هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.
يقف بحيرة في منتصف أحد المولات التجارية الخاصة بألعاب الأطفال، عينيه تستكشف كل المعروض، وما الذي يتناسب مع عمر “سام” الصغير، يقييم كل تلك الألعاب، يوازن بينها، فهو يريد انتقاء شيء مميز، يَسعد به “سام”.
كان بمقدوره أن يطلب ما يريد هاتفياً أو شراءه من أحد منصات المتاجر الإلكترونية عبر الإنترنت، أو إرسال أحد موظفيه؛ لينبوب عنه في تلك المهمة، ولكن لهذا الصغير في قلبه محبة ومكانة خاصة لا يشاركه بها أحد، كما أنه ابن أخيه وصديق طفولته “چاسم” .
شرد “أسامة” أو “سام” في ذكرى مماثلة مع أخيه الراحل “إسلام”، عندما كان والدهما يصطحبهما؛ لشراء الألعاب عند عودة “سام” من المدرسة الداخلية في أثناء العطلات الرسمية.
وكيف كان “إسلام” يفتعل المشاجرات مع “سام”؛ لأنه دائماً ما يختار هدية مماثلة ل”چاسم” صديقه، مما يُشْعر” إسلام” بالغيرة، برغم حبه هو الآخر لهذا الصديق الوفي، حيث كان “چاسم” دائماً ما يأتي لقضاء تلك العطلات معهما؛ بسبب إنشغال والده وسفره الدائم.
فكانت العلاقة بينهم وكأنهم ثلاث أشقاء، وعند وفاة “إسلام” كان “چاسم” لا يقل حزناً عن “سام”، ولكنه لعب دوراً هاماً في إخراج كليهما من حالة الحزن تلك، وتخفيف ذلك الإحساس بالذنب الذي لازم”سام”؛ كونه لم ينتبه أن “إسلام” اتجه إلى هذا الطريق.
طريق الإدمان تلك المأساة التي تعاني منها معظم الأسر، عندما تنحرف تلك النبتة والمقصود هنا أحد الأبناء؛ لتحيد عن الطريق السليم وتتجه إلى مسلك لا عودة منه ولا توبة، فتكون النهاية إما خلف القضبان أو كحال “إسلام” أن تُغْتال زهرة شبابه ويلقى حتفه نتيجة؛ لجرعة الموت هذه.
أخرجه من تلك الذكريات الأليمة صوت أنثوي يقول:
-كيف يمكنني مساعدتك سيدي؟!
“سام”:
-كنت أبحث عن هدية مميزة لطفل بعمر السادسة.
البائعة:
-لديك اقتراح معين، أو لفت نظرك شيء ما من المعروضات؟
“سام”:
-لا، لم أستقر بعد، أعتقد أنني بحاجة للمساعدة.
البائعة وهي تشير بإتجاهٍ ما:
-في خدمتك سيدي، ما رأيك في تلك السيارة؟! إنها تعمل بالشحن، ويمكن توصيلها بجهاز الكومبيوتر أو بشريحة الهاتف عن طريق البلوتوث؛ لمتابعة الطفل عند استخدامها حتى لا يبتعد بها عن المحيط المسموح به، شئ ما يشبه خاصية التتبع عن بعد.
“سام” باستحسان:
-أحسنتي، هذا فعلاً ما كنت أبحث عنه، يمكنك تحرير قسيمة الشراء.
البائعة:
-أوامرك سيدي، كيف سيتم السداد؟
أخرج “سام” إحدي بطاقات الإئتمان الخاصة به من جيب سترته الأنيقة، يناولها إياها، تزامناً مع رنين جرس هاتفه بالنغمة التي خصصها الصغير لنفسه على هاتف “سام”.
فالتقط “سام” الهاتف على الفور يضغط زر الإجابة، وقبل أن تتفوه شفاهه بحرف واحد كان الصغير يمطره بوابل من التوبيخ والعتاب بكلمات مرتبة وكأنه يتلوها عليه من فرمان مكتوب.
“سام” الصغير:
-أين أنت يا أستاذ؟! ألم أخبرك أمس أن تكون عندي قبل موعد الحفل؟! من سيساعدني في تعليق الزينة، ورفيقك منفرد بحسناءه داخل تلك الغرفة اللعينة منذ أكثر من ساعة؟! حقاً لقد مللت هذا الجو اللزج، بالله عليك “سام” احضر حالاً قبل أن افجر المنزل بمن فيه، لقد سئمت يا رجل.
قهقه “سام” عالياً، وكم بدى وسيماً للغاية بهذا الزي غير الرسمي، فهو يرتدي منطال جينز باللون الأزرق الغامق، وتيشيرت باللون الأبيض، وسترة من الجينز أيضاً بنفس لون المنطال، وينتعل حذاءً رياضياً باللون الأبيض، وما إن هدأت نوبة الضحك التي تسبب بها الصغير، حتى أجابه “سام” قائلاً:
-اهدأ “سام”، أنا قادم على الفور، دعك من زوج الكناريا هذا، لقد أحضرت لك هدية ستنسيك “چاسم” وحسناءه.
الصغير بحماس:
-هذا هو فتاي المذهل!! أخبرني ماذا أحضرت لي؟ لقد أشعلت حماستي يا صاح.
“سام” :
-لا تحاول حتى، لن أخبرك، إنها مفاجأة.
الصغير بإلحاح:
-“سام” عزيزي……
“سام”:
-لن تجني شيئاً من طريقتك هذه، قولت لن أقول.
الصغير متمتماً بحنق:
-تباً لك أنت وذاك اللزج.
“سام” بجدية مصطنعة:
-ماذا؟! أعد ما قولت.
الصغير باستمالة:
-أعد ماذا؟! نعم، نعم، تقصد آخر شيئاً قولته للتو، لقد كنت أقول لا تتأخر أيها الدوق “سام”.
هز “سام” رأسه بيأس من كياسة وفطنة هذا الصغير السابقة لسنه.
وبعد إتمام عملية الشراء اتفق مع خدمة العملاء إرسال الهدية في تمام الساعة السابعة مساء، فهو يريد مشاكسة الصغير وتشويقه، ولن يكشف عن مفاجأته قبل موعد الحفل.