الحلقة 17
بعد أن جلست فاتن على السرير مقابله للؤي..بدأ الأخير في القاء الحوار الخاص به….
لؤي..فاتن..انتي لازم تقوليله الحقيقه..لازم يعرف اننا بنحب بعض..احنا لو استمرينا كده هنكون بنخونه، و عمره ما هيسامحنا…
فاتن: انا بحبك اوي يا لؤي..بس مش هاقدر اعترفله بحاجه..مش هاقدر..كده هابقى بثبت نظرته ليا.. اني متسيبه و معنديش مبادىء و مش بيهمني حد…
لؤي..بس انا مش قادر تكوني جنبي و مش من حقي..مش قادر لحظات الحب اللي بينا تكون فالسر..انا مش هاقدر ارجع للوضع ده بعد ما يجي من السفر..مش بعد ما بقيتي ملكي هارجع تاني اعمل زي الحراميه و اسړق لحظات الحب منك…
للحظات أفاق ضمير لؤي..فما ذنب فاتن ليشوه صورتها في نظر أخيها و في نظر يحيى..لقد صُعق من برائتها..فالحوار الذي كتبه ينطبق تماما على كِنان و يحيى..فكلاهما مسافر و كلاهما سيُصدم من مضمون هذا السيناريو… و ما هو مقدم عليه بعد قليل….
فاتن مكمله المشهد..احنا مقابلتنا هنا غلط..انت ناسي اخر مره كان هيحصل ايه لولا مامتك ندهت علينا…
لؤي..متقلقيش هما كلهم فسابع نومه دلوقتي..و نقدر ناخد راحتنا..انا بحبك اوي.. بحبك اوي يا فاتن
فاتن..و انا كمان بحبك اوي
لؤي..انتي جميله اوي
همس بذلك..ثم اقترب منها و دون تردد..طبع قبله على فمها..نهضت فاتن على اثرها بسرعه قائله..ايه اللي عملته ده..انت اټجننت…
لؤي..انا اسف.. انا عارف اني وعدتك مش هاعمل كده تاني..بس ڠصب عني انا مقدرتش اقاوم رقتك وجمالك…
فاتن پغضب..انا بتكلم جد مش تمثيل…
هتف لؤي باضطراب..ماما
استدارت فاتن لتصرخ مفزوعه من الالم..فلقد جذبتها خديجه من شعرها..قائله پعنف..يا واطيه..بقى يسافر واحد تشتغلي التاني…
حاولت فاتن التخلص من قبضة خديجه على شعرها و لكن دون جدوى..ليقول لؤي..سيبيها يا ماما ارجوكي
دلف عبدالرحمن الى الغرفه..فيه ايه..خديجه سيبي البت..سيبيها
و تقدم مخلصا فاتن..لتقول فاتن مغالبة دموعها..انا مش اعدالكو فيها دقيقه تاني…
خرجت مسرعه من الغرفه لتصطدم بليلى التي سألتها مفزوعه..ايه اللي حصل..؟
لم تجب فاتن..و هرعت الى غرفة ليلى..لتتبعها الاخيره قائله..يا بنتي ما تردي عليا…
فاتن..انا هامشي من هنا..و لما يجي يحيى يا ريت تفهميه موقفي..
ليلى..موقف ايه..مش افهم انا الاول..
دلفت خديجه الى الغرفه قائله..تعال يا بت يا ليلى..متعديش في حتة واحده مع الاشكال دي
هتفت ليلى..ماما..ايه الكلام اللي بتقوليه ده
خديجه پعنف..بقولك اسمعي الكلام..
فاتن و هي تلملم حاجياتها..متزعليش مامتك يا ليلى..و انا اهو كلها دقايق الم حاجتي و مش هازعجكو بعد كده نهائي..
خديجه بسخريه..المركب اللي تودي ما تجيب يا بعيده
ليلى..ماما..هتروح فين كده فالوقت المتاخر ده
خديجه..في ستين داهيه
بعد أن جمعت فاتن حاجياتها..هاتفت نوف مستنجده بها..لتحضر الاخيره مع زوجها تركي في غضون نصف ساعه..لتغادر فاتن البيت وسط احتجاج ليلى و توبيخ خديجه لها..اما لؤي و عبدالرحمن فلقد اختفيا تماما عن المشهد..
ما إن وصلت فاتن الى الجناح المخصص لنوف و تركي..حتى انسابت دموعها معلنه اڼهيارها التام بعد يوم طويل مملوء بالاحداث العصيبه..
بقيت نوف بجوارها محاولة التخفيف عنها..اما تركي غادر الجناح ليحجز غرفة في الفندق ليبيت ليلته..
جلس عبدالرحمن مع لؤي قائلا..الكلام اللي قالته والدتك ده صحيح..البت دي بتشتغلك انت كمان
ابتلع لؤي ريقه و قال بتردد..بابا.. انا مش عايز..
قال عبدالرحمن..اسمع يا لؤي..البنت دي هدمر مستقبل يحيى تماما..فلو كلام والدتك مزبوط ،ياريت اعرف الحكايه من اولها…
قال لؤي..يعني حضرتك متأكد انها مش تمام..
عبدالرحمن..ايوه يا بني..ايوه..بس احنا محتاجين حاجه نقنع بيها يحيى..لانه شايفها ملاك و مش شايف البلاوي اللي بتعملها من وراه..و انا املي فيك كبير يا لؤي..انت متعرفش معزتك هتزيد في قلبي ازاي..
قال لؤي محاولا تخليص نفسه من المأزق..انا غلطت يا بابا و مش عارف ازاي قدرت تخدعني و تخليني اخون اخويا..و شويه بشويه علقتني بيها..
قال عبدالرحمن بحماس..المهم يعني تقدر تقول الكلام ده ادام يحيى ؟
قال لؤي محاولا الظفر بالرضا و اخيرا من والده..انا مش بس هاقوله..انا كمان هاوريه
عبدالرحمن :ازاي يعني ؟
لؤي..اصلها يا بابا انهارده قالتلي انها هتيجي اوضتي بالليل..و انا بالصدفه كنت مشغل الكاميرا عشان اسجل الفيديو بتاع اليوميات لمجلتي عالنت..فدخلت و الكاميرا شغاله و كلامنا كله اتسجل..
هتف عبدالرحمن..ينصر دينك يا شيخه..اهو ده الكلام..اخيرا يا بني قدرت تفش غلي اخيرا
ابتسم لؤي سعيدا بالفخر في لهجة والده و قال..بجد يا بابا..يعني حضرتك مش مدايق مني ؟
عبدالرحمن..لا ابدا..انا عارف النوعيه دي تفضل تتمسكن وتتدحلب و تقدر تورط امام المسجد مش شاب لسه صغير و معندوش تجارب زيك، بس اطمن انا هادافع عنك ادام يحيى و هافهمه انك كنت بتجاريها عشان تقدر تكشف حقيقتها له..لغاية اما جتك الفرصه..
لؤي..اه يا بابا..ارجوك انا مش عايز يحيى يدايق مني و يحصل بينا قطيعه بسببها..
عبدالرحمن مطمئنا..متقلقش يا لؤي..انا لا يمكن اسمح بده ابدا..كفايه انك انقذت البيت من الاڼهيار..انت عليت فنظري اوي يا بني..
ابتسم لؤي..سعيدا بالنتيجه غير المتوقعه لخطته في الاڼتقام من كِنان و تلقين يحيى درسا..
تمتم قائلا..و من غير تأنيب ضمير..اهو بابا متأكد أنها مش كويسه..
لم يصدق يحيى تصرفات والدته فسأل..طب ايه اللي خلاها تقلب عليها كده ؟
ليلى..معرفش..و محدش هنا بيقولي حاجه ما انت عارف وضعي..و حاولت اتصل بيها تليفونها مغلق
يحيى..طب انا هحاول اكلمها دلوقت..و ارجع اطمنك
انهي يحيى مكالمته مع ليلى..و حاول مرات عدة مهاتفة فاتن و لكن دون اي رد..
تملكه القلق بشكل بالغ، و دون ان يفكر كثيرا هاتف المطار ليحجز على اول رحله متجهه الى القاهره..فلقد وعد فاتن ان يقف بجوارها مهما كلفه اﻻمر…
استيقظت فاتن بعد ليله شاقه مليئه بالالم و الدموع..تطلعت في انحاء الغرفه خجلى من نفسها لتطفلها على شهر العسل الخاص بنوف و تركي و تكديرهم بحضورها مڼهاره الليله الماضيه…
و لكن لم يكن لديها بديل اخر..عليها الان التصرف و بسرعه لايجاد مئوى لها في الايام القادمه..امسكت هاتفها..لتجد رساله من انس…
فتحتها و قرات..فينك… متخلنيش اتهور.. ضروري تكلميني انهارده..
اما عن الرسائل الاخرى فمعظمها من يحيى..قراتها واحده تلو الاخرى لتفاجأ برسالته الاخيره يخبرها بعزمه على العوده الى القاهره في اقرب فرصه…
عادت لتتكدر و بشده..بسببها سيعطل يحيى عمله و احلامه..عدا عن المشاكل الجمه التي سيقابلها من اهله..لتغلق الهاتف مره اخرى
قالت نوف الواقفه بباب الغرفه..صباح الخير يا فتوون
ابتسمت فاتن بارتباك..صباح النور عليكي..و انا بجد اسفه ازعجتكو جدا امبارح..
قاطعتها نوف..ازعاج ايه يا عبيطه..اصلا تركي كان مدايق جدا مني عشان رحت و قابلت الزفت انس من دون ما ابلغه و اخد ازنه…
قالت فاتن: صحيح هو ايه الي عرفه اننا هناك
نوف..ال يا ستي كان قلقان علينا..فخد عربيته و قال يراقبنا من بعيد عشان يكون مطمن محدش هيدايقنا والباقي عندك..
صمتت فاتن و لم تشأ اخبارها بما فعله انس بعد ذلك..
قالت فاتن..طب انا هاكلم الداده رقيه..و اروح اعد معاها لحد ما الاقي طريقه و اكلم كِنان
نوف..الداده رقيه..دي اللي حكتيلي ان انجي هانم طردتها لما كانت بتحاول تقنعك بالحجاب و الصلاه..
فاتن..بالظبط… هي اعده لوحدها بعد ما جوزت بناتها و كانت بتعتبرني زيهم تمام..بس هاقول ايه ربنا يسامحها ماما..لعبت بعقلي و خلتني اقطع كل صله بيها
نوف..مش محتاجه تحكيلي..دي امي انا برده..امي اللي اتخلت عني و مش عايزه تعرف حتى اخباري..و كل ده ليه عشان ابويا رفض استغلالها ليه…
فاتن بحسره..على الاقل انتي عندك اب تعتمدي عليه و يكونلك سند و ضهر
نوف..اخص عليكي يا فاتن..انا مېت مره قلتلك بابا تقدري تعتبريه فمقام والدك و انا و هو سند و ضهر ليكي و لا احنا مش عاجبين..
ابتسمت فاتن..لا ازاي..انت تعجب الباشا يا باشا..
ضحكت نوف ثم قالت..يبقى خلاص تفضلي معايا هنا لغاية اما نكلم كِنان..
حاولت فاتن أن تضفي المرح على حديثهما حتى لا تقلق نوف و تكدرها في شهر العسل…
فقاطعتها قائله..ايه يا بت انتي..ناويه تطلقي و لا حاجه..ده انتو عرسان جداد..و انا مستحيل ابقى عزول و بعدين انا بجد نفسي ازور الداده رقيه و اطمن عليها..و دي فرصه اعد وياها يومين و الله وحشتني جدا..
نوف..بس كده انتي بتصغريني و حاسه انك مش معتبرانا واحد
فاتن..يا حببتي و الله انا كنت لما يحيى يرجع هاروح اعد عندها..مش عارفه حاسه اني محتاجاها اوي..و بعدين انتي تعالي كل يوم و زورينا..و لا مستر تركي مش هيسمحلك
نوف بثقه..هو يقدر..يا عيني ده واقع فاختك لشوشته…
ضحكت الفتاتان..لتقول فاتن..طب يلا..خلينا نفطر سوا و توصلوني للداده رقيه و بعدين تتابعوا مهمتكم القوميه في شهر العسل..
خرج يحيى من المطار مهرولا..ليركب اول سيارة اجره متاحه..و في الطريق اعاد الاتصال بفاتن..و لكن للاسف وجد هاتفها مغلق كالبارحه…ليطلب ليلى و التي اخبرته بانها لم تتلق منها خبرا بعد…
وصل يحيى الى البيت..ليستقبله والديه پغضب جم…
قال عبدالرحمن..هي كلمتك و خلتك تسيب شغلك و حالك..؟
يحيى مدافعا..مش مزبوط..و مش وقت الكلام ده..انا نازل ادور عليها..انا مش عارف ازاي قلبكم طاوعكم تسيبوها تخرج و انتو متاكدين ان ملهاش مكان تروحه..
كان يحيى عازما على الذهاب و البحث في الفنادق الفخمه في القاهره..فحتما لجأت لاختها نوف و التي اخبرته بانها تقيم هنا لقضاء شهر العسل مع زوجها تركي..
استوقفته خديجه قائله..تدور عليها فين بالظبط..انا اعرف ان الكباريهات مش بتفتح بدري كده
يحيى پغضب..انا نازل..لاني مش حابب ازعل حد فيكو..و كفايه كده..
امسكه عبدالرحمن من معصمه قائلا..يا بني كلامنا ده لمصلحتك و لو مش مصدقنا يبقى تعال اعد و شوف بعينك… احنا مش ظالمينها يا بني..بس احنا قدرنا نشوف معدنها الحقيقي..اما انت فالحب عامل غشاوه على عنيك و مش شايف غير انها ملاك…
يحيى..لو سمحت يا بابا..انا قلت مش حابب ازعلكم… متخلنيش اقول كلام يدايق حد فيكم..
عبدالرحمن پغضب..لؤي..مالك مخروس كده ليه..ما تقول لاخوك كانت بتعمل ايه فغيابه..
صوب يحيى نظرته باتجاه لؤي..انت كمان يا لؤي..
لؤي مقاطعا اياه..انا اسف يا يحيى..بس انا مقدرش اشوفك مخدوع فيها واقف ساكت..
عبدالرحمن..خليه يشوف بعينه يا لؤي..لانه مش مصدق اهله اللي كل همهم فالدنيا مصلحته..
يحيى..اشوف ايه انتو هتجننوني..الله اعلم هي فين ولا على انهي رصيف..
قاطعه عبدالرحمن..شوف الاول و بعدين براحتك اعمل اللي انت شايفه صح
احضر لؤي هاتفه و المحتوي على الفيديو الخاص بحواره مع فاتن بعد أن قام بقطع باقي المشاهد التي تحتوي على ڠضب فاتن و كذلك مجيء والدته للغرفه
لؤي..اتفضل موبايلي هتلاقي عليه فيديو اسمه يوميات المجله..افتحه و انت تشوف بنفسك…
امسك يحيى الهاتف بتردد..و فتح الفيديو..ليشاهد بأعين غير مصدقه تلك الكلمات التي تبثها محبوبته إلى أخيه الأصغر..شلته الصدمه عن النطق..هز رأسه منكرا ما رأته عيناه..أعاد الفيديو مره أخرى..عله يجد تفسيرا منطقيا لما تصوره الشاشه أمامه..كانت تجلس قرابة أخيه و الابتسامه تزين ثغرها لتنطلق منه كلمات الحب و اللوعه..تلك الكلمات التي لم تنطقها يوما له..ارتجفت يده ليسقط الهاتف أرضا…
قال عبدالرحمن..تعال تعال يا بني نعد فالاوضه جوه..انا عارف ان الصدمه شديده عليك..بس لؤي ملهوش ذنب..
استفاق يحيى من حالة الصدمه..لينظر لوالده بأعين تائهه تبحث عن مخرج ما..عن اعجوبه تخبره بأن تلك مجرد مزحه او اي تفسير اخر عدا ما هو واضح للعيان..
شده عبدالرحمن من ذراعه..ليتبعه يحيى مستسلما..جلسا في الغرفه..و اغلق عبدالرحمن الباب…
قال عبدالرحمن..لؤي حكالي على كل حاجه كانت بتعملها من وراك..و هو لما لاقها مهتمه بيه..حاول يجاريها عشان يبينلك حقيقتها و اخلاقها عامله ازاي…
يحيى..ازاي يعني… دول ما يعرفوش بعض الا من ساعة ما جت هنا
عبدالرحمن..لؤي ربنا يهديه..اتاريه كان مخبي علينا ان الوليه امها عرضت عليه يمثل و هو راح و اشترك معاهم فمسلسل و هناك ابتدته تتقربله و ابتدى يلاحظ تصرفاتها المش مزبوطه..لغاية ما ربنا قدره و قدر يكشفهالك على حقيقتها…
ثم اضاف..و غير ده كله..انا و امك شفناها بتركب عربيه واحد خليجي..و لما رجعت متأخره..امك شكت فيها لان شنطتها كانت منفوخه اوي..و لما امك فتحتها لقيتها مليانه فلوس..فلوس كتير يا يحيى..فلوس تمن الخروجه مع الزبون الخليجي..
يحيى..ده جوز اختها..
عبدالرحمن بتهكم..هي قالتلك كده..طب و الفلوس..و سيبك من ده كله..انت بعد الفيديو اللي شفته لسه بدافع عنها..فوق يا يحيى فوق…
ابتلع يحيى ريقه..وقال..لا يا بابا مش بدافع عنها… عن اذنك…
نهض..ليقول عبدالرحمن..على فين يا بني..ريح بالي الله يريح بالك
يحيى..متقلقش يا والدي..خلاص معدتش تقلق من ناحية الموضوع ده..بس انا لازم اعرف هي فين..انا وعدتها اني اساعدها لغاية اما نكلم اخوها و لما بوعد.. لازم اوفي..
عبدالرحمن..يا بني الوعد مش للناس اللي بالشكل ده..و صدقني اللي زيها مش هيغلب زمانها اعده ففندق خمس نجوم مع راجلها الخليجي ده او غيره..
يحيى بضيق..عن اذنك…
توجه يحيى حيث يجلس لؤي، قائلا..انا عايزك تبعتلي الفيديو ده حالا..
لؤي: انت مش مصدقني يا يحيى
يحيى..ارجوك..من غير كتر كلام
اطاعه لؤي..لينطلق يحيى باحثا عن من فطرت قلبه و خانته مع اقرب الناس اليه..
طرقت فاتن باب شقة الداده رقيه..بعد أن ودعت نوف و تركي الذي قام بايصالها وسط انزعاجه من اصرارها على الرحيل من جناح الفندق خاصتهم…
بعد ثوان فُتح الباب..لتطل منه الداده رقيه بوجهها البشوش و الذي تحولت قسماته إلى الدهشه المطلقه حين رؤيتها…لتبتسم فاتن قائله..ازيك يا داده..وحشاني اوي اوي
لجمت الدهشه لسان رقيه..لتقول فاتن..ايه مش هتقوليلي اتفضلي..
قالت رقيه مستدركه..تتفضلي بس، ده انتي تآنسي و تنوري…
احتضنتها بحب..مربته على راسها..ثم افلتتها لتنظر مليا في وجهها..و تقول..الحجاب زايدك نور و جمال..بسم الله ما شاء الله..طول عمرك قمر..بس دلوقتي بقيتي بدر مصور زي ما الكتاب بيقول…
ابتسمت فاتن..و عادت لتحتضن رقيه..قائله..ياااه وحشني كلامك اللي طالع مالقلب ده يا داده…
قالت رقيه..احنا هانفضل كده عالباب..فوتي يا بنتي جوه…
تنحنحت فاتن قائله..متشكره يا داده…انا ناويه اعد معاكي كام يوم لو معندكيش مانع
قالت رقيه بعد أن لاحظت الحقيبه الموضوعه على يمين فاتن..مانع ايه..انتي هتملي عليا البيت الفاضي ده، وبدال ما اكلم الحيطان..الاقي حد يونسني..
دلفت فاتن البيت..واضعه حقيبتها عند المدخل..لتقول رقيه..الاول فوتي الحمام و استريحي شويه و بعدين نعد وتحكيلي اخبارك ايه يا بنت قلبي…
لم يشعر لؤي بالراحه أو اي مشاعر تدفء قلبه بعد أن نفذ خطته للاڼتقام..لقد راعه مرأى يحيى مكسورا..و لكن ذلك للافضل برأي والده..و تردد كثيرا في تنفيذ خطوته القادمه..فالاڼتقام ليس له طعم مستساغ كما اعتقد سابقا..بل العكس…
كِنان..و إن أخطأ في حقه..الا انه اليوم مفقود ،و لا توجد اي بادره للاتصال به و الاطمئنان على حاله..يكفي ما صنع بيحيى..لن يتسبب بمشاكل أخرى لأهله..و قريبا ستتزوج ليلى و سينتهي أمر علاقتها بكِنان..فقد لاحظ انها لا تقوم بالرد على رسائله مما يعني أنها أخرجته من حياتها..اما إن عاد للظهور فسيكون هناك تصرف اخر و لكن ليس الان…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حرب شعواء تُشن على الصغير قبل الكبير..على الشجر و الحجر..على السليم و السقيم..فقبل ثوان قامت احدى طائرات الf16 التابعه لسلاح الطيران الاسرائيلي بقصف مدخل احدى المستشفيات الخاصه بقطاع غزه و التي توجه اليها كِنان برفقة طاقم قناة الحقيقه لينقل حالة المصابين و المتضررين من الحړب..
هرول كِنان و معه زملائه مختبيئن في المشفى خوفا من أن تصيبهم شظايا الصواريخ المستمره بالهطول بالقرب من المشفى بحجه وجود مبنى تابع للشرطه الفلسطينيه بالجوار….
قال أحد زملائه لاهثا..ما حد يتحرك الا اما تبعد الطياره..لانه لو لاحظو حركه بيقصفوا على طول..
كِنان..ربنا يستر..بس احنا لازم نكمل و نصور المصابين..لازم صوتنا يوصل للعالم
قال كِنان ذلك راجيا..أن يصل صوته أيضا إلى ليلى..و التي طال البعد عنها بسبب تعطل خطوط هواتف الاتصالات..و دعا ربه أن تنتهي تلك الحړب سريعا ليعود إلى ليلى قبل أن يتم زفافها على ابن عمها…
ابتلع الغصه الموجوده في حلقه..حين رؤيته لأحد الفلسطينين مهرولا إلى مبنى المستشفى المقصوف حاملا بين ذراعيه فتاه مصابه تبدو في العشرينات من عمرها..و غير عابىء بكم الصواريخ و النيران التي تنفثها الطائرات فوق رؤوس مَن بالمنطقه…
على الفور تقدم المسعفون..ليقول الشاب..اختي اختي..مِشان الله ساعدوها….
امتلأت عينا كِنان بالدموع..و لم يعرف لِمَ تضاعفت تلك الغصه في نفسه..متذكرا أخته فاتن..لِمَ لم يصر و يحارب من اجل أن يُريها الطريق الصحيح..
خجل من نفسه حين رؤيته لذلك الشاب و الذي خاطر بحياته من أجل انقاذ شقيقته….
سقطت ديما أرضا محدثه جلبه كبيره أثناء تجولها في احد المولات الموجوده بالعاصمه الاردنيه عمان..ليتقدم منها طفل يبدو عليه في السادسه من عمره قائلا..انسه.. انتي منيحه و لا اناديلك ماما تساعدك..
ابتسمت ديما..ونهضت قائله..لا يا حبيبي انا كويسه اهو..و ميرسي اوي على ذوقك..
ابتسم الصبي بخجل..لتسأل ديما..امال فين ماما عنك..؟
الټفت الصبي باحثا عن والدته..ليقول پانكسار..كانت هون قبل شوي..وين راحت…
ديما..انت متأكد..؟
الصبي..ايوه..
ديما..يمكن دخلت محل الهدوم اللي هناك..خلينا نروح ندور عليها..
أومأ الصبي..وانطلق سابقا ديما الى المحل..دلف بسرعه و تبعته ديما..جال بنظره في المحل..ليقول بخيبه..كمان مش هون..وين بدها تكون راحت..؟
ديما..بسيطه يا كابتن..اديني رقمها وانا هاكلمها حالا و هنلاقيها كده اسرع…
فرك الصبي رقبته قائلا بخيبه..هي على طول بتحفظني الرقم..بس الصراحه نسيته…
ديما باستسلام..طب اسمع احنا هندور عليها فالمحلات الموجوده هنا..واكيد هنعتر فيها متقلقش
انطلقا ليبحثا عن والدته..و لكن لم يلق لها الصبي أثرا…
نظرت ديما الى ساعتها..واعيه الى تأخرها بشكل كبير عن العوده للبيت كما وعدت والدتها والتي سمحت لها بالخروج بمفردها نظرا لقرب المول من المنزل المقيمان فيه..
قالت ديما..طب خلينا نرجع لنقطه اللي وقعت فيها..يمكن مامتك مستنياك هناك
عادا مسرعين..لتهتف احدى السيدات..لؤي لؤي..حبيبي لؤي
هرول الصبي مرتميا في حضنها..لتشعر ديما بغصه كبيره من المشهد المؤثر و لكن ما أثار عواطفها فعلا هو تشابه اسم الصبي مع مَن كسر بخاطرها…
ابتسمت ديما مقتربه منهم..ليقول الصبي..ماما بدي اتصور معها
استفسرت السيده عن مقصده..ليقص عليها كيف ساعدته ديما وانتظرت معه
قالت السيده..طب مش الاول تستأذن منها
قالت ديما..انا معنديش مانع..وكمان عايزه صوره للذكرى معاكو لو مفيش مانع
التقطا الصور التذكاريه ثم غادرت ديما بعد أن شكرتها السيده الاردنيه بحراره بالغه..لترتسم البسمه على محيا ديما طوال طريق العوده..و لتتخذ قرارا جديدا متسامحا..متخيله لو أن مكروها أصاب لؤي و هما متخاصمين فسوف ټندم اشد الندم .
بعد تناولها العشاء مع والديها..فتحت ديما صفحة الفيس الخاصه بها..و التي لم تدخلها منذ رحيلها من مصر
و بأنامل مضطربه فتحت قائمة الاقارب الموجوده لديها..لتشاهد اسمه مضاء على الشاشه..
أرادت أن توجه له رساله..و لكن عنّت لها فكره أخرى..
بحثت عن الصوره مع لؤي الصبي..و أنزلتها على صفحتها على الفيس مرفقه اياها بما حدث قبل قليل في المول…و انتظرت أن تلفت نظره بتلك القصه خاصه مع تشابه الاسماء بينه و بين الصبي…
تطلع لؤي الى الصور المعروضه حديثا على صفحة ديما..و تملكه الڠضب الشديد..فالقشه التي قصمت ظهر البعير و جعلته يشحذ الهمه لتلقين أخاه الأكبر درسا..ها هي هانئة البال..تتمختر بين المحال التجاريه ملتقطه الصور التذكاريه..و كأن جرحها له غير ذي أهميه..في الوقت الذي يأن فيه من شدة الندم..تذهب للتسوق و التنزه و التعرف على ناس جدد…
أحس بخيبة شديده ،وكأن طعنه جديده سُددت الى قلبه المكسور..لقد اقنعته ليلى بأنها مجرد طفله..ولكن تصرفاتها لا توحي بذلك البته..كيف و تأثيرها عليه هز كيانه و تسبب في شرخا كبيرا بينه و بين أخيه..
لقد ظن حينما لفق حب فاتن له بأنه سينتصر على يحيى في مجال الحب و اعجاب الفتيات به..و لكن ما الجدوي عندما لا تبالي به تلك التي سكنت قلبه…
هيهات أن يقف متفرجا..غارقا في الألم وحده..من الجيد أن تعرف نقطة ضعف أحدهم…
كتب معلقا على الصوره.. جميل الموقف جدا زي الحكايات..بس الأجمل لو كانت البنت اللي انقذت الولد الصغير زي ما الاميرات فالقصص بتكون رشيقه وجميله..لكن للاسف الصوره شوهت القصه جدا و الحدق يفهم…
انهالت على ديما اشارات الاعجاب والتعليقات..تنقلت مندهشه من كم الردود من الاقارب و الاصدقاء و مددى تأثرهم بالموقف و اعجابهم بالصور…
و لكن عيناها كانت تتنقل لاهثه من تعليق لاخر باحثه عنه..عن تعليق مَن كسر بخاطرها مرارا و تكرارا..ودت بعرضها للموقف أن تبُث له برساله خفيه..لتقول له سأقف بجوارك في احلك الظروف كما فعلت مع الصبي لؤي..أرادت أن تبدأ صفحه جديده…
وقعت عيناها على اسمه..ليقفز قلبها فرحا و قلقا…
قرأت التعليق مبتسمه..لتتحول ابتسامتها الى چرحا كبيرا حين قرائتها السطر الاخير من تعليقه…
لقد أخطأت في تقديرها..من الصعب احيانا أن نعود لفتح صفحه جديده..حينما يستمر الطرف الاخر في أسلوبه و كأن هناك قوه تحركه و بكل سهوله لايلامك…
حسنا..لقد اكتفت..من الان فصاعدا ستغلق ابواب قلبها بقفل حديدي..و لن تعطي المفتاح الا لمن يُثبت جدارته و ينجح في عبور جدران عقلها اولا… و بامتياز
حذفت اسم لؤي من صفحتها..و من قلبها و الى الابد…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست فاتن مع الداده رقيه لتخبرها عما حل بها في الفتره الماضيه..ليرن هاتفها معلنا وصول رساله جديده من يحيى..
سألت رقيه..منه يا بنتي..؟
فاتن بابتسامه..ايوه يا داده…
رقيه..طب ما تردي عليه و تريحي باله يا بنتي..ده زمانه قلقان عليكي..و من كلامك بينله جدع وابن حلال حتى لو اهلو غلطو فيكي..لازم تفتكري جميله بردك يا حببتي
فاتن..انا بس مش عايزه اسببله مشاكل تاني…
رقيه..بس كده بتكسري بقلبه على الاقل تطمنيه انك بخير..
أومأت فاتن..فيحيى لا يستحق منها ذلك..على الاقل ستودعه مخبره اياه باسبابها…
أرادت فاتن بمجيئها هنا..أن تعود لتلك الطمأنينه والسكون الذي حظيت به في طفولتها في كنف رعاية الداده رقيه..ولكن يبدو أن العالم يأبى أن يستحضر ذكريات الماضي الجميله..فهي ستبقى ذكريات تشد أزرنا وقت الخيبه والانكسارات..و لكن لن تنوء عنا من المواجهه..مواجهه والدتها و أنس و الان مواجهة الحقيقه بأن علاقتها بحيى لن يُكتب لها النجاح في ظل رفض أهله القاطع لوجودها بقربه دون سبب واضح…
تنهدت فاتن..فلقد حان وقت المواجهه و قطع صلتها به نهائيا و ذلك من أجل مصلحته..لن تقبل أبدا أن تُسبب له أي مشاكل مع أهله..فيحيى بالرغم من رجولته الواضحه و اعتماده على نفسه بشكل كبير ما زال شابا في مُقتبل العمر..ما زال بحاجه للدعم و السند من اهله..لن تكون ابدا سببا في حدوث قطيعه بينهم…
قامت بطلب رقمه..ليأتيها صوته الغاضب..فاتن..انتي فين…؟
فاتن..يحيى..انا اسفه مكنت..
يحيى مقاطعا..ردي..انتي فين ؟؟
فاتن..انا عند الداده بتاعتي..و بخير و الحمد لله…
يحيى..العنوان بسرعه…
فاتن..مفيش داعي تيجي و تتعب نفسك..انا كويسه و الداده هي اللي تقريبا مربياني..
يحيى پعنف..لا في داع..اخلصي العنوان ايه..؟
فاتن..لو مصر نتقابل..يبقى انا كمان ساعه هاكون فكافيه ميدنايت..
يحيى..ساعه… ازود مش هيحصل طيب
أغلق الهاتف..لتقول رقيه..انتي هتخرجي يا فاتن..؟
فاتن..ايوه يا داده في كلام كتير لازم اوضحه ليحيى..و هو كمان مُصر يقابلني
رقيه..تحبي آجي معاكي
فاتن..لا مفيش داعي..انا مش هاطول..
يتبع…
رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 17 بقلم Fallen Angel
