رواية أحببته رغم جنونه الفصل 23 بقلم الباحث المفقود

رواية أحببته رغم جنونه

من خلال فجوة ضيقة، رأته… رائدها، متألقًا، محاطًا بهالة ضوء، كأنه نجم نزل من السماء.

نسيت جنى ألمها، نسيت عقلها، وبقي شيء واحد ينبض بداخلها: قلبها.

وسط هيجان الجمهور، وقفت عائلة تيمور كتماثيل صُعقت.
لكن رائد لم يلتفت لأحد.
سار بثقة، وكأنه يمشي على نغمة حب خفية، نحو فندق “بريز”، باقة ورد في يده.

توقّف أمام جنى، ونظر في عينيها،
ثم قال:
“من اليوم… سأبني لكِ عالمًا.”

بكلمات قليلة، عبّر عن عهد حب جديد…
وعد بحمايتها، وعدم تركها مجددًا.

جنى؟ لم تتمالك نفسها.
امتلأت عيناها بدموع السعادة، دموع أنستها كل الوجع.

كأنها عاشت مشهدًا من فيلم رومانسي…
فارس يرتدي درعًا ذهبيًا، قادم على سحابة من الألوان، يعدها بعالمٍ كامل.

كل خلية في جسدها ارتجفت…
كل ما رأته بدا كالحلم…
لكن الوردة كانت حقيقية، والمشهد حقيقي، ورائد كان حقيقيًا أكثر من أي وقتٍ مضى.

ببطء، رفعت جنى يدها، وقبلت الورود.
لحظتها… أدركت أن أكثر أمنياتها جنونًا، أصبحت واقعًا.

كانت جنى متحمسة إلى درجة أنها لم تستطع التفوّه بكلمة واحدة. اختنقت دموعها في مقلتيها، لكنها ابتسمت… ابتسامة سعيدة، ناعمة، كأنها تقول كل ما تعجز الكلمات عن التعبير عنه.

ثلاث سنوات من الزواج، ولم تعرف السعادة كما عرفتها في تلك اللحظة التي رأته فيها. رائد… مختلف.

حين رأى رائد ابتسامتها، ابتسم قلبه هو أيضًا. وكأن سعادتها أعادت إليه الحياة.

أما عائلة تيمور، فبقوا غارقين في الصدمة. لم يستفيقوا من ذهولهم بعد، وكأن الزمان توقّف حولهم.

تجاهل رائد نظراتهم المرتبكة، وطوّق خصر جنى بذراعه بثقة، ثم قادها نحو مقعد فاخر وجلس بجانبها كملكٍ جلس على عرشه.

ثم، نادى على النادل بصوتٍ لا يخلو من الكبرياء:
“أخدم.”

المدير، وئام، لم يكن يعرف من هو هذا الرجل المتألق. لكن وقاره وهيبته جعلاه يعتقد أنه الضيف الأهم في فندق بريز بأكمله.
فأسرع دون تردد يلبّي طلبه.

وفجأة، اقتحمت زَهْرَة المكان كعاصفة، وصاحت بغضب وهي تندفع نحوه:
“لماذا تطلب طعامًا؟ حبيبي لم يأتِ بعد!”

كانت لا تزال تحت تأثير الصدمة، لكنها بدأت تربط الخيوط في عقلها.
رائد قد يبدو الآن إمبراطورًا، لكن في نظرها؟
“الأحمق يبقى أحمق.”

زَهْرَة لم تستوعب التغيّر المفاجئ.
في عقلها، جاد فقط هو من يستطيع تدبير كل هذا.
هي على يقين أن جاد أراد إبهار الجميع، وربما استخدم رائد كـ”افتتاحية”، قبل أن يظهر هو بنفسه.

لكن رائد لم يرفع حتى نظره إليها. فقط أجاب بهدوء، كمن لا يأبه:
“لا شأن لي إن جاء أم لا.”

كلماته كانت كصفعة على وجه زَهْرَة، فصرخت بغضب:
“جاد هو الشخصية الأساسية! هو من دعا العائلة كلها! كيف تجرؤ على التصرف قبله؟!”

صوتها العالي أعاد أفراد العائلة إلى وعيهم.
فجأة، توحّدت أصواتهم… لا في الانبهار، بل في الازدراء.

“جاد هو من دعا الجميع.”
“من أنت لتتصرف وكأنك المضيف؟”
“أتظن أن ارتداءك لثياب أنيقة يجعلك سيدًا؟ من المؤكد أن جاد هو من جهّز لك كل هذا بدافع الشفقة!”

كانت السخرية تنهال عليه كالسياط.
كل من انبهر سابقًا بمظهره، عاد ليصفه بالأحمق.
بالنسبة لهم، لا ثياب ولا هالة فخمة تستطيع إخفاء “حقيقته” التي عرفوها سابقًا.

وهكذا، عاد رائد ليكون هدفًا للسخرية… من جديد.

لكن رائد لم يلتفت. رفع رأسه ببطء، وحدّق فيهم جميعًا وقال:
“عائلة كارم لا تملك السلطة للاستحواذ على فندق بريز بأكمله.”

كلماته كانت قنبلة!
سادت لحظة من الصمت، تلتها انفجارات من الغضب.

زَهْرَة، المصدومة الغاضبة، هرعت إليه تصرخ:
“من تظن نفسك لتتحدث عن عائلة كارم بهذه الطريقة؟!”

غادة، العجوز، تقدمت نحوه بنظرة صارمة وسألت:
“هل أنت من رتّب هذا الحدث؟ لا تخدعني!”

الكل صمت فجأة حين تحدّثت غادة.
كل العيون اتجهت إلى رائد، ينتظرون رده.

وبهدوءٍ لا يُكسره شك، قال:
“نعم. أنا من رتّب كل شيء.”

لكن الجواب لم يُقنعهم. بل أطلق موجة جديدة من السخرية.

“أوه، مرضه العقلي يعود!”
“أحمق يتوهّم!”
“تظن أن حدثًا كهذا يمكن لأي أحمق أن يُحضّره؟”

جنى، التي كانت تحلّق في عالمٍ من السعادة، عادت إلى الواقع القاسي.
عقلها بدأ يشك، لكن قلبها لا يزال يُصدّق.

نظرت إليه بجدية وسألته بنبرة مليئة بالرجاء:
“رائد… هل حقًا أنت من فعل كل هذا؟ لا تكذب عليّ.”

نظر إليها بحنان، وهمس:
“فعلته من أجلكِ.”

كان صادقًا، وكانت صوته يحمل من الطمأنينة ما لم تسمعه من قبل.

خفق قلب جنى بقوة.
لكن في الخلفية، كانت زَهْرَة لا تزال تُشكك وتُهاجم.

صفعت الطاولة، وصرخت:
“هذا هراء! سأتصل بجاد الآن!”

فتحت الهاتف أمام الجميع، وضغطت زر الاتصال، متعمدة جعل الجميع يسمع المكالمة.

رنّ الهاتف…
ثم جاء صوت جاد، مرتبكًا:
“أنا آسف، فندق بريز تم حجزه بالكامل. أُلغيت جميع المقاعد التي حجزتها. أحاول الآن إيجاد مطعم آخر. لا تقلقي، سأرسل لكِ العنوان لاحقًا.

بقلم الباحث المفقود

24رواية أحببته رغم جنونه الفصل 24

1 فكرة عن “رواية أحببته رغم جنونه الفصل 23 بقلم الباحث المفقود”

  1. Pingback: رواية أحببته رغم جنونه الفصل 22 – dreamses

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top