رواية سجناء الجزيرة للكاتبة أسماء حميدة الفصل الثامن حصري على موقع دريمسيز

Prewedding

هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.

خرجت مرغمة وقلبها يتألم، وكأن نصل خنجر حاد استهدف قلبها، غرز بقوة وأدير بشراسة؛ ليخلف وراءه وجع عميق.

تركته ولازالت روحها معه، قدماها ترفض الإبتعاد عن محيطه، وجسدها يأبى الانصياع، فحسمت أمرها لقد نفذت رغبته، ولكن لن تبرح مكانها، ستظل معتصمة أمام باب الغرفة، حتى تطمئن عليه بعد هذا الشجار الدائر بالداخل.

أسندت رأسها إلى حافة الباب تغمض عينيها، وعقلها تغمره أفكار عدة محورها هو، وهذا أكثر ما يقلقها، أي عبث هذا!! إنهما كالشمس والقمر يتعاقبان، ولا يجتمعان.

أما عن ذاك العَتِيّ المُقَيِّد لغريمه من وجهة نظره، تتدافع برأسه أفكار متنوعة للقصاص، أدناها شناعةً وفحشاً أن يقحم ما بيده بمحجر عيني الآخر، ملتقطاً جوهرتيه بأطراف أصابعه يدعسهما بنعل حذائه، وكانت هذه رغبة بعثتها نيران الغيرة والعشق.

أما وفقاً لقوانين “الداهية” “عدو عدوي صديقي”، ونظرا لفشل “أريان” في تحقيق مساعِ “نك”، فحتماً أصبح “أريان” ضمن قائمة الأعداء، ولابد وأن يستغل “ريكا” تلك النقطة لصالحه.

“ريكا”:

-بما وعدك؛ لتخلصه مني؟

“أريان” بمراوغة:

-عما تتحدث؟! أنا لا أفهم شيئاً!

قبضة فولاذية أحاطت عنق” أريان”، واليد القابضة على المقص ارتفعت لأعلى متخذة وضعية الهجوم، فأخذ يهز رأسه بشكل هيستيري، وقد بلغت روحه الحلقوم، لا يستطيع  الحديث أو الصراخ، فذلك القابض على نحره لا يعطه منفذاً يمر منه الهواء إلى رئتيه فقد أوشك على الاختناق، وأصبح وجهه شاحباً مشبعاً بزرقةٍ قاتمة.

خفف “ريكا” قبضته، ولكنه لم يفلته، فشهق “أريان” مغمغماً يحاول الحديث، بينما ناظره “ريكا” بدهشة مصطنعة:

-ما بك “رِيَا”؟! هل عادت إليك الذاكرة الآن؟!

“أريان” يومئ برأسه:

-أممممم.

رفع “ريكا قبضته عن عنق “أريان”، فنطق الأخير:

-خمسة ملايين.

“ريكا” بمزايدة:

-عشرة، سأعطيك عشرة ملايين، وسأُبْقي على حياتك، وأُنَجِيك من غدر “نك”؛ إذا علم بفشلك.

ثم استكمل ساخراً :

-إنه تلميذي وذراعي الأيمن، ونحن لا نترك وراءنا أدلة.

” أريان” بخزي، فهو حقاً رجلٌ نزيه، فقط ذاك الهوس الملعون الذي سرق حياته السابقة وبقى وحيداً، والآن سيدمر اسمه ومسيرته المهنية:

-لم أفعل ذلك من أجل المال فقط.

“ريكا” بصوتٍ متقطع:

-أعرف ذلك أيضاً، فقط تكتم على الأمر، ولا تخبره إنك حاولت وفشلت في التنفيذ، وأنك لازلت تنتظر الفرصة المناسبة.

فلو كان “أريان” فعلها طمعاً في المال؛ لطلب من “نك” قدر هذا أضعافاً مضاعفة، و”نك” سيقبل، ولكن تبعاً لسياسة “الداهية” والتي يطبقها “نك” حَرفياً بحذافيرها، حتى تضمن ولاء شخص اشتريته بالمال يجب أن يكون لديك ما يجعله يلهث خلفك، فمن باعك نفسه مرة، سيبيعك لمن يدفع الثمن.

رفع “ريكا” جسده يحاول النهوض، ولكن هناك ألم شديد بصدره ووجع لا يحتمل، وإحساس بعدم الإتزان، فتراجع عن فكرة العودة للجلوس على السرير، الذي بدت المسافة بينه وبين الوصول إليه وكأنها ألف سنة ضوئية.

فألقى بثقل جسده أرضاً إلى الخلف، يستند إلى السرير الذي أصدر صوت صرير ناتج عن احتكاك عجلاته بأرضية الغرفة عندما اصطدم ظهر “ريكا” به بشدة، وهو يغمض عينيه يئن بألم، وبدأت الضمادة ترتشح بالدماء مرةً أخرى.

أما من بالخارج بعد استماعها إلى صوت تلك الضوضاء بالداخل وتبعه صوت أنين مكتوم، لم تفكر مرتين، وإنما مدت يدها تدير مقبض الباب، مندفعة إلى الداخل.

فوجدت كلاهما أرضاً، “أريان” يحاول الوقوف، و”ريكا” جالس أرضاً يستند بظهره إلى السرير خلفه الذي انحرف عن موضعه بضعة خطوات، يضغط بكفه موضع الجرح في محاولة لإيقاف النزيف، وذراعه الآخر متهدل إلى جانبه، ويبدو عليه الضعف والوهن الشديد.

هرعت إليه أولاً، تركع على ركبتيها أرضاً إلى جواره، تربت بخفة على وجهه بقلبٍ مكلوم، تناديه بصوتٍ مختنق، وروح تخشى الفقد:

-“ريكا”، يا “زعيم”، افتح عيونك، تطلع إلي.

ولكن لا إجابة، ويده الموضوعة على الجرح تهدلت هي الأخرى، مدت يدها بارتجاف، تتلمس عرقه النابض بجانب عنقه، واليد الأخرى تستشعر نبض شريانه على باطن الرسغ، وكلاهما ضعيفان.

صرخت بالآخر:

-ماذا فعلت به؟! انهض على قدميك؛ لتساعدني في رفعه على السرير؛ حتى أرى ما يمكنني فعله.

تحامل “أريان” على حاله، فنجاة “ريكا” الآن تعني أمالاً وأحلاماً يتوق لنيلها، وخطر كان مقدر له، وببقاءه على قيد الحياة سينجو منه فعلياً.

“أريان” وهو يهب واقفاً، فلديه دوافع قوية:

-حسناً، ولكن ابذلي قصارى جهدك، أريده حياً.

أومأت بأعين زائغة، وهي لا تفهم ما يدور، كيف كانا يتشاجران منذ قليل وكلاهما يحاول التغلب على الآخر، وربما قتله إذا تمكن، والآن يناشدها أن تنقذ حياته!!

نفضت رأسها من تلك التساؤلات، وهي تصب كامل اهتمامها على ما تفعل، تسعفه أولاً ثُم تستعلم عما يدور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top