رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي الفصل الأول بقلم Fallen Angel

رواية حب تحت الرمال فاتن ويحيي

حب تحت الرمال / للكاتبة Fallen Angel..

مقدمه عن الحب الأول……….. سأروي

حين يصبح الواقع أجمل بكثير من الأحلام

و لكن هيهات ان يستمر ذلك الجمال

لانه حتما سيأتي الاختبار فهل سينجو الحب و يصحو من تحت الرمال.

جارتي الصغيره

كانت فاتن غارقة في نوم هانئ..عندما أيقظتها طرقات متتاليه على باب الشقه..تثائبت منزعجه من ذلك الطارق..هل يستحق الأمر القادم بخصوصه كل تلك الضجه..أزاحت الأغطيه و نزلت من فراشها متأففةً من غياب والدتها المستمر..و اضطرراها إلى تولي كل كبيره و صغيره بشأن حياتهن اليوميه..ألقت نظره سريعه في المرآه و همت بتصفيف شعرها المشعث من أثر النوم..و لكن مع ازدياد الطرقات عڼفا..آثرت أن تذهب و تفتح الباب بحالها تلك..فذلك القادم المزعج لا يستحق أن تتهندم من أجله.

خرجت من غرفتها و اتجهت لتفتح الباب و لكن عندما أدارت القفل كانت الطرقات قد توقفت..فتحت الباب..و نظرت لليمين ثم اليسار..لترى على يسارها أنبوبة البوتاجاز..اذن قد مل فتى الأنابيب من الانتظار..و تركها وحيده لمصيرها مع تلك الأنبوبه..ربما المره القادمه لن تعطيه الثمن مسبقا..فذلك سيجعله ينتظر و يقوم بتركيبها..أما الآن عليها أن تصلي من أجل حدوث معجزه لتستطيع تركيبها بالطريقه الصحيحه.

تقدمت محاولة حمل الأنبوبه و إدخالها إلى الشقه..و لكنها أنزلتها على الفور و قالت بصوت منزعج..هو انتي مش ناويه تعملي رجيم و تخسي شويه.

أغلق يحيى باب الشقه خلفه..و تسمر في مكانه..فلقد رأى جارتهم الجديده تحاول فاشله حمل الأنبوبه و إدخالها إلى شقتها..هم بالتقدم و مساعدتها..و لكنه توقف بعد أن سمعها تحادث تلك الأنبوبه.

لم يتمالك يحيى نفسه و اڼفجر ضاحكا على منظرها و دعابتها.

استدارت فاتن على الفور لدى سماعها ضحكة أحدهم..لترى شابا طويل القامه يقف على باب الشقه المجاوره لشقتهم..و ابتسامه عريضه تزين ثغره.

شعرت فاتن بالاحراج الشديد لبلاهتها..و مما زاد إحراجها هو تحديق ذلك الشاب فيها بشده..و في هذه اللحظه حاولت العمل بنصيحة والدتها التي و منذ دخولها في طور النضج ما فتأت تعطيها دروسا في كيفية التعامل مع الرجال.

و أحد دروسها تلك..هي مبادلة النظرات و بقوه مع أي رجل يقوم بتفحصها..و إن راقها ما رأت تنتقل للدرس الثاني و هو كيفية الايقاع به..فبنظر والدتها الرجال ما هم الا وسيله للحصول على أهدافنا في الحياه..و عند تحقيق الهدف..علينا الانتقال لرجل آخر ليحقق لنا أهدافاً أخرى.

تنهدت فاتن..و قامت بالتحديق في متفحصها الشاب جدا..فعمره بالتأكيد لا يتجاوز الثانيه و العشرون الا أنه عريض البنيان..طويل القامه..و ملامح وجه وسيمه للغايه، بالرغم من أنفه الذي يوحي بالعجرفه..على عكس عيناه اللذان تشعان دفئا بلونهما الاسود الحالك..الذي يضاهي لون شعره الكثيف المتمرد على جبينه البرونزي اللون..و لكنه بالتأكيد وسيم جدا..و على مقياس والدتها سيحصل على عشرة كامله بالنسبه للوسامه و المظهر خاصه مع ارتداءه هذه البدله الداكنه.

عضت على شفتها السفلى..و تحسست جبينها الذي ارتفعت حرارته نتيجه لتطبيقها نصيحة والدتها.

ثم رفعت يدها لا إراديا و كأنها تريد تبرير موقفها مع الأنبوبه..ثم أنزلتها سريعا إلى جانبها و قالت..أصلها تقيله اوي.

اختفت الابتسامه عن ثغر يحيى فور استدارة جارتهم الجديده..فلقد هاله ما رأى..أو بالأحرى راقه ما وقعت عليه عيناه..فجارته و التي يبدو أنها بالكاد أتمت عامها الثامن عشر..جذابه للغايه..و رغم تشعث شعرها و تنافره الا أن يحيى تمنى أن يمرر أصابعه خلاله و يعيد ترتيبه من جديد..فذلك الشعر الأبنوسي ينبىء بملمس ناعم جدا..يتناسب مع نعومة ملامح وجهها الرقيقه..الذي يتوسطه أنف صغير مشاكس و فم وردي..أما عيناها فاحتار ما لونها..و عند تلك الفكره..انتبه للخطأ الجسيم الذي اقترفه..فلطالما غض يحيى بصره عن الفتيات العاديات منهن و الجميلات.

هز يحيى رأسه و أخفض بصره..مستغفرا ربه في السر.

قال يحيى..طب أنا ممكن أساعدك.

قالت على الفور..ياريت..و الا مش هاقدر اعمل اكل انهارده.

أومأ يحيى برأسه..تقدم خطوات قليله ثم حمل الأنبوبه و قام بدخول الشقه..و لكنه توقف عندما سمع خطواتها تتبعه، وضع الأنبوبه أرضا..ثم استدار قائلا..هو في حد غيرك جوه.

أجابته بالنفي..ليقول..يبقى يا ريت تستنى بره على الباب لغاية أما أركب الأنبوبه.

نظرت له باستغراب..فقال بارتباك..يعني عشان ميصحش أدخل البيت و انتي لوحدك.

أومأت فاتن برأسها محرجه..ليتسدير جارها و يختفي داخل المطبخ..و بعد انتظار دام حوالي خمس دقائق..عاد ليظهر من جديد قائلا..هو المفتاح فين.

سألت فاتن بعدم فهم..مفتاح الشقه.

ابتسم يحيى و قال..مفتاح الأنبوبه.

قالت فاتن..ثوان و أجبهولك..و بعد دقيقه عادت و في يدها المفتاح..اتفضل.

تناول المفتاح منها..و بقى متسمرا مكانه على باب الشقه من الخارج.

قالت فاتن و قد أدركت سبب تردده..متقلقش أنا هاستنى عالباب من بره..بس أصلك.. يعني واقف فالوش و مش عارفه أخرج.

حينها تراجع يحيى إلى الخلف..خرجت و من ثم دلف هو إلى الداخل.

و بعد حوالي خمس دقائق..أنهى مهمته و قال..أنا ركبتهالك و تقدري تتفضلي جوه.

تمتمت فاتن..استني بره..اتفضلي جوه..كأنها شقة اللي خلفوك..

قال يحيى..بتقولي حاجه !

قالت فاتن بسرعه و بصوت مليء بالتهكم..بقول متشكره جدا..أنا لو قعدت من هنا لبكره مش هاقدر أشكرك كفايه.

فطن يحيى لنبرتها الساخره فقال..لو عايزه تشكريني بجد يبقى تلبسي اسدال قبل ما تفتحي الباب.

و انطلق مغادرا إلى عمله.

تثاءبت فاتن محدثه نفسها..اسدال..أنا سمعت الكلمه دي قبل كده !

بقيت ليلى في فراشها مدعية النوم..و دعت ربها أن يغادر خطيبها سريعا حتى لا تضطر إلى الجلوس معه و تحمل ثقالة دمه و سخافته.

طرق أحدهم باب غرفتها..بالتأكيد تلك والدتها.

دلفت خديجه إلى الغرفه قائله..ليلى..اصحي بقى عشان تفطري مع خطيبك.

لم تجب ليلى..أزاحت خديجه الغطاء عن وجه ابنتها و قالت..و بعدهالك يا ليلى..ميصحش كده..كفاية امبارح نمتي بدري و مقعدتيش مع خطيبك اللي جاي مخصوص مالبلد عشان عيد ميلادك.

جلست ليلي في فراشها و قالت برجاء..أرجوكي يا ماما..أنا مش بطيقه و لا بطيق اقعد معاه خمس دقايق على بعض.

قالت خديجه..يا بنتي هو اللي نبات فيه هنصبح فيه..تميم مش بس خطيبك..ده كمان ابن عمك..يعني لو فسختي الخطوبه ابوكي هيخسر عمك للأبد، يرضيكي ده.

قالت ليلى بحزن..لا ميصحش يخسروا بعض..المفروض أنا اللي أخسر حياتي كلها.

قالت خديجه بعتاب..طب اديله فرصه..اقعدي معاه..و انتي و شطارتك تقدري تغيريه زي ما انتي عايزه.

قالت ليلى بتهكم..اغير ايه و لا ايه بس يا أمي..ده احتمال أبوالهول ينطق..قبل ما تتغير فتفوته في سي تميم ده.

قالت خديجه بنفاذ صبر..طب وافقتي ليه مالأول.

ضحكت ليلى بمراره و قالت..وافقت ليه..يا ماما انا كان عندي خمستاشر سنه وقت ما اتفق عمي مع بابا على الخطوبه..كنت فرحانه إني هابقى عروسه..و هالبس دبله و أعيش قصة حب زي باقي البنات..مكنتش مستوعبه يعني ايه جواز و اختيار شريك الحياه.

قالت خديجه بتردد..و دلوقتي فضالك سنه و تتخرجي..و زي ما اتفق باباكي مع عمك هيتم الجواز..جايه بعد كل السنين دي تغيري رأيك و تبقى سيرتك على كل لسان فالبلد.

مسحت ليلى عبره سالت على وجنتها و قالت..طب ثوان و هاخرج افطر معاكو.

أومأت خديجه برأسها و خرجت..لتترك ليلى خائبة الأمل في والدتها..فرغم طيبتها و فطرتها السليمه الا أن المحور الأول في حياتها هو إرضاء زوجها و إطاعته في كل كبيره و صغيره..لاغية أي عقل أو منطق آخر..فحتى التعاطف مع ابنتها يجب أن يحصل على التصريح و التأييد من والدها.

جلس يحيى على مكتبه في إحدى المصالح الحكوميه التي حصل مؤخرا على وظيفه فيها بعد تسوية والده للمعاش و التوسط لدى رئيسه في العمل لتوظيف يحيى..وظيفه لم تكن ضمن أحلام يحيى أو أهدافه..فالعمل الحكومي روتيني و ممل للغاية..تجلس طوال النهار للتسامر مع زملاء العمل و تناول المشروبات المختلفه و من ثم المغادره دون تحقيق أي إنجاز يذكر.

و لكن و رغم رفض يحيى لفكرة والده..إلا أن الأخير قام بالتنفيذ و الحصول على تقاعد مبكر..ليفاجيء يحيى و يضعه في خانة اليك..فوالده عبدالرحمن رضوان رجل صالح و لكنه متمسك بعادات و مفاهيم و موروثات قديمه..و من الصعب تغييرها..لذا آثر يحيى أن يرضي والده باستلامه هذه الوظيفه..و حينما يحقق هدفه سيتركها حتما..مثبتا لوالده صواب قراره من البدايه.

قراره بالعمل الحر..فلقد اتفق هو و صديقيه المقربين مالك و أنس على إنشاء شركتهم الخاصه بالبرمجه..و لحسن الحظ مكتبه الحالي يحتوي على جهاز حاسوب يستطيع من خلاله أن يتم عمله مع صديقيه..و حين انتهاء الدوام يمر على مقرهم المتواضع للتواصل معهم.

نعم..لن يستغرق وقتا طويلا في هذه الوظيفه.

جلست إنجي الشريف مستسلمه لخبيرة التزيين التي أخذت تحرك أدواتها بخفه على وجهها، محاولة خلق صوره فنيه بديعه..لتظهرها أصغر من أعوامها الأربعين بكثير..فالدور الجديد الذي ستلعبه يدور حول فتاة في الخامسه و العشرين ربيعا.

قالت صفا خبيرة التزيين..ها ايه رأيك يا مدام انجي.

نظرت إنجي في المرآه بتمعن..ثم قالت بامتعاض..شفايفي معووجه كده ليه !

لوت صفا شفتيها دون أن تلاحظها إنجي و تمتمت..معووجه من البتاع اللي نفختيها فيه.

ثم قالت بصوت عال..حالا هازبطهم يا مدام.

أمضت صفا حوالي نصف ساعه أخرى مولية اهتمامها لشفتي إنجي التي قالت بعد انتهاءها..بجد تحفه.

ابتسمت صفا و قالت..قمر يا مدام قمر.

بعد مغادرة مزينتها..تطلعت إنجي إلى مرآتها بحسره..فقبل أعوام مضت كانت لا تحتاج إلى كل تلك البهرجه لتبدو جميله..و لكن اليوم و بعد أن تسللت خطوط الزمن الى وجهها..أصبحت تحتاج إلى كم هائل من الرتوش التجميليه..فتلك الخطوط لا ترحم أحدا..و الأدهى من ذلك هو سوء حالتها الماديه و التي جعلتها غير قادره على اللجوء للجراحات التجميليه لتخفي آثار الزمن عن وجهها الذي كان يوما حديث الناس و الصحافه نظرا لتصدره أفيشات الأفلام و تترات المسلسلات و أغلفة المجلات المختلفه.

حكيم هو من قال أن دوام الحال من المحال..فجمالها آخذ في الرحيل..تماما كرحيل زوجها الأخيرعنها بعد أن ڼصب عليها في مبلغ كبير و احتال عليها و استولى على شقتها الفاخره التي كانت تقطن بها معه و مع ابنتها فاتن..مما اضطرها الى الانتقال لذلك الحي المتواضع و تلك الشقه الوضيعه.

تناولت هاتفها و طلبت رقم ابنتها..التي ردت على الفور..الو ازيك يا ماما.؟

قالت انجي..كويسه..أنا بكلمك عشان هتأخر اوي و عايزه تحضريلي مشاوي خفيفه و ضروري طبق سلطه كبير عشان الريجيم يا حبيبتي.

قالت فاتن..حاضر يا ماما..و طالما هتتأخري يبقى أنا هانزل اشتري الحاجات ع المغرب كده..يكون الحر خف شويه.

قالت انجي..طب كويس..واوعي تخرجي مبهدله زي عوايدك.

قالت فاتن بانزعاج..ياماما هو أنا خارجه لمناسبه..ده أنا هاروح السوبرماركت.

قالت انجي آمره..اسمعي الكلام..لازم تكوني أنيقه على طول..مش جايز حد مريَش يشوفك و يُعجب بيكي..اوعي اوعي تلبسي الكوتشي و الجينز..نقيلك جيبه من بتوعي و لا أي فستان كيوت من القصيرين اللي عندي.

قالت فاتن باستسلام..حاضر يا ماما.

قالت انجي قبل أن تنهي المكالمه..و متنسيش تحطي ميكب.

ارتدت ليلى حجابها مخفيه خصلات شعرها السوداء الناعمه..ثم جلست أمام مرآتها و التقطت الكونسيلر محاولة إخفاء الهاﻻت السوداء تحت عينيها بنية اللون..هالات تكونت نتيجه لسهرها البارحه تتحدث مع صديقتها أماني على الفيس بوك..حديث أدى بدوره الى اتفاقهما على التلاقي اليوم لحضور أحد الندوات التي تعدها كلية الصحافه و التي طالما تمنت الالتحاق بها كأخيها لؤي و لكن والدها كان له رأي آخر..فالصحافه و الاعلام مجال لا يناسب الفتيات..و بيده قدم التنسيق لكليه الاداب..لتتخصص في اللغه العربيه.

وضعت الكونسيلر جانبا..و أضفت بعض اللون إلى وجنتيها و ثغرها..ثم تأكدت من احكام لفة حجابها الداكن اللون و الذي يبرز لون بشرتها القمحيه برقه.

خرجت من غرفتها و اتجهت إلى الشرفه حيث أعدت والدتها الفطور لها و لخطيبها.

وجدته منخرطا في تناول الطعام..و كالعاده مرتديا قميصا يحتوي على ألوان الطيف بكاملها و مشمرا أكمامه..تلاقت أعينهما ليقول..صباح الخير يا بنت عمي.

دخلت الشرفه و ردت..صباح النور..و اسفه مقدرتش أقعد معاك امبارح كنت تعبانه شويه.

قال تميم بخبث: بكره أما يتقفل علينا باب واحد هأعرف ازاي امشيكي عالعجين متخلبطيهوش.

تأففت ليلى و قالت..أنا مش قلتلك مېت مره مش بحب الهزار السخيف ده.

لعق تميم أصابعه بطريقه مقززه و قال..و مين قال إن ده هزار يا ست ليلى هانم..أنا صبرت عليكي كتير و على معاملتك اللي من فوق دي..بس هانت كلها كام شهر و أطلع القديم و الجديد على جتتك.

وضعت ليلي يدها على خدها و قالت..ده كلام يطلع من واحد المفروض متعلم و بيعرف ربنا.

ضحك تميم بسخريه و قال..العلام حاجه و اللي بين الراجل و مراته حاجه تانيه خالص.

أومأت ليلي برأسها فلا فائدة من الجدال معه..عليها أن تغامر اليوم و تُحادث والدها بشأن إنهاء هذه الخطبه.

في مبنى الجامعه التقت ليلى بصديقتها أماني..و اتجهتا لحضور تلك الندوه.

و في القاعه جلست ليلى بالقرب من أخيها لؤي.

قال كِنان الجالس بجوار أخيها من الجهه اليمنى..ازيك يا آنسه ليلى.

أجابت ليلى بصوت خفيض..الحمد لله.

قال لؤي منزعجاً..هششش الندوه هتبدأ عايز اسمع.

فأخيها لؤي شغوف جداً بدراسته..و حريص على الحصول على أعلى التقديرات..لإثبات نفسه أمام والده الكثير المتطلبات..و خاصه بعد تعثر لؤي في شهادة الثانويه العامه و رسوبه لسنتين متتاليتين.

سنتان اضُطر فيها والده إلى تقبل وجود صديقه الانتيم كِنان في بيتهم لمساعدته على المذاكره..فكِنان أنهى الثانويه العامه بامتياز و مرتبه أولى على الجمهوريه..تعرف عليه لؤي من احد مواقع التواصل الاجتماعيه حينما اراد بعض الدروس الخصوصيه ليجد اعلانا من كنان عن امكانية تقديمه بعض الدروس للطلبه باسعار مخفضه للغايه ،حينها لجأ له لؤي و اصبحا منذ ذلك الحين صديقين مقربين نظرا لشغف الاثنين بالصحافه و الاعلام..ليصبح كِنان الاستثناء الوحيد..فلطالما منع عبدالرحمن ابنيه من احضار اي اصدقاء للبيت خوفا على ليلى..و نظرا لتمسكه بعادات و تقاليد بلدتهم الصغيره..

تنهدت ليلى و استرقت النظر إلى صديق أخيها لتُفاجأ بنظراته المصوبه نحوها..أدارت وجهها بسرعة محرجه من تصرفها..و خجلى من تحديقه بها.

لكزت ليلي صديقتها أماني الجالسه بجوارها و همست..أنا عايزه اطلع بره.

قالت أماني مستنكره..هو احنا لحقنا نعد يا بنتي.

قالت ليلى بفروغ صبر..أنا ماشيه.

نهضت من مقعدها و تبعتها أماني مرغمه.

قالت أماني بضيق..مالك..مش جيتي عشان تشوفي حبيب القلب..ايه اللي حصل!

شهقت ليلي و قالت..ايه الكلام اللي بتقوليه ده !

ردت أماني بهدوء..يا بنتي مش عليا الكلام ده..الانكار مش هيفيدك..و الواد مُز و يتحب فعلا.

ابتسمت ليلى و قالت..و الله انتي رايقه و فايقه.

قالت أماني..طب عيني فعينك كده.

قالت ليلى على الفور..اهو..مالها عيني بقى.

نظرت أماني لصديقتها نظره المتيقن و قالت..تعالي نقعد هنا.

جلستا على أحد المقاعد و قالت ليلى..مش عارفه يا أماني حاسه إني فورطه كبيره.

سألت أماني..احكيلي..

قالت ليلى..أصل زي ما انتي عارفه مش بطيق خطيبي خالص..و حاولت كتير ألمح لبابا و أكلمه في الموضوع بس هو محكم رأيه و شايف إنه مصلحتي فالجوازه ديه..و يحيى و لؤي كفايه اللي هما فيه..انتي متتخيليش بابا ازاي بيضغط عليهم و بيدخل في كل قرار بياخدوه و لازم رأيه هو اللي يمشي..فمش عايزه أدخلهم كمان في مشاكلي.

صمتت لتستحثها أماني على الحديث..و بعدين..أنا حاسه إنك عملتي عمله مهببه.

قالت ليلى بخجل..أصلي..

قالت أماني..أصلك ايه يا بت ما تنطقي..سرك في بير.

قالت ليلى بحرج..مش عارفه ازاي لقيت نفسي بضيف كِنان عندي ع الفيس..و بقينا نتكلم تقريبا كل يوم.

صفرت أماني بخفه و قالت..يا نهار مِلون..ضفتي صاحب أخوكي..و المنيل عادي كده يكلم أخت صاحبه..وأنا اللي كنت فاكراه أرجل من كده بكتير.

قامت ليلى بضړب صديقتها بالكشكول الذي تحمله بيدها و قالت..اسمعي..هو ميعرفش إنه أنا..بس دلوقتي شاكه إنه عرفني.

حدقت فيها أماني قائله..مش فاهمه..ابسلوتلي مفهمتش المقطعين اللي فاتوا دول..نزلي الترجمه بسرعه.

تأففت ليلي و قالت..أصلي عملت اكاونت جديد مش باسمي و ضفت كِنان عليه..و هو قبل طلب الصداقه..لكن ميعرفش أنا مين..مرضتش أقوله اسمي..و امبارح قررت إني خلاص مش هاكلمه تاني..و زي ما انتي عارفه سهرت معاكي ع الفيس..بس مش عارفه أما شفته انهارده حسيت إنه عرفني و عنيه كأنها بتسألني ليه مردتش امبارح على مسجاته.

ضړبت أماني كفاً بكف و قالت..عنيه بتسألك..ده انتي واقعه لشوشتك..يا بنتي غلط جداً اللي بتعمليه ده.

قالت ليلي بحسره..أعمل ايه مش لاقيه حد يفهمني..و لا يُقف جنبي..و مش عارفه امتى اتعلقت بيه..يمكن لأنه بقى يجي عندنا البيت كتير و يمكن عشان بيحب الصحافه و الأخبار زيي..يمكن بلاقي معاه حلمي اللي مقدرتش أحققه..مش عارفه..مش عارفه.

ربتت أماني على كتفها و قالت..طب و أخوكي يحيى مش بتقولي قريب منك و بيفهمك..ليه متتكلميش معاه.

قالت ليلي..ما قلتلك كفايه مشاكله مع بابا..و بعدين ده على طول مشغول بيخلص شغل الحكومه اللي بابا أجبره يقبله و بعديها بيروح عالشركه اللي عاملها مع صحابه حتى الاجازات بيقضيها فشغله..مبعرفش أتلم عليه.

قالت أماني بهدوء..شوفي يا ليلي استمرارك مع خطيبك غلط..و اللي عملتيه مع كِنان أكبر غلط.

قالت ليلى..طب ادعليلي انهارده هآخد حبوب الشجاعه و أحاول أتكلم مع بابا بخصوص تميم.

قالت أماني بحب..ربنا معاكي..و ضروري تطمنيني..هاستنى منك مكالمه.

أومأت ليلي برأسها و اتجهتها لاستكمال محاضراتهن لهذا اليوم.

خرج يحيى من الشقه محل شركته الصغيره مع صديقيه مالك و أنس..اختار أن ينزل الدرج فمصعد البنايه المهترىء يستغرق وقتاً طويلاً في الصعود و الهبوط..ناهيك عن تعطله المستمر..وصل إلى أسفل الدرج ليسمع أصواتاً تأن من الألم..توقف و أطرق السمع..ليكتشف خطأه فتلك الأصوات تأن و لكن بالتأكيد ليس من الألم..هم باستكمال سيره ليسمع صوت أنثوي يقول..أنس كفايه كده..حرام عليك.

شعر يحيى بالضيق الشديد من تصرفات صديقه أنس..فمن حوالي أسبوعين قام أنس بإحضار إحدي الفتيات إلى الشقه مقر عملهم..لينهره كل من يحيى و مالك على فعلته تلك..و لكن يبدو أن عتابهم معهم لم يأت بنتيجه مثمره..فقط اضُطر صديقهم إلى تغيير المكان.

هز يحيى رأسه ممتعضاً و أكمل طريقه.

و في سيارة الأجره رن هاتفه..أجاب على الفور..الو.

قالت خديجه..يحيى يا بني..معلش لو هاتعبك بس كنت عاوزاك تجبلي كام حاجه من السوبرماركت.

حفظ يحيى طلبات والدته عن ظهر قلب أو هكذا ظن..وبعد توقف السياره..ترجل منها و دلف إلى السوبرماركت القريب من بنايتهم.

اتجه إلى القسم المخصص للمنظفات لإحضار حاجيات والدته..بحث عن الأصناف التي طلبتها..و لكنه كعادته احتار أيَاً يختار منها..بقى دقيقه يُقيم الأنواع المعروضه على الأرفف..عندما قرر أخيراً الاتصال بوالدته لمساعدته كعادتها في انتقاء صنفها المفضل.

أخرج هاتفه..ليفاجأ بصوت أنثوي يقول..ده أفضل نوع..بيشيل البقع و ريحته حلوه جداً.

الټفت تجاه الصوت..ليرى جارته الصغيره..صغيره السن و الحجم أيضاً..فبإمكانه بكل سهوله أن يضعها في عربة المشتروات كما يفعل الآباء مع أطفالهم الصغار..و لِمَ العربه بإمكانه أن يضعها في جيبه و يغادر السوبرماركت..ابتسم لهذه الفكره..هل هي فعلا ضيئلة الحجم لهذه الدرجه أم يُهيأ له ذلك بسبب ضخامة بنيته هو شخصياً.

تفحصها قليلا لتختفي ابتسامته..و يحل مكانها العبوس بسبب ذلك الفستان الذي ترتديه..فستان قصير جداً بالكاد يصل إلى ركبتيها..و بدون أكمام..و يكشف كثيراً من معالم أنوثتها.

غض بصره للمره الثانيه هذا اليوم و استغفر ربه..لتقول جارته..أنا بس حبيت أساعدك زي ما ساعدتني الصبح.

ثم أضافت..صدقني ده أحسن واحد فيهم.

عاود يحيى النظر إلى الرف..و التقط الصنف الذي أشارت عليه باستخدامه و قال باقتضاب..متشكر.

قالت فاتن..العفو..على ايه.

ثم تنحنحت..ليعود يحيى بنظره إليها متسائلاً..افندم؟

قالت فاتن بحرج..معلش لو تجبلي واحد أنا كمان..يعني عشان مش هقدر أطوله و انت بسم الله ما شاء الله طويل اوفر..و اتبعت كلامها بضحكه صغيره.

ابتسم يحيى رغماً عنه، و التقط واحداً آخر ووضعه في عربتها.

قالت فاتن..ميرسي.

أومأ يحيى برأسه و حرك عربته ليغادر قسم المنظفات..و كذلك فعلت فاتن.

ليعودا و يلتقيا عند موظف الماليه..وضعت فاتن عربتها أمام عربته..و اصطفت بجواره..ثم قالت بصوت خفيض..ممكن أسألك سؤال.

نظر يحيى لها بطرف عينه..ثم قال..ممكن !

سألت فاتن باهتمام..هو مش الاسدال بيلبسوه في الحج.

أعطاها يحيى كامل انتباهه و قال..ياريت لو حابه تهزري يبقى تختاري حاجه مناسبه.

عقدت فاتن حاجبيها و قالت..مين قالك إني بهزر !

قال يحيى..اتفضلي..دورك.

زمت فاتن شفتيها و تقدمت لدفع ثمن مشترواتها.

حين خروجه من السوبرماركت آثر يحيى عبور الشارع و السير على الضفه الأخرى..بعيدا عن جارته الصغيره..و بعيدا عن المزيد من الذنوب..فعيناه اليوم مصرتان على التحديق فيها و التأمل في كينونتها.

وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا..ترنحت قليلا و كادت أن تسقط..لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره.

يتبع

كاملة من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top