رواية تقى وسفيان – ملتقى القلوب بقلم زكية محمد – كاملة الفصول

رواية دهب الفهد


الفصل الرابع 
تسير في الشارع نحو وجهتها المخزية دموعها تتساقط بضراوة على وجنتيها عقلها وجوارحها يحذرانها من المضي في هذا الممر المظلم والمنطق يقول بأن تذهب كي تنقذ والدها حيث لا توجد ثغرة غير هذه تمكنها من الحصول على المال لتجلب الدواء لوالدها .
نظرت للورقة المطوية بيدها لتضغط عليها پعنف ومن ثم أشارت بيدها لتوقف إحدى سيارات الأجرة وانطلقت لوجهتها إلى حيث جحيمها الذي ينتظرها ولم تلاحظ تلك الأعين التي تراقبها عن كثب.
اتصل سفيان بوالدته وقد قرر أخيرا بأن يتحرك فقلقه البالغ عليها طوال هذه المدة أخافه بشدة أخذ يحدثها في أمور شتى ليختم قوله لها هي تقى ما بتردش على التليفون ليه 
ضيقت عينيها بغيظ قائلة يعني مش عارف يا تنح !
أردف بضيق في إيه يا ماما 
ردت عليه بحدة في إن وقعتك مطينة بستين طين بس تيجي بالسلامة يا ابن بطني .
رد بدهشة في إيه لكل
دة بس 
أردفت بحنق نقول إيه مفيش لا ډم ولا إحساس مراتك مش راضية ترد عليك يا عين أمك علشان زعلانة منك ومش أي زعل لا دة الموضوع كبير .
أردف بنفاذ صبر طيب هي عندك عاوز أكلمها أفهم منها زعلانة ليه الهانم .
عضت على شفتيها بغل قائلة عارف لو قدامي كنت عملت إيه كنت نزلت عليك بأبو وردة اللي أنت عارفه كويسة أوعى تكون فاكر إنك كبرت عليا يا واد .
أردف بانفعال بقولك إيه يا ماما فهمي تقى تشيل الهبل دة من دماغها وتعقل كدة وإلا هتشوف وش مني عمرها ما شافته .
هتفت بعتاب لا يا سفيان هي شافت كتير يا ابن بطني حرام عليك أتقي الله فيها شفت إيه منها مخليك قالب عليها كدة .
أردف بملل بقت كئيبة ونكدية كل شوية خناق لحد ما زهقت .
رددت بعصبية ومسألتش نفسك ليه بقت كدة وايه اللي وصلها لكدة .
أردف بغيظ كل دة علشان زميلتي في الشغل تقى بتغير منها يا ماما مفيش حاجة علشان تكبر الموضوع بالشكل دة .
ردت بشك متأكد أنه مفيش حاجة 
هتف بتأكيد أيوة متأكد هو أنا صغير يعني .
أردفت بتأكيد قول إن عينك زايغة على رأيها عاوز تتجوز الستات كلها .
تابع بانفعال خليها تكلمني يا ماما لحظة وقوليلها لو ما فتحتش الفون وردت عليا هي عارفة كويسة هعمل إيه لو سمحتي يا ماما أديلها التلفون دلوقتي.
أذعنت لطلبه ودلفت لغرفته بعد أن طرقت الباب وجدتها ممدة على الفراش اعتدلت في جلستها لتقول أتفضلي يا ماما ندى .
همست ندى لها بأن سفيان يود أن يتحدث معها لتأخذ منها الهاتف وتضعه على أذنها بينما غادرت الأخرى لتترك لهما مساحة كافية.
لم تتحدث وإنما ظلت صامتة حتى سمعته يقول اسمها بخفوت تقى .
خرجت حروفها الصادقة الصادرة من أعماق قلبها لا مهونتش عليا أنت وحشتني أوي.
رد عليها بعتاب واللي بيوحشه حد بيعمل كدة بردو !
ردت بعتاب أكبر بس أنت مزعلني يا سفيان وأوي كمان .
ردد بملل وهو ينتظر ثورتها عليه كعادته ممكن الليدي تقى تقولي زعلتها في إيه 
أردفت بدموع وهي تلمح نبرة السخرية ببحة صوته أنت عارف يا سفيان عارف اللي مزعلني ومصر تبقى معاها وأنا أتفلق عادي .
جز على أسنانه بغيظ وهو يقول هو أنا بحب فيها دة شغل يا تقى شغل يا ريت بقى تفهمي .
هزت رأسها باستسلام وهي تقول ماشي يا سفيان براحتك .
أردف بسرعة ما إن رأى الطبيب المشرف ينادي عليه طيب عاوزة حاجة أنا ورايا شغل دلوقتي 
وقبل أن تغلق المكالمة سمعت صوتها البغيض ينادي عليه حينما أتت فجأة لتلقي الهاتف على الفراش وتنخرط في موجة بكاء جديدة اعتادت عليها منذ أن دلفت هذه إلى حياة زوجها .
دلفت ندى عندما سمعت صوت بكاء مكتوم لتعلم إلى أي نقطة وصلا واستها كعادتها وبداخلها تتوعد لابنها بعقاپ قاسې كي يرد له عقله .
وصلت للفندق المسطر في العنوان بلعت ريقها بتوتر وشعور بأنها مقدمة على حافة الهاوية دلفت للداخل وتوجهت لموظف الاستقبال وسألته عن غرفة المدعو قاسم العمري ليخبرها بأن تذهب للغرفة وتنتظره ريثما يأتي وأنه سيصل في غضون دقائق أعطاها المفاتيح الخاصة بالغرفة كما هو متفق عليه وأخبرها بمكان تواجدها مشت هي وصعدت للأعلى وهي تقدم ساق وتؤخر الأخرى بدأ الړعب يتسرب رويدا رويدا بداخلها وهي مستمرة في السير نحو هلاكها .
وقفت أمام الباب المنشود وهي تتطلع للمفاتيح التي بيدها وأخيرا شعرت بأنها كانت في دوامة وخرجت منها تذكرت أبيها وما فعله معها تذكرت كم الټضحية التي قدمها لها هل بعد كل ذلك تفرط في شرفها بأي شكل من الأشكال شهقت بصوت عالي وهي تردد پجنون أنا إزاي أعمل كدة لا لا أنا أنا همشي ودلوقتي..
ألقت المفتاح على الأرض وكذلك الملابس التي بحوذتها واستدارت تهرب بأقصى سرعة لديها حتى وصلت للأسفل مشت بحذر كي لا يشك أحد وما إن خرجت من الباب أخذت تركض بسرعة إلى أن اصطدمت بجسد ما فأصابها الفزع لتطلق صړخة ذعر وهي تعتقد أنه أحد الرجال وسيذهبوا بها للفندق عنوة إلا أنها سمعت صوتا مألوفا يقول أهدي.
تراجعت للخلف وتطلعت له ليصيبها الذهول عندما تعرفت على هوية الشخص والذي قال بنبرة هادئة كنت عارف إنك مش هتعملي كدة تربية محمد لا يمكن تعمل كدة .
احتلت الصدمة معالم وجهها بينما تابع هو بهدوء يلا يا بنتي تعالي نرجع وهحكيلك كل حاجة في الطريق.
هزت رأسها بنعم وخجل وتبعته وصعدت معه إلى السيارة وانطلقت عائدة بهما إلى مسكنها .
عودة لوقت سابق وبالتحديد قبل الظهيرة حيث أتى أكرم لزيارة محمد بعد أن أرسل إحدى الصبية ليخبره بأنه يريده في أمر
ضروري دلف للغرفة حيث أنه رجل مريض لا يبرح الفراش ألقى عليه التحية وجلس قبالته وبعدما سأله عن حاله تحدث محمد بنبرة ضعيفة معلش يا أكرم بيه جبتك على ملا وشك بس الموضوع خطېر ومحدش هيساعدني في الموضوع دة غيرك .
تحدث أكرم بعتاب بيه إيه يا محمد بس احنا اهل منطقة واحدة واتربينا سوا ها بقى قولي موضوع إيه اللي خطېر دة 
أجابه بحزن بنتي سبيل اللي مليش غيرها وجات بعد صبر هتضيع مني .
ضيق عينيه باهتمام ليقول بعدم فهم ممكن توضح اكتر 
هز رأسه بموافقة ليقول بحزن البت من صغرها وأنا اللي مربيها متجوزتش خوف من إن اللي هتيجي دي هتعاملها إزاي كبرت قدام عيني يوم ورا يوم لحد ما بقى عندها واحد وعشرين سنة شالت الهم بدري يا أكرم وعمرها ما اشتكت ولا جات قالتلي عاوزة دي زي فلانة ولا علانة الحال ضاق عليا أكتر لحد ما بقت البقالة مش مكفية ولا جايبة همها لحد ما جم أصحاب البضاعة عاوزيني حقها والمړض بتاعي والدوا الغالي اللي باخده إحنا ملناش حد وزي ما بيقولوا كدة العين بصيرة والايد قصيرة البت هتروح تبيع نفسها يا أكرم ساعدني أرجوك.
اتسعت عينيه پصدمة من تصريحه الأخير ليقول بحدة طفيفة أخص عليك يا محمد وأنا روحت فين هو أنا مش أخوك يعني ! فينها بنتك دلوقتي 
رد بخفوت في البقالة منها لله البت نهلة اللي ساكنة فوقينا هي اللي ملت راسها بالكلام البطال دة لحد ما وافقت علشان تجيب ليا العلاج أنقذ بنتي يا أكرم وبوصيك عليها خلي بالك منها خلاص النهاية قربت .
ربت على كتفه وهو يقول إن شاء الله ربنا يباركلك في عمرك وتشوفها أحسن الناس .
استرسل في الحديث اتفقت معاها هتروح فندق تقابل راجل كبير في السن
وتضحك عليه تحطله منوم وتمشي بعد ما ينام علطول أنا مش عايزها تهوب ناحية الفندق دة من الأساس.
ابتسم بهدوء قائلا متقلقش وعد مني هجبلك بنتك زي ما هي .
وبعد ذلك أنهى الحديث معه وغادر وقام بمراقبتها جيدا وعندما خرجت ذهبت للفندق الذي أعطى والدها له عنوانه وسأل عن اسم الشخص ليفاجأ بعمر الشاب الذي أكمل الثلاثين منذ فترة أيقن أن الفتاة الأخرى قامت بخداعها وقف هو أمام الفندق ينتظر قدومها ورآها تنزل وتدلف وكان أيضا يراقب مجيء الشاب الذي أجرى بحث عنه وعلم أنه ابن رجل أعمال معروف وعندما يأتي سيتدخل ليعوق الأمر ولكنه وجدها تخرج راكضة من الفندق فابتسم أنها علمت أن ما كانت مقدمة عليه هو خطأ فادح لا محال .
هتف أكرم بعتاب كبير كدة يا بنتي والدك في البيت مستنيكي وخاېف عليكي.
هتفت بدموع وخفوت أنا والله عملت كدة علشانه بابا مريض ومحتاج دوا ڠصب عني.
ردد بلوم وأنا روحت فين 
أردفت بخجل حضرتك مش متعودة أخد حاجة من حد .
ضيق عينيه پغضب ليتحدث من بين أسنانه فتروحي تعملي اللي كنتي رايحة تعمليه دة عادي إنما تطلبي مساعدة من حد لا دة إيه المنطق الغريب دة .
أردفت پبكاء عند هذه النقطة مقدرتش أعمل حاجة زي دي أبدا حتى لو مش هيقرب مني .
ضحك بسخرية على غبائها ليقول أنت عارفة البني آدم اللي كنتي رايحة عنده دة سنه قد إيه 
هزت رأسها بنعم لتقول بتأكيد أيوة نهلة قالتلي أنه عجوز يجي فوق الستين كدة .
أردف بغيظ علشان يبقى درس تتعلمي منه يا بنتي متوثقيش في أي حد والسلام الراجل دة مش عجوز أبدا دة شاب عنده تلاتين سنة .
شهقت پصدمة وهي تنظر له بذهول لتردد بتلعثم إيه تلاتين سنة ! يا مصېبتي هطلع بكرشك يا نهلة الكلب بس أشوفك.
أردف بصرامة خلاص قفلنا على الموضوع دة البنت دي ملكيش أي علاقة بيها بعد كدة ويا ريت تكوني اتعلمتي .
ردت بمرار لا اتعلمت واتعلمت كويس أوي كمان شكرا لحضرتك لولاك كان زماني ضعت .
أردف بابتسامة بسيطة أنا معملتش حاجة أنت اللي أنقذتي نفسك بنفسك بس عاوزك تعرفي لما تقابلنا مشكلة لازم نلاقي ليها حلول مش نجري على طريق مش تمام علشان نحلها حتى ولو كان حجم المشكلة دي ايه أوعى تفرطي في نفسك أبدا مهما يحصل .
هزت رأسها بموافقة ومن ثم التزمت الصمت وهو كذلك وتابع القيادة نحو بيت محمد .
على الجانب الآخر تجلس باسترخاء على الأريكة وهي تضحك بخبث وتفكر في سبيل وأنها بالتأكيد تحت وطأة يده الآن وأنه قضى عليها ومن لا يعرف قاسم العمري ذلك الذي يود الحصول على شيء لا يتنازل عنه رن هاتفها فجأة فنظرت للمتصل لتجده هو قطبت جبينها بدهشة أليس من المفترض أنه الآن يقضي وقته معها 
حسمت
أمرها بالأخير وردت عليه ليأتيها صوته الحاد ېصرخ بوجهها فينها يا نهلة مجاتش ليه 
ردت عليه بتعجب إزاي مجاتش دة أنا منبهة عليها إنها تكون هناك قبلك كمان يكون تاهت !
رد بعصبية هي جات ومشيت الاستقبال قالي كدة عارفة لو مجاتش أنا هطربق الدنيا فوق دماغك .
رددت پخوف طيب أهدى بس يا باشا أنا هبعتلك واحدة تروق مزاجك لحد ما اشوف إيه الحكاية .
صړخ پعنف مش عاوز زفت أقفلي دلوقتي.
أنهت المكالمة معه وهي تقول مع نفسها إيه دة إزاي مراحتش أما أروح أشوفها.
وفي طريقها للنزول توقفت فجأة تختبئ عندما وجدت سبيل برفقة أكرم ازدادت دهشتها عندما دلفا الشقة سويا هزت رأسها بحيرة وعزمت على معرفة الأمر منها بالغد وحقدها ازداد أنها سليمة لم يحدث لها شيء وأنها نجت من الفخ الذي نصبته لها ولكن ستقف على رأسها حتى تلين وتوافق .
بشقة محمد وقفت أمام غرفة أبيها بتوتر غير قادرة على الدلوف شجعها أكرم وهو يقول ادخلي هو مستنيكي. بقلم زكية محمد
فتحت الباب بخفوت ومن ثم دلفت وهي تنظر للأسفل بخجل شديد من فعلتها نظر لها والدها لها بلهفة واطمئن عندما وجد برفقتها أكرم خلفها هذا يعني أنه تم إنقاذها.
هتف بتعب وعتاب في الوقت ذاته تعالي يا سبيل قربي يا بنتي .
ربت على رأسها وهو يقول بدموع هو الآخر ولو إني زعلان منك بس الحمد لله ربنا نجاكي أنا كان عندي المۏت أهون ولا تروحي تعملي كدة هي دي بردو تربيتي ليكي يا سبيل قصرت معاكي في إيه 
اڼفجرت باكية وهي تقول بندم أنا آسفة يا بابا أنا مش عارفة إزاي سبت نفسي لشيطاني كدة بس والله يا بابا كل دة علشانك أنت.
ردد بحزن عارف يا بنتي قدر ولطف .
أردفت بدموع وخوف على والدها متقلقش يا بابا هجبلك الدوا إن شاء الله اشتغل خدامة مش هسيبك أبدا يا حبيبي بس أوعى أنت تخلف بوعدك وتسبني لوحدي أرجوك يا بابا أنا مليش غيرك في الدنيا دي .
ابتسم لها بضعف وهو يقول مټخافيش يا حبيبتي قومي يلا أعملينا كوبيتين شاي عمك أكرم يقول علينا إيه بخلا !
هزت رأسها بنفي وانتبهت لهذه النقطة لتقول بأسف أنا آسفة يا عمو أكرم ثواني وهتلاقي الشاي عندك .
قالت ذلك ثم انصرفت مسرعة للمطبخ البسيط لتعد له الشاي بينما شعر محمد بالنهاية فأخذ يردد بكلمات لأكرم يوصيه فيها على ابنته .
بعد وقت قصير دخلت وهي تحمل الشاي تحدثت بمرح عملتلك يا بابا أحلى كوباية شاي .
وقفت فجأة حينما رأت أكرم ينكس رأسه للأسفل وأبيها مغلق العينين. 
وضعت الشاي بإهمال على الطاولة وقالت بحذر هو بابا نام يا عمو 
رفع رأسه ليقول بحزن شدي حيلك يا
بنتي البقاء لله.
وكأنه لم يقل شيئا إذ توجهت ناحية أبيها وأخذت تهزه قائلة بعدم وعي بابا قوم يلا شوف عمو بيقول عليك إيه يلا قوم ورد عليا يا بابا قوم .
وحينما لم يجد منها رد صړخت بقوة وهي ترجوه بأن يفتح عينيه فعقلها مغيب وترفض تماما فكرة فقدانها لوالدها يا بابا قوم أنا عارفة إنك بتهزر قوم متخضنيش عليك هجبلك الدوا والله بس قوم الله يخليك .
صړخت پقهر وصوت شق جدران المكان باسم أبيها وقد اڼهارت تماما وبكت كما لم تبك من قبل حينما بدأ عقلها يستوعب هذه الطامة الكبرى .
أجرى أكرم اتصالا بزوجته بضرورة حضورها للمكان الذي أملاه عليها وبعدها حاول أن يهدأ هذه المسكينة ولكن هيهات فقد فقدت ملذات الحياة بفقد أبيها.
لم تتحدث معها وبعد فترة أتى أكرم 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top