اليوم التالي، السبت
قضت جنى نهارها كاملاً جالسة في منزلها، لا تفعل شيئًا.
كانت روحها مثقلة، ومعنوياتها في الحضيض.
وبعد العشاء، عادت إلى غرفتها. وما إن استلقت على السرير حتى رنّ هاتفها فجأة.
كان الصوت على الطرف الآخر:
“جنى، اليوم موعد لقائنا نحن الأخوات الثلاث. لم تنسي، أليس كذلك؟”
كانت المتصلة زهرة، إحدى بنات عائلة تيمور، وصديقة الطفولة وشقيقة القلب.
منذ سنوات، كانت الأخوات الثلاث يقمن حفلًا سنويًا لمّ الشمل، حفلًا خاصًا بهنّ فقط، وقد اتفقن على أن من تجد حبيبًا، فعليها أن تُحضره معها.
في السنوات الأولى، لم يكن لأيّ منهنّ رفيق، فكانت الحفلة بريئة، مليئة بالضحك دون مقارنة أو منافسة.
لكن بعد زواج جنى وجين، أصبحت الحفلة كابوسًا بالنسبة لجنى.
زوجها، رائد، بدا دائمًا غريبًا عنها، بينما بدا زوج جين أكثر جاذبية وثقافة.
لم تكن مستعدة للمقارنة المهينة مجددًا.
لذا، ردّت دون تردد:
“لا أريد الذهاب. استمتعي أنتِ وجين.”
لكن زهرة قالت بسرعة، بنبرةٍ ماكرة:
“انتظري يا جنى! لا يمكنكِ تفويت الحفلة هذه المرة!”
أجابت جنى باستغراب:
“ولِمَ لا؟”
قالت زهرة بحماس:
“لأنني وجدت حبيبًا! سأحضره الليلة، وقد وافق. لا يمكنكِ الغياب الآن، من أجلي، أليس كذلك؟”
كانت زهرة قد وعدت من قبل أنها إن وجدت يومًا رفيقًا، فستُحضره ليقابل شقيقتيها المقربتين ويأخذ منهنّ الرأي.
والآن، وقد جاء ذلك اليوم، لم تجد جنى عذرًا مقنعًا للرفض.
تنهّدت ثم قالت:
“حسنًا… إلى أين نذهب؟”
أجابت زهرة بحماس:
“الساعة الثامنة مساءً، الجناح رقم (١) في نادي إمبريال. كوني هناك، أو اجلسي مكانكِ. ولا تنسي إحضار رائد!”
وأغلقت الهاتف فورًا.
رغم أن جنى لم تكن ترغب في الذهاب، لكنها لم تجد مهربًا، فاضطرت إلى النهوض وارتداء ملابسها.
وحين انتهت، خرجت من غرفتها ونادت على رائد الجالس في غرفة المعيشة:
“رائد، ستخرج معي لاحقًا.”
ردّ ببساطة:
“حسنًا.”
دون أن يسأل عن السبب.
نظرت إليه من أعلى إلى أسفل، ثم قالت باستياء:
“لماذا تبدو دائمًا بهذا الشكل غير الرسمي؟ ألا تمتلك ملابس لائقة؟”
فتحت خزانة الملابس، وسحبت بدلة جديدة تمامًا، لم تُستخدم من قبل، وألقتها عليه:
“ارتدِ هذه، ولا تتأخر!”
أخذ رائد البدلة، ودخل إلى الغرفة لتغيير ملابسه.
وبعد عشر دقائق، خرج.
فإذا به رجل آخر، وسيمٌ، أنيق، كأنّه نجم من شاشات السينما.
تجمّدت نظرات جنى عليه، لم تستطع تصديق ما تراه…
“هل هذا الرجل الساحر هو زوجي حقًا؟!”
تساءلت في سرّها بدهشة.
وحين شعر رائد بعينيها تلاحقانه، سألها:
“هل ثمة خطبٌ ما؟”
تلعثمت قليلًا، وحاولت استعادة رباطة جأشها، ثم قالت:
“لا شيء… هيا بنا!”
استقلّا سيارة جنى، وكانت هي من تتولى القيادة.
وفي الطريق، قالت له بتحذير:
“أرجوك، لا ترتكب حماقة أو تقول شيئًا غبيًا. لا تُحرجني أمام الجميع.”
كان القلق يعتصرها، فهي لم تكن واثقة من اصطحابه معها،
لكنه حفل الأخوات الثلاث، وقد وعدت بالحضور مع زوجها، فاضطرت لتنفيذ وعدها.
عند الساعة الثامنة إلا عشر دقائق، وصلا إلى موقف سيارات نادي إمبريال.
كان النادي فخمًا ومزدحمًا، يقصده أفراد الطبقة الراقية لقضاء أمسيات أنيقة.
استغرق الأمر من جنى قرابة دقيقتين لتجد مكانًا شاغرًا لركن السيارة.
وما إن استعدت للدخول إليه حتى ظهرت فجأة سيارة لامبورغيني فاخرة، اندفعت نحو نفس المكان بسرعة كبيرة.
لم يكن أمام جنى وقتٌ كافٍ للتراجع.
اصطدم الجزء الخلفي من سيارتها الأودي بجسم سيارة اللامبورغيني.
توقفت السيارتان فجأة.
خرج شابّ يرتدي أقراطًا من اللامبورغيني، وهرع نحو سيارة جنى،
طرق على نافذتها بقوة، وقال بنبرةٍ حادة:
“اخرجي من السيارة!”
بقلم سلمى
رواية أحببنه رغم جنونه الفصل الثامن عشر