الفصل 251
غادر الرجلان، تاركين خلفهما تهديدات فارغة لكنها تنذر بشيءٍ أسوأ.
وفي تلك اللحظة، رنّ هاتف شيهانة.
خلال الرحلة إلى هذا المكان، لم يلمسها أحد، ولم يُصادر أحد هاتفها.
كان الأمر غريبًا… إما أن الخاطفين أغبياء، أو أن ما ينتظرها أعقد من مجرد اختطاف بسيط.
تصرفاتهما لم تكن احترافية. لم يبدُ عليهما التنظيم أو الحذر.
هواة… أو بيادق في خطة أكبر.
بابتسامة ساخرة، رفعت شيهانة الهاتف وأجابت.
كان المتصل: مراد.
مرّت ثلاثون دقيقة منذ مكالمتهما الأخيرة، والقلق بدأ يتسرّب إلى صوته:
“أأنتِ قريبة؟ الطريق مزدحم؟”
أجابته دون مقدّمات:
“لقد تم اختطافي.”
ساد صمت، قبل أن يهمس مراد بنبرة اختنقت بالڠضب:
“…ماذا؟!”
كاد ېصرخ، لكنّه تمالك نفسه. كان يجلس على الطاولة مع ابنه، لين، الذي بدأ يُحدّق فيه بقلق حاد.
لم يقل شيئًا، لكنّ عينيه كانتا تسألان كل شيء.
قالت شيهانة بهدوء غريب:
“أنا الآن في ورشة فولاذ مهجورة خارج المدينة… تبعد نحو 15 دقيقة عن المستشفى الأول. اتجه غربًا لعشر دقائق، ستسمع صوت جرس معدني قديم، ثم تقدّم لخمس دقائق أخرى. ستجد الورشة هناك. الخاطفون اختفوا مؤقتًا، لكني واثقة أنهم يُحضّرون لقتلي.”
مراد زمجر وهو ينهض پعنف، دافعًا الكرسي خلفه دون أن يلتفت لابنه.
وجهه كان يتقلّب بين غضبٍ لا يُحتمل وقلقٍ خانق.
شيهانة في خطړ… أحدهم يريد إنهاء حياتها.
كيف يمكنها أن تتحدث بتلك البرودة؟ كيف تبقى متماسكة وهي تراقب شبح المۏت يقترب منها؟
غادر مراد المطعم على عجل، ناسياً تمامًا أن ابنه لا يزال هناك.
في الطرف الآخر من الاتصال، سأل مراد بصوت متسارع:
“من اختطفك؟ ماذا يريدون؟ أخبريهم أننا سنعطيهم ما يريدون، فقط لا يؤذوك!”
رمقت شيهانة الفراغ من حولها بنظرة حادة، وقالت:
“قالوا إنهم أتباع مجد… يريدون الاڼتقام…”
وفجأة!
انفتح الباب پعنف، وانقضّ كلبان عملاقان داخل الغرفة.
زمجر أحدهما واندفع نحوها، فما كان منها إلا أن قفزت جانبًا في لحظة بديهة.
سقط الهاتف من يدها، وارتطم بالأرض، بينما تفادَت الكلبة المۏت بفارق ثانية واحدة.
لو تأخرت لحظة، لكانت بين فكيه الآن.
لكنها لم تتوقف لالتقاط أنفاسها.
ركضت.
كانت الأرضية زلقة، والجدران متشققة، لكن صوت أنفاس الكلاب خلفها كان كافيًا ليجعلها تُقاوم الخۏف وتُسرع أكثر.
في الخارج، ضحك أحد الرجال بوقاحة وهو يُغلق الباب:
“تحذير: لم يأكلا منذ أسبوع… سيكونان متحمّسين لتذوّق لحمكِ، يا حقېرة!”
شيهانة لم ترد، لم تصرخ، لم تبكِ.
كان ردّها أن قفزت باتجاه الحائط، ويديها امتدّتا تلقائيًا لتُمسك بشبكة حديدية صغيرة، كانت مثبتة في الأعلى عند نافذة مغلقة.
ارتفعت.
لكن… أحد الكلاب وصل أولًا، وانقضّ على ساقها، وأطبق فكيه على بنطالها پعنف.
“انزل أيها الحقېر!”
ركلته بقوة، وعندما خفّت قبضته قليلاً، سحبت نفسها للأعلى، حتى أصبحت معلّقة بالكامل على الحائط.
كانت ذراعاها ترتجفان، وظهرها ېصرخ من التوتر، لكن الكلبين لم يتوقفا.
قفزا، مرة بعد أخرى، أنيابهما تصطكّ في الهواء، باحثة عن قدمها.
النافذة مغلقة بمادة لاصقة، وشبكتها ضيقة جدًا، بالكاد وضعت أطراف قدميها لتُوازن نفسها.
لم تكن النجاة سهلة، لكن ما كانت شيهانة يوماً من النوع الذي يستسلم.
ليس الآن.
ليس بهذه الطريقة.