الحلقة 23
الزواج مؤسسه قائمه على اختيارنا بالعقل..ومن ثم تأتي الموده و الرحمه..هذا ما فكره يحيى في طريقه الى مكتب سلوى لطلب الزواج منها..لقد فكر جيدا..سلوى فتاه ذات اخلاق عاليه..و من أسره طيبه..متعلمه..طموحه..جميله..يعرفها منذ سنوات خلت..و طوال تلك السنوات لم يلمس بها صفه سيئه..ربما أزعجه من وقت للآخر حبها الشديد لتولي دوما دفة القياده و لكن هذا على الصعيد العملي..ربما في حياتها الشخصيه ستترك مساحه للرجل بتولي مهمته الفطريه….
ثم تذكر اعترافها بمشاعرها ناحيته حينما كانا زميلين في الكليه……و هذه نقطه اخرى ستُسهل مهمته..
ثم تمتم..مع انه مش اكيد انها لسه عندها نفس المشاعر..هيكون افضل برده..جواز العقل ينجح اكتر مالحب
طرق الباب متنهدا..ليأتيه صوتها الجاد..اتفضل..
فتح الباب و دلف الى الداخل، تاركا الباب مفتوحا..و مترددا بعض الشيء..و لكنه سرعان ما نحى التردد جانبا..فاختيار العقل لا يخطىء ابدا..لِمَ يورط قلبه في الموضوع..لقد ذاق مرار الحب مره واحده وكفى..و هنا حتى و إن لم يكلل زواجهما بالنجاح لا سمح الله..لن يُعاني الامرين كما عاني في حبه..فمن السهل ترويض العقل و تعويده على حذف الاشخاص الغير مرغوبين من حياتك..
أما عن القلب..فهيهات..
سلوى بابتسامه..خير يا بشمهندس..؟
يحيى..كل خير ان شاء الله..اتفضلي اعدي..
جلست وجلس بدوره..ليقول مبادرا..من غير مقدمات كتير..انتي انسانه جميله بروحك قبل شكلك..خلوقه و متميزه مش بس فشغلك كمان في نشاطاتك بره الشغل..ملتزمه..شغوفه مش عارف اقول ايه تاني..فيكي حاجات جميله كتير..و انا يسعدني جدا لو قبلتي طلبي انك تكوني زوجتي على سنة الله و رسوله…
ظهرت المفاجأه على محيا سلوى..ليقول يحيى..انا مش عايز رد دلوقتي..خودي وقتك و فكري..و ان شاء الله لو حصل قبول من ناحيتك هاجي بيتكم مع اهلي و نطلبك رسمي…
لم تصدق سلوى ما سمعته أذناها..هل نطق بتلك الكلمات حقا..هل طلبها للزواج..حب العمر..بل حلم العمر كله تحقق..و بعد ماذا..لقد يئست تماما و لم يتبق لها أي أمل..ليفاجئها بطلبه..وبدون اي مقدمات كما ذكر لتوه..حاولت السيطره على فرحة قلبها الذي اخذ يدق طربا و احتفالا بتحقيق النصرو اخيرا..حصلت عليه..حصلت على يحيى…
تمتمت في نفسها..يااااااااه..ده انا عايزه الدنيا كلها تعرف…
سلوى دون تردد..مش محتاجه وقت افكر..
يحيى بابتسامه..و دي حاجه كويسه و لا ازوء عجلي انا بقى..؟
ابتسمت سلوى..انا موافقه و جدا كمان…
يحيى و قد أقلقه ردها السريع..انتي متأكده..؟
سلوى بحرج بعد أن ادركت بأنها بدت ملهوفه للغايه..اقصد يعني…
يحيى رافعا عنها الحرج..فاهم قصدك..و انا مبسوط جدا انك ريحتي دماغي مالتفكير..و خلاص خير البر عاجله..اديني رقم بابا..عشان اكلمه و نحدد معاد ان شاء الله
تكدرت سلوى من جملته الاخيره ،هل اختارها بعقله فقط
نحت عنها الافكار المحبطه و قالت..اوك..اديني الفون بتاعك اسجلك رقم بابا…
يحيى مخرجا هاتفه..اتفضلي..
قال مالك الواقف بالباب..معاد ايه ده بقى ؟
نهضت سلوى من مقعدها..قائله دون تفكير: باركلنا يا مالك..كلامك طلع مزبوط..و هتسمع اخبار حلوه جدا…و لا انت يمكن عرفت..؟
نظرت باتجاه يحيى..ده انت اكيد قولتله اول واحد….
مالك بريبه..يقولي ايه..انتو هتنقطوني..، ما تقولوا اللي عندكو.
سلوى بفرح..يحيى طلب ايدي للجواز…
ابتسم يحيى ناظرا لصديقه مالك..و الحمد لله وافقت..و عشان كده المعاد..مع والدها عشان اطلب ايدها رسمي..
صمت مالك..ليقول يحيى الذي لم يدرك يوما حقيقة مشاعر صديقه تجاه سلوى..ايه مش هتباركلنا ؟
امتقع وجه سلوى ليصبح مطابقا لوجه مالك..فلقد ادركت انها ارتكبت خطأ جسيما بحقه..فالبارحه فقط كانت تلمح له بموافقتها على ارتباطهما..و لكن فرحتها بتحقيق حلم العمر أنستها مالك و كل ما يخصه..لتطلق فمها مثرثره و معبره عن سعادتها المفرطه..
مالك باقتضاب..الف مبروك..ده فعلا احلى خبر سمعته من فتره…
نهض يحيى مقتربا من صديقه..ليصافحه مربتا على كتفه..نحن السابقون..شد حيلك بقى..عايزين عيالنا يلعبوا مع بعض و يخشوا المدارس سوا..
مالك و قد صوب لسلوى نظره قاتله..قريب.. قريب جدا..انا كنت فعلا بفكر فالموضوع ده من فتره..
يحيى وقد رن هاتفه..طب تمام..انا مضطر امشي عشان المكالمه دي..
ثم استدار قائلا لسلوى..باذن الله هاكلم باباكي بعد ما اخلص شغل..
سلوى باضطراب..اوك
غادر يحيى..لتقول سلوى..مالك انا..
مالك بمراره..هاتبقى زوجه اعز صديق عندي..انا بجد فرحتي متتوصفش
سلوى..مالك..ارجوك…
مالك رافعا يده ليوقفها عن الحديث..انتي مش محتاجه تبرريلي حاجه..والف مبروك ليكم..
غادر بعد أن أطبق الباب بعنف لا داع له..لتجلس سلوى على مكتبها مرتبكه و بشده..
لم تقو على الانتظار..طلبت رقم شيرين لتخبرها الانباء السعيده..و لتنفث قليلا من ارتباكها الذي لا مبرر له
على الهاتف و بعد ان تلقت الخبر..هتفت شيرين..مش معقول..كده بدون أي تلميحات..؟
سلوى..زي ما بقولك يا بنتي..انا نفسي لغاية دلوقت مش مصدقه
شيرين..يبقالك عندي حق عرب..انا طلعت غلطانه بقى..
سلوى بتردد..و مالك كمان عرف وباركلنا…
شيرين موبخه..يااا قلبك..قولتيله كده بسرعه..
سلوى بحسره..جت صدفه والله ما قصدي اذي مشاعره
شيرين..تاذي مشاعره..اسمعي لهجتك دي مش عجباني..
سلوى..تقصدي ايه..؟
شيرين..مقصدش..بس خلاص طلعي مالك من حساباتك لا تفكري فيه و لا مشاعره..فهماني؟
سلوى..ده بس صعبان عليا مش اكتر..لو شفتي وشه كان عامل ازاي..
قاطعتها شيرين..سلوى قولنا ملناش دعوه بيه..لا بوشه و لا قفاه..ها يا حببتي
تأفتت سلوى من اسلوب صديقتها..فكل ما أرادته أن تزيح قليلا من تأنيب ضميرها تجاه مالك عن كاهلها..ليس أكثر..أغلقت الخط..ثم هاتفت والدتها لتزف اليها الخبر السعيد..
عاد مالك إلى مكتبه مكلوما في قلبه..لقد تلاعبت به حقا..تصاعد الغضب في نفسه ثائرا لكرامته..وقرر أنا مش لازم ابين كسرتي زي ما عملت قبل شويه..لازم تعرف اني شلتها خالص من حساباتي..ايوه..تروح هي..يجي بدالها الف..و كله على سنة الله و رسوله..زي ما باعت لازم ابيع و افوق لنفسي..ده انا عندي 27 سنه ،هاستنى ايه..لو كنت اقدر احب غيرها كنت عملتها من زمان و خلاص مش لازم جواز بالحب..المهم تعرف اني نسيتها و اشوف حالي انا بقى و افرح اهلي
نزل تميم من شقة الاستاذ منير غاضبا من تعنت الرجل في السعر المطلوب و الذي قيّمه هو شخصيا كثمن للشقه..اراد مهاتفة يحيى و اخباره بالتفاصيل كما وعد عمه عبدالرحمن و لكن وجد هاتفه مغلق…
بحث في جيبه عن علبة السجائر..فبعد الجدال الطويل مع منير..احتاج ان ينفث عن ضيقه..و لكنه وجدها فارغه.
تمتم..مش وقته..اما اشوفلي كشك قريب
جالت عيناه في المكان..و لكنه لم يجد اي كشك بالجوار..سار عدة خطوات ليلمح عن بعد احد السوبرماركتات الكبيره..استقل سيارته و بعد دقيقتين كان امام المبنى
دلف الى الداخل..ليفاجىء بمساحة السوبرماركت الكبيره..و تأفف..لسه هادور السجاير فين..
توجه عند الكاشير..ثم قال للفتاه التي تقوم بمحاسبة احد الزبائن..هاتيلي علبة سجاير اوام..
قالت الفتاه غير عابئه بالنظر اليه..حضرتك السجاير..اخر سطر عاليمين…
انزعج تميم من تجاهلها طلبه..فقال بحده..ايه قلة الذوق دي..خدامين و بتتكبروا عن شغلكم..
رفعت فاتن عينيها اخيرا باتجاه الزبون الغاضب بعد ان اتمت محاسبة الزبون الاخر..لتقول..احترم نفسك يا حضرة
تميم و قد راقت له..لذا اراد ان يطيل الجدال معها..طب اسمعي الكلام و روحي هاتي البتاع اللي طلبته..
عقدت فاتن ذراعيها امام صدرها..مش شغلي اخدم احضرتك..وظيفتي هنا احاسب و بس
تميم و قد ذكره تحديها بعروسه الهاربه..طب انا داخل اشتكي للمدير يا حضرة المش خدامه
فاتن..ايه الارف ده…
الفتاه بجوارها..يا بنتي كنتي جبتي العلبه..دلوقت المدير هيهزأك ادامه..
فاتن..ليه لن شاء الله..انا مغلطتش..
الفتاه..مسمعتيش عن سياسة الزبون دائما على حق..
بعد دقائق استدعاها المدير رؤوف الى مكتبه..انسه فاتن..
رمقت تميم بنظرة ازدراء ثم قالت..افندم استاذ رؤوف
رؤوف..يا ريت حضرتك و حالا تجيبي طلب الاستاذ..
فاتن..بس حض..
قاطعها رؤوف..بدون كتر كلام..اتفضلي بسرعه..
تجمدت فاتن للحظات..شاعره بالقهر الشديد..ثم غادرت مرغمه خوفا من ان تفقد وظيفتها..خاصه بعد اخبار كِنان لها البارحه بنقله الى فلسطين و ايضا بانتظارهم لطفل جديد..مما يعني مصاريف اكثر..لذا ترجته أمس ان يتوقف عن ارسال المال لها..فلقد امنّت وظيفه جيده..صحيح ان كِنان رفض ذلك..و لكن لا يعني انها ستقبل بالاثقال عليه اكثر من هذا..و هي الداريه بضيق الحال..فبعد اصرار الداده رقيه على مكوثها في شقتها..قام كِنان بتوكيلها بتاجير شقته..لتدر عليه دخلا اضافيا خاصه مع اقامته في احد الدول الاوروبيه ذات مستوى المعيشه المرتفع..و الان ايضا الحال الاقتصادي بفلسطين ليس جيدا كما تسمع دوما في الاخبار..
احضرت علبة السجائر ثم دلفت حيث المدير بانتظارها..و قالت من بين اسنان مطبقه..اتفضل..
تناول تميم منها العلبه قائلا..ما كان مالاول
ثم اخرج من جيبه بضع من الجنيهات و قال..خلي الباقي عشانك..
رؤوف..شرفتنا يا استاذ تميم..
خرجت فاتن..ليقول تميم..احم متشكر..ممكن حضرتك تديني معلومات عن البنت دي ،و متفهمنيش غلط انا قصدي شريف
رؤوف مناورا..و الله دي اتوظفت جديد، و اسمها فاتن..ده اللي اعرفه
تميم..طب متشكرين يا استاذ رؤوف
خرج تميم و مازالت صورة و اسلوب تلك الفتاه مؤثرا فيه و بشده..فجمالها آخاذ..كما ان تعاليها عليه قبل قليل جعله ينجذب لها بصوره كبيره
و تمتم..مطلتش اربي ليلى..لكن دي سهل اربيها..شكلها بنت ناس على اد حالهم..بس نشوف سكتها ايه تقضيه و لا هتقولي حلال و حرام ووجع النافوخ ده…
جلس يحيى برفقه والديه..في فيلا منصور..حيث استقبلهم والد سلوى..السيد محمد منصور..و زوجته هويده واخويها رائد و عادل..
بعد ان ابدى والد سلوى مباركته على خطبة ابنته ليحيى..قالت والدتها هويده..بس احنا مش عايزين الفرح كده على طول..عايزين وقت نتعرف على بعض..
سلوى متدخله..بس يا ماما..انا ويحيى نعرف بعض من زمان..
قاطعتها هويده..اقصد كعيلتين..الزواج مش بس واحد وواحده..ده اسرتين هيتعاملوا مع بعض كتير..فالاعياد و المناسبات و المشاكل اليوميه..لازم ناخد وقت كفايه عشان نقدر هل هيحصل توفيق او..
محمد..ان شاء الله كل خير..و انت يا بشمهندس مفيش داعي للاستعجال..انا بقول فتره 6 شهور كفايه للخطوبه..و لا انت ايه رايك يا حاج عبدالرحمن..؟
خديجه بضيق..6 شهور ده ايه..هتتعرفوا عليه و لا هتعملوله..
عبدالرحمن مقاطعا..و الله الراي راي يحيى
يحيى..اللي تشوفوه مناسب..انا معنديش مانع..
تم الاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقه بالخطبه..ليخرج يحيى مع والديه موصلا اياهم الى المنزل..
قالت خديجه بعد وصلوهم الى الفيلا خاصتهم..ياااباي عالوليه امها…دي..
ضحك يحيى و سأل..مالها مدام هويده بس يا ست الكل ؟
خديجه..يعني مناخيرها كده فالسما..ال ايه محتاجين نتعرف على بعض..
يحيى..معلش يا ماما..بنتها الوحيده و خايفه عليها و عايزه تضمن انها هتعيش مرتاحه
خديجه بامتعاض..ده انت جاهز من مجاميعو وزياده..يعني هتعيش مرتاحه و ست الستات
يحيى..انا مقصدش الماده..اقصد العيشه نفسها الناس اللي حواليها..الحاجات دي مهمه جدا لنجاح الزواج مش بس الماديات…
خديجه..طيب يا بني..الف مبروك..ومتنساش تكلم لؤي عشان ينزل و يحضر خطوبتك..مش كفايه ليل..
تلعثمت خديجه..ثم انصرفت متعلله بالتعب
يحيى متمتما..مش كفايه ليلى غايبه..ما تقوليها يا امي..مش عارف منين جتك القسوه دي كلها..
أضاء هاتفه برساله..قرأها ليتضح أنها من مالك يطمئن به على المقابله
يحيى برساله على مالك : الحمد لله..تمت الموافقه..و حددنا معاد حفلة الخطوبه كمان
صعدت خديجه مسرعه الى غرفتها..اقفلت الباب باحكام ثم سمحت لدموعها بالانسياب..اتجهت الى الخزانه حيث خبأت الحقيبه التي احضرها يحيى من الشقه القديمه
اخرجتها ووضعتها على الارض ثم جثت بجانبها..فتحتها و طالعت محتوياتها..محتضنة اياهن قطعه تلو الاخرى….
تنهدت ببكاء..يا ترى انتي فين يا ليلى..كلهم فاكرين ان قلبي قسي عليكي..بس قلب الام عمره ما يقسى..بس اعمل ايه..بعادك اهون من انك ترجعي طول اما ابوكي…
أغلق مالك هاتفه بعد أن بارك ليحيى خطبته..مباركه خاليه من النوايا الحسنه..فلقد تمنى قبل قليل أن يحدث شيء او اعجوبه و يرفض والديها طلب يحيى..و لكن الان عليه أن يكون مخلصا في نواياه تجاه صديقه المقرب..فلا ذنب له في مشاعره..
دلفت والدته الغرفه قائله..انا شفت النور والع قولت اجي اطمن عليك..ها ايه اخبار العروسه ؟
مالك بتلعثم..عروسه ايه دي يا ست الكل ؟
اسماء..انت مش قولت هتخطب قريب و لئيت بنت الحلال..
مالك..لا يا امي..انا نويت اخطب فعلا..بس لسه بدور على بنت الحلال..
اسماء بلهفه..عندي يا حبيبي..عندي..
مالك مبتسما..مين يا ست الكل..؟
اسماء..بنت خالك..مروه..قمر و مؤدبه و ست بيت درجه اولى..و من توبنا
مالك معترضا..قرايب لا يا ماما…مش بحب جواز القرايب ده
اسماء..ليه بس يا بني ؟
مالك..يعني مشفتيش كم المشاكل اللي حصلت في جوازة اختي من قُريب..و من مين ابن عمنا..لالا.. ده بتحصل تدخلات كتير اوي و الكل عشمان و حكاوي انا مش بستريحلها..
اسماء..يا بني اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش..و انت بسم الله ما شاء الله ربنا فتحها عليك..و هتلاقي اللي طمعانين فيك كتير، يبقى ناخد حاجه مضمونه..
مالك..هي جوازه و لا صفقه يا حاجه..بس معاكي حق انا مش عايزه واحده كل اللي يهمهما العريس الجاهز اللي معاه شقه و يقدر يجيب شبكه حلوه و الكلا م ده عايز واحده تعيشها معايا عالمره قبل الحلوه…
اسماء بالحاح..طيب مروه يا بني فيها كل ده..
مالك بتصميم..قولتلك يا امي كله الا جواز القرايب ارجوكي…
اسماء بعد تفكير..طب ايه رايك في فاتن..قريبه الست رقيه..برده جميله و مؤدبه..و عينها مليانه..
مالك مقاطعا..فعلا عنيها مليانه..دي رفضت اتوسطلها عندنا فالشركه و باصرار غريب
اسماء..اه..بنت كده عندها كرامه..بس الحلو ميكملش…
مالك..ليه يا امي..؟
اسماء..يعني مش عارفينلها اصل من فصل..
مالك متذكرا..انتي عارفه.. سيبك من فاتن..انا جه في بالي حد مناسب اكتر بكتييييير
اسماء..مين يا بني..؟
مالك مفكرا..اما اجس النبض الاول و بعدين هاتعرف كل حاجه يا جميل..
ديما باستعجال..ياماما يلا بينا..بابا بيستنانا فالعربيه بقاله ساعه..
راويه و هي تعدل حجابها..ساعه يا مفتريه..اه بس تيجي عند الهيافه و تتصدري…
ديما باستنكار: هيافه ايه بس اللي بتقولي عليها دي
راويه بحرقه..ضيعتي الواد من ايدك..اما دلوقتي فالحه تتسربعي عشان و لا بلاش…
ديما..اضيع مين بس يا امي..يحيى عمره ما كان هيتقدملي..علاقتنا طول الوقت اخ كبير باخته الصغيره..و بعد اللي حصل مع ليلى..بحسه فعلا شايفني اخته تمام..كأنه يا عيني بيعوض غيابها بيا..انتي بس و خالتو فسرتوا اهتمامه و حبه ليا بطريقه غلط..متنسيش هو كان قريب جدا من ليلى و غيابها كسرو جامد..
راويه بحزن..اه يا حبيبي..ده معدش زي الاول..دايما في كسره في نظرته كده
ديما محاوله تلطيف الجو: طيب يا ست امينه رزق..سي يوسف وهبي مستنينا تحت..يلا اوام زبطي نفسك
راويه بمعنى..اه وماله..خلينا نلحق نسلم على سي مهند بتاعك..
ديما بغيظ..انتي ليه ماخده منه موقف كده..مش فاهماكي ؟
راويه..انا اللي مش فاهماكي..و هو بعيد تبقى ملهوفه عليه..لسانك يشتغل بربنط لو حد قال نص كلمه عنه..اما و انتو مع بعض هاتك يا نقار أكنكو على روس بعض..فهميني بقى ده اسمه ايه..؟
ديما..اسمه اختلاف في وجهات النظر..عادي يعني..
زمت راويه شفتيها قائله..اه..طيب و ماله..
بعد حوالي ربع ساعه..وصلت ديما مع والديها الى بيت خالتها..لتفتح لهم الباب الخادمه ام عيشه و التي رحبت بهم ليدخلا للجلوس في الصاله حيث توجد خديجه وزوجها عبدالرحمن
سلمت ديما على خالتها و زوجها وكذلك فعل والديها..ليقول مؤيد..امال فين لؤي..احنا جايين نسلم عليه
عبدالرحمن بامتعاض..انا عارف..قال هيخرج مع صحابه..
ديما باعتراض..ده لسه واصل انهارده..لحق يخطط خروجات..
خديجه..اه اصل صحابه اصروا عليه..عزمينه خروجه في مطعم و لا نادي مش عارفه
عبدالرحمن..طيب يا ابو ديما..خلينا نعد فالبكونه احسن مالكتمه دي
تبعه مؤيد..لتقول راويه..و ايه بقى ناوي يستقر هنا..و لا يكمل فالقناه العربيه؟
ضحكت خديجه..هو احنا لحئنا نشوفه عشان نتكلم معاه فالمواضيع دي..ده يدوب سلم علينا و خدش دش و تنه خارج يشوف صحابه..ده انا اشك انه سلم على يحيى حتى
ديما بتردد..هو انتي مش قولتيله اننا هنجي نسلم عليه..كلنا يعني
خديجه..اه يا بنتي عنده خبر…ثم أردفت..انا هاروح اشوف ام عيشه حضرت العشا و لا لسه ؟
قالت ديما: خليكي انتي يا خالتو..أنا هاشوف أم عيشه خلصت و لا محتاجه مساعده.
خديجه ممتنه..تسلميلي يا حبيبتي….
أسرع لؤي باتجاه المطبخ بعد أن سلم على خالته و زوجها..بعد أن اخبرته والدته بأن ديما تساعد أم عيشه في تحضير العشاء..
وقف على باب المطبخ يراقبها مفكرا زي النسمه بس اول ما تفتحي بؤك ياااا ساتر
ابتسم وتمتم بس ميمنعش برده ليكي وحشه
تنحنح لؤي على باب المطبخ و قال..تحبوا أساعدكو في حاجه….؟
شهقت ديما مخضوضه..ثم و بسرعه سيطرت على انفعالها حتى لا تحقق له مراده باستفزازها كعادته..و مما زاد الطين بله هو عدم بقائه في البيت و خروجه مع اصدقائه غير عابىء بحضورها..بالرغم من معرفته المسبقه بذلك…
تمتمت..يعني مش هامه يشوفني بعد الغيبه دي كلها
لذا قالت ساخره: معقوله المذيع اللامع هيوسخ ايديه فشغل المطبخ
قال لؤي غير منتبه لنبرة السخريه التي رافقت كلماتها..لامع ايه بس..أخجلتم تواضعنا .
عضت ديما على شفتها السفلى و عاودت تقطيع الخضار الخاصه بالسلطه.
قال لؤي..و ايه أخبار الشغل عند يحيى ؟
ردت ديما باقتضاب..تمام..كويس.
قال لؤي مازحاً..لو دايقك في حاجه قوليلي و أنا هاملصلك ودانه.
قالت ديما بتهكم..بقى انت اللي هتملصله ودانه .
تنهد لؤي وقال..معاكي حق..واحد فاشل زيي هو اللي تتملص ودانه مش العكس
و استدار مغادراً المطبخ .
لتجُز ديما بقوه على السكينه و كأنها في معركه مع تلك الخضار….
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اجتمعت اسرة عبدالرحمن مع اسرة مؤيد على مائدة العشاء..ليسأل مؤيد بصراحته المعهوده..مفيش اخبار عن ليلى ؟
تشردقت ديما بالطعام..شاعره بالذنب الشديد..فوحدها من بين الموجودين من يعرف تماما كل اخبارها..و لكن تحت ضغط كِنان الشديد لم تبح لاي احد بما عرفته..خوفا على حياة ليلى..فكما اقنعها كِنان علينا ان نتخذ الحيطه الشديده..حتى يبرق بصيص من الامل..
ردت خديجه بصرامه..لو تقصد بنتي..فبنتي ماتت من خمس سنين..
راويه يعد ان رمقت زوجها بنظره عتاب..قولنا يا لؤي..هتقبل عرض القناه المصريه هنا ؟
لؤي..احتمال..
راويه..طيب خلي بالك احنا عايزين برنامج هادف و له قيمه..مش اي كلام..
لؤي..اكيد يا خالتي..بعدين القناه دي كبيره و برامجها مسمعه كويسه..و هما لولا انهم مؤمنين بقدراتي مكنوش عرضوا عليا اشتغل عندهم
عبدالرحمن بسخريه..قدراتك..و لا شعرك الاصفر و عيونك الزرق..
خديجه محاولة كسر حدة كلام زوجها..و يعني هو جابهم منين..مش منك يا حاج ههههههه
احس مؤيد بالتوتر يلف الاجواء..فقام بفتح حديث بأحد المواضيع السياسيه..
لاحظت ديما تكدر لؤي فقالت بهمس..مش صحيح..ما هو الواد اللي معاك في البرنامج مُز برده..اشمعنى اختاروك انت..
لؤي بحنق..موووز اشطه.. و الله و كبرنا و بقينا نبصبص اهو…
ديما و قد انزعجت من سوء نواياه..احترم نفسك
راويه لابنتها..ديما..اغرفيلي شوية رز
دلف يحيى مفاجئا الجميع..الله..ايه اللمه الحلوه دي…
نهض لؤي من مقعده مسرعا باتجاه اخيه..يحيى..
يحيى..ياااا ندل..تيجي و متسلمش عليا..
لؤي محتضنا اخيه..ملحوقه..انا اعدلك فيها و تشبع احضان يا عم
ريت يحيى على ظهر اخيه..ليقول الاخير..طب عن اذنكو..انا هاخد يحيى و طالعين فوق….
خديجه باعتراض..طب خليه ياكل لقمه الاول..
يحيى..انا كلت بره يا ست الكل..
صعدا الى الطابق العلوي بعد ان سلم يحيى على الضيوف..
اما ديما فقد ازداد غيظها من اهمال لؤي لوجودها
ارتمى يحيى بجسده على السرير قائلا..اخيرااااااا
ضحك لؤي..ايه من دلوقت الخطوبه هاتهد حيلك
ضحك يحيى بدوره و قال..الظاهر كده..
جلس لؤي على حافة السرير مواجهاً ليحيى و قال بتوتر و بدون مقدمات..هو انت شايفني ازاي يا يحيى…؟
نظر يحيى للحظات يتفرس في وجه أخيه..ثم قال و هو يغالب ابتسامته..زي القمر يا طعمه انتي..
تأفف لؤي..على فكره أنا بتكلم جد..يعني انت شايفني بني ادم كويس ؟
سأل يحيى بدهشه..و ايه اللي يخليني أفكر إنك مش كويس…؟
قال لؤي..أبدا… مش عارف.. كده ساعات بحس إني بني ادم مش كويس.
قال يحيى باستغراب..الله ايه الحكايه..انت قلقتني اوي..لتكون واقع فمصيبه..ما أنا عارفك..
قاطعه لؤي..اديك قولتها..ما أنا عارفك..عارف عني ايه بقى..إني بتاع مصايب و مشاكل..مش ده قصدك…؟
قال يحيى بجديه..لا مش كده..
قاطعه لؤي..معلش أصلي متوتر عشان البرنامج الجديد و كده..
لؤي: سيبك مني..مش هتقولي بقى قصة الحب الكبيره ورا الخطوبه المفاجئه دي
يحيى..و لا حب و لا حاجه..انا اخترت بعقلي و الحب و الموده هتيجي فالجواز باذن الله
لؤي..عارف انا جه فبالي مين دلوقت على سيرة الحب دي
يحيى..مين يا نجم..؟
لؤي: فاتن..فاكرها..اللي كنت..
يحيى مقاطعا..اه فاكرها..و على فكره انا عمري ما شكرتك على اللي انت عملته معايا
لؤي..ما هو ده اللي نفسي اكلمك فيه..
يحيى..لا ارجوك بلاش نفتح فالقديم..بس بجد شكرا انا مراية الحب كانت عمياني عن تصرفاتها..تصدق انه حصل موقفين بعديها بيثبتوا كلامك انت و بابا عنها..بس يمكن وقتها و من غير مساعدتك كنت حاولت ابررلها..لكن كل اما افتكر… صمت ثم أضاف..متشكر بجد..زماني لحد دلوقتي مخدوع فيها
لؤي..موقفين ايه..؟
يحيى متذكرا الصور و ذهابها الى تلك الشقه..يعني بدون تفاصيل حاجات حصلت كان ممكن التمسلها العذر فيهم او تبررهم بطريقتها وا فضل مخدوع طول عمري
ثم أضاف: لؤي بلاش نجيب سيرتها تاني..لا بالكويس و لا الوحش
أومأ لؤي..وقد ازيح عن كاهله عبء ذلك الذنب..و لن يضطر الى مصارحة اخيه بتلك التمثيليه التي قام بها قبل سنوات مضت، على ما يبدو ان حدس والده ووالدته كانا صحيحين بشأنها فلا داعي لتبرأتها من ذلك الذنب و اعادة الفتور لعلاقته مع أخيه..
ليقول لؤي..لسه فاضل سؤال واحد عنها .
يحيى بتافف..ايه كمان…؟
لؤي..انت كلمتها فموضوع ليلى..يعني معقول جدا تكون عارفه هما فين..
يحيى..تصدق انا عمر ما خطر فبالي اني اسالها عن ليلى..مش عارف ليه
كان يعلم جيدا السبب..فقد حاول ان يخرجها تماما من حياته..و لم يرد أن يتقبل وجود اي رابط بينهما..حتى و ان كان ذاك الرابط سيوصله الى ليلى..
ثم قال بعد تفكير..بس مظنش اللي زيها هدور على اخ و لا اب.. دي مقضياها و اكيد مبسوطه انه مفيش عليها لا رقيب و لا حسيب..
ثم تمتم..استغفر الله العظيم..اهو خلتني اجيب سيرتها تاني..و اكسب ذنوب
لؤي..طب خلاص خلاص يا عم..معرفش ان عندك عفريت اسمه فاتن
يحيى و قد تكدر مزاجه..طب قوم يله.. عايز انام
لؤي بابتسامه..تنام و لا تكلم المُزه ؟
يحيى..استغفر الله العظيم
لؤي..بيعجبني ايمانك يا..
لم يكمل لؤي جملته..فلقد أزاحه يحيى عن السرير ليقع ارضا..
لؤي..طيب متزوءش
بعد مغادرة لؤي الى غرفته..قام يحيى بفتح الدرج المجاور لسريره..والمحتوي على هاتفه القديم..ذلك الذي يضم فيديو محبوبته و اخيه..أشعل الهاتف بعد أن وضع شاحنه في مقبس الكهرباء..
شغل الفيديو..و استمع لكلماتها..غير قادر كعادته الى النظر الى الفيديو مره اخرى و رؤية مشاعرها الجياشه تجاه اخيه..و الذي و مع مرور السنوات عاد كما عهده سابقا ذلك الاخ المحب..و لكن اليوم لا تكمن المشكله باخيه..بل عنده هو شخصيا..فمنذ رؤيته لذلك الفيديو بات ناقما من وقت لاخر على اخيه..فلولاه لربما ما زالت فاتن…نفض عنه تلك الافكار الشيطانيه فلا ذنب لاخيه بفعلتها تلك..
و ان لم يكن لؤي لكان غيره..اولم توضح له سلوى بانها كانت على علاقه بأنس و صورها خير دليل…
تنهد مكملا الفيديو حتى نهايته..ليتذكر وجهها البشع عله هذه الليله يحصل على احلاما خاليه منها..
لقد استطاع ان يطردها من حياته..و الآن عليه أن ينفيها أيضا من أحلامه..فقريبا سوف تشاركه الفراش امراة اخرى و اسمها ليس بفاتن..و لن يكون مبهجا لها أن تنصت لزوجها غارقا حتى الثماله في حب فتاه أخرى….
و بعد سويعات من النوم المتقلب..نهض يحيى من فراشه بعد أن فشل للمره المليون في طردها من احلامه..بل على العكس استفاق محملا بذنوب جديده..
لم يفهم لِمَ يَستَحل عقله الباطن تلك التخيلات التي تراوده بشأنها…
اتجه الى الحمام الداخلي لغرفته..اغتسل و توضأ..ليصلي طالبا من الله أن يغفر ذنوبه و ان يلهمه نعمة النسيان…
بعد أن انهى صلاته هدأ عقله قليلا
اما قلبه فكان ينبض بقوه… و كأنه يهتف مستنجدا.. كيف السبيل الى نسيانِك……
يتبع…
رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 23بقلم Fallen Angel
