأنا اتجوزتك عشان حاجة في دماغي وأخدها وجودي هنا مالوش لأزمة..
أستفزته لأقصى درجة فقال بغضب :
_ وأنتِ بتسمي اليوم اللي أتجوزتك فيهم دول يعوضوا راجل محروم 15 سنة؟!..
_ وأنا مالي أنا رضيت وعشت أنت اللي طلقتني كفاية قلة قيمة بقى..
صمت الأثنين بذهول مع هذا الصوت الذي تحدث بصدمة :
_ جواز إيه وطلاق إيه أنت أتجوزت سارة بجد؟!..