رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 21 بقلم Fallen Angel

رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي

الحلقة 21

قاد يحيى سيارته كعادته كل مساء في طريقه إلى المنزل..فتح النافذه ليدخل بعض الهواء..فلقد مل طوال اليوم من الحُجر المغلقه و أجهزة التكييف..و بالرغم من حرارة الجو الا أنه فضل إغلاق التكييف الموجود بسيارته و ترك العنان لهواء المساء العليل ليدغدغ وجهه الوسيم ذو القسمات الرجوليه..و الذي تزينه اللحيه الخفيفه.. التي أطلقها منذ خمس سنوات مضت..حين تكالبت الدنيا على آماله و أحلامه و حتى أحبائه…

تحديدا بعد رحيل ليلى..لا.. لن يطلق عليه هروبا..فالهارب دوما يجد طريقه للعوده..أما ليلى فلقد انتزعت نفسها من بينهم..باتره أي خط للرجعه..

ففي تقاليد بلدهم و معتقدات والدهم… عودتها تعني ازهاق روحها لا محاله..لاعاده شرف العائله الذي تبدد بفعلتها…و هذا ما خبُرته ليلى جيدا..

لقد بحث عنها في كل الأمكنه..سأل عنها كل الصديقات و لكن بلا نتيجه..ليعود و يسأل في المحطه التلفزيونيه التي يعمل بها كِنان..ليتلقى الصفعه فقد سافرت معه إلى فلسطين في تلك الليله..مؤكده مزاعم ابن عمه و الشهود..

لكنه قرر ان يحتفظ بتلك المعلومه دون أن يشاركها مع باقي عائلته..ريثما يجد وسيلة للتواصل معها..و لكن باءت كل محاولاته بالفشل..ليتسنجد أخيرا بزوج خالته المقيم في فلسطين آنذاك و الذي فاجأه باخباره بأنه قام بتزويجها لكِنان بعد قدومهم إلى فلسطين بأسبوع موصيا اياه بعدم اخبار أي طرف في عائلته خوفا من احداث قطيعه بين زوجته و اختها خديجه..

و لم يتطوع زوج خالته بأي تفاصيل أخرى..متعللا بأن كِنان قد تم ابتعاثه لدوله عربيه في وظيفة اداريه..ومنذ وقتها انقطعت كل اخباره..

لم يكن يحيى مقتنعا بأن زوج خالته أخبره الحقيقه كامله..لذا عاد بالتوجه الى المحطه للسؤال عن كِنان..حينها أُطبقت كل الألسنه عن ابداء أي معلومات..و كأن هناك مَن طلب منهم عدم البوح بأي شيء يخص كِنان..متعللين له بأنها سياسة المحطه..

لم يبح يحيى بدور زوج خالته في تزويج ليلى..حتى لا يتسبب في قطيعه بين أمه و خالته إن وصل الخبر لوالده..لقد أخبره بأنها لجأت إليه و لم يستطع أن يتخلى عنها..و هذا ما في الأمر..فخالته و حتى ديما أنكرتا أمامه على الدوام معرفة أي تفاصيل اخرى..عدا أنها حضرت إلى بيتهم عند عودتهم الى فلسطين طالبة أن يقوم زوج خالتها بدور الوكيل في زواجها من كِنان..

لتسافر بعدها مع كِنان..دون أن تخبرهم عن وجهتها…ليعود يحيى و يطلب من زوج خالته معاونته في تتبع أثرها..فبالتأكيد سيكون اسمها موجودا عند أحد المعابر الفلسطيينيه..ليخبره زوج خالته بأنها لم تخرج عبر معبر رفح..و لربما اختارت السفر عن طريق المعابر الفلسطينيه الأخرى و التي يتحكم الجانب الاسرائيلي فيها..و من شبه المستحيل الحصول على أي معلومات عن طريقهم..

لتنقطع اخبارها جمله و تفصيلا..و كأنها لم تكن يوما اختا و ابنه في عائلتهم..لم يعد يراها سوى في عيني أخيه لؤي… الدائم السؤال عن أي جديد عنها..

أما والده فكأنه ارتاح من عبء تنفيذ القرار الذي يتحتم عليه فعله..ليبقى رجلا في نظر أهله و بلدته..

أما ما أثار حيرته دوما..هي تلك الحاله التي تملكت قلب والدته..بعد أن مضى على رحيل ليلى بضع أسابيع..قامت والدته باحضار كل متعلقاتها و التبرع بها إلى إحدى الجمعيات الخيريه..لتُعلن فيما بعد أثناء اجتماعهم على مائدة الطعام بأن ابنتها ماتت..مانعه أي منهم أن يذكر اسمها و لو بالخطأ…

أزاح عنه سيل الذكريات التي تقبض قلبه خوفا و قلقا على حال أخته..لم يرد الآن سوى الوصول إلى الفيلا و الاسترخاء بالقرب من حمام السباحة..و ابتسم متذكرا كيف تغلب على فشله في المحافظه على عقده مع الشركه الكوريه..

و لكن كما يقال رب ضاره نافعه.. فا هو الان أصبح حر نفسه و مالكا لأعماله دون اي رقابه من احدهم..

حينذاك كان مشغولا بايجاد ليلى..أما مالك فلم يكن تعافي بعد من حادث كسر قدمه..و لم تكن سلوى بكفائتها الحاليه..اما أنس فلقد أنهي يحيى شراكته معهم فور علمه بتورطه مع…… لم يشأ أن يذكر اسمها..فلقد درب عقله جيدا على تجاهلها حتى في ذكرياته…

لتقوم الشركه الكوريه بسحب عرضها حين لم ترق شركة يحيى الى النتائج المطلوبه منها..ليقوم يحيى بفض الشركه و التركيز في البحث عن ليلى و لكن دون جدوى…

حلت به حالة اكتئاب شديده..ليقبع في غرفته ليل نهار..غارقا في فشله على كافة النواحي..الاسره..العمل و الحب..و بعد فتره تحول الاكتئاب الى حالة من الغضب الشديد..و ايمانه بربه هو من منعه عن الانحدار الى مستنقع الخطأ..ليختار أن يكون مدونه لينفث فيها عن مكنونات غضبه..

ما لم يتوقعه هو نجاح تلك المدونه و زيارة الالاف من المتصفحين لها يوميا…فلقد لامس احباطه نفوس الكثير من الشباب الذين يعانون مشاق القدره على تحويل احلامهم الى واقع في ظل الكثير من التعقيدات الاجتماعيه و الماديه..ناهيك عن حال البلد بأسره…

ليقوم يحيى بتطويرها لتصبح من أنجح مواقع التواصل الاجتماعي و التي تتخصص في كل ما يعني شباب اليوم..من امال و احباطات و أهداف..تاركا المجال للشباب نفسه للتعبير عن تجاربهم..

لتقوم احدى الشركات الاجنبيه و التي تمول الاسواق ببضاعتها بطلب عرض اعلاناتها على موقعه..ليبدا يحيى في جني ثمار مجهوده و أفكاره..و ليوسع عمله و يؤسس شركته الخاصه بالبرمجه داعيا مالك و سلوى للعوده و العمل معه..بعد أن وقفت شركته على قدميها و ذلك بعد ثلاث سنوات مضنيه من العمل منفردا..أما الان فشركته تعد من أكبر الشركات في الوطن العربي بأسره….

فهذا حال سوق التكنولوجيا..يتوجب عليك فقط ايجاد تلك الفكره الفذه التي تستقطب اعجاب الناس..لتصبح من أصحاب الملايين..كما حصل مع مؤسس الفيس بوك..

صحيح أن يحيى لم يرتقي لنفس المستوي المادي و العالمي..و لكنه أصبح ميسور الحال في غضون السنتين المنصرمتين…

أضاء هاتفه النقال للمره الثالثه على التوالي..تأفف و أوقف السياره على جانب الطريق لتلقي المكالمه من هذا الرقم المجهول .

ضغط رد و أجاب..السلام عليكم .

المتصل..و عليكم السلام و رحمة الله .

سأل يحيى..مين معايا ؟

المتصل..أنا منير كامل..جاركو في العماره القديمه .

طرق يحيى بأنامله على مقود السياره متسائلا في نفسه..و ده عايز ايه..؟

قال يحيى..أهلا وسهلا يا أستاذ منير..أي خدمه أقدر أقدمهالك .

منير..أنا فعلا محتاج خدمه من حضرتك..و هتكون خدمة العمر بالنسبه ليا .

يحيى..اتفضل حضرتك .

منير..شقتكو القديمه…

قال يحيى بعد أن توقف منير عن الاسترسال في الحديث..مالها

أجاب منير..بقالها مقفوله فتره كبيره..و بسم الله ما شاء الله ربنا فتح على حضرتك و نقلت انت و العيله..فبصراحه طمعان في موافقه حضرتك إني اشتري الشقه..و أنا مستعد لأي مبلغ تؤمر بيه .

قال يحيى بتردد..هي الشقه فعلا مقفوله بقالها فتره..بس حاليا مقدرش أديك رأي نهائي..انت عارف الشقه دي مش ملكي..لازم استشير الحاج..

قاطعه منير..بس انت الكل في الكل يا باشا…

قال يحيى..طيب اديني يومين و هارد عليك .

قال منير..و هو كذلك…

أغلق يحيى الهاتف..و ألقى به على التابلوه..أدار محرك السياره مستعداً للانطلاق..و غير مستعدا بتاتا للمشاعر التي أثارتها تلك المكالمه في نفسه…

عادت فاتن الى البيت تجرل أذيال الخيبه..بعد يوم طويل من البحث عن عمل يناسب درجتها العلميه..فلقد تخرجت منذ أشهر و بدرجه الامتياز من كلية الألسن..و ارادت البدء في تخفيف العبء عن أخيها كِنان..الذي قام بتحمل مصاريفها طوال السنوات الخمس الماضيه…

بعد اتصالهما الأخير و الذي بدا فيه غاضبا منها و بشده..فاجأها باصراره على التواصل معها..لتعلم أن ليلى أخبرته بما حدث من اقامتها معهم و طرد والدتها لها و ثم ما حل بها لاحقا..لكن ما فاجأها انذاك هو هروب ليلى و زواجها من كِنان…و ما تبع ذلك من عواقب…

تنهدت واضعه المفتاح في باب الشقه..لتدلف الى الداخل مشتمه روائح تفتح الشهيه…

قالت من على الباب..تسلم ايدك يا احلى داده فالدنيا…

قابلتها رقيه بابتسامه حنون..الله يسلمك يا ضنايا ،ها ايه الاخبار عترتي فشغلانه..؟

فاتن بخيبه..للاسف كله بيقول سيبي الCV و هنكلمك لو احتجنا حد جديد..

ابتسمت رقيه..لتقول فاتن..الله..انتي مبسوطه اني رجعت ايد ورا وا يد اودام

ضحكت رقيه..شوفي البت..انا هافرح ليه يعني..بس حصلت حاجه انهارده و ان شاء الله هيكون فيها خير ليكي يا حببتي…

ألقت فاتن بمفاتيحها و حقيبتها على أقرب منضده..و سألت بلهفه..ها احكيلي يا داده..حصل ايه انهارده ؟

رقيه..طب الاول خشي غيري هدومك..عبال ما احضر السفره و ساعتها هاحكيلك التفاصيل فتفوته فتفوته

ابتسمت فاتن..حاضر يا داده..خمس دقايق و اكون جاهزه و انا اللي هاحضر السفره متتعبيش نفسك..

رقيه..تعبك راحه يا حببتي..ده لولا قعادكك معايا كنت طئيت مالوحده..بعد جواز بناتي و سفرهم مع اجوازهم يدوروا على رزقهم..دعيت ربنا ياخدني عنده عشان ارتاح من الوحده..لحد ما جيتي انتي و مليتي دنيتي عليا..ربنا ما يحرمني من طلتك دي ابدا…

فاتن بتأثر..بعد الشر عليكي يا داده..و بعدين ما امال و سحر بينزلو كل سنه بعيالهم و تعدي تقولي العيال جننتي..العيال ربتلي الخفيف….

ضحكت رقيه مقاطعه فاتن..ايوه..ده البيت بيتقلب مورستان..يلا الواحد يقول الحمد لله على كل حال..

قالت فاتن بتردد..اوعي تكوني يا داده رافضه تسافري و تعدي مع سحر عشاني..انا اقدر ادبر اموري..

رقيه..كلام ايه اللي بتقوليه..اروح عند سحر اعمل ايه..دي شقتهم يدوب واسعهم هي و عيالها..ولو جوزها تحملني يوم مش هيتحملني التاني..

فاتن..ايش معني انت متحملاني السنين دي كلها..

رقيه..اخص عليكي..بجد اخص عليكي..ده كلام تقوليه..متحملاكي..ده انتي دنيتي بحالها..

فاتن..مش قصدي يا داده..

رقيه..طب بذمتك لولا اعدتك معايا..كنت اقدر افتح اللي اسمه ايه السكايب ده و اكلم بناتي و احفادي وقت ما احب..مش كنت هستنى مالزياره للزياره كل سنه عشان املى عنيا منهم..ده انا خايفه لاكون حمل عليكي..مش العكس…

فاتن بضيق: اوعي تقولي كده يا داده..

ثم اضافت بمرح..حمل ايه..ده انتي خُف الريشه..حتي شوفي كده

تقدمت فاتن محيطه رقيه من وسطها..لتحاول رفعها عن الارض قائله..اهو زي ما قلت خُف الريشه

ضحكت رقيه..طب بطلي بكش و خشي غير هدومي عشان احكيلك الاخبار الحلوه..

فاتن..هوا..

جلست فاتن مع رقيه على مائدة الطعام..لتسأل فاتن..ها يا روكا يا جميل ايه الاخبار الحلوه بقى؟

رقيه..انهارده و انا عند جارتنا الست أم مالك..بتحكيلي عن مالك و ازاي جهز اخته احسن جهاز..

ابتسمت فاتن..اه.. مالك ده رجل المهمات الصعبه..

رقيه..ربنا يحميه..مش بيتأخر عننا في حاجه…

فاتن..انت هتقوليلي يا داده..ده مفيش حاجه عطلت هنا الا ما جه و صلحها بعد ما طبعا حضرتك تكوني اشتيكي لوالدته..تقوم هي بعتاه هنا عشان يساعدنا..

رقيه..من قلة حيلتنا يا بنتي..اصل الراجل بيفرق وجوده اوي فالبيت..ياما نفسي اشوفك عروسه تحت حماية راجل..

قاطتعها فاتن..ايه اللي وصلنا لهنا..احنا كنا بنتكلم عن الست ام مالك..مش عن حالتي الاجتماعيه..

رقيه..طيب يا غلباويه..انتي عارفه بقى ان ربنا فتحها عليه من فتره..و بقاله وضعه في شغله…

فاتن..ربنا يوسع رزقه يا داده..ده يستاهل كل خير…

رقيه..اها..دلوقتي لما انا حكيت لام مالك عن شحططك كل يوم بتدوي على شغل..قامت وعدتني هاتكلم مالك يتوسطلك عندهم فالشركه اللي بيشتغل فيها..دي بيتقول انهم هيفتتحوا فرع جديد و محتاجين موظفين

فاتن..ليه الاحراج ده بس يا داده..انا لما اشتغل عايزه يكون بمجهودي مش حسنه من حد..ارجوكي تكلميها تصرف نظر عن الموضوع..

رقيه باستياء..ليه كده يا بنتي..؟

فاتن :ارجوكي يا داده..انا مش بحب اتحمل جمايل من حد..حابه اعتمد على نفسي و اثبت جدراتي بدون اي مساعده من اي حد و ان شاء الله هاقدر

رقيه..حاضر يا بنتي..حاضر هاكلمها تاني و اقولها متجبلوش سيره..بس متزعليش نفسك كده..

ابتسمت فاتن..مش زعلانه و لا حاجه..و بكره اعتر فشغلانه كويسه متقلقيش نفسك..

استلقى يحيى على احد المقاعد المرصوصه بجوار حمام السباحه..ليأتيه اتصال اخر..

يحيى متمتما بضيق..انا قلت اقفلك احسن..

تطلع يحيى الى هاتفه..ليجد أن المتصل مالك..

رد يحيى..خير..لحئت اوحشك..ده مبقاليش نص ساعه سايب الشركه..

مالك..يا ساتر..امال لو تعرف اني دلوقت حالا..دخلت الى فيلا سيادتكم

هب يحيى من مقعده..ليه..حصل حاجه فالشغل..

مالك..لا يا هندسه..بس حبيت اغير جو من شلة النسوان اللي عندي..اصلهم قرروا يعملوا حفلة حنه و لا على راي اختي الصغيره حفلة عزوبيه لاختنا الكبيره في شقتنا المتواضعه..و الحاج فلسع عالقهوه..وانا قلت اما اارف اللي جابوك..

ضحك يحيى..طب يلا وريني جمال طلتك..لف من ورا..انا اعد عالبسين..

قدم مالك مرتديا البذله ذاتها التي حضر بها الى العمل اليوم..ليقول يحيى..فوت جوه الاوضه..

قاطعه مالك..عارف عاارف هو انا اول مره اجي هنا..هاخش اغير الهباب اللي هيخنقني ده

بعد دقائق عاد مالك مرتديا تيشرت و شورت مناسبين لجو الليله الحار، ليقول يحيى..الف مبروك لاختك و عقبال الباقي..

فلمالك خمس اخوات شقيقات..و غدا سيتم زفاف الشقيقه الكبرى..ليتبقى أربعه..ابتسم يحيى بمراره..فلقد اصبحت زيارة مالك لبيتهم من المسموحات بعد رحيل ليلى..فما عاد والده يعارض قدوم اصدقائه او اصدقاء لؤي..او ربما هو الحرج من يحيى..لانه من قام بدفع ثمن الفيلا..تنهد مفكرا بأن الوضع عند مالك ما زال على حاله..فوالده ما زال يرفض حضور اصدقائه الى البيت

مالك..الله يبارك فيك..

يحيى..ها لسه اهلك مش ناويين ينقلوا مالشقه دي بردو ؟

مالك..و الله غلبت اقنع فيهم..ماما مش قادره تسيب البيت عشان خالتي ساكنه جنبها و كمان الناس معارفها..بتقول مش هتقدر تعيش وسط ناس جديده وجو جديد..بس البنات هيطئوا و ننقل..

يحيى..مسيرها توافق..مفيش امر من زن البنات..اركن انت على جنب و سيب الباقي عليهم..

مالك..عموما لسه شويه عبال ما اوضب السكن الجديد..

يحيى..good luck .

ضحك مالك..الله انت اتعديت من سلوى و هتبتدي ترطن انجليزي..

ابتسم يحيى :اه صحيح..هتروح عيد ميلادها..؟

مالك..طبعا..ثم سأل بتردد..ليه هو انت مش ناوي تحضر الحفله…؟

يحيى بلامبالاه..مش عارف..مليش فجو الparties ده..

مالك مشجعا..خلاص هابقى اعتذرلها بالنيابه عنك

يحيى..طب كويس..و بالمره خودلها حاجه فايدك كادو مني يعني..

ضحك مالك مقلدا يحيى..خودلها حاجه فايدك..ايه يعني اجبلها كيلومشمش مثلا..اه لو تسمعك كانت هتديك كورس فالاتيكيت..

يحيى مبتسما: عارف من ساعة ما ليلى..توقف عن الحديث قليلا.. ثم أكمل..كانت هي اللي بتوصيني اجبلها ايه و كمان لامي و لديما..كانت عارفه اخوها ميح اازاي فالحاجات دي…

مالك..ربنا يطمنكو عليها..

أومأ يحيى مبتسما..اما مالك فقام بخلع التيشرت لينزل حمام السباحه..ممارسا رياضته الجديده..فمع تحسن حالته الماديه بشكل كبير منذ بدء عمله مع يحيى مره ثانيه..استطاع أن يؤمن ثروه صغيره و معها انبثقت هوايات جديده..سبح محتارا هل ثروته ستكون كافيه في نظر أهل سلوى عندما يحين الوقت ليتقدم لخطبتها..

لقد أجل مصارحتها بمشاعره لاسباب عده..في البدايه كان هناك الفارق المهول في المستوى المادي بين عائلته و ذويها..أما الان فلقد تحسن وضعه بشكل كبير..و السبب الآخر هو احساسه بأنها ما زالت تكن بعض المشاعر تجاه صديقه المقرب..و لكن يبدو أن يحيى ما زال على حاله..يراها كأخت و صديقه فقط

و في الفتره الأخيره أحس مالك بتغيير في نظرة سلوى له..مما زاد أمله في تحقيق حلم طالما تمناه و هو الارتباط بأول من دق لها قلبه..حبه الأول.. الذي لم يستطع أن يتخلص منه بالرغم من اختلاطه بالكثير الكثير من الفتيات سواء من الاقارب او زميلات العمل…

كانت تهم بالاستلقاء في فراشها..حينها جاءها اتصال والدتها انجي الشريف…

تنهدت فاتن..خير اللهم اجعله خير..

ردت فاتن..ازيك يا ماما…

انجي..كويسه..بقولك…

فاتن..اتفضلي..

انجي..الشقه القديمه بتاعتي..انا بعتها مع العفش و قبضت مبلغ حلو..

فاتن..اها و بعدين…

انجي..عايزاكي تروحي هناك و تجبيلي الهدوم بتاعتي…

فاتن..هدوم ايه..ده انتي سبتي الشقه دي من زمان..

تأففت انجي..متقاطعنيش..انا سايبه فيها كل ذكرياتي، الهدوم اللي كنت بلبسها فافلامي..انا بفكر اعمل عليهم مزاد و اكسب الشيئ الفلاني..بس مش وقته اما اعتزل ابقى افضى للتسالي دي..

فاتن..طب و انا هانقلهم ازاي..مش لازم اجيب عربيه..

قاطعتها انجي..خلاص انا هابعت حد من موظفين بودي يساعدك..بس انا مش هآمن عليهم غير معاكي..مضمنش الهدوم تتقطع و هما بيعبوها فالشنط..و لا يسرقوا منها..انتي اللي لازم توضبيهم و بعدين يحملوهم فالعربيه

فاتن..طب..انا كده هاحتاج مفتاح الشقه..

انجي..هابعته مع الموظف اللي هيساعدك فالنقل..بعدين المشتري عايز المفتاح..تعرفيه ده الراجل اللي كان ساكن فوقينا اسمه منير كامل تفوتي عليهم و تديه المفتاح..او اي حد موجود تبعه..ده بعد ما تخلصي نقل الحاجه..

انجي..اوك يا حبي..

فاتن..اوك..

اغلقت انجي الهاتف..دون حتى أن تتمنى ليله سعيده لابنتها..ابتسمت فاتن بسخريه..ثم تمتمت..معلش هي مهما عملت هتفضل أمي و انا قررت من زمان اني اسامحها..

تحديدا حين فهمت أمور دينها بشكل جيد..فالأبناء ملزمون بحسن معاملة اهلهم مهما اقترف الاهل من ذنوب..أو حتى اساءوا اليهم كما فعلت انجي ليلة طردها لفاتن ثم عدم سؤالها عن ابنتها و كأن أمرها لا يعنيها..

تناست فاتن تخلي والدتها عنها..بعد أن مَن الله عليها بمحبة أخيها كِنان و رعايته لها..قامت وقتها بمحادثه والدتها..و التي تلقت مكالمتها بلامبالاه و كأنها لم تقلق على أحوالها البته…

و لكن فاتن أصرت على الاستمرار في التواصل مع انجي..لتعود العلاقه من جديد بينها و بين والدتها..صحيح أنها دوما المبادره في الاتصال و الاطمئنان و لكن لا يهم فهذا واجبها..

أو كما حدث هذه الليله..تبادر انجي للاتصال إن احتاجت خدمه من ابنتها…

دلفت رقيه الى الغرفه مستفسره..سمعت صوت تليفونك..مين اللي بيكلمك السعادي..؟

فاتن..دي مااما..

رقيه..و بتكلمك السعادي ليه..يكونش جوزها طلقها..

هزت فاتن رأسها نافيه..لتقول رقيه..الا جوزها ده يطلع رقم كام…

ضحكت فاتن..ده يمكن رقم خمسه او سته..شوفي من بعد ما جيت اعيش هنا..اتجوزت رجل اعمال عربي يعني فتره قصيره و بعدين طلقها بس خدت منه هبره كويسه..قدرت تشتري شقه و عربيه و تزبط امورها..بعد كده اعتقد اتجوزت المنتج الخليجي بتاع مسلسل لا تزهق روحي..و انفصلوا..و دلوقتي حاليا جوزها بودي ده رجل اعمال برده..مع ان شكله ميطمنش خالص..بس جوازهم فالسر..

رقيه..ربنا يهديها..بس خدمة ايه دي اللي عايزاها منك ؟

روت فاتن ما طلبته منها والدته..لتتمنى رقيه لها ليله سعيده..و لكن لم تكن ليله سعيده على فاتن..فقد أثار طلب والدتها ذكريات كثيره ودت لو استطاعت يوما أن تمحيها من قلبها..

أرتدت ديما ملابسها الفضفاضه و أحكمت وضع حجابها المحتشم..و نزلت الدرجات لتلتقي بوالدتها المنتظره

قالت والدتها راويه مبتهجه..أيوه كده يا حبيبتي.

قالت ديما بتهكم..انتي مبسوطه باللبس ده عشان خاطر ابن أخت حضرتك..مش كده.

قالت راويه بجديه..ربنا يسامحك..بس فيها ايه مش يمكن يكون السبب إن ربنا يهديكي.

قالت ديما بعصبيه..يهديني..ليه هو انتي شايفاني عاصيه .

قالت راويه مستدركه..يوه يا حبيبتي..مش قصدي..أقصد يعني تلتزمي أكتر.

قالت ديما ضاحكه..و الله انتي طيبه اوي يا ماما..و ابن أختك ده عمري ما هيبُصلي..انتي أصلك مش مستوعبة كمية البنات اللي حواليه و لا بتشوفي البدع اللي بيعملوها فنفسهم .

قالت راويه بهدوء..آه..بس البنات دول ميعرفوش إنه عايز زوجه محترمه و متدينه..مش واحده فلتانه .

قاطعتها ديما قائله..و البركه فخالتي..بتقولك أخباره أول بأول..بيحب ايه..مبيحبش ايه .

راويه..دي بتحبك اوي..و بتعتبرك زي بنتها تمام.

ديما متأففه..بنتها ايه..بعد الشر عليا.

قالت راويه بعتاب..اخص عليكي..و يعني هي كان فايدها ايه تعمله .؟

ديما..كان فايدها تحس بيها و تاخد موقف .

راويه..ممنوش فايده الكلام ده..و حسك عينك لسانك يقول كلمه كده و لا كده عن الموضوع ده..انتي عارفه انها من زمان معتبراها ماتت..
تنهدت ديما..ربنا يهديها…

فتحت خديجه الباب مستقبله أختها وابنتها بترحاب شديد .

خديجه مقبلة ديما..بسم الله ما شاء الله..الحجاب زايدك نور و جمال يا ديما يا حبيبتي .

ردت ديما باقتضاب..ربنا يخليكي يا خالتو .

فخالتها و منذ ارتداءها للحجاب بشكل اكثر التزاما..لا تفوت فرصه لمدحها هي و حجابها..لم يكن ذلك مزعجاً لديما..و لكن ما يزعجها هو تلك الخطه التي تحيكها خالتها بالتضامن مع والدتها للتقريب بينها و بين يحيى..فمنذ اجازتها قام يحيى بعرض العمل عليها كنوع من التدريب قبل تخرجها..فالبدايه رحبت جدا و شكرته ممتنه..خاصه و أنها فرصه جيده في ظل تزايد البطاله بين الشباب..ففرص حصولها على عمل و بشركه مرموقه كشركة يحيى يُعد من المستحيلات..و لكن بعد فتره أيقنت أنه قدم لها ذاك العرض بالإيعاز من والدته.

سألت خديجه باهتمام..ايه مالك..اوعي يكون الواد يحيى عمل مدير عليكي و زعلك فحاجه ؟

أجابتها ديما على الفور..طبعا مش مزعلني و لا حاجه..و هو المدير و أكيد من حقه يعمل مدير عالكل و أنا أكيد من ضمنهم…

دلف يحيى إلى الفيلا بعد أن ارسلت والدته في طلبه..ليقابل بترحاب شديد من خالته راويه..حياها بترحاب مماثل..ثم توجه بنظره إلى ابنة خالته ديما و قال..ازيك يا ديما ؟

قالت ديما مبتسمه..الحمد لله..و ازاي حضرة المدير..اوعى يكون كمان هنا في شخت و أوامر.

ضحك يحيى و قال..حرام عليكي..أنا بشخط برده.

ابتسمت ديما و قالت..امال صوت مين اللي كان طالع فالاجتماع انهارده .

لكزت راويه ابنتها وقالت..الله مش لازم ياخد باله و يشد عالموظفين و الا محدش هيشتغل بضمير.

قالت خديجه..انت هتفضل واقف..تعال اعد مع خالتك و ديما شويه .

يحيى..معلش..اصل مالك بره..مش هاقدر اسيبه لوحده .

غادر يحيى لتقول خديجه..يا ما نفسي افرح فيه و اشوف ولاده بيتنططوا حواليا كده و يرجع البيت يتملي علينا من تاني…

ديما بتردد..صحيح يا خالتو..هو لؤي هيرجع امتى ؟

خديجه بامتعاض..بيقول انه معروض عليه فكرة برنامج جديد لقناه هنا..بس لسه عايز يتفق معاهم على اجره..اصلهم بيدوه فالقناه العربيه اجر كبير..فمش عايز يتسرع و يسيب هناك..الا اما يتأكد الاول انه وضعه هنا هيكون احسن..

راويه..ربنا يوفقه..بس عايزينه يعمل برامج هادفه..و ان شاء الله يبقى اكبر مذيع فيكي يا مصر..

خديجه..تسلمي يا حببتي.. و ربنا يهديه و يعمل كده بدال برامج الهشك بشك اللي بيعملها..

ديما معترضه..حرام عليكي يا خالتو..ده برنامجه حلو و بيناقش مشاكل الشباب…فين الهشك بشك ده

ضحكت خديجه..اه منك انتي..دايما بدافعي عنه..مع انكو عاملين زي ناقر و نقير…

راويه..اه..على عكس يحيى..تحسي انهم متفاهمين اوي…

خديجه..فعلا..و لايقين على بعض…

ديما مقاطعه و محاوله تغيير مجرى الحديث: امال فين عمو عبدالرحمن..؟

خديجه..اه.. فكرتيني..انا لازم اديه الدوا..احسن ده بينسى…

انصرفت خديجه مسرعه..لتقول ديما بغيظ..و النبي يا ماما تبطلي تشجعيها على موضوع يحيى..ده لو شم خبر هيبقى احراج جامد ليا…

راويه..طب يا ريت.. خليه يتحرك..

ديما باستسلام..آخ يا ربي..مفيش فايده

بعد مغادرة مالك..توجه يحيى الى شرفة الفيلا و التي يجلس فيها والده برفقة والدته..ليخبرهما عن موضوع الشقه..

عبدالرحمن..طالما الاستاذ منير ربنا فتحها عليه و عايز يأمن سكن لاولاده جنبه يبقى على بركة الله..بس الاول نكلم عمك عز لانه زي ما انت عارف نص الشقه باسمه

يحيى..اه طبعا هنديه خبر..بس الاستاذ منير شكله كلمك فالموضوع..؟

عبدالرحمن..ده زمان..كان بيقول انه عايز ولاده تفضل جنبه لما تتجوز فاكيد عايز يشتري الشقه عشان حد من ولاده يسكن فيها..

يحيى..تمام..كده انا هاكلم عمي و اتفق معاه باذن الله…

عبدالرحمن..لا متتعبش نفسك..انا خاطري اروح البلد اغير جو و بالمره ابلغه بعرض الاستاذ منير

خديجه..طيب..و العفش اللي فيها ؟

يحيى..انا هاخلي حد ينقله..ونشوف جمعيه خيريه من بتوع تزويج الشباب و نتبرع بيه..

خديجه بتردد..بس في حاجات كنت عاينها هناك..

قاطعها يحيى..خلاص يا ست الكل..قوليلي عايزه ايه و انا هاروح بكره و اجبهولك مالشقه

خديجه بتردد..متتعبش نفسك..انا هاخطف رجلي بكره واروح اجيبهم..

يحيى..ده معقول يا ماما..انتي تعدي مرتاحه و احنا كلنا نتعب و نتبهدل عشانك يا جميل..

ابتسمت خديجه..طب ابقى فكرني بكره الصبح اقولك مكانهم فين بالظبط عشان متتعبش و انت بدور

يحيى..و هو كذلك…

يتبع…

كاملة من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top