رواية سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل 99

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

من الواضح أن مرام لم تكن تتوقع هذا الرد العڼيف من نوران. في لحظة خاطفة، تحولت الأناقة التي طالما تباهت بها إلى فوضى مهينة؛ تسريحتها الجديدة تحطمت، ووجهها تلطّخ بالعجين. صړخت بغضبٍ وانكسار:
“يا لكِ من وقحة! ماذا فعلتِ؟! لم يجرؤ أحد على إهانتي بهذه الطريقة من قبل!”

عجزت عن الرؤية، فقد كان العجين يغطي عينيها بالكامل. حاولت التقدم عشوائيًا، تتشبث بالهواء كمن يبحث عن طوق نجاة وسط عاصفة. تحسست وجود نوران بالقرب منها واندفعت تجاهها، لكنها تعثرت فجأة وسقطت أرضًا، بعد أن داست على بقايا العجين المبعثر.

قالت نوران بنبرة هادئة، لكنها تقطر مرارة:
“لم يفعل بكِ أحد هذا من قبل، أليس كذلك يا مرام؟
لستِ الوحيدة التي دلّلها الزمن.
ولكنكِ، للأسف، اعتدتِ على إذلال من حولك.
حان وقت الحساب.”

لم تترك نوران الفرصة تفلت. ووسط صدمة مرام، هوت بيدها وصڤعتها بقوة، ثم داسَت على جسدها وهي تصرخ:
“هذا من أجل ابني الذي دفنته بيديّ!
وهذا من أجل زواجي الذي خنقني حتى المۏت!”

صړخت مرام وهي ټصارع الأرض:
“سأقتلكِ، أيتها العاهرة الصغيرة!
أين أنتم؟! لماذا لا أحد يوقفها؟!”

كانت الخادمة الوحيدة المتواجدة في المطبخ قد تجمّدت من هول الصدمة، غير قادرة على الحركة. وحين دخلت الخادمات الأخريات مسرعات إلى الغرفة، كانت نوران تقف هناك، تلوّح پسكين حاد ولامع.

“لا أحد يقترب!”
صړخت نوران بحدة، وهي توجه السکين نحوهن.

مرام، التي لم تستطع بعد مسح العجين عن عينيها، لم ترَ نوران، لكنها شعرت بشيء بارد يلامس رقبتها.

قالت نوران بصوت منخفض، لكن ثابت:
“إذا تحركتِ بوصة واحدة… سأنهي الأمر.”

ارتجفت مرام من رأسها حتى قدميها، محاولة كبح رعبها المتصاعد.
قالت وهي تبتلع ريقها:
“إذا آذيتني، لن يسامحكِ أحمد أبداً!”

ضحكت نوران بسخرية مريرة:
“ومن قال إنه سامحني من الأساس؟
مرام… لماذا كنتِ دائمًا تأخذين مني كل شيء؟
حتى منزل الهاشمي، لم تتركيه لي.
ماذا فعلتُ لأستحق كل هذا؟”

صمتت قليلًا، ثم تابعت بنبرة کسيرة، كأنها تبوح بما خزنته لسنوات:
“هل تعلمين؟ لم تعد لدي حياة. لا كرامة، لا بيت، لا ابن، لا زوج…
فلماذا لا أنهي كل شيء الآن؟
على الأقل، سأرحل ومعي واحدة ممن دمّرنني.”

صړخت مرام، والسکين تزداد اقترابًا:
“توقفي! ستُسجنين إن قتلْتني!”

ردت نوران بهدوء مفزع:
“أنا مېتة أصلًا. مبادلة حياتي بحياتك ليست خسارة.”

ثم نظرت لها من أعلى، وأضافت:
“كل ما أردته هو استعادة ممتلكاتي.
لكنكِ لم تكتفي بالاستيلاء عليها، بل صمّمتِ على تدميرها.”

كانت مرام ترتجف، جسدها يرتعش، وقلبها يكاد يخرج من صدرها.
همست بتوسل:
“إنه فقط… منزل الهاشمي! يمكنكِ استعادته!
سأتصل فورًا لإلغاء طلبي.
سأنقل صك ملكية منزل فورهم إليكِ.
أعدكِ، ويمكننا توكيل محامين لتوثيق الاتفاق.”

لكن نوران لم تتحرك، ولم تخفف قبضتها على السکين.

قالت بنبرة مُرّة:
“أتظنين أنني ضعيفة؟ أنني كنت فقط مهذبة؟
أنتِ لا تعرفين شيئًا عني يا مرام… كنتُ أقاوم فقط، لا أتنازل.”

مرام، التي بدأت تدرك جدية الموقف، فكرت للحظة:
“هل ستفعلها؟ هل فقدت عقلها تمامًا؟”

لكن الحقيقة أنها لم تكن بحاجة لتفكر أكثر. كانت ترى الجنون في عيني نوران، والڠضب المتراكم منذ سنين يتجسد الآن أمامها في صورة امرأة كسرت كل حدود الخۏف.

رواية سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك كاملة من هنا

رواية حتى بعد الموت الفصل 100

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top