رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 221 الى الفصل 222

رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك

الفصل 221 

ربما، في هذا العالم بأسره، لم يكن هناك من يتعامل معه بتلك الطريقة سواها… شيهانة.

اعترف مراد بعجز.ه قائلاً بصوت منخفض:
“صحيح أنني قلت إن يدي مقيد.ة حين يتعلّق الأمر بطرد لمياء، لكنني لم أقل إنني عا.جز عن مساعدتك للعودة إلى المختبر.”

وكما توقّع، عادت شيهانة إلى مقعدها، ثم قالت معترضة:
“لكن… ألم تمنعني جدتك من دخول المختبر؟”
ثم أضافت بنبرة أكثر صلابة:
“في الواقع، لا ضرورة للعودة من الأساس. يمكن للبحث أن يستمر بدعم من مختبر آخر. كل ما في الأمر أنني لا أرغب في تسليم براءة الاختراع لأي شركة سوى شركتكم.”

أشرق وجه مراد من الفرح. فكرة أنها لا تزال تفكر بمصلحة شركته منحته شعورًا بالرضا… لكن ذلك الشعور لم يدم طويلًا.

قالت شيهانة بهدوء، وكأنها تسحب البساط من تحت قدميه:
“براءة الاختراع هذه، يستحقها لين.”

تجمّد مراد في مكانه. كيف لم يفكر بهذا من قبل؟
في نظرها، لم يكن أكثر من الرجل الذي ارتبط بابنها… صدفة لا أكثر.

قالت بصراحة حاسمة:
“لذا، إن كان الأمر يثقل كاهلك، فلا داعي لعودتي إلى مختبر عائلة شهيب. أنا واثقة أنني سأحقق النجاح… حتى بدون دعمهم.”

حدّق بها مراد للحظة، ثم قال مبتسمًا:
“لا تقلقي، طالما لي شأن في المختبر، فمكانك محفوظ. في الواقع، الحل بسيط جدًا، وأعدك أنه لن يقف أحد في طريقك.”

“وما هو الحل؟”

تمتم مراد في نفسه وهو يشعر بالجوع:
“يا إلهي، أنا جائع… ما رأيك أن نكمل الحديث بعد العشاء؟”

يمكن لشخصين أن يلعبا هذه اللعبة.
كان مراد يعلم أن كشف الحقيقة سيدفع شيهانة إلى النهوض والمغادرة، ولن يسمح بحدوث ذلك.
تساءل في داخله:
لماذا يصعب كثيرًا تناول عشاء روما.نسي مع هذه المرأة؟

تنهّد مراد، متحسرًا على حاله.
صف طويل من النساء كان ليرحب بدعوته، لكن القدر اختار له امرأة لا تنتمي إلى ذلك الصف.

وحتى هو نفسه، لم يكن ليتوقع مدى تعلّقه بها.

ضيّقت شيهانة عينيها، وكأنها تقرأ أفكاره.
تحرّك مراد في مقعده بقلق، خائفًا من أن تنهض وتتركه.

لكن النادل أنقذه، إذ وصل الطعام في اللحظة المناسبة.

طلب مراد وجبة متكاملة فاخرة، وكان كل شيء يبدو شهيًا.

ثم ساعد شيهانة في تقطيع شريحة اللحم، ووضع قطعة منها في طبقها قائلاً بلطف:
“هذا طبقهم المميز، عليكِ تجربته.”

تناولت شيهانة أدوات المائدة وبدأت في الأكل بصمت.

نظر إليها مراد، وارتسمت على وجهه ابتسامة رضا.
“ما هو مطعمك المفضل؟ علينا أن نفعل هذا أكثر.”

“لا، لا ينبغي لنا ذلك.”
جاء رد شيهانة قاطعًا، دون تردد.

سارع مراد إلى تصحيح نفسه قائلاً:
“أقصد… ينبغي أن نفعل هذا كعائلة، مع لين.”

رفعت شيهانة نظرها إليه وقالت بصرامة:
“لا تُقحم لين في هذا. ثم إنني لا أريد رؤيته الآن، كل ما أتمناه أن تفي عائلتك بوعدها وتسمح لي بتربيته لبضع سنوات.”

خفتت ابتسامة مراد تدريجيًا، وقال بنبرة هادئة:
“لكن أمنيتي أن يعيش لين مع والده ووالدته، عائلة مكتملة.”

أجابت شيهانة دون تردد:
“وهذه ليست أمنيتي.”

أشاحت بوجهها وأكملت تناول طعامها، بينما وضع مراد أدواته جانبًا وقد اختفت شهيته.

كان يعلم أن محاولاته الروما.نسية تُقابل بالرفض، صريحًا كان أم ضمنيًا.

وربما كانت منزعجة من إصراره المستمر.

في نظرها، لم يكن سوى شخصٍ لا يثير اهتمامها.

ورغم إدراكه لذلك، لم يستطع منع نفسه من الشعور بالألم.

ربما هذا هو الشعور الذي يجمع بين العشا.ق غير المتبادلين…

القفز من خلال الأطواق فقط لنيل التفاتة من شخص لا يُبادلهم المشاعر.

ولسوء حظ مراد، كانت محاولة إقناع شيهانة بالكلام تشبه محاولة استخراج الماء من صخر.

حدّق فيها بوجه يكسوه الحزن، وقد تلاشت شهيته تمامًا.

الفصل 222 

وبطبيعة الحال، شعرت شيهانة بنظراته تخترق سكونها.

رفعت عينيها مرة أخرى، لتلتقي بعينيه مباشرة. سألت بنبرة شبه ساخرة:
“ألم تقل إنك جائع؟”

لم يُجب مراد، بل اكتفى بالتحديق بها بصمت.

قالت وهي تضع أدوات المائدة جانبًا:
“حسنًا، بما أننا لسنا جا.ئعين، فلنبدأ بالحديث. أخبرني، ما هو حلك؟”

صر.خ مراد، وقد نفد صبره أخيرًا:
“هل أنتِ على استعداد للتحدث معي فقط إن كان الأمر متعلقًا بالعمل؟”

ردت شيهانة دون أن يطرأ أي تغيير على تعبير وجهها:
“بالطبع، أليس هذا هو حالنا دائمًا؟”

سكت مراد. إنها على حق.

ضحك ساخرًا وقال:
“صحيح، لم نتبادل سوى كلمات معدودة خلال زواجنا… لطالما كانت علاقتنا جامدة، مهنية، بلا حرارة.”

قالت شيهانة بهدوء قاتل:
“أنا سعيدة لأنك ترى الأمر بهذه الطريقة أيضًا.”

تمتم مراد فجأة بندم صادق:
“لو كنت أعلم… لعاملتكِ بشكل أفضل. أنا آسف جدًا يا شيهانة!”

كان ذلك الاعتراف مفاجئًا. لم تتوقعه شيهانة، لكنها رأت الصدق في عينيه، وتوقفت للحظة.

قال بنبرة أكثر لطفًا:
“شيهانة… هل ندمتِ على زواجك مني؟”

أجابت ببساطة وصدق:
“لا يوجد مكان للندم في حياتي.”

كانت كلماتها واضحة، صلبة، كأنها محفورة في الصخر.
فالندم بالنسبة لها كان عبئًا لا طائل منه. كانت تؤمن بأن الحاضر والمستقبل يحملان فرصًا كافية لإصلاح أخطاء الماضي.

أومأ مراد برأسه بتفهم وقال:
“لطالما عشتُ حياتي دون ندم، لكنني الآن فقط أدرك أنني نادم …”

ندمٌ على عدم معرفته لحقيقتها في وقتٍ مبكر، وندمٌ على لقائه بها في التوقيت الخاطئ.

كان كل شيء صحيحًا: المكان، والشخص… لكن الزمان لم يكن مناسبًا.

تساءل مع نفسه، كيف كان سيكون الحال لو رآها على حقيقتها منذ البداية؟
لكن الحياة لا تعيد المشاهد، ولا تمنح فرصًا ثانية.

خيمت الكآبة على نظراته، ثم سأل بهدوء:
“لو كان هذا لقاؤنا الأول… هل كان انطباعك عني سيكون مختلفًا؟”

ترددت شيهانة، لكنها قررت أن تمنحه جزءًا من الحقيقة.
اعترفت في داخلها أنها ربما كانت ستُعجب برجل مثله في ظروف أخرى…

لكنها قالت، دون تردد:
“هذا مستحيل بيننا.”

ظهر الحزن جليًا في عيني مراد، لكنها أكملت ببرود:
“مستحيل إلى الأبد.”

وقفت شيهانة وقالت بنبرة حاسمة:
“أعتقد أن الوقت قد حان لأرحل.”

لم يكن هناك ما يُقال بعد.

استدارت شيهانة ومشت بخطى واثقة، وكل خطوة كانت تحمل قرارًا لا رجعة فيه.

كان مراد يحدّق في ظهرها بشدة، يده تقبض على اللاشيء.

ثم، بدافع لم يستطع مقاومته، نهض من مقعده ولحق بها.

سمعت شيهانة صوت الباب يُفتح خلفها، ولَمسَت بشرتها نسمة باردة من المكيف، وفجأة… أحاطها عناقٌ دافئ من الخلف!

ف.زعت من هذا الاتصال الجسدي المفاجئ…

لكن مراد تشبث بها بقوة، وكأنه يخشى أن تضيع منه.

قبل أن تنبس بكلمة، همس خلفها:
“من فضلك… تحمّلي أنانيتي هذه المرة. أريد فقط أن أعا.نقك.”

وقفت شيهانة بلا حراك، في صمت تام.

كان قلب مراد مفعم بالألم، بالعجز، بالر.غبة.

كان يتمنى لو صر.خت، لو غض.بت، لو قالت أي شيء… أي شيء سوى هذا الجمود من ناحيتها.

ولأول مرة في حياته، تذوّق مراد طعم الحز.ن الحقيقي.

وبعد لحظات، أرخى ذراعيه أخيرًا. لم يبقَ له شيء ليقوله أو يفعله.
كان عا.جزًا أمامها، كأنه طفلٌ ضائع في زحام مشاعره.

جميع الفصول من هنا

رواية زوجة الرئيس المنبوذة الفصل 223 الى الفصل 224

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top