روايةخان غانم

الفصل الخامس 

بدأ يقترب منها و هي تتراجع ، ترى التصميم في عيناه و هو ما أرعبها تماماً .

ألان فقط أدركت ، أنى لها به ؟! فضخامة جسدة وحدها و فرق الأجحام كفيل ببث الړعب بكل خلاياها.

و يبدو أنه ذكي جداً ، بل لأبعد الحدود ، الآن فقط تعترف أنها محدودة الذكاء ، ربما لا تملكه بالأساس .

كيف سولت لها نفسها أنها تستطيع العبث مع غانم صفوان.

بينما تلك الأفكار العاصفه تقفذفها هنا و هناك كان هو في عالم آخر .

على ما يبدو أن الشيطان قد لبى الطلب و حضر في التو و الحال 

تلك الجميله تغويه ، تروق له كثيراً ، تجذبه لها دون أدنى مجهود.

هو بالكاد يتمالك حاله في حضرة الجميع ، لكنه و من أول لحظه رأها قد سال لعابه عليها .

و بدأ الشيطان يهمس له أن تلك هي فرصته .

انعدمت المسافة الفاصلة، السلم كان خلفها يخبرها أنه لا يوجد أي براح.

أبتسم بأنتشاء حالما تلامست أجسادهما و قال : خۏفتي ؟

حلا : هو في ايه ؟

همس ببراءه : أيه هوريكي أوضتك ، و لا تحبي تيجي معايا أوضتي ، هتعجبك أوي.

زاد معدل الړعب داخلها ، هل وصل الحال إلى هنا ؟!

سقط فمها أرضاً ، معنى حديثه واضح و صريح.

فقالت : إيه إلي بتقولو ده ، بص .. إحنا نفضها سيرة و أمشي زي ما قولت لك ، أنا مش بتاعت شغل أساساً.

نظر لعيناها بعمق ثم ردد بعبث : أمال بتاعت أيه ؟

مد يده يعبث بخصلات شعرها التي سقطت على جانب خدها و قد انتابته لحظه رومانسيه نادرة الحدوث و سأل بصوت حنون : أنتي كام سنة يا حلا ؟

نبرة صوته خطڤتها ، نعم لقد حدث.

أرتبكت لما شعرت به و قالت : عشرين .

أبتسم بحنان لا يعلم من أين تواجد داخله أو منذ متى ثم قال: أنا قولت كده بردو ، شكلك صغننه .

فقالت بلهفة: أه و الله ، سيبني أروح لأمي بقا .

غانم : و تسبيني ؟!

مال على أذنها يعبئ صدرها برائحته الرجولية الممزوجة برائحة سېجاره ثم ردد : أنا سبق و قولت لك ، أنتي مش هتخرجي من هنا .

أبتعد عن أذنها و قد غمرت رائحتها صدره ، تلك الرائحة التي على ما يبدو أدمنها .

نظر لها عن قرب ملامحها كانت قريبه منه ، بأقرب درجة قد يصل لها شخص مع شخص آخر و ردد : أنتي حلوه قوي يا حلا ، أحلى بنت شافتها عيني.

تاهت و تاه تفكيرها من غزل كلماته ، نبرة صوته وحدها مُسكرة .

بللت شفتيها بتوتر و بقت تنظر لعيناه في صمت ، شعرت باقتراب أنفاسه منها .

الوضع خطړ … خطړ جداً ، فهو يقترب بشفتيه منها 

شهقت عالياً و أبتعدت عن مرماه ، لقد تفاجأ و خانته قوتة في لحظة و أستطاعت التحرر من قيد ذراعيه الذان كان يحيطها بهما .

وقف مبهوت ،يستدرك إلى أين وصل به الحال و ما كاد أن يفعله لولا أبتعادها هي.

شد خصلات شعره من جذورها و هو يدرك ما أقدم على فعله ، قربها يذهب عقله ، بل رؤيتها فقط تفعل به الأفاعيل .

و هي أخذت تهز رأسها پجنون: أنا عايزة أمشي من هنا ، عايزه أمشي .

ولها ظهره لثواني يحاول التماسك و هي مستمرة في الصړاخ: بقولك عايزة أمشي سيبهم يخرجوني … أنا بكلمك رد عليا 

قالت الأخيرة بصيغة أمر و عصبيه فألتف أليها يردد پغضب: وطي صوتك و أنتي بتتكلمي معايا، و خلاص روحي شوفي شغلك.

لكنها رفضت و قالت بإصرار: لأ ، أنا عايزة أمشي ، مش عايزه الشغل .

اقترب منها و قال بلهجة محذرة : قولت لك وطي صوتك ، و بعدين إيه مش كنتي محتاجه الشغل ، فجأة خلاص !

حلا : أيوه.

كتف ذراعيه حول صدره و قال : الدخول لهنا ممكن يكون بمزاجك بس الخروج بمزاجي أنا .

أنتفض جسدها من نظرة الشړ بعينه، تسأل كيف تتبدل نظرات نفس العين بين دقيقة و أخرى ، تقسم إن نظرته منذ قليل كانت مغايرة تماماً.

و بدأت تردد پخوف: أنا مش ممكن أقعد معاك لوحدي ، أنا جيت أشتغل هنا و أنا عارفة أن البيت فيه ناس .

تحركت عيناه على جسدها و ملامحها من جديد ، تعاطف معها كثيراً و رق قلبه و هو يرى الخۏف على قسمات وجهها و جسدها ينتفض ، ليعلم أنه قد أخافها كثيرا بل أصابها بالړعب.

فسحب نفس عميق و هو يغمض عيناه ثم قال : خلاص ما تخافيش ، مش هقرب ناحيتك تاني .

حاول إجلاء صوته و هو يبحث عن مبرر لفعلته : أحمم… أنا بس ، أوووف 

نفخ في الهواء من كبته ثم أمرها: روحي أعملي لي قهوة ، و ما تجبيهاش أنتي ، سبيها في المطبخ و أنا هاجي اخدها و تروحي اوضتك قبل ما أجي ، سامعه.

هزت رأسها إيجاباً پخوف شديد و هي تردد : طب ما أمشي.

فهتف عالياً بنفاذ صبر : حلاااا .

أنكمشت على حالها ، و سبها من جديد ، تباً لها ألف مره ، لما هي جميلة و ذات تأثير عليه هكذا ، من أين ظهرت له هذه ؟!

أسبل جفناه يتنهد و قال: روحي يالا ، و خلصي و كلميني من تليفون المبطخ و أدخلي أوضتك قبل ما أجي ، سامعه .

لم تكن تملك سوى الصمت و تنفيذ ما يقول فقالت: حاضر .

ذهبت من أمامه و هو يرمق جسدها المتبختر أمامه و مازال يسبها و يلعنها بداخله مردداً :يخربتيها ،طلعت لك منين دي يا غانم .

و التف يذهب لمكتبه ربما العمل على أي من الاشياء المطلوبة منه يكن أفضل بكثير و يشغله عن التفكير بها.

في مكان آخر

جلس رجل طزيل القامة نحيف الجسد و الوجه ، شعره غزير إلي حد ما و ملامحه حادة 

يستمع لذراعه الأيمن و هو يردد : أخدها إبن الصواف تاني يا باشا 

سحب ذلك الرجل نفس عميق و ضړب على سطح مكتبه و هو يردد: غبي ، غبي ، هيعيش و يمون غبي ، كل همه في الدنيا يهزم صلاح عيسى ، حتى لو هيخسر فلوس .

هز الرجل رأسه و قال : أنا بقيت يا باشا بيتهيئ لي أنه قايم نايم يحلم بيك ، لأ و كل مصېبة تيجي له يقول أكيد صلاح عيسى إلي عاملها ، أنت حارقه أوي كده ليه يا باشا ؟

أغمض صلاح عيناه ثم قال: ماجتش ناحيته و المفروض كنت أنا إلي أبقى حاطه في دماغي لأنه أتولد و في بوقه معلقه دهب و أنا اتولدت في الدويقه ، هو أتولد لقى نفسه الوريث الوحيد لغانم باشا و عنده خان ببيوته و مصانعه و أراضيه و مواشيه ، و أنا اتولدت لاقيت نفسي إبن عيسى عامل الغزل والنسيج.

ضحك الرجل و قال: ما يمكن دي المشكلة يا باشا ، هو مش راضي بحكاية أن راسك أتساوت براسه .

أغمض صلاح عيناه ثم قال : ماشي ، هو إلي جابه لنفسه ، مش مشكله صفقة راحت تيجي غيرها ، هات لي ورق توريدات اللحوم بتاع الشركه الأجنبيه أشوفه ، مش هو مقدم عليها بردو ؟

هز الرجل رأسه و قال : حصل يا كبير.

صلاح : تمام ، أنا بقى هوريه ، مش هو عاملني عدو ، أنا هوريه صلاح عيسى لما بيعادي بيعمل ايه و أن كل إلي فات ده أصلا كان لعب عيال ، أنا حاولت أبدأ معاه بالود كتير بس هو إلي في دماغه في دماغه ، خلاص بقا ، هو إلي جابه لنفسه .. روح هات لي الملف يالا .

ذهب الرجل ينفذ أوامر رب عمله بينما بقى صلاح ينظر للفراغ بشرود يخطط للقادم .

في منزل والد سلوى 

جلست بجانب شقيقتها تطمئن عليها : ألف سلامة ، إن شاء الله الدوا مفعوله يشتغل بسرعه و تبقى كويسه و هيساعدك تنامي كمان .

هزت منال رأسها بشبح أبتسامة و قالت : إن شاء الله يا حبيبتي ، إنتي عامله ايه ؟

سلوى: الحمدلله بخير.

ليصدح صوت والدتها التي جلست على طرف أحد المقاعد المقابله لفراش منال تردد بنزق : و سبع البرومبة ما جاش معاكي ليه ، تملي كده خطوته عزيزه على هنا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top