رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 223 الى الفصل 224

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

الفصل 223 

“اذهبي إلى المختبر غدًا. أؤكد لكِ أن أحدًا لن يجرؤ على إزعاجك.”
قالها مراد بجدية، ثم أضاف:
“سأحاول الحفاظ على مسافة بيني وبينك في هذه الفترة حتى لا أشتتكِ، لكنني حقًا آمل أن تعيدي النظر… فيما بيننا. وعلى كل حال، دعيني أحذّرك، لن أستسلم بسهولة.”

التفتت شيهانة تنظر إليه، وفي عينيه رأت نبعًا متدفقًا من المشاعر.

كرهت رؤيتهم هناك، لأنها كانت الأسوأ على الإطلاق في التعامل مع المشاعر المعقدة…

تلك كانت نقطة ضعفها التي لا تحب الاعتراف بها.

فآثرت الصمت وغادرت، دون أن تنبس بكلمة.

لكن قبل أن تخطو خطوة أخرى، شعرت بيده تمسك معصمها.

استدارت بدهشة، ونظرت إليه مستفهمة:
“هل من شيء آخر؟”

عادت نظرات مراد إلى حيادها، وكأن شيئًا لم يكن.
قال بنبرة آمرة:
“اركبي السيارة، سأوصلك إلى المنزل.”

“هذا ليس ضروريًا…”

لم يمنحها فرصة للرفض. اصطحبها نحو السيارة بعزم، فاستسلمت شيهانة لتلك الإرادة، فقد سئمت مقاومته في أمور تراها تافهة ولا تستحق النزاع.

صعد مراد إلى السيارة خلفها، وسرعان ما انطلقت السيارة الفاخرة مبتعدة عن المطعم…

ما لم يدركه أي منهما، هو أن تالين كانت تقف مختبئة خلف زاوية مبنى المطعم، تراقب كل شيء.

حدّقت في ذهول نحو السيارة التي تبتعد، وعيناها تمتلئان بعدم التصديق، والرعب.

كانت تطارد مراد، تأمل أن يلين قلبه أمام إصرارها ويعود إليها.

لكن ما رأته في تلك الليلة، كسر شيئًا في أعماقها.

كانت خارج النافذة تراقبهما يتناولان العشاء،
وكانت شاهدة على كل لمسة وكل نظرة حين كان يسحبها من المدخل.

كل اتصال بينهما كان صفعة على قلبها،
لكن الصفعة الأكبر… كانت تلك النظرة في عيني مراد.

لقد رأت فيهما اهتمامًا، حبًا، رغبة، وحنانًا…
كل ما تمنت الحصول عليه، ولم تذق منه شيئًا!

أعطى مراد كل ذلك لشيهانة… من دون أن تسعى الأخيرة حتى!

سنواتٌ طويلة من الانتظار، من التنازل، من الركض خلف قلبه، ولم أحصل منه إلا على الفتات… على نظراتٍ عابرة، ووعودٍ لا تكتمل. ثم جاءت شيهانة… وبمجرد أن ظهرت، امتلكت كل شيء! كأنها كانت تملك مفتاح قلبه الذي ضاع مني رغم كل ما قدمته.

لكن… أليس مراد كُتب لي؟ أليس قدري أن أكون له؟ لا، لا بد أنه اختبار! نعم، ابتلاء لصبري، فمكافأة عظيمة مثل مراد لا تُمنح بلا امتحان قاسٍ!

ما حدث لا يمكن أن يكون عبثًا… لا بد أن القدر أتى بشيهانة لتُعاقب! هي العثرة التي قلبت الطاولة، وكسرت حلمي!

تلك الخبيثة… سرقت كل شيء، وانتزعت أحلامي من بين يديّ. لا، لا يمكن أن أسمح لها بالبقاء! يجب أن أُبعدها، بأي طريقة… لأستعيد ما هو لي، ما كُتب باسمي منذ البداية!

اشتعلت عينا تالين بشرارة حقد لا يُطفَأ، وامتزج الحسد بجنون قاتل، يكاد يلتهمها من الداخل، كوحش ظلّ نائمًا طويلًا… وها هو الآن يستيقظ.

عاد الهدوء الثقيل إلى السيارة أثناء رحلة العودة إلى ” منازلهم”.

بمجرد أن وصلت، غادرت شيهانة السيارة دون توديع، وأسرعت نحو منزلها.
انتظر مراد حتى اختفت خلف بابها، ثم أمر السائق بالمغادرة.

لكن وجهته لم تكن منزله… بل قصر عائلة شهيب القديم.

دخل القصر، متجهًا مباشرة إلى جدته، ليبلغها قراره:
أنه سيمنح شيهانة خمسين بالمئة من أسهم المختبر.

جاء رد فعل السيدة شهيب غاضبًا على الفور:
“منذ متى وأنت تهتم بتلك الثعلبة؟!
لمياء أنهت التصميم، فلم نعد بحاجة إلى خدمات زوجتك السابقة!
هل تُغضب جدتك بسبب هراء كهذا؟!”

وكانت لمياء، التي كانت تجلس إلى جانبها، مذهولة بدورها.
لم تكن تتوقع أن يمنح مراد شيهانة كل الأسهم التي بحوزته!

خمسون بالمئة من أسهم المختبر…
لم يكن بإمكان أحد إيقافها بعدها.

قالت لمياء بامتعاض:
“مراد، لماذا تفعل هذا الآن؟ لقد انتهيت من التصميم، ما الفائدة منها؟”

رمقها مراد بنظرة تحذيرية قبل أن يجيب ببرود:
“إكمال التصميم شيء، وبناء منتج ناجح شيء آخر.
وبما أنها لم تُهزم… فلن أتراجع عن دعمي لها.”

الفصل 224 

“لكن الحقيقة أنها خسرت!”
قالت السيدة شهيب العجوز وهي تفتح فمها بثقة لا تتزعزع:
“تصميم لمياء مثالي. أنا راضية تمامًا عنه. المسألة مجرد وقت قبل أن يُنجز بالكامل. لا يوجد تصميم أو منتج يمكنه أن يتفوق عليه.”

ردّ مراد بنبرة هادئة:
“لكنكِ لم تري بعد تصميم شيهانة.”

أجابت العجوز بحسم:
“لا حاجة لرؤيته. كما قلت، تصميم لمياء لا يُعلى عليه. لا يُمكن لشيهانة أن تتفوق عليه بأي حال.”

ارتسمت على شفتي مراد ابتسامة غامضة، ثم قال:
“جدتي، كيف لكِ أن تجزمي بذلك وأنتِ لم تطّلعِي على تصميمها أصلاً؟”

ردّت بثقة مفرطة:
“لأن الإبداع في تصميم لمياء لا يمكن إنكاره! الطريقة الوحيدة التي قد يكون فيها تصميم شيهانة أفضل، هي إذا أشرقت الشمس من الغرب!”

ابتسم مراد بخفة، ثم سأل بجدية:
“وماذا لو كان تصميمها فعلاً أفضل من تصميم لمياء؟”

ارتعشت جفون لمياء، وخفق قلبها بذعر مكتوم.

هل يُعقل؟ هل يمكن لتصميم شيهانة أن يتفوق على ما لديها؟

لا! مستحيل!
لكنها تعرف الحقيقة…
التصميم الذي تملكه الآن هو في الأصل من شيهانة.

كرهت لمياء الاعتراف بذلك، لكن التصميم الذي استخدمته مثالي، لأنه لم يكن نتاجها.
إنه من شيهانة.

ومع موهبة كهذه، لم يكن غريبًا أن يؤمن مراد بها.

ورغم ذلك، بما أن التصميمين كلاهما من شيهانة، فإن المسألة أصبحت مسألة توقيت.
من يُكمل مشروعه أولاً، سيفوز.

ولمياء تتقدم بخطوة…
وهي تملك دعم السيدة شهيب، التي ستضع العراقيل في طريق شيهانة عند كل منعطف.

كانت نيتها استخدام تصميم شيهانة لتنتصر عليها!

نظرت السيدة شهيب العجوز مطولًا في عيني مراد، ثم قالت:
“بما أنك تؤمن بزوجتك السابقة إلى هذا الحد، ما رأيك في رهان؟
إذا ثبت أن تصميمها أفضل من تصميم لمياء، سنرحب بها في عائلة شهيب، ولن نقف في طريقك إن أردت ملاحقتها مجددًا.”

ضحك مراد في نفسه بسخرية.
لم تكن المشكلة في قبول عائلته لشيهانة، بل في استعداد شيهانة لقبوله من جديد.

ورغم ذلك، فإن الحصول على مباركة العائلة لن يضر.

قال مراد بإيماءة هادئة:
“اتفقنا. ولكن ما الخدعة؟”

لم يكن ساذجًا.
كان متأكدًا أن جدته لا تقترح رهانات لمجرد التسلية.

وكما توقّع، قالت السيدة شهيب:
“إذا لم يكن تصميمها أفضل من تصميم لمياء، فلن يُسمح لك برؤية تلك المرأة مرة أخرى، وتعدني بالزواج من امرأة أخرى.
ليس بالضرورة أن تكون تالين، طالما أنها جديرة بحمل اسم شهيب.”

وقف مراد فجأة، وأجاب دون تردد:
“أوافق على الرهان، لكن دعيني أقول لكِ شيئًا يا جدتي… لن أخسر.”

قالت السيدة شهيب بقلق:
“يا مراد، أنت تُبالغ في تقدير تلك الفتاة! وإذا خسرت، ستفقد أسهُمك. كيف تُفرط بممتلكات عائلة شهيب بهذه البساطة؟!”

ردّ مراد بثبات:
“في الواقع، يا جدتي، لولا استهدافكم المتكرر لها من البداية، لما اضطُررت إلى منحها أسهُمي.”

سألت العجوز بغضب مكبوت:
“أتعني أن ما حدث كان خطأنا؟”

أومأ مراد بثقة:
“بالضبط. فكفوا عن ملاحقتها دون مبرر، وإلا سيتفاقم الوضع.”

كانت السيدة شهيب العجوز مصدومة.
لم تغضب، لكنها لم تتوقع أن يتحدث حفيدها معها بتلك اللهجة من أجل امرأة غريبة!

لطالما كان مطيعًا، يحترمها…
لكن الآن، انقلب في وجهها، كل ذلك من أجل شيهانة.

قال أخيرًا:
“قلت كل ما لدي. أرجو أن تنالوا قسطًا من الراحة. سأغادر الآن.”

وانصرف مراد.

لكن تلك المواجهة القصيرة، ما لبثت أن اجتاحت عائلة شهيب كالعاصفة، مخلّفةً صدمة كبيرة.

وفي الجهة الأخرى…

قالت لمياء بنبرة متوترة لتالين، ما إن ابتعدت السيدة شهيب:

“هل تصدقين؟ أعطاها نصف أسهم المختبر!”

صرخت تالين غير مصدقة:
“ماذا قلتِ؟! هل أعطى مراد تلك الحقيرة نصف المختبر؟!”

جميع الفصول من هنا

رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 225 الى الفصل 226

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top