رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل 22 بقلم Fallen Angel

رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي

الحلقة 22

وضعت فاتن اخر قطعه من الملابس الخاصه بوالدتها في الحقيبة..ثم أغلقتها باحكام..واضعة اياها بالقرب من الخمس حقائب الأخرى و المملوءه أيضا بملابس انجي الشريف..أخرجت هاتفها لتطلب رقم السائق الذي أوصلها إلى الشقه..ليصعد و ينقل الحقائب في السياره..

بعد دقائق..صعد لتقوم فاتن بمعاونته على احضار الحقائب من داخل الشقه و ايصالها الى باب المصعد..

قالت فاتن..طب نزلهم تحت فالعربيه..عبال ما اطلع للاستاذ منير..اديه المفتاح..

أومأ السائق..و استدارت فاتن لتصعد الى الطابق العلوي..لتتوقف حين سماعها صوت باب الشقه المقابله يُفتح من الداخل..وقفت مسمره لثوان..مرتعده من مقابلة أيا من اصحاب الشقه و تحديدا ذلك الماثل أمامها الآن بأعين تحتلها المفاجأه…

تسمرت فاتن في مكانها ،غير قادره على الحركه، تشابكت نظراتهما و كأن الزمن عاد بهم حيث بدآ..عندما عاونها في تركيب تلك الانبوبه..و كان اللقاء الأول..و تساءلت هل سيكون الان لقاءهما الأخير..فلقد مضت خمس سنوات منذ رأته آخر مره..لذا ارادت ان تشبع نظرها منه..فلربما ضَنّت عليها الايام بصدفه اخرى تتيح لها رؤيته..تفحصته خجلى..مازال كما عهدته جادا في هيئته و وسيما بمعنى الكلمه..تتدفق منه امارات الهيبة و الرجوله..و لكن شيئا ما تغير..

وضع يحيى الحقيبه التي أخبرته والدته باحضارها جانبا..ثم أغلق الباب..مديرا وجهه عنها..أراد أن يلتقط أنفاسه..التي تسارعت بقوه حين بصُرتها عيناه..لم يكن يتوقع حين رؤيتها مجددا ان تبعث فيه كل تلك الاحاسيس القويه مره أخرى..لقد ظن أنه استطاع التغلب على مشاعره تجاهها..مكونا واقعا خاليا حتى من ذكراها..صحيح انه لم يستطع السيطره على احلامه بنفس القدره التي سيطر فيها على واقعه..و لكنه اعتقد أنها مجرد احلام ليس لها أي قيمه..

أما الآن لو اتيحت لاحلامه هبة النطق لكانت تحدثت ساخره..مليش قيمه..ها..يا ما قلتلك قلبك مش بايدك..و لا عمرك هاتقدر تسيطر عليه…

تمالك يحيى نفسه..ثم استدار عازما على مواجهتها بكل برود…

قال يحيى بنبره تحمل في طياتها الكثير من اللامبالاه..صدفه غير متوقعه..مع انه كان لازم اتوقعها..الاستاذ منير قال انه اشترى شقتكو انتو كمان..

فاتن دون مقدمات..انت تخنت و لا خسيت ؟

يحيى..نعم

فاتن..اقصد انك اتغيرت… بس ازاي..مش عارفه…

تنهد يحيى فعفويتها من احدى المزايا التي جعلتها تتغلل داخل قلبه فيما مضى..لذا حاول الا يظهر تأثره بها الان فقال بسخريه..تحبي اخدلك لفه كده عشان تعرفي ؟

فاتن بابتسامه خجول..اه.. عرفت..هي الدقن..ربيت دقنك..عشان كده شكلك متغير..

تلمس يحيى ذقنه لا اراديا..ثم قال ببلاهه..اها فعلا ربيت دقني

ضحكت فاتن برقه ثم قالت بحرج..طب عن اذنك بقى..

يحيى..استني..

فاتن…..

تلاقت نظراتهما مره اخرى..ليعودا و يخفضا بصريهما باحثين في نفس الوقت عن الشيء ذاته…

و تمنى يحيى لو انه انصت الى كلام والدته و ارتأى عروسا يخطبها..لما كان الان عرضه لنظرة الصدمه التي تملأ عينيها..

لقد فطن لما تبحث عنه كيف و هو الشيء ذاته الذي اوقفها من اجله..اراد ان يعرف ما حل بها في السنوات الماضيه..هل اكملت دراستها..هل عادت للعيش في كنف البغيضه والدتها..و لكن الشيء الاهم انه اراد معرفة اذا ما كانت ارتبطت باحدهم..لذا اخفض بصره باحثا عن اي اثر لخاتم في يدها اليسرى او اليمنى..كما فعلت هي الشيء ذاته قبل قليل..

طال الصمت..لتقول فاتن بحرج..انا لازم اطلع ادي المفتاح للاستاذ منير..

يحيى مقاطعا..بس انتي متغيرتيش نهائي..

فاتن بمعنى..لا مش صحيح..انا اتغيرت اوي

يحيى و قد فهم تلميحها..اتمنى يكون التغيير ده للاحسن

تنهدت فاتن و اعادت بسرعه برمجه قلبها..و الرجوع الى العقل..فالماثل أمامها لم يغير نظرته لها..لذا عليها هي أن تغير نظرة قلبها تجاهه..عضت على شفتيها نادمه فلقد فضحتها مشاعرها قبل قليل..ماذا ظنت..هل ظنت أن ترى الحب و اللهفه في عينيه لها..غبيه..

لذا رمقته بنظره غاضبه علها تنسيه نظرة اللهفه التي بثتها عيناها قبل قليل تجاهه..ثم قالت ببرود..عن اذنك..

وقف مراقبا لها و هي تصعد الدرجات..لتلتفت على حين غره ثم تعود لتشيح بنظرها مهروله في صعودها حتى غابت عن ناظريه..وليلعن نغسه الضعيفه التي فضحت مشاعره..

وتمتم..كان لازم تقف متنحلها كده..حبكت يعني… اديها علمت عليك تاني..

لمحت فاتن في طريقها لركوب السياره احدى الاعلانات المعلقه على باب البنايه..مطلوب للعمل كاشير في السوبرماركت القريب من البنايه..

فكرت قليلا..ثم قالت للسائق..طب يا اسطى وصل الحاجات لماما..انا ورايا مشوار قريب من هنا..

السائق..تحبي استنى سعادتك..

فاتن..لا مفيش داعي..

غادر السائق..لتتوجه فاتن الى مبنى السوبر ماركت..سائلة في الداخل عن تفاصيل الاعلان..لتحول الى المدير

داخل غرفة المدير..جلست مستعده لاجراء مقابله سريعه..قال المدير..حضرتك بتعرفي تمشي امورك فالكمبيوتر و الحاجات دي

فاتن..طبعا..حضرتك انا خريجه كلية الالسن..

تنهد المدير و قال بدهشه..و جايه تشتغلي هنا..

فاتن بحرج..يعني عبال ما الاقي فرصه تناسب درجتي العلميه..

المدير ببشاشه..طب و الله ما انا كاسفك بما انك اول حد يجي للشغلانه..انا هاجربك اسبوع..لو مشي الحال..تبقي انضميتي لاسرتنا المتواضعه..دلوقتي هاعرفك عليهم..

تبعته لتتعرف على باقي الموظفين و لحسن حظها كانت من ضمنهم احدى الفتيات..ووالتي اعطتها نبذه سريعه عن كل متطلبات العمل..

طوال طريق العوده..فكر يحيى جديا في اكمال نصف دينه..و اسعاد قلب والدته..و الأهم أن لا يقع مرة اخرى في ذاك الموقف المحرج..فالآن ستظن فاتن أنه ما زال معلقا بها..يأبى الارتباط لان ما زال حبها يستوطن في جدران قلبه

لقد رآها..نظرة الانتصار في عينيها حينما نظرت الى انامله الخاليه من اي مظاهر الارتباط…

و لكن بمَن..والدته ما فتأت تلمح منذ فتره..بابنة خالته ديما..ابتسم يحيى..ربما لو خَبُر لؤي نوايا والدته لنزل و بسرعه عن برجه العالي مترجيا ديما أن تغفر له سوء معاملته و حماقته..

ربما عليه الاقدام على تلك الخطوه من اجل تحريك المياه الراكده بينهما..لسوف يتلذذ يحيى باثاره حنق اخيه الاصغر..و لكنه لا يستطيع ان يتورط في لعبه كهذه حتى و ان كانت نيته خيرا..فلربما اساء لؤي الظن به…

فليومنا هذا..ما زالت كلمات الحب التي بثتها فاتن لاخيه..ترن مدويه في اذنيه مخترقه أحلامه الكئيبه..مع ان هدف لؤي كان بكشف حقيقتها له ليس الا…و لكن ما زالت تلك الذكرى مؤلمه للغايه..ان تفضل محبوبتك اقرب الناس اليك غير عابئة بالنتائج…

نحاها عن تفكيره..فلا وقت لديه للفاتنات المخادعات..عليه أن يبحث عن فتاه يستطيع استئمانها على اسمه و بيته..نقر على مقود السياره..مفكرا بتردد..سلوى…

و لكنها لا تحرك فيه اي مشاعر خاصه..شخر ساخرا ثم تمتم..و مين غيرها قدر يحرك مشاعرك..يمكن الحب ده مجرد رغبه بنزوءها بكلمات منقمه..امال ايه اللي مخليك لغاية دلوقتي بتحن ليها..واحده باخلاقها ايه اللي ممكن يعجبك فيها اصلا..فعلا..دي رغبه و بس..طب عملت ايه عشان تتناساها..اديك سايب نفسك عرضه للفتنه..يبقى لازم اخد خطوه فعليه و كفايه مماطله..

جالت سلوى بنظرها بين الحضور..لتقول شيرين..ايه حبيب القلب لسه مجاش ؟

سلوى..يوووه مش هتبطلي تريئه بقى

شيرين..اقولك..تعالي نقعد و اسمعك كام كلمه حمضانين من اللي يعجبوا قلبك…

سلوى..حاضر..ما انا عارفاكي مش هترتاحي الا اما تديني الموشح اياه

جلست الفتاتان على المقاعد المنتشره في حديقة فيلا منصور..و التي زُينت خصيصا لحفل ميلاد سلوى..

قالت شيرين بعد أن ابتعدت احدى المهنئات عن ناظريهم..دلوقتي ادامك طريقين..طريق مضمون مليون الميه و التاني غامض و مفيش فيه بصيص نور..تختاري ايه..؟

سلوى..اه بس يا ربي.. هاخدك على اد عقلك.. اختار الطريق المضمون…

شيرين..طيب..عندك مالك جدع و راجل اوي و بيتمنالك الرضى ترضي..اديه فرصه و سيبك مالاوهام اللي ضيعت من عمرك سنين…

سلوى..انتي اللي بقتولي الكلام ده..مش فاكره اما كنتي بتشجعيني ازاي ادافع عن حبي..نسيتي الايام دي

شيرين..مش بس نسيتها..لا ده مسحتها باستيكه كمان..و اديكي شايفاني ربنا بعتلي زوج بيتمنالي الرضا ارضى..صحيح الاول مكنتش بحبه و كانت جوازه و السلام لكنه معاملته الطيبه معايا و حبه ليا خلاني غصب عني احبه و انسى اي حد تاني كنت معلقه نفسي بيه عالفاضي..صدقيني انا لما بفتكر نفسي زمان بحزن عليا اوي..ساعات الواحد بيعمل حاجات لو رجع بيه الزمن بيتمنى انه يغيرها..انا بجد في حاجات كتير ندمانه عليها و كلها اتعملت تحت مسمى اني ادافع عن حبي..بس كله كان وهم و خلاني خسرت صورتي ادام نفسي و عملت حاجات مكنتش متصوره اني اعملها

سلوى..انا نفسي اعرف مين ده اللي عمل فيكي كده

شيرين متهربه..سيبك مني..خليني اكمل البؤين بتوعي

صمتت لحظه ثم اضافت..الحب تصرفات..افعال..راجل ياخد خطوه عشان تكوني له..مش اني اعد حاطه ايدي على خدي و استنى اما يحن الفارس و يتنازل عشان انول الرضا…و في السكه اضيع احلى سنين عمري و يا عالم لو حتى انا فباله اصلا..

سلوى بامتعاض..يعني انتي شفتي مالك خاد خطوه..ما هو رجل بتقدم و التانيه بتاخر..اروح انا اطلب ايده يعني….

شيرين..لا طبعا..بس لمحيله..اديه الضوء الاخضر زي ما بيقولوا..اصلا مش بعيد يكون هو حاسس بمشاعرك ناحية يحيى و يمكن ده اللي معطله انه ياخد خطوه

سلوى..مش عارفه..انا فعلا بتعجبني فمالك رجولته و طيبة قلبه و اهتمامه بيا و خوفه عليا..

قاطعتها شيرين..كووووول ده..انتي بتقولي فيه شعر اهو..تصدقي انا حاسه انك بتحبيه بس مش قادره تعترفي لنفسك انك كنتي طول السنين اللي فاتت عايشه فوهم..

سلوى..وهم ايه يا فيلسوفه..؟

شيرين..وهم حبك ليحيى..صعب اوي لما نضيع سنين من عمرنا مؤمنين بحاجه..مش سهل علينا نيجي بعد كده و نعترف بغلطنا..متكابريش يا سلوى..و ادي اللي شاريكي فرصه..تعرفي انتي اصلا ويحيى عمركو ما هتنجحوا مع بعض

سلوى بامتعاض..ليه بقى ؟

شيرين..عشان انتو الاتنين شخصيات قياديه..يحيى طبعه حامي محتاج واحده تهاوده مش تُقفله عالواحده..و انتي محتاجه راجل مَرِن..و مالك شخصيته مَرِنه و متفاهم و مستعد يتنازل و….

قاطعتها سلوى..طب هس هس..مالك اهو جاي ناحيتنا..

تقدم مالك و الابتسامه تزين ثغره..مالئة عينيه السودوان بدفء مطمئن..اقترب من مائدتهما قائلا بحراره..عيد ميلاد سعيد لارق بشمهندسه فالدنيا….

ضحكت شيرين برقه و قالت..و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..مش ترد السلام الاول

لكزتها سلوى..لتقول شيرين..انا رايحه اشوف بنتي المفعوصه دي اختفت فين..

نهضت من مقعدها..ليقول مالك..ازيك يا بشمهندسه شيرين..عاش مين شافك…

شيرين..انا كويسه..و انت شكلك ميه ميه..حلو اوي النيو لوك اللي انت عامله ده..

ابتسم مالك..لتقول سلوى..لا ده من زمان..مع اني ما زلت معترضه..اللوك الكيرلي كان مخليك كيوت خالص على فكره..

تنحنح مالك..لتقول شيرين..لا بس لوك الجيش ده مديه هيبه ورجوله كده..

مالك متصنعا الجديه..هريتو فروتي وانا واقف.. ثم أضاف بابتسامه..لاده فعلا هريتوا فروة راسي..

ضحكت الفتاتان..لتقول شيرين..طب عن اذنكو اما اشوف تالا فين..و متنسيش يا سلوى تدي مالك حته من الجاتوه الاخضر..ها….

رمقتها سلوى بنظره محذره..لتنصرف مسرعه..

جلس مالك على المقعد بجوارها قائلا بعد أن وضع صندوق مغلف بشرائط الهدايا على المائده امامهما..عقبال مليون سنه يا رب.

سلوى..ميرسي اوي..تعبت نفسك..

مالك..طب افتحي و شوفي جبتلك ايه..

فتحت سلوى الصندوق..متفحصه محتوياته..لتمسك بعقد ذهبي مزين بفصوص خضراء..ترافقه اسوره انسيابيه تحتوي على نفس الفصوص..لتقول..الله..ده تحفه..تسلم ايدك..بس ده كتير اوي..

مالك..المهم يكون عجبك..

سلوى..طبعا..ده رقيق جدا..أنا هالبسه اهو

مالك بعد أن ارتدته..و لايق كمان عالفستان..

ابتسمت سلوى..اه صحيح..صدفه حلوه..دلوقتي هيبقى تحفه فالصور…

مالك..امال امتى بقى هتقطعي التورته..؟

ارتبكت سلوى و قالت..ها.. كمان شويه

ثم سألت متصنعه اللامبالاه..امال يحيى..فينه عنك..

تكدر مالك..ثم قال محاولا اخفاء مشاعره..يحيى مقدرش يجي و بيعتذرلك..و بعتلك دي معايا.

اخرج مالك من جيبه..زجاجه من العطر..قائلا..اتفضلي..

سلوى بخيبه..متشكره..

تنهد مالك ثم قال بتردد..ممكن اسألك سؤال خاص شويه..ده لو مش يدايقك اني اتطفل على خصوصياتك..

سلوى: اتفضل طبعا..تطفل ايه ده انا بقضي وقت معاك انت و يحيى اكتر ما بقعد هنا ويا اهلي و اخواتي…

مالك محاولا عدم الانزعاج من وضعها له في نفس الدرجه مع يحيى..من غير مقدمات..بنت جميله و متعلمه وطموحه و ملتزمه و من عيله..ايه اللي يخليكي لحد دلوقتي مش ارتبطتي و لا حتى بخطوبه .؟

سلوى و قد تذكرت كلمات شيرين و ما زالت متكدره من غياب يحيى..و ارساله تلك الهديه العاديه.. اقتنعت بنصيحة صديقتها..

قالت..يمكن مستنيه حد معين..بس للاسف رغم كل الاهتمام اللي مبينهولي مش بياخد خطوه فعليه

مالك بلهفه..يعني لو الحد ده اتقدملك..توافقي..

ابتعلت سلوى ريقها..فكلامه لا يحمل معنيين..لذا عليها ان تقرر و بسرعه..قالت بحرج..احتمال..

ابتسم مالك ثم قال..انا عندي احساس انه قريب جدا هنسمع اخبار حلوه

ابتسمت سلوى بدورها و قالت..طب يلا خلينا نقطع التورته..صمتت ثم أضافت بتوتر..انا عايزاك تكون جنبي و انا بقطعها السنادي..

نهض مالك من مقعده متمتما في نفسه..و كل السنين الجايه ان شاء الله…

قبعت ليلى في داخل الحمام..منتظره ظهور النتيجه و الحزن يتملك كل ذره في جسدها..معلنا نفاذ مخزون الصبر لديه..لم يعد باستطاعتها تحمل المزيد..

قرع كِنان الباب متسائلا..الله يا ليلى..مالك طولتي اوي..؟

ليلى بعد أن مسحت دموعها..ثواني يا كِنان..

اتتها النتيجه ايجابيه..لتخرج من الحمام..راسمه ابتسامه عريضه على شفتيها..مبروك يا كِنان..هتبقى اب للمره التانيه..الف مبروك…

ابتسم كِنان..ثم احتضنها بحب قائلا..مبروك علينا يا احلى ماما فالدنيا..

ليلى..طيب انا هاروح اشئر على يامن و بعدين هاحضرلك العشا..

كِنان بتردد..استني..

ليلى..مالك يا كِنان، انت مش مبسوط بالبيبي الجديد

كِنان..ده كلام يا عبيطه..انا هاطير مالفرحه..

ثم أضاف :اعدي انا عندي حاجات حصلت فالشغل…

ليلى بعد ان جلست بجواره على حافة السرير..خير يا حبيبي..حصل ايه .؟

كِنان..انا هاتنقل تاني..

ليلى..قول تالت رابع..انا تعبت اوي يا كِنان من عدم الاستقرار ده..

كِنان..طب اعمل ايه..هو ده شغل الصحافه..و بعدين مجبر اخاكي لا بطل..محدش هيوظف مصري في دوله اوروبيه زي هنا ملانه كفاءات..احنا نحمد ربنا اني توظفت في قناة الحقيقه قبل ما يحصل اللي حصل و لا كنا زمانا متلطمين هنا وعايشين عالاعانات بتاعة الدوله…

ليلى..طب ليه منرجعش مصر بقى..ده فات خمس سنين..و معتقدش ان بابا قلبه قاسي اوي للدرجادي و هينفذ تهديده..ده بقاله حفيد يا كِنان…

كِنان..وكلام ديما..نرميه البحر يعني..اخر مره اتكلمنا معاها برده قالت ان ابوكي لسه مش مسامح..لسه بنفس العقليه..و الادهى عمك و ابن عمك مستمرين لغاية انهارده بيقوموه عليكي..انا مقدرش اجازف بيكي

يا ليلى..وانتي كمان ارجوكي فكري فابننا يامن و في اللي جاي فالسكه..

ليلى بنفاذ صبر..طب سبني اكلم يحيى حتى..انا عارفه يحيى و تفكيره عمره ما هيكون بعقلية بابا واهل البلد

كِنان بهدوء..منقدرش..اكيد هايصعب عليه اهلك و اخوه ويمكن يضعف و يقولهم..مقدرش اخاطر..

ليلى..يعني ايه..هافضل كده لباقي عمري، انا تعبت يا كِنان نفسي اشوف اهلي..اكلمهم حتى..حرام عليك

كِنان بحب..حرام عليا..ربنا يسامحك يا ليلى..انت عايزاني اسلمك للموت بايديا، احنا نصبر، نصبر يا ليلى لغاية اما ربنا يحنن قلب ابوكي..لغاية اما نتأكد..

قاطعته ليلى..عمرنا ما هنتأكد..

ليقاطعها كِنان..مش صحيح..انا حسيت من كلام ديما اخر مره..ان ابوكي صحيح لسه مصمم عاللي فدماغه بس فنفس الوقت مرتاح انك بعيده و انه مش هيضطر ينفذ كلامه، يعني هانت يا ليلى..الزمن اكبر مداوي للجروح..نصبر شويه لغاية اما يقتنع فعلا..و ساعتها محدش يقدر يأثر عليه و يخليه يغير رأيه..انا اكتر حاجه مخوافاني زن ابن عمك..اصل اللي بعقليته عمره ما هيسامح بحاجه زي دي..

ليلى و قد شعرت بتأنيب الضمير لانفعالها على زوجها المحب..و المعاني ايضا من مرارة الغربه..و المبتعد عن اخوته و خاصه فاتن المقيمه في مصر..لقد رأت في عينيه مرات عده خوفه وقلقه عليها..عدا عن تأنيب ضميره لتركها وحيده في مصر دون أي سند حقيقي..حتى و ان كان يتكفل بمصاريفها و متطلباتها الماديه..لا يعني هذا ان الوضع صحيح.. ولكنه تخلى عن كل مسئولياته و احلامه من أجلها..رضي أن يعمل بوظيفه اداريه تاركا الميدان..و الكثير الكثير من التضحيات..

قالت ليلى..انا اسفه انفعلت عليك..بس غصب عني

كِنان..و لا يهمك…

ليلى..طب ها هنلم شنطنا و رايحين فين المرادي..؟

كِنان..فلسطين..بس مش عارف فين بالظبط الضفه او القطاع لسه معرفتش

ليلى..طب كويس اهو بلد عربي علاقل..لكن الوضع عندهم عامل ازاي؟

كِنان..حاليا مستقر يعني مفيش خوف..

تنهدت ليلى..مش عارفه يا كِنان..بس الواحد ميضمنش الاسرائليين دول..

كِنان بتردد..اصل هارجع هناك اشتغل فالميدان..صحيح مش هاطلع فالتلفزيون..بس هاعد التقارير و هيكون العائد المادي اكبر بكتييير، و احنا محتاجين الفلوس..زي ما انتي شايفه في عتريس تاني جاي فالسكه

ابتسمت ليلى مفكره في نفسها.. و كمان تجهيز فاتن..دي خلصت كليه و اكيد هتفكر تتجوز

ثم قالت..ربنا يستر..بس مش عارفه ليه قلبي اتقبض كده

كِنان..عموما لو حصل اي حاجه..نقدر نخرج من فلسطين بكل سهوله..انا وقت الحرب اللي فاتت اصريت اني افضل هناك برغبتي..لكن كل الجنسيات التانيه غير الفلسطينين بيقدروا يخرجوا عن طريق طواقم الامم المتحده..اللي بتعمل ممر آمن ليهم…

ليلى..طب الحمد لله..كده طمنتني..واهو نبقى على الاقل قريبين من ريحة الحبايب..

كِنان متنهدا..معاكي حق..بلدنا وحشتني عالاخر كل شبر فيها….

جلس الحاج عبدالرحمن على شرفة منزل عائلته المتوارث منذ أجيال..فوالده الحاج رضوان ورثه بدوره عن والده..و لم يكن المنزل هو المتوارث الوحيد..بل العموديه أيضا..فجده و أباه احتلا هذا المنصب..و بعد وفاة والده تولى أخاه الكبير عزالدين العموديه..و لكنه و منذ سنوات افتقد الدفء و الطمأنينه التي كان يبثها منزلهم و بلدتهم في نفسه .

تنهد عبدالرحمن و تمتم..ربنا يسامحها على اللي عملته فينا.

و لكن هل سيسامحها أخاه..ربما الهته حالته الصحيه السيئه عن التفكير بما حدث منذ فتره..وماذا عن ابن أخيه الذي يستعد استعدادا حثيثاً للترشح في الانتخابات القادمه..هل سيرمي بالموروثات و المعتقدات الباليه خلف ظهره…

ضحك ساخراً من نفسه..مش كنت أنا أولى إني أرميها ورا ضهري .

دلف إلى الداخل متكزا على عكازه بعد اصابته في جلطه في قدمه ادت الى تعثر سيره بشكل طبيعي..و اتجه إلى غرفة الضيافه حيث يجلس أخاه مع بعض أعيان البلده.

فور دخوله..حيّاه تميم ابن أخيه و قال..مرحب مرحب بعمي..اتفضل.

شكره عبدالرحمن و اتخذ مقعداً بجوار أخيه الذي حياه قائلاً..مرحب بأخوي…

أحضر تميم فنجاناً من القهوه لعمه و جلس بجواره..ثم قال..ايه يا عمي..لسه مفيش أخبار عنها…؟

قال عزالدين..و بعدهالك يا تميم..قلنا بلاش السيرة دي.

قال تميم..بلاش ايه يابوي..ده شرفي و اسمي..ازاي الناس هنا هاتحترمني و…

قاطعه عبدالرحمن قائلا..متنساش اللي بتتكلم عليها دي تبقى بنتي .

قال تميم..معلش يا عمي..بس الحاجات دي ميتعملش فيها خاطر لحد.

قال عبدالرحمن بعتاب..كده يا ابن أخويا .

قال عزالدين بحده..كفايه كده..سبنا دلوقت يا تميم..

انصرف تميم ليعاود الاشراف على حملته الانتخابيه

قال عزالدين..أنا مش عارف مخه هتوديه لفين الواد ده.

قال عبدالرحمن..ربنا يهديه و يريح بالي يا أخويا .

أومأ عزالدين برأسه قائلاً..آمين آمين….

تنهد عبدالرحمن فلقد حضر إلى هنا ليريح أعصابه من صخب المدينه..ولكن على ما يبدو صخب بلدته الصغيره بموروثاتها و معتقداتها أشد من ذلك الذي تركه خلفه…

قال عبدالرحمن مباغتا..تفتكر لو ليلى رجعتلي تاني..هيجيني قلب و..

قاطعه عزالدين..الحاجات دي مفيهاش قلب خالص يا اخويا..ده اسمنا و شرفنا..انا مبحبش حمقة تميم و تسرعه لكن ده ميمنعش ان عنده حق..خليك فاكر الليله اياها و عملتها السوده..

عبدالرحمن بضعف..و الله ما انا عارف..يمكن ربنا ليه حكمه اننا لحد دلوقتي منعترش فيها…

عزالدين..مسير الحي يتلاقي يا اخوي..

عبدالرحمن..عندك حق..مسير الحي يتلاقى..

ثم أضاف..صحيح كنت هانسى انا جاي هنا مخصوص عشان ايه

عزالدين..خير..؟

عبدالرحمن..شقتنا القديمه..جارنا الاستاذ منير عرض علينا يشتريها..و شكله محتاج يجوز حد من ولاده حاجه كده..وانا قلت ليحيى انت مش هتعارض معدلهاش لزوم عندنا..

عزالدين..طيب انا هادي تميم خبر و يروح يقابل منير و يتفقوا على كافة شيء

عبدالرحمن..طب خليه يبلغ يحيى بالتفاصيل اول باول

عز الدين..و لا يهمك

في طريقه الى المكتب..تحلق حوله مجموعه من الأطفال الذين تترواح اعمارهم ما بين السابعه و العاشره..

تأفف تميم مسرعا في سيره..ليبدأ الاطفال في اطلاق النكات..اهو اهو عريس من غير عروسته اهو..

زج تميم على اسنانه..فإن كان كبار البلد يخشون ذكر تلك الحادثه المشئومه امامه..الا أنها ما زالت محط أحدايثهم و مسامرتهم اليوميه فا هي تنتقل من جيل لاخر..

تمتم بغضب..مسير الحي يتلاقي و ارد اعتباري يا ليلى ال*****

نزلت فاتن من الباص متوجهه الى البيت..بعد يوم ناجح في عملها الجديد..ارتسمت الابتسامه على شفتيها طوال الطريق المؤدي الى البنايه التي تقطن بها مع داده رقيه..

على مدخل البنايه..صعدت الدرجات بسرعه كبيره..مما اخل بتوازنها..كادت تسقط ارضا..لولا مساندة احدهم لها..

وقفت معتدله ثم استدارت لتشكر منقذها..ابتسمت حين رؤيته..متشكره اوي يا استاذ مالك…

ضحك مالك ثم قال..على فكره انا مهندس مش استاذ..بس سبحان الله دايما بتنسي..الظاهر عندك حاجه ضد المهندسين

ارتبكت فاتن متذكره يحيى لاارديا..ثم قالت..لا ابدا..زي ماقلت بنسى يا بشمهندس

مالك..و كمان بتنسى..اتفقنا من غير القاب..

ضحكت فاتن برقه..طيب طيب..متشكره يا مالك..كويس كده ؟

مالك مدعيا التفكير..اممم مش بطال..

ضحكت فاتن مره اخرى ثم قالت..البنات قالوا انكو هتنقلوا قريب..صحيح…؟

سارا جنب الى جنب باتجاه المصعد..ليقول مالك..دعواتك..الست الوالده ترضى علينا و تديني بركتها

فاتن..ربنا يسهل..

دلفا الى المصعد..ليقول مالك بتردد..على ذكر ماما..كانت قالتلي انك بدوري على شغل..

قاطعته فاتن بجديه..و الحمد لله لئيت شغلانه كويسه اوي..

مالك..طب الحمد لله..عموما احنا عندنا فرع جديد هيتفتح و محتاجين ناس كتير..

لتقاطعه فاتن مره اخرى..زي ما قلت يا بشمهندس الحمد لله حاليا بشتغل و انا شخصيا بحب اخد الحاجه بمجهودي مش بحب الوسايط والكلام ده..و متشكره جدا..

فُتح المصعد لتخرج فاتن مسرعه..ليتمتم مالك..شكلها حمئيه اوي..ما كل الشغل دلوقتي بوسايط..

قال مالك بعد انتهائه من تناول العشاء و على شرفة شقتهم بحضور والدته اسماء ووالده الحاج كمال..انا ان شاء الله و اخيرا قررت ان حان الوقت و…

قاطعته والدته بفرحه..تخطب و تتجوز..صح يا بني صح ؟

مالك ممازحا..لا يا حاجه..حان الوقت اني اقولك السر الخطير اللي مخبيه عليكم بقالي فتره كبيره…

اسماء بخضه..يا نهار ابيض سر ايه..

كمال..هتفضلي طول عمرك على نياتك يا حاجه..و انت الاخر بطل هزارك ابو دم تقيل ده…

اسماء..دمه تقيل ايه..ده على البي زي العسل..

مالك..تُشكري يا اجمل ام فالدنيا..و والله ما انا كاسفك..خلاص هاخطب و اتجوز كله الا كسفتك..

اسماء لزوجها..ترجم يا حاج بقى..ده بيتكلم جد و لا هزار ؟

كمال..لا ده شكله جد..و عايزنا ندورلك على عروسه و لا شئطتلك واحده..

هتفت اسماء بانزعاج..حاج..ايه الالفاظ دي..

مالك..جرى ايه يا بابا..نحن مش لوحدنا..في انثى رقيقه بالجوار..

كمال..معلش يا بني القعده عالقهوه..بتخلي الواحد يقول حاجات…..نهايته مين بقى سعيدة الحظ ؟

مالك مناورا..لما ننقل من هنا..يبقى نتكلم فالتفاصيل

اسماء بعتاب: بتمسكني من ايدي اللي بتوجعني يعني..طب خلاص انا موافقه و من بكره لو تحب…

مالك..ايوه كده..بس برده لازم اشوف بعيني..بعدين تدحلبي و توقعيني فالكلام وبعدين تخلي بيا

اسماء..شوفوا الواد و عمايله

كمال..مش ده اللي على قلبك زي العسل…

لم يشأ مالك ذكر التفاصيل..حتى يطمئن على موافقه سلوى اولا و التي لمحت له بذلك مما جعله يطمئن و لكن تبقى موافقة عائلتها..فلا داعي للاستعجال و اخبار والدته الان…

قالت اسماء بعد انصراف والده..مقولتيش عملت ايه فموضوع فاتن..؟

مالك..صحيح..انا لسه مكلمها فالاسانسير و قالت انها بتشتغل..شغلانه كويسه كمان

اسماء..غريب..رقيه مقلتش كده

رفع مالك كتفيه..يمكن لسه اتعينت جديد..

يحيى..ايه يا ست الكل..الحاج وحشك باين..؟

ابتسمت خديجه و تنهدت..اااااه..ناس كتير اوي وحشاني…

فهم يحيى مقصدها و لكنه اثر الا يزيد تكدرها بذكر ليلى..فقال محاولا ابهاج والدته..طب انا عندي ليكي خبر حلو جدا..

خديجه..خير يا بني..

يحيى..انا قررت اني اكمل نص ديني باذن الله

خديجه..بجد يا بني..دي راويه هتفرح اوي..استنى اما اكلمها و ابشرها

يحيى مصعوقا من سرعة تصرف والدته..امسك منها الهاتف مانعا اياها من محادثة خالته..مش ديما يا ماما مش ديما..

خديجه بخيبه..و ليه يا بني..هي ديما تتعيب فحاجه

يحيى..لا طبعا..بس هي زي اختي تمام..

خديجه بفتور..امال مين ؟

يحيى..سلوى

خديجه بتفكير: دي اللي جات مره هنا تطمن عليك اما كنت عيان..صح .؟

يحيى..هي بعينها..سلوى منصور


يتبع…

كاملة من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top