في بيت امتلأ بالتوتر والعيون المترقبة، وجدت “إيلين” نفسها محاصرة بين قلبها وعقل من يظن نفسه وصيًا عليها. منذ رحيل والدها، عاد “أنس” من غربته الطويلة ليتولى زمام الأمور، لكنه لم يكتفِ بالحماية؛ بل فرض سيطرته على كل تفاصيل حياتهم، من قراراتهم الكبرى حتى أبسط اختياراتهم.
لم يكن الأمر سهلًا على إيلين، خصوصًا حين تعلق قلبها بـ”عمر”، ابن خالتها، الذي ترى فيه الحلم والحب والاهتمام، بينما يراه أنس مجرد شاب طائش لا يستحقها. مواجهة حادة بينهما تكشف عن هوة عميقة في طريقة فهم كلٍ منهما للحب والخوف والحرية. هي تراه متحكمًا يقيدها، وهو يراها متهورة تحتاج لمن يحميها حتى من قراراتها.
وبين الحدة والهدوء، وبين نظرات غامضة لم تفهمها، يختفي أنس فجأة عائدًا إلى روسيا، تاركًا خلفه أسئلة بلا إجابة، وقلوبًا مرتبكة لا تدري إن كان رحيله هروبًا أم تنازلًا.
لكن الصراع لم يكن مع أنس وحده، بل مع ذاتها أيضًا. لماذا تتمسك بعمر رغم كل ما تسمعه عنه؟ هل تحبه حقًا أم تتمسك بفكرة تغييره من أجلها؟ تحاول إقناع نفسها أنه مختلف معها، أنه سيتغير، أنه سيكتفي بها، لكن ظل الشك يرافقها كظل لا يفارق جسدها.
بين حب قد يكون وهماً، ورجل غامض يختبئ خلف صمته، تجد إيلين نفسها أمام رحلة لاختبار قناعاتها، مواجهة خوفها، وفهم ما إذا كان الحب يكفي لتغيير الأشخاص… أم أن بعض القلوب وُلدت لتبقى كما هي، مهما حاولنا.
يا ليل…
أنا بين اتنين قلوبهم مش زي بعض
واحد شايف نفسه سند وضلّي
بس ظله تقيل، بيكسر جناحي قبل ما أطير
والتاني…
نسمة دافية، بتضحكني وتفرّحني
بس ساعات بتحرقني زي الهوا السخن في عز القيظ
أنس…
هو الأمان اللي جاي من بعيد
حامل في إيده مفتاح البيت
لكن قبل ما يدخل… قفل كل الشبابيك
حامي؟ آه
بس الحماية لما تزيد عن حدّها تبقى حبس
والحب لما يتلفّ بحبال الخوف
يبقى زي وردة محبوسة في فازة…
شكلها حلو من برّه
بس جوّاها بتدبل
وعمر…
الولد اللي من صغري وأنا شايفاه ملاكي
بيضحكلي بعيونه قبل ما يحرك شفايفه
بيسمعني كلام يخلّي قلبي يدقّ أسرع
ويخلّيني أصدق إنّي الوحيدة في الكون
بس لما أفوق…
ألاقي الكلام ده لي ولسوايا
وألاقيه بيرسم نفس الحلم لغيري
بيقولوا لي: سيبيه… مش ليكي
بيقولوا: ده مش هيتغيّر
وأنا أقول: اللي بيحب بيتغيّر
يمكن غلط… ويمكن أنا اللي صح
بس قلبي عنيد
بيصر يمشي في طريقه حتى لو آخره هاوية
كل يوم بقف قدام مرايتي وأسألها:
هو أنا بحب عمر عشان هو يستاهل؟
ولا عشان نفسي أكون قادرة أغيّره؟
هو أنا شايفة الحقيقة ولا بغطيها بكلامه الحلو؟
والمراية…
تسكت، وتسيبني أتخانق مع صوت أنس جوا دماغي
صوته اللي دايمًا يقول: أنا فاهم أكتر منك
وأنا أصرخ جواه: لا!
أنا اللي بعيش قلبي، وأنا اللي أختار
بس في الحقيقة…
الخوف بياكلني من جوه
الخوف إني أكون غلطانة
الخوف إني أكتشف بعد سنين إنهم كانوا على حق
والخوف الأكبر…
إني أكون ضيّعت قلبي على وهم
يا ليل…
أنا مش بطلب كتير
عايزة أعيش
أحب وأتجرح
أفرح وأعيط
أختار حتى لو اختياري يوجعني
لأن الوجع اللي بإيدي… أهون من الوجع اللي يفرضه حد تاني عليّ
يمكن أنس مش فاهم
إني لما أختار بإرادتي… حتى لو خسرت
هتعلّم وأقوى
لكن لما أخسر وأنا مسلّمة زمامي لغيري…
ساعتها الخسارة بتبقى أنا نفسي
بين قلب أنس اللي بيخاف عليّ لدرجة الخنقة
وقلب عمر اللي بيحبني على طريقته اللي بتوجع
أنا واقفة في النص…
مش عارفة أخطو خطوة
ولا أرجع خطوة
وأقول لنفسي كل ليلة:
يا رب… أرشدني
إلى الحب اللي يحررني
مش الحب اللي يقيدني
إلى الخوف اللي يحميني
مش الخوف اللي يقتلني
رواية اشد اشيائي حبا الفصل الأول