رواية خان غانم الفصل التاسع بقلم سوما العربي

روايةخان غانم

 الفصل التاسع 

ركض للداخل مڤزوع يسأل بلهفة و قلق : في إيه يا سلوى ، ايه اللي حصل.

مدت سلوى ذراعيها له بهلع تستجديه : ألحقني يا غانم ، ألحقني ، في نقط ډم في هدومي ، البيبي… هيجراله حاجة ، البيبي هيجراله حاجة يا غانم ، جيت اقوم من على الكرسي لاقيت فيه ډم.

ارتعدت كل أوصال غانم و وقفت حلا في أحد الأركان تراقب ما يحدث پصدمة و صمت تام .

بينما غانم ېصرخ على العم جميل ليسرع في تجهيز السيارة .

كان يسير في المشفى بخطى واسعه خلف الترولي المتحرك الذي أستلقت عليه سلوى يمسك على يدها يحاول طمئنتها لكنها لازالت تصرخ مرددة جملة واحدة: هيبقى كويس .

غانم : إن شاء الله .. قولي يا رب يا سلوى.

سلوى : لأ.. هو هيبقى كويس .. لازم يبقى كويس .. لازم .

غانم : أدعي ربنا إنه يحافظلنا عليه.

سلوى : هيبقى كويس .. البيبي هيبقى كويس .. أنا مش هتحمل .. مش هسقط تاني .. مش هدخل عمليات و أنزل أبني… مش هعمل تنضيف و كحت للرحم تاني .. أنا أستويت .. و الله العظيم أستويت .

دلف بها الممرضين للداخل يجهزونها كي يتم الكشف عليها و هي لازالت تردد نفس العبارات.

دخل الطبيب و حاول التحدث معها لكنها قالت : البيبي ده لازم يعيش.. لازم يعيش يا دكتور .. إنت سامع.

نظر الطبيب لغانم فتقدم من سلوى و قال : سلوى لو سمحتي أهدي خلي الدكتور يشوف شغله .

لكن سلوى مازالت تتحدث پجنون : مش هتحمل ،مش هتحمل … لازم يعيش .. لازم .

أقترب الطبيب منها و قال بهدوء: طيب مش تسبيني بقا أشوف شغلي عشان ننقذه و يعيش .

و أخيراً أمتثلت لما يُقال لها و هزت رأسها مراراً تردد : أيوه.. صح .

باشر الطبيب عمله ألى أن انتهى و قال : الرحم وضعه مش مستقر ، و البيبي كمان ، هناخد الحقن دي و ننتظم عليها مع الراحة التامة… ماتقومش من على ضهرها لحد ما الشهر ده يخلص و بعدها تجيلي عشان نشوف الوضع إيه و نطمن.

نظرت له و سألت بلهفة و هوس : يعني هو كويس صح ، أيوه هو كويس، و هيبقى كويس.

أبتسم لها الطبيب و قال : إن شاء الله.

و أخيراً ألتقط غانم أنفاسه المحپوسة و بدأت إبتسامة الراحة تتكون على جوانب شفيته لتصنع ضحكة سعادة ، لكن لم تكتمل فقد اندفع الباب بقوة و دلفت منه والدة سلوى تردد : في أيه ؟ إيه إلي حصل ؟ أكيد ضايقتها و عليت ضغطها يا أبن صفوان .

دلف والدها هو الآخر يسأل : عملت ايه للبت ، إيه إلي جرى يا سلوى ؟

تجهم وجه غانم بضيق شديد ثم قال: هو في ايه ، إيه الطريقة دي ، إيه…. مجوزينها لقتال قتلا … عيب عليكوا إلي بتعملوه ده ، أنا مش هفضل ماسك نفسي كتير .

رضا : أنت بتعلي صوتك علينا؟

غانم : أه بعلي صوتي عليك و لو مالمتش نفسك هتشوف وش مش هيعجبك ،انا سكت لك كتير أوي عشان عامل خاطر لسنك و عشان بنتك ، بس أنت الظاهر كده سوقت فيها .

حاولت سلوى التحدث : غانم ، عيب كده .. أنت بتزعق لبابا؟

إلتف غانم لها و قال : يعني مش شايفه أبوكي قال إيه ، ده بدل ما تقولي له يحترم نفسه .

رضا: لااااا ، ده انت زودتها أوي.

كاد غانم أن يتحدث لكنه تذكر وضع زوجته و طفله الآن فصمت… أطبق أصابعه في قبضة محكمة كأنه هكذا يكظم غيظه ثم خرج كالأعصار و صفع الباب خلفه. 

دلف للبيت بمنتصف الليل منهك القوى يجر قدميه جراً .

منهك القوى ، روحه متعبه ، اليوم كان صعب جداً و الضغط مضاعف ، من ناحية تعب سلوى و حياة طفله المھددة بالخطړ و من ناحية الضغط العصبي المتمثل في إستفزاز أهل زوجته .

ما عاد يتحمل مطلقاً ، نظر في أرجاء البيت بصمت تام.

لم تكن أبدا تلك هي الحياة التي يريد ، البيت بارد و باهت رغم أنه نفس البيت العتيق الدافئ الذي كبر و تربى فيه على قصة الحب العظيمة التي كانت بين والده و والدته .

أغمض عيناه بتعب ، يتذكر كيف ماټا ، فللحب مرار يعادل حلاوته.

فلم يتحمل والده أن حبيبة عمره أصيبت بالسړطان و تحول من رجل قوي ضخم الچثة شديد الهيبة لرجل متعب يعرف الدمع عيناه كلما رآها و هي تتألم من جرعات الكيماوي و بدلاً من أن يقويها و يساندها ماټ ….. لټموت بعده بأسابيع لكن ليس من السړطان و إنما حزناً عليه … هكذا أخبره الطبيب .

ليصل في النهاية إلى حقيقة واحدة و هو أن الحب مؤلم أحياناً…. مؤلم جداً.

لذا لم يفكر مرتين حين أبرم مع رضا تلك الصفقة العظيمة ، خصوصاً و أنها على قدر من الجمال و متعلمة و ابنة أصل .

سحب نفس عميق و هو ينظر لباب غرفة حلا ، و هو قادم في الطريق كان ينهبه نهباً بسيارته كي يصل سريعاً يود أخذ جرعته اليوميه منها .

لكنه الآن توقف ، ما عاد يريد ، لن يقع في فخ الحب كما عاهد نفسه ،و ليظل قلبه ملك له .

كذلك سلوى لا تستحق الغدر مطلقاً رغم كل عيوبها ، و طفله القادم يلزمه حياة أسرية سعيدة و رائعة .

فلم يتردد … ذهب لغرفته كي ينام… أو يحاول .

صباح يوم جديد أستيقظ من نومه على صوت ضحكات عالية صاخبة .

فتح عيناه بتشوش و أنزعاج و نظر حوله ليجد الغرفه خاليه و لم تمر ثواني حتى تعاقبت على ذهنه ذكريات أمس من مرض زوحته و مكوثها في المشفى ليلة أمس .

قطب جبينه وهو يسأل نفسه من سبب كل تلك الضحكات الرنانة.

دارت عيناه فى محجريها و قد ورد لذهنه شخصية واحدة لينفض عنه الغطاء و يقف سريعاً ثم يذهب ناحية النافذه ، يزيح الستار ثم يفتح الزجاج .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top