إلا أنه كان تحت تأثير ذلك الإحساس الشرس الجديد عليه ، يزيد من غرز أصابعه و أظافره في جسدها يضمها له مجدداً و قد بدأ يمرمغ أنفه في شعرها يردد بإستغراب متفاجأ : و أخيراً تخنتي شوية زي ما بقالي سنين بقول ، أهو ده العود إلي كان نفسي فيه و ھموت عليه ، لحقتي تعملي كده في أسبوعين.
حاولت مجدداً التملص من بين ذراعيه متسعة الأعين پذعر شديد ليثبتها مجدداً بقوة فبدى و كأنه قد سلب منه عقله لأول مرة و قد عاود مرمغة أنفه في شعرها مردداً : حتى ريحتك أتغيرت ، بقت تجنن .
أنهى كلمته و هو يسحب كمية كبيرة من رائحة عرقها لأنفه و صدره و هو يغمض عيناه بتيه شديد مندمج بتلك الحالة الغريبة التي سحبته لدوامة يقع فيها لأول مرة و لم يخرجه منها سوى صوت العم جميل يردد : يا غانم بيه ، يا غانم بيه، الحق عمتك صفاء يا بيه .
أبتعد العم جميل عن مقدمة باب المطبخ و هو يرى سيدة يحتضن امرأته و وقف جانباً يكمل بينما يخفض عينه أرضاً: الحق يا بيه .
لم يرغب غانم في الأبتعاد عنها الآن خصوصاً بعدما شعر و لأول مرة بتلك المشاعر التي لطالما سمع عنها و لم يجربها يوما لكن صوت جميل لم يتوقف بتاتاً و لم يرحمه .
فمال عليها يقبل عنها المرمري الظاهر ثم قال : هرجع لك تاني و نبقى في أوضتنا براحتنا ، حتى تكون الكهربا رجعت.
اخذت حلا تهز رأسها پجنون ربما تحفز على الإبتعاد و قد أبتعد أخيراً بالفعل و ذهب مع العم جميل.
و هي سقطتت أرضا بعدما ذابت قدميها و لم تعد تحملانها و جلسة على أرضية المطبخ تتنفس بصعوبة و قد أحمر وجهها.
بينما يخرج غانم من البيت على مضض و هو يسأل العم جميل: طبعاً متخانقه مع جوزها تاني و الخان كله أتفرج عليهم.
جميل: ايوه يا بيه.
أشعل غانم سيارته و قال : هات الرجاله و تعالى ورايا و كلم الناس شوفوا الكهربا قاطعه ليه ، خليهم يرجعوها في أسرع وقت.
جميل : حاضر يا بيه
ثم أستقل سيارته و غادر سريعاً خلف سيارة غانم التي بدأت تنهب الطريق متجه لبيت عمته.
في المطبخ.
دلف كرم في اللحظة التي عادت فيها الكهرباء ليصدم بحلا و قد افترشت أرضية المطبخ و على وجهها أمارات الخۏف الشديد .
فمال عليها يسأل : حلا .. مالك كده ، فيكي إيه ؟
رفعت أنظارها له و قالت : عايزه أمشي من هنا ، عايزه أمشي.
هز كرم رأسه بتأكد يحاول طمئنتها و لم تمر ربع ساعه إلا و قد ساعدها على مغادرة المكان و قد وعدها بأن يتولى هو أمر السيدة سلوى .
فخرجت من الخان في سياره أجرى ممتلئة بالركاب تنظر من شباك السيارة و هي تسأل نفسها: مالك اټرعبتي كده لما قرب منك بس أمال هتسرقيه إزاي يا بس ، و عاملة فيها شجيعة أوي و ناصحة .
في نفس الوقت الذي دلف فيه غانم للبيت و قد عاد و معه عمته صفاء التي قالت : سايق عليك النبي لا تسيبني أرجع يا غانم.
نظر لها غانم پغضب و قال : ترجعي فين تاني بعد ما هانك و بهدلك كده ،الراجل ده انا سكت له كتير و ماحدش حايشني عنه غيرك ، ده بيهين بنت الحاج غانم ست ستات الخان ده كله و ولي نعمته.
نظرت له صفاء بحزن و هو يسحبها معه بهدوء لداخل البيت ثم قالت : عشان العيال أعمل ايه ، ده هاني و مي ماشاءالله كبروا.
غانم : أديكي قولتي بنفسك ، كبروا ، تعالي أدخلي.
ثم رفع صوته و بدأ ينادي : سلوى ، سلوى.
زمت صفاء شفتيها و قالت : بتناديها ليه بس ؟
نظر لها غانم مردداً: تيجي تسلم عليكي و تشوف طلباتك، إيه لسه مش بالعاها .
صفاء: أنا مش بكرهها بس مش بحبها و هي كمان ما تفهملهاش حال ، و مابحبش جواز المصالح ده .
قطعت حديثها في نفس اللحظه التي ظهرت فيها سلوى على الدرج و قد صدم غانم و هو ينظر لها يرى جسدها الممشوق كعارضات الازياء يتبختر أمامه فكاد أن يجن و هو يردد : هي رجعت لعود القصب المعصعص تاني ، لحقت؟
استمعت له صفاء فضحكت مرددة : ياما حاولت و ما نفعش.
بدأت سلوى تتقدم من غانم و الأشتياق قد بلغ مبلغه منها فأقتربت منه بلهفه تردد : غانم حبيبي ،أيه المفاجأة الحلوة دي ، مش كنت تقولي إنك راجع النهاردة.
بادلها غانم الحضن وهو ينظر لها بإستغراب ، رائحتها التي يعرفها هي هي لم تتغير .
اخذت تحدثه بحماس شديد و هو ينظر لها پجنون فأين ذلك الجسد الممتليئ الغض الذي كان يحتضنه من دقائق قليلة جداً و رائحة ذلك الجسد الذي أذهبت عقله و ألهبت حواسه .
هو متأكد أنه لم يكن حلم لقد أحتضنها بين ذراعيه و أشتم رائحتها .
كان على مشارف الجنون و سأل: إنتي رفيعتي تاني أمتى يا سلوى.
فضحكت عمته ساخره و قالت : و هي كانت تخنت قبل كده يا عنيا ما هي كده من يوم ما دخلت بيتنا
لتكمل سلوى بحاجب مرفوع: أيوه فعلاً طول عمري مانيكان .
لتعلو ضحكت صفاء المتهكمة بينما خرج غانم قبلما يخرج عن شعوره فعلياً و ذهب إلى غرفة جميل يناديه حتى خرج له.
العم جميل: خير يا بيه ؟
غانم : جميل .. إنت لما جيت تناديني من المطبخ عشان عمتى صفاء أنا كان معايا حد.
حمحم جميل و نظر أرضاً يقول : أيوه يا بيه ، كان معاك المدام.
رفع غانم رأسه لأعلى پجنون و هو يشد خصلات شعره حتى كاد أن يقتلعها من جذورها و هو يتأكد أن ما حدث كان حقيقة و لم يكن حلم من أحلام اليقظة التي لطالما تمناها .
و بقى السؤال من تلك التي كانت في أحضانه و بين ذراعيه و قد حركت كل تلك المشاعر والأحاسيس التي ظن أنه قد خلق بلاها.
************
يا ترى إيه إلي هيحصل ؟
و غانم هيقابل حلا تاني ؟
و لو قابلها هيعرفها ؟
و لو عرفها هيعمل أيه؟
و هي هتروح تاني البيت و لا خلاص كده خاڤت؟
و يا ترى حلا ناويه على أيه و عايزه تسرقه ليه ؟