رواية أحببته رغم جنونه الفصل 24

رواية أحببته رغم جنونه

الفصل الرابع والعشرون

تردّد صوت جاد، عميقًا وجادًا، عبر مكبر هاتف محمول في ردهة فندق بريز، فتسمرّت الأبصار، واحتبست الأنفاس.

سمع كل فرد من عائلة تيمور كلماته واضحة جلية، وكأن كل لفظة منه كانت صفعة تهوي على وجوههم. وحين أنهى جملته، أحسّوا وكأنهم تعرضوا لوابلٍ من الصفعات المتتالية.

لا بد أن وجوههم كانت توجعهم من شدة الصدمة!

اضطروا لمواجهة الحقيقة الموجعة: جاد لم يكن هو من استأجر فندق بريز.

كانت العائلة بأسرها مصدومة، وفي مقدمتهم زهرة، التي نطقت متلعثمة بصوت مختنق:
“جاد… أنت تمزح، أليس كذلك؟ نحن جميعًا في الفندق بانتظارك الآن؟”

كانت زهرة الأكثر صدمة، ولم تكن مستعدة لتصديق أنها قد تكون خدعت نفسها بأملٍ كاذب.

ارتبك جاد عند سماعها، وقال بسرعة:
“هذا غير ممكن… الفندق محجوز بالكامل، لا أحد يستطيع الدخول! كيف دخلتِ؟”

بضع كلمات فقط كانت كافية لتُجهز على آخر بصيص أمل لدى زهرة.
خيبة الأمل ابتلعتها كما لو أنها سقطت من قمة حلمٍ وردي إلى هاويةٍ بلا قرار.
تحطم قلبها، وشعرت بالاختناق يتسرب إلى أعماق روحها.
كيف لها أن تتخيّل أن ما حدث لم يكن المفاجأة التي كانت تظن أن جاد أعدّها لها؟

تحطم حلمها الساحر، حلم الأميرة الذي صاغته بعينَيها.

ساد الصمت للحظات، ثم انفجرت زهرة باكية:
“أنت لست من أرسل عشرات السيارات لإحضار عائلتي… أليس كذلك؟”

ازدادت صدمة جاد وقال مذهولًا:
“ماذا؟ هل جاء أحد آخر ليقلكم؟ ما الذي يجري بحق الجحيم؟!”

انفطر قلب زهرة تمامًا. لم تعد قادرة على استيعاب ما يحدث. كانت تظن أنها تعيش لحظة العمر، لحظة تفاخر، لحظة إذلال لجنى… لكنها الآن، لم تجنِ سوى الخذلان. أصبحت أضحوكة، مجرد ساذجة.

كم كانت متألقة منذ قليل، وكم أصبحت الآن يائسة ومنهارة.

قالت بصوت مكسور وهي تستجمع ما تبقى من كرامتها:
“لنضع حدًا لهذا الآن!” ثم أغلقت الهاتف.

بمجرد أن أغلق الخط، ساد في الردهة صمت ثقيل، غريب.

كان أفراد عائلة تيمور، الذين ظنوا أنفسهم أبطال هذا المشهد، عاجزين عن الكلام.

وبعد فترة من الذهول، تجرأ أحدهم على طرح السؤال بصوت مرتجف:
“ما الذي يحدث؟ أليس جاد هو من خطط لكل هذا؟”

“غير منطقي… من غير جاد قد يهتم بنا إلى هذه الدرجة؟”

“هل من الممكن أن يكون رائد وراء هذا؟”

وما لبثت الأعين أن اتجهت نحو رائد، ذلك الشخص الذي طالما سخروا منه.

نظر رائد إليهم جميعًا بثبات وقال:
“ما فعلته ليس تكريمًا لكم، بل لأجل شيء واحد فقط: لتعلموا أن زوج جنى ليس أحمق. زوجها رجل يُقتدى به!”

كان صوته مدوّيًا، قوّته غير مسبوقة، وهالته هزّت أركان المكان.

في تلك اللحظة، بدا رائد في نظرهم مختلفًا تمامًا… لم يعد ذلك الرجل الذي اعتادوا السخرية منه.

بدأ المشككون فيه يلتزمون الصمت، بل وينظرون إليه بإعجاب خفي.

وخاصة جنى، التي لم تستطع إخفاء فرحتها. لقد رأته، أخيرًا، كما كانت تحلم دومًا: رجلًا شامخًا، قويًا، يقف في وجه الجميع بثقة لا تلين. تأثرت بصدق، وشعرت أن قلبها ينبض به من جديد.

لكن رغم كل ذلك، ظل بلال تيمور متمسكًا بشكوكه. لم يكن مستعدًا ليصدق أن رائد، من كان يسليه بضعفِه، بات شخصًا يُضرب به المثل.

سأله بصوت قاسٍ:
“حتى لو لم يكن هذا من جاد، كيف تُثبت أن هذا من تدبيرك؟”

كان بلال غاضبًا، لا يريد أن يرى رائد في هذا المقام. فنهض رائد بهدوء، مسح المكان بنظرة صارمة، وقال بفخر:
“ألَا يكفي ما رأيتم؟”

ثم مدّ يديه بثقة، وفي لحظة، بدا وكأنه إمبراطور في بلاطه.

لم يبرر بشيء، بل ترك أفعاله تتحدث عنه.

لقد وصل في سيارة مايباخ تبلغ قيمتها عشرين مليون دولار، تحفّه مواكب من دراجات الهارلي الفاخرة.
كان يرتدي من الفخامة ما يشي بتعاليه عن العالم، ممسكًا بيد جنى، وقدّم لها زهرة أمام أعين الجميع.

كل ذلك كان دليلًا ساطعًا على أن رائد هو سيد هذا المشهد.

لكن لأن صورة “رائد الأحمق” كانت راسخة في أذهانهم، وجدوا صعوبة في تقبل الحقيقة.

إلا أن الواقع أمام أعينهم لم يترك لهم مفرًا.

ساد صمت ثقيل من جديد، إلى أن صاحت والدة بلال، روزين، بانفعال:
“استئجار فندق بريز، وكل تلك السيارات، والسائقين… أتعلم كم يكلف هذا؟ ملايين! من أين لك كل هذا المال أيها الأحمق؟!”

كانت تظن أنها ستكون محور الفخر في ذلك اليوم، ولكن مجدها سُرق منها أمام أعين الجميع، على يد رائد بالذات.

رفضت التصديق، رفضت أن يكون رائد هو من نال كل هذا البذخ، فصرخت، ومعها استثار الحقد القديم بعض أفراد العائلة:

“من أين لك هذا المال؟ عائلتك بالكاد تعيش على راتب جنى!”

1 فكرة عن “رواية أحببته رغم جنونه الفصل 24”

  1. Pingback: رواية أحببته رغم جنونه الفصل 23 بقلم الباحث المفقود – dreamses

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top