هذه الرواية حصري على موقع دريمسيز، ممنوع النسخ منعاً باتاً نظراً لحقوق الملكية الفكرية ومن يخالف ذلك سيخضع للمسائلة.
التي تحبك لحظة أن تفتح عينيك؛ لتطل على الحياة هي أمك.
والذي يحبك دون أن يظهر ذلك في عينيه هو أبوك؛ لذا تظلمه.
الأم تقدمك إلى العالم، والأب يحاول أن يجلب لك العالم تحت قدميك؛ فيشقى.
الأم تمنحك الحياة بعد خالقك، والأب يعلمك كيف تصارع هذه الحياة؛ لتحيا حياة كريمة، فيجهدك.
الأم تحملك داخل رحمها 9 أشهر، والأب يحمل عبء الجميع على عاتقه باقي العمر، ولا تشعر.
الأم تصرخ عند الولادة، ولا تسمعها، والأب يصرخ بعد ذلك؛ ليزرع فيك القيم والمبادئ؛ فتشكو منه.
الأم تبكي إن مرضت، والأب يمرض إن بكيت منزوياً.
الأم تتأكد بأنك لست جائعاً، والأب يجاهد في مناحي الحياة كي لا تجوع، فلا تدرك.
الأم تحملك علي صدرها، والأب يحملك علي ظهره؛ فلا تراه.
الأم ينبوع الحنان؛ والأب بئر الحكمة؛ فتخشاه.
الأم تحمل عنك المسئولية، والأب يزرع فيك المسئولية؛ فيتعبك.
الأم تحميك من السقوط؛ والأب يعلمك كيف ترقى بحالك بعد التعثر؛ فيرهقك.
الأم تعلمك كيف تحبو وتخطو، والأب يعلمك كيف تغزو دروب الحياة، بعزيمة وإصرار.
الأم تعكس الكمال والجمال، والأب يعكس الواقع والجِد ويبثك القوة، ولكن الخيال أجمل.
حب الأم تعرفه منذ الولادة، وحب الأب تعرفه عندما تصبح أباً، فصبراً جميلاً.
الأم لا تقدّر بثمن، والأب لن يكرره الزمن. “منقول”
ظل الذي ذهب لملاقاة محدثه هائماً على وجهه، يجوب الطرقات، بعد أن وصل إلى المكان المنشود، ولم يحضر المختطف، بل وصله منه اتصالاً على هاتفه الخلوي يخبره بتغيير الموعد، وتمكن “چاسم” بعد محايلة ورجاء أن يستمع إلى صوت صغيره، وهذا ما طمئنه قليلاً.
ولكن يظل الخوف ينهش داخله كغولٍ جائع، لا يشبعه فريسةً واحدة، بل ظل الفكر يلعب بعقله، والرهبة تعتصر فؤاده، والحزن يسكن روحه.
حقاً كانا يختلفان، وربما يتقاتلان بمرح، وكثيراً ما كان يسخط عليه بسبب اهتمام “چيسيكا” به، بعد أن كان كل اهتمامها منصبٌ عليه وحده قبل أن ينجباه، ماذا يفعل فهو وجد بها ما حرم منه، حبها توغل في قلبه.
هي فتاته التي رسم صورتها في مخيلته، ومنحها الوسوم والصفات، وعندما عثر عليها، مُنْيَته كاملة الأوصاف وهبها قلبه، وتوجها ملكة على عرشه، لا ينازعها المُلك أنثى غيرها حتى وإن فاقتها جمالاً وفتنة.
ولكن عندما أحس بفقده، علم كم الحب الذي بداخله له، هو فلذة كبده، ثمرة حبه التي منحهما الله إياها، وماذا إذا اختلفا على حبها، ولكن يبقى هو الأب الحامي الداعم المتفاني.
سيضحي بكل ما جمع طوال العشر سنوات الماضية التي عَمِلها مع رفيق عمره “سام”، وربما يقترض أيضاً؛ ليعمل ما أذن الله له به من عمر ليسدد دينه، فقط لا يصبه مكروه.
ماذا سيفعل إذا قرر خاطفيه إيذاءه؟! ماذا إذا علمت مليكته أنه لم يقدر على حماية نتاج حبها له؟!
لاحت بمخيلته خاطرة، إذا كان غاية المختطف المال لِمَ لمْ يفصح عن ذلك حتى الآن؟! يبدو أن المختطف هذا المال ليس مساعه، بل هو يسعى للتفاوض على شيء ما، ولكن ترى ماذا عساه أن يكون؟!
رنت بإذنه عبارة قالها ذلك البغيض:
-أحذرك من إبلاغ أحد، ولا أقصد هنا الشرطة فقط، أنا أعني لا أحد حتى زوجتك وصديقك، وبالأخص صديقك “سام”.
جلس على أحد المقاعد الموجودة على الطريق؛ لاستراحة المشاة، يستند بمرفقيه إلى فخذيه، رافعاً راحتيه يغطي بهما وجهه.
فقد ترك سيارته هنالك أمام ذلك المقهى الذي أخبره المختطف أنه سيلقاه به، وفضل التجول على قدميه، ربما تبدد هذا التشوش والإبهام الذي حُصِر به عقله منذ علم بواقعة اختطاف صغيره.
وسؤالٌ واحد تتمحور حوله جميع أفكاره، لِمَ خص المختطف “سام” بالذكر.
كشف وجهه متطلعاً أمامه ونظره مثبت على نقطة ما في الفراغ، وبدأت رادارات عقله في العمل، لابد وأن السر وراء خطف ابنه له علاقة ب”سام”، وما لبس أن استقر إلى هذا الرأي، إلا وأحدث هاتفه اهتزازاً بجيب منطاله القطني تلاه تعالي صوت الرنين.
فمن لهفته لم ينتظر حتى يغير هذا الترنج الرياضي الذي يرتديه، التقط الهاتف على الفور، وضغطت أنامله زر الإجابة، واضعاً الهاتف على أذنه بإيدٍ مرتجفة؛ عندما وجد أن الرقم الذي يهاتفه غير مسجل لديه، وجاءه صوت المتحدث قائلاً باقتضاب:
-لقد تم تغيير مكان المقابلة، أمامك ساعة ولاقِني عند…….
ومن ثم أغلق الهاتف، بعد تلك الرسالة المختصرة.
أسرع “چاسم” يشير إلى إحدى سيارات الأجرة، فالمكان الذي أشار إليه المتحدث يقع على مشارف المقاطعة أعلى تلة، وبحسبةٍ بسيطة يلزمه الوصول إلى هناك 50 دقيقة، فالوقت لازال مبكراً، أما إذا صادف ساعة ذروة قد يلزمه 70 دقيقة كحدٍ أدنى.
في كل الأحوال لن يسعفه الوقت؛ للذهاب لجلب سيارته.
أخذ “سام” يحث السائق على الإسراع قائلاً:
-اسرع من فضلك، فلديّ موعد هام.
السائق بتبرم:
-سيدي، ألا ترى الإشارة؟!
“چاسم” بإلحاح:
-اقطعها، وسأدفع لك المخالفة الضعف إلى جانب أجرتك.
أخذ السائق يقطع شوارع المدينة، متطرفاً إلى ضواحيها، سالكاً كل طريق مختصر يقابله، حتى أوصله إلى العنوان الذي أملاه عليه، ترجل “چاسم” من السيارة، بعد أن ناول السائق أجرته وضعف ثمن المخالفة حسبما طلب الآخر.
جاب المنطقة بأعينٍ راصدة ولكن لم يلفت نظره شخصٌ أو أمرٌ مريب.
في تلك الأثناء وردته مكالمة أخرى، فنظر بلهفة إلى شاشة الهاتف الذي بيده، وجد ذاك الاتصال من مليكته “چيسيكا”، مسح على وجهه بضيق، وكانت تلك المرة الأولى منذ أن التقاها، يتردد في الإجابة على مكالمتها.
انقطع صوت الرنين، وهو لازال ينظر إلى الهاتف بذعر وكأنه قنبلة موقوتة، لا يعرف بماذا يجيبها إذا سألت عن مكانه أو مكان الصغير!!
لحظات وآتاه مكالمة أخرى منها، وقف يتخصر بإحدى ذراعيه، رافعاً رأسه إلى السماء يناجي ربه، قائلاً:
-سلمها يالله.
ومن ثم أجاب عليها، وهو يجاهد حتى يبدو طبيعياً:
-حبيتي، استيقظت تواً أيتها الكسولة؟!
أجابت بصوتٍ ناعسٍ:
-اممم، ولكنني لم أجدك إلى جواري، اليوم يوم عطلتك أين ذهبت؟!
وجد حاله يقول دون ترتيب مسبق:
-لقد استيقظت باكراً ووجدت “سام” قد استيقظ هو الآخر، وطلب مني الذهاب لزيارة جده، فرأيتها فكرة رائعة حتى نعيد يوماً من أيامنا الخوالي.
أجابته بدلال:
-آهٍ “چاسم”، كل أيامي ولياليَّ معك تزداد جنون وحب أدامك الله في حياتي أنت وابننا.